مـواقــف روســـية حـاسمــة والأمريكيون يشعـرون بأنهم خسـروا في سوريـة

خـاص دمشق  - أحمد رفعت يوسف -
انتهت القمة الروسية - الأمريكية بين الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن، ولم تنته قراءاتها وردود الفعل عليها وستبقى محور تقييم لفترة طويلة.
الجميع يعرف أن الملف السوري كان بنداً رئيسياً في القمة، لكن ما ظهر من المؤتمر الصحفي للرئيسين لم يعط هذا الانطباع، وهو ما توافق مع توجهات الإعلام المعادي لسورية الذي ركز على القول بأن هذا الملف لم يكن محور اهتمام الرئيسين، وحاول البعض التشكيك بالدور الروسي والقول بأن الرئيس بوتين لا يهمه مصير السوريين، وهناك من ذهب أبعد من ذلك ليقول بأن بوتين باع السوريين للأمريكيين.
وللوقوف على حقيقة الموقف، وكيف كان الملف السوري على طاولة القمة، استطلعنا رأي مصدر تابع القمة عن قرب، وكان من فريق الإعداد للقمة من الجانب الأمريكي، مع الإشارة إلى أن هذا المصدر كان موجوداً في سورية قبل القمة، وكان حاضراً خلال الانتخابات الرئاسية، وتابع إقبال السوريين في الداخل والخارج على صناديق الانتخاب، وشاهد المواقف والاحتفالات التي أظهرها الشعب السوري بمعظم شرائحه إثر إعلان النتائج بفوز الرئيس الأسد رغم أنه كان متوقعاً، والتي اعتبرها المراقبون تعبيراً من السوريين عن الشعور بانتصار سورية على تحالف العدوان، وتفويضاً للرئيس الأسد لتحرير ما تبقى من أراضي سورية والبدء بمرحلة إعادة الإعمار.
المصدر أكد أن الملف السوري استحوذ على اهتمام كبير من الرئيسين، وأبرز ما فيه أن الانتخابات الرئاسية ونجاحها والموقف الذي عبر عنه الشعب السوري، وتحديداً في الخارج، والذي كانت تعول عليه أطراف حلف العدوان للدخول من خلاله لتغيير المشهد السياسي في سورية، فاجأ الجميع وخاصة الأمريكيين وهيمن على أجواء اللقاء عند التطرق إلى الملف السوري.
وحول عدم بروز هذا الاهتمام خلال المؤتمر الصحفي للرئيسين، أوضح المصدر أن اهتمام الصحفيين والمراسلين خلال المؤتمرات الصحفية التي أعقبت القمة تمحور حول العلاقات بين موسكو وواشنطن بشكل خاص، والعلاقات بين الرئيسين والمواقف التي عبر عنها كل من الرئيسين اتجاه الآخر، إضافة إلى المواضيع الساخنة بين البلدين، وهي الأسئلة التي يتفق عليها عادة المراسلون والجهات الإعلامية التي يعملون بها، مما حجب المواضيع الأخرى ومنها سورية وأفغانستان وليبيا وحتى تركيا التي كانت محور قمة بين الرئيسين بايدن وأردوغان.
وأكد المصدر أن الرئاسة الروسية حرصت على أن يكون موعد اللقاء بين الرئيسين بوتين وبايدن بعد قمتي الدول الصناعية السبع الكبرى وحلف الأطلسي، من باب الثقة بالنفس، وهو ما أبرزه حتى من حلل لغة الجسد للرئيسين عند بداية اللقاء بينهما وخلال القمة، وذلك حتى يكون الرئيس بايدن قد أكمل الملفات التي سيبحثها مع الرئيس بوتين، ومشاورة بقية شركائه الغربيين، وذلك حتى يكون هناك إجابات محددة على كل الأسئلة التي ستطرح في القمة ومنها الملف السوري.
وأوضح المصدر أنه سبق القمة مرحلة إعداد استغرقت عدة أيام، وكان هناك فريق إعداد من الجانبين، تم خلالها طرح كل المواضيع التي ستناقش في القمة، وتم توجيه أسئلة متبادلة حول كل النقاط الحساسة التي ستكون على طاولة الرئيسين ومنها الملف السوري.
وكشف المصدر أن الأمريكيين جددوا مواقفهم في موضوع الرئيس الأسد استناداً إلى تفسيراتهم للقرار الأممي (2254)، وكان رد الجانب الروسي: "حسناً، هل لديكم البديل؟!"، وكان الرد الأمريكي ومن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تحديداً: "لا".
كما كشف المصدر أن بريطانيا كان لها موقف صريح من هذا الموضوع عبرت عنه لبايدن، ويدعو للتوقف عن المطالبة بمحاولة تغيير الرئيس الأسد، وهنا تم الانتهاء -بحسب المصدر- من هذا الموضوع نهائيا خلال قمة بوتين بايدن.
وأضاف المصدر أن الرئيس بوتين كان له مواقف واضحة جداً بعدم تدخل الناتو من خلال تركيا في الملف السوري وتحديداً في إدلب والشمال السوري، وكان رأي روسيا أن هذا عائد للأطراف السورية ـ السورية، وبين تركيا وسورية كدولتين جارتين، وليس من خلال الناتو.
كما أوضح المصدر أن الأمريكيين حاولوا الدخول من باب المساعدات الإنسانية، وهو الموضوع المختلف عليه في مجلس الأمن بحدة بين أمريكا وفرنسا وبريطانيا من جهة، وروسيا والصين من جهة ثانية، حيث طالب بايدن بفتح معابر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية، وكان موقف الرئيس بوتين أن ذلك يجب أن يتم بموافقة الدولة السورية طالما نحن معترفون بالسيادة السورية على أراضيها.
وكشف المصدر أن بوتين قال بالحرف إن "المعابر يجب أن تفتح بعد أخذ الإذن من القيادة السورية"، لكن الأمريكيين ظلوا متمترسين بمواقفهم من باب عدم الظهور بأنهم يمنحون الشرعية للانتخابات السورية التي أعلنوا صراحة وقوفهم ضدها.
وكشف المصدر أن هذا الأمر تحديداً أثير بقوة خلال مرحلة التفاوض قبيل القمة، وكان الموقف الروسي يقول: إذا كنتم تريدون تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري ارفعوا العقوبات عنه، وعندها لا يحتاج إلى أي مساعدات، وأن هذه النقطة تحديداً أخذت طريقها إلى بعض وسائل الإعلام الأمريكية ومنها القناة الأمريكية الرابعة.
وعبر المصدر عن قناعته بأن من المؤكد أن أمريكا ستفشل في الحصول على قرار من مجلس الأمن حول الموضوع، لأن الموقف الروسي الصيني حاسم جداً بعدم إعطاء أمريكا وحلفائها المشروعية لإدخال المساعدات بالطريقة التي يريدونها.
وفي قراءة للأجواء خلال القمة وخلال المناقشات التي سبقتها بين فريقي الإعداد التي كان حاضراً فيها عبر المصدر عن قناعته بأن الأمريكيين يشعرون بأنهم فشلوا في سورية، وأنهم يريدون الانسحاب بأقل الخسائر، وهذا أحد أسباب محاولة التعتيم على الملف السوري، وتوقع حصول انفراجات في الأزمة السورية سياسياً واقتصادياً وهو ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
وختم المصدر بأن هناك ملفات ستتم متابعتها بين البلدين بعد القمة ومنها الملف السوري، ولفت النظر إلى قول الرئيس بايدن: "من قال إن القمة انتهت".