رافقهم: طلال سفيان / لا ميديا -
تصوير: عبدالعزيز عمر
في جو جميل، كانت 5 حافلات تشق طريقها في العاصمة متجهة نحو ملاعب وصالات رياضة اليمن المدمرة، وحاملة على مقاعدها أبطال رياضيين اعتلوا المنصات وتقلدت أعناقهم الذهب والفضة والبرونز في المظاهرات الرياضية الدولية.
وسط آهات الاندهاش والحسرة والغضب من وحشية عدوان استأسد على منشآت الرياضة اليمنية وأحالها منذ اللحظات الأولى إلى خراب.
كانت صور "السلفي" والانطباعات الحزينة، وحكايات صاحبتها نبرات الشكر والعرفان لصنعاء على لم الشمل بتكريم 136 لاعباً ولاعبة حققوا خلال الأعوام الممتدة من 2016 وحتى 2020 إنجازات خارجية مثيرة للإعجاب والفخر.
صحيفة "لا" رافقت أبطال اليمن وفخرها في الزيارة وأجرت استطلاعاً نابعاً من دموع الحزن والفرح.

استهداف متعمد للمنشآت الرياضية
في البداية يقول أصيل محمد شرف المقطري الحائز على خمس ميداليات في المشاركات الخارجية (ذهبيتين، وفضيتين، وبرونزية): "العدوان الغاشم حطم الرياضة بشكل كبير من خلال استهدافه للمنشآت الرياضية".
ويستغرب أصيل من هذا الاستهداف: "هذه ملاعب وصالات رياضية وليست قواعد صواريخ ولا يوجد هنا مليشيات بحسب ادعاءات العدوان وأبواقه".
ويستكمل حديثه لـ"لا" من داخل الصالة المدمرة والخاصة باتحاد كرة الطاولة: "هم ضربوا هذه المنشآت بهدف تدمير البنية التحتية اليمنية بشكل عام، سواء كانت رياضية أو اقتصادية... الخ".
وعن انطباعه من تجمع أبطال اليمن ومنجزي إنجازاتها الرياضية في المحافل الدولية على أرض عاصمة الصمود صنعاء: "عمل عظيم أن نجتمع، رياضيي اليمن في العاصمة الأم. أنا سعيد برؤية زملائي القادمين من عدن ولحج وحضرموت وإب... ومن كل محافظات بلدنا الغالي في العاصمة صنعاء".
واعتبر في ختام حديثه أن التكريم رفع معنويات رياضيي الوطن، شاكراً وزارة الشباب والرياضة وصندوق رعاية النشء والشباب على تكريمهم لأبطال الإنجازات الخارجية، متمنيا أن تستمر هذا المبادرات الرائعة.

القادم أعظم
ومن خارج صالة المرحوم العماد لكرة الطاولة، التقينا بالعدَّاء نبيل الجربي الحائز على فضيتين، واحدة في اختراق الضاحية في مدينة صلالة بسلطنة عمان، والثانية في بطولة المضمار بعمان، معبراً عن انطباعه بتكريم العام 2021 بأنه متميز، قائلا: "منذ حصولي على بطولات خارجية منذ 2010 وحتى 2012، لم أحظ بتكريم وحفاوة كما هو حاصل اليوم في عاصمة كل اليمنيين صنعاء. ورغم العدوان الغاشم والحصار الجائر إلا أن وزارة الشباب والرياضة أبت إلا أن تكرم أبطال الإنجازات الخارجية المحققة من عام 2016 وحتى اليوم. كما أن جمع رياضيي اليمن من جنوبه إلى شماله ومن شرقه حتى غربه يعتبر شرفاً وإنجازاً لم نكن نتخيله أن يحصل ذات يوم".
يلتفت نجم ألعاب قوى اليمن نحو منشآت مدينة الثورة الرياضية المدمرة ويقول: "أود أن أوجه لقوى العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني رسالة: مهما قصفتم، ومهما دمرتم منازلنا وملاعبنا، ومهما استهدفتم النساء والأطفال، الشعب اليمني باقٍ، واليوم صواريخ اليمن تصل إلى عمق مدنكم وعواصكم، إلى الرياض وما بعد الرياض، والقادم أعظم بإذن الله".

عدوان متوحش
وفي مدرجات ستاد المريسي الرياضي، يقول الكابتن عبدالجليل الحرازي، أمين عام اتحاد تنس الميدان: "في هذا اليوم يقوم نجوم الرياضة اليمنية الذين حققوا إنجازات دولية خلال السنوات الخمس الأخيرة بزيارة للملاعب التي تضررت من العدوان. الزيارة رائعة وتعرفنا من أرض الواقع عن جرائم العدوان بحق رياضتنا. وكما ترون الحالة التي وصل إليها ستاد علي محسن المريسي جراء العدوان الخارجي، وهي حالة مترجمة عن الصورة ذاتها لبقية ملاعب وصالات وأندية الوطن من خراب ودمار تركته بصمات عدوان استفحل بوحشية على بنية الوطن الرياضية".

شيء لا يصدقه عقل!
يتحدث الكابتن مصطفى الكميم، مدرب لعبة الجودو بنادي شمسان، عن إنجازات لعبتهم مؤكدا أنها كثيرة جداً على مستوى ما تحقق خارج أسوار الوطن.
ويقول: "الجودو تمثل اليمن خير تمثيل في المحافل الخارجية، وأصبح نجوم الجودو في الدول الأخرى يضربون ألف حساب للاعب اليمني".
ويضيف الكميم: "حققنا برونزية لنادي شمسان مع اللاعب محمد جمال في بطولة العرب للأندية الأبطال في لبنان، وأيضا فضية في لبنان مع معتز الجنداري الذي شارك لأول مرة في بطولة خارجية. اليوم توقفت الحياة الرياضية بسبب جائحة الوباء، لكننا سنستمر في التدريب حتى يفرجها الله ونعود للمشاركات الخارجية وتحقيق الإنجازات".
وعن رأيه في ما شاهده خلال زيارته للملاعب والصالات الرياضية المدمرة، قال كميم شمسان: "أمر مؤسف أن نرى منشآتنا الرياضية مدمرة، سواء كانت في عدن أو في صنعاء أو في أي مكان في الوطن. لا أعرف لماذا استهدفوا الملاعب والصالات والأندية، لكن الذي أعرفه كرياضي أن هذا الأمر يحز في نفسي ويحزنني جداً. أتمنى أن ينعم بلدنا بالأمن والسلام والتنمية، وأن نمارس ألعابنا كرياضيين بكل طمأنينة".
محمد حسن شارب القاضي، لاعب المنتخب الوطني للمصارعة الحاصل على برونزيتين في بطولة العرب، الأولى بمدينة شرم الشيخ والثانية في القاهرة، وخامس القارة الصفراء في دورة الألعاب الآسيوية، يصف مشاهدته للملاعب المدمرة: "عندما أشاهد ملاعبنا وصالاتنا الرياضية التي كنا نتدرب فيها وتخرج منها العديد من الأبطال وهي مدمرة، ينتابني شعور بالغضب والأسى ويزداد بغضي لهذا العدوان الخارجي المجرم على بلدنا الذي لم يترك لنا شيئا نستظل تحته".
ويستكمل بطل المصارعة حديثه وسط ضوضاء الرياضيين الصادرة من صالة السباحة بنادي صنعاء الترفيهي: "من الرائع أن تلتفت لجنة تكريم أبطال الإنجازات الخارجية ضمن أجندتها إلى زيارات الرياضيين الأبطال القادمين من شتى المحافظات اليمنية لهذه المعالم الرياضية الوطنية الكبرى التي استهدفها طيران وصواريخ تحالف العدوان والإجرام، ودمرها بشكل غريب وجنوني، حتى يطلع الرياضيون اليمنيون على حجم هذه الكارثة وحجم جرائم العدوان على الرياضة اليمنية وعلى كل مناحي الحياة السارية في دماء وطننا".
ويختتم المصارع القاضي: "أود أن أشكر وزارة الشباب والرياضة وصندوق رعاية النشء والشباب على هذه اللفتة الكريمة المتمثلة بتكريم نجوم الرياضة اليمنية، وأقول لهم: هذا التكريم رائع وأفضل من أي تكريم سابق كان يجرى بين فترات متباعدة".

قصة البطل أبو قاصف
وفي الختام، كان لا بد من معرفة ما تركته زيارة نجوم الرياضة اليمنية للمنشآت الرياضية المدمرة من انطباع لدى دينامو الزيارة الأستاذ حمزة جحاف (أبو حمزة) نائب مدير مكتب الشباب والرياضة بأمانة العاصمة، والذي قال: "كان الأمر رائعاً وجميلاً وترك الكثير من انطباعات لدى نخبة رياضيي اليمن أبطال الإنجازات الخارجية خلال الاعوام 2016 حتى 2020. الكثير من الرياضيين استغربوا من تدمير العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني للملاعب والصالات الرياضية وقصور الشباب، وكانوا يتساءلون: لماذا استهدف تحالف العدوان هذه النشأت الرياضية؟! هي ليست معسكرات ولا مواقع حربية أو قتالية! لماذا ضُربت؟! وما هو السبب؟! وكان مقدار ألمهم كبيراً وهم يرون منشآتهم مدمرة، وكان الكثير يصب غضبه ولعناته على هذا العدوان القذر الذي لم يستثن حجراً ولا بشراً".
يقف أبو حمزة وسط إحدى الحافلات المقلة للرياضيين إلى مدينة الثورة الرياضية متحدثاً للشياب بشكل صادق ومتواضع وتارة بالدعابة معهم، يعرفهم على كل شارع ومعلم تمر به الحافلة، عن جرائم العدوان وقصة البطل اليافع الشهيد عيسى أبو قاصف، عن حشد العملاء لقتال اليمنيين المدافعين عن كرامتهم وعرضهم وأرضهم في مأرب، كدليل سياحي يشير هذا جامع الشعب، وهناك ضريح الرئيس الشهيد صالح الصماد، وهذا البنك المركزي اليمني الذي تآمر عليه العدوان وعملاؤه لإفقار اليمنيين... هذا قصر الشيخ عبدالله الأحمر، وهذا مبنى طيران اليمنية الذي دمره آل الأحمر بحرب الحصبة... كانت الحافلة التي كنت أحد الأفراد فيها تقل الرياضيين من أبناء المحافظات الجنوبية. يسأل أبو حمزة: أين بطلنا نورس فائز؟! ويدخل معه بحديث ودي فيه الكثير من الإعجاب. بعد العودة من زيارة المنشآت الرياضية المدمرة كان الرياضيون يلتفون حول الرجل والحديث يجري بشكل ودي فاق نظيره لحظة التقاط صورة لهم وقيامهم بحمل دينامو يوم الزيارة على الأكتاف.
يستكمل بعدها أبو حمزة حديثه معي: "هؤلاء هم أمل ومستقبل اليمن. لا بد أن نكون في خدمتهم وتعريفهم بمدى ما فعله تحالف الإجرام على اليمن، بدءاً من ملاعبهم وساحاتهم التي تعتبر بيتهم الأول حتى جرائم العدوان واستباحته لدماء اليمنيين. لا بد أن يعرفوا أننا إخوة في التراب، في المظلومية، وأننا لن نتركهم يقبعون في مكان آخر خارج الضوء".

لم أتوقع ما شاهدته
وسط الصالات والملعب المدمر، يقف بدوره النجم نورس فايز، لاعب نادي التنس العدني، مصغياً باهتمام لحديث مسؤولي الوزارة الرياضية وأعضاء اللجنة المنظمة للتكريم.
سألته لحظة ركوبه الحافلة عن شعوره وهو يشاهد كمية الدمار الذي أصاب المنشآت الرياضية، فقال: "والله هذا أمر محزن ويبعث على الأسى في القلب! كنت أشاهد الأضرار التي أصابت ملاعبنا وحجم الدمار عبر المواقع الإلكترونية، لم أتوقع ما سأشاهده بعيني... الأمر فظيع وفوق كل تعبير، أن يرى الرياضي ملاعبه وأنديته بهكذا حالة ومستهدفة بهذا الشكل!". 
كما يبدي الحائز على ذهبيتين في الفردي والزوجي الآسيوي، سعادته بهذا التكريم الذي يعد مبادرة من قبل وزارة الشباب والرياضة تشكر عليها، مشيراً إلى أن الرياضة جمعت جميع أبناء الوطن الواحد ولمت شملهم، متمنياً من جميع زملائه الرياضيين أن يستمروا في الرياضة وتحقيق مزيد من الإنجازات محلياً وخارجياً لرفع رأس اليمن.

تكـريـم ناقـص لبائـع البطاطس العائد من فجر إيران
اللاعب حسن علي ردمان ومدربه شاركا في بطولة الفجر الدولية الثالثة لرفع الأثقال بجمهورية إيران الإسلامية عام 2018، وحققا إنجاز الظفر بالبرونزية.
سافر الاثنان بناء على جاهزية صرف المخصص المالي في صندوق رعاية النشء والشباب، لكن تعذَّر ذلك بذريعة عدم وجود سيولة في البنك.
لم يتأخرا عن الالتحاق بالبطولة حتى ولو تم اقتراض المبلغ من الأصدقاء، وهكذا فعلا. وعند عودتهما إلى أرض الوطن فوجئا بعدم صرف الشيك المخصص لمشاركتهما الدولية.
اليوم النجم حسن ومدربه سيكرمان فقط بسبب الإنجاز الذي حققاه في طهران، والأصل أن تصرف لهما قيمة التذكرتين وبدل السفر، قبل التكريم.
حسن، من أبناء لحج يعيش في العاصمة ويعمل في بيع الشيبس بشارع هايل.
وسط هموم حسن، يطالب عبدالخالق الخميسي، المسؤول المالي في الاتحاد العام لرفع الأثقال، مدير تنفيذي الصندوق بأن يصرف مستحقات البطل، كونها من حق النجم وليست مساعدة يرجى منها أن تمر دون أن تذروها مع الرياح بنكنوتات التكريم القليلة!!