مارش الحسام / لا ميديا -

مواكبة لعصر الطيران الميسر وتحت شعار «يد تحمي ويد تبني»، سخر عدد من طلاب كلية الهندسة بجامعة صنعاء مشروع تخرجهم لمواجهة العدوان، وتلبية لظروف المرحلة التي تعيشها بلادنا من عدوان خارجي ألقى 6 ملايين قنبلة عنقودية على مناطق مأهولة بالسكان، بالإضافة إلى آلاف الألغام التي زرعها مرتزقة الداخل في المناطق قبيل فرارهم منها مدحورين، وهو ما تسبب في موجات نزوح جماعي للسكان من تلك المناطق.
يتمثل المشروع الابتكاري في طائرة مسيرة مهمتها الكشف عن شتى أنواع الألغام والمتفجرات في وقت قياسي.. صحيفة «لا» التقت بأصحاب هذا المشروع الابتكاري، وأجرت حوارا مع المهندس فؤاد الحدمة، أحد أعضاء فريق العمل في هذا المشروع، والذي تحدث للصحيفة بالنيابة عن زملائه في الفريق.
 حبذا في البداية لو تعطينا تفاصيل عن أسماء أصحاب المشروع وتخصصاتهم؟
طبعا، أعضاء المشروع جميعهم لهم التخصص نفسه، وهو حاسبات وتحكم قسم الكهرباء ـ كلية الهندسة بجامعة صنعاء، ويضم فريق العمل كلاً من: م. فؤاد محمد الحدمة، م. رشيد علي رشيد، م. منيف ناصر الحراسي، م. شادي رياض القباطي، م. فراس وهيب الخامري، م. علاء الدين الشغدري.

رسم خارطة للألغام
 نبذة مختصرة عن المشروع؟ وآلية العمل؟
يتمثل المشروع في ابتكار طائرة مسيرة لكشف الألغام والقنابل العنقودية ومخلفات الحروب، ويتكون المشروع من ثلاثة أجزاء:
1 ـ طائرة الكوادكبتر.
2 ـ حساس كشف الألغام.
3 ـ شبكة نقل واستقبال البيانات.
أما آلية العمل، فالمشروع يعمل بشكل متكامل بين الأجزاء الثلاثة. وتحلق الطائرة فوق المنطقة المراد الكشف فيها موجهة الحساس نحو الأرض، في حالة اكتشف الحساس لغما فإنه يرسل إشارات إلى المتحكم الذي بدوره يقوم بإرسال بيانات موقع اللغم عبر شبكة الإرسال، وبعد استقبال بيانات الموقع في محطة الاستقبال يتم عرضها على شاشة الكمبيوتر باستخدام برنامج u-center، إضافة إلى تصديرها إلى Google Earth ليتم رسم خارطة لكل الألغام المكتشفة في الحقل، حتى يسهل بعد ذلك كشفها وفقا للخارطة.

6 ملايين قنبلة عنقودية
 كيف جاءت الفكرة؟
جاءت فكرة المشروع من الواقع الذي تعيشه اليمن وتعاني منه منذ عشرات السنين؛ الكل يعلم ما مرت به اليمن خلال العقود الماضية من حروب ونزاعات خلفت ملايين الألغام قبل أن يأتي العدوان ليضيف على الكارثة مصيبة بإلقائه ما يربو على 6 ملايين قنبلة عنقودية حتى أكتوبر 2020، بحسب المركز التنفيذي لنزع الألغام، إضافة إلى قيامه بزرع ملايين الألغام وإلقائه آلاف القنابل والمقذوفات بأنواعها المختلفة، فمن واقع بلدنا وكواجب ديني ووطني وأخلاقي تجاه بلدنا ومجتمعنا، انطلقنا في المشروع.

تجارب أولية مبشرة
 هل يمكن تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع؟
بالنسبة لقابلية تحقيق المشروع على أرض الواقع، فنحن قمنا بتجارب أولية وكانت النتائج مبشرة وباعثة للأمل، إلا أن المشروع لايزال بحاجة إلى دراسات مستفيضة للتأكد من مدى نجاح المشروع في الكشف ولو حتى في بيئات معينة، وهذا ما نخطط للقيام به خلال الفترة المقبلة إن شاء الله.

مواجهة العدوان وعودة النازحين
 هل يمكن أن يسهم ابتكاركم هذا في مواجهة العدوان؟ وكيف؟
بالطبع يمكن أن يلعب المشروع دورا هاما في مواجهة العدوان، من خلال الإسهام في نزع الألغام التي زرعها العدوان ومرتزقته بعد تحرير المناطق، وذلك في وقت قياسي، وكذلك لتتمكن قوات الجيش واللجان الشعبية من مواصلة تقدمها بكل أمان، كما سيسهم الابتكار في تسريع عودة النازحين إلى ديارهم المحاصرة بالقنابل المحرمة والألغام.

أولوية ظروف المرحلة
 هل يلبي ابتكاركم ظروف المرحلة التي تعيشها اليمن؟
المشروع يلبي احتياج اليمن في الفترة الراهنة بامتياز، بل نحن ننظر إليه كأولوية يجب التركيز عليها، فكل يوم نفقد أعزاء علينا في كل ربوع الوطن بسبب الألغام والقنابل والمقذوفات بأنواعها المختلفة التي ألقاها تحالف العدوان على بلادنا، وإن شاء الله نضع حدا لمخاطرها مستقبلا.

الأول من نوعه
 هذا المشروع هل هو تقليد أم تطوير أم جديد؟
المشروع جديد، وهو الأول من نوعه، ولم يسبق أن تم مثل هذا المشروع حول العالم إلا عبر نماذج طلابية ظهرت مؤخرا، ونحن عندما انطلقنا بهذا المشروع، فقد كان نتاج فكرة خاصة بنا ولا تمت لغيرنا بأي صلة.

السرعة والأمان
 وما الذي يميز مشروع ابتكاركم عن غيره من الأجهزة الكاشفة للألغام؟
على اعتبار أن مشروعنا الابتكاري هو الأول من نوعه حتى الآن، فسنقارنه مع كاشفات الألغام التقليدية؛ أما ما يميز هذا المشروع عن غيره، فهناك ميزتان:
الميزة الأولى: الأمان، فمشروعنا يوفر الأمان، فمن يقوم بالكشف يعرض حياته للخطر، إما قد يستشهد لا قدر الله أو تبتر بعض أطرافه أو يصاب بجروح، بينما مشروعنا يوفر إمكانية الكشف عن الألغام عن بعد، ومعرفة مواقعها ورسم خريطة لانتشارها في موقع ما، وبالتالي يسهل التعامل معها بطريقة آمنة.
الميزة الثانية: السرعة، وهي الميزة التي تعد من أهم أهداف المشروع، وهذه الميزة تتمثل في قدرة الطائرة المسيرة التي ابتكرناها على سرعة الكشف عن الألغام والقنابل ومخلفات الحروب، وتخليص المجتمع من هذه الآفة.

الجائزة خارج اهتمامنا وهدفنا إنقاذ الأرواح
 كثيرون كانوا يتوقعون أن يكون ابتكاركم ضمن المراكز الأولى التي قامت الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا بتكريمها كأفضل 3 مشاريع تخرج.. ماذا عنكم هل كنتم تتوقعون أن يحصد مشروعكم أحد المراكز الأولى؟
نحن أخذنا كل السيناريوهات المحتملة على محمل الجد، لكننا لم نحسم موقفنا في هذا الخصوص، لأننا نعلم أن هناك أموراً ربما غفلنا عنها وهي مهمة أثناء التقييم، لكن الجائزة لم تكن في صدارة اهتمامنا بقدر ما كان يهمنا أن يخرج المشروع إلى الواقع ويسهم في إنقاذ الأرواح.

كل شيء وارد
 ما هو تقييمكم لنتائج المسابقة وخصوصا أن البعض اعتبر أنها لم تكن منصفة لتجاهلها ابتكارات كانت تستحق فعلا أن تكون ضمن أفضل مشاريع التخرج؟ هل تعتبرونها عادلة؟ وما هي المشاريع التي كنتم تتوقعون فوزها بالمسابقة؟
نحن نرى أن نتائج المسابقة كانت عادلة ومتوقعة، فنحن عملنا حسابنا على أن كل شيء وارد ولم نحدث أنفسنا باحتلال مركز معين.
أما بالنسبة للمشاريع التي كنا نتوقع فوزها، فقد كانت بعضها من المشاريع التي فازت بالفعل، لكن بحكم أننا مازلنا حديثي التخرج فبالتأكيد تقييمنا للمشاريع لم يأخذ أبعاده الكاملة على عكس آبائنا الدكاترة أصحاب الخبرة الطويلة في هذا المجال.

مشروع استراتيجي
 قبل أسابيع تم إنشاء الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، والسؤال: كيف تصف اهتمام الهيئة بالمخترعين والمبتكرين؟ وماذا عن ابتكاركم، هل لاقى اهتماما؟
في الحقيقة سمعنا في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد انطلاق تدشين الرؤية الوطنية لبناء الدولة، والتي أطلقها الشهيد الرئيس صالح الصماد (رحمة الله تغشاه)، عن وعود بالاهتمام وتشجيع ودعم الإبداعات وإقامة المسابقات أيضاً، كما لمسنا إنشاء الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار التي دشنت أعمالها باحتضان معرض مشاريع التخرج، والتي نأمل أن يكون لها دور محوري في المستقبل لدعم وتشجيع البحث العلمي وتنمية واستثمار العقول اليمنية المبدعة، وهنا نجدها فرصة لتوجيه كلمة شكر لكل من: القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي يولي هذا المجال اهتماما كبيرا، ورئاسة الجمهورية ممثلة بالمشير مهدي المشاط، وقيادة الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وكل العاملين بجد لبناء اليمن العزيز المقتدر.
أما بالنسبة لمشروعنا، فالحمد لله حظي باهتمام من قبل هيئة الابتكار، وتلقينا وعودا بتبني المشروع كونه مشروعاً استراتيجياً.

 كلمة أخيرة..؟
نشكر صحيفة «لا» على هذه اللفتة الكريمة تجاهنا، وعلى تسليطها الضوء على المبتكرين والمبدعين اليمنيين، ولا ننسى أيضاً أن نشكر المركز التنفيذي لنزع الألغام والقائمين عليه لتعاونهم معنا.