باول آيدون موقع «ميدل إيست آي» البريطاني 21 يونيو 2021
ترجمة خاصة لـ«لا»: زينب صلاح الدين / لا ميديا - 
تخطط السعودية لتوسيع صناعتها المتواضعة للأسلحة على نحو ضخم خلال العقد القادم، لكن القيام بذلك وسط انخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى الاقتصاد المنكوب بجائحة كورونا سيمثل تحدياً للمملكة.
في بداية هذا العام أعلنت الرياض أنها ستستثمر أكثر من 20 مليار دولار في صناعتها المحلية للأسلحة وفقاً لهدف الرؤية 2030 المتمثل في إنفاق حوالي 50٪ من ميزانيتها العسكرية على المصادر المحلية. وإنشاء المزيد من أنظمة الأسلحة محلياً سوف يقلل بطبيعة الحال حاجة السعودية لاستيراد الغالبية العظمى من عتادها العسكري وذخائرها وقطع غيارها كما تفعل ذلك حالياً.
في الوقت الحاضر، تعد الدولة الغنية بالنفط أحد أكبر المستوردين الوحيدين للمعدات العسكرية. ومن الممكن أن يصبح أحياناً اعتماد المملكة الكبير على الولايات المتحدة والدول الغربية لاسيما بالنسبة لأنظمة الأسلحة أمراً غير موات لهدف الرؤية في مشروع الدفاع.
فعلى سبيل المثال، جمدت إدارة بايدن مليارات الدولار من مبيعات الأسلحة للرياض على خلفية حربها المدمرة في اليمن، وقررت أن تبيعها فقط الأسلحة «الدفاعية» في المستقبل.
ومع ذلك، لاتزال الولايات المتحدة تساعد المملكة بشكل فاعل في بناء قدراتها الدفاعية وتقوم بدعم جهودها لجعل التصنيع محلياً.
بعد فترة وجيزة من تسلم بايدن الرئاسة أقامت الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وهي شركة دفاع تابعة للدولة، مشروعاً مشتركاً مع شركة الفضاء والدفاع الأمريكية العملاقة لوكهيد مارتن التي وفقاً لبيان الشركة السعودية للصناعات العسكرية: «سوف تقوم بتطوير القدرات المحلية عبر نقل التكنولوجية والمعرفة وتدريب القوى العاملة السعودية على تصنيع المنتجات وتقديم الخدمات للقوات المسلحة السعودية».
كما تقوم لوكهيد بمساعدة السعودية على إنشاء نظام دفاعي صاروخي بقيمة 15 مليار دولار، إذ إن المملكة تتعرض لهجوم الصواريخ والمسيرات الحوثية التي انطلقت من جارتها اليمن.

هدف بعيد وغير محتمل
في العام 2019، توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاقية إنتاج مشترك مع السعودية لتصنيع القطع الرئيسية لأسلحة بيفواي الأمريكية «الموجهة بدقة» في المملكة.
وكما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن هذه الاتفاقية «أثارت المخاوف من أن يتمكن السعوديون من الوصول إلى التكنولوجيا التي ستمكنهم من إنتاج نسختهم الخاصة من القنابل الذكية الأمريكية».
ذكرت إملي هوثورن -محللة ستراتفور للشرق الأوسط وشمال أفريقيا- لـ«ميدل إيست آي»: «لقد أحرزت السعودية الكثير من التقدم في بناء صناعاتها المحلية للأسلحة، بخاصة في ما يتعلق بتطوير أنظمة الأسلحة الأرضية والإلكترونيات والقنابل الذكية».
«ولكن هدف إنفاق 50 ٪ من الميزانية العسكرية للمملكة يبقى بعيداً وغير مرجح».
أشارت هوثورن إلى أن «المملكة لاتزال معتمدة بقوة على المصادر الخارجية، ولاتزال تستورد أسلحتها وسفنها وطائراتها المتطورة تقنياً».
وقالت: «لقد كانت الرياض قادرة وبنجاح على تحويل بعض الأموال المخصصة بشكل رسمي للواردات لصالح تطوير البدائل المحلية، وقد استخلصت الفائدة من حيث إنها قد وظفت السعوديين؛ بيد أن هدف الانطلاق من 2٪ من الإنفاق المحلي عام 2018 إلى 50٪ إنفاق محلي في 2030، غير واقعي في حال أرادت الرياض أن تحافظ على قدراتها وأن تحافظ على ترسانة عتاد عسكري أفضل لها».
كما حققت الإمارات جارة السعودية بعض التقدم الملحوظ في التطوير والتصنيع المحلي للأسلحة بشكل رئيسي عبر مجموعة الدفاع التابعة لها «مجموعة إيدج».
كشفت إيدج مؤخراً عن ذخائر تسكع مصنعة محلياً الذي يعرف أيضاً بكاميكازي أو طائرات بلا طيار «الانتحارية». كما أعرب الرئيس التنفيذي للشركة عن هدف الشركة في أن تصبح جزءاً من سلسلة التوريد الخاصة ببرنامج مقاتلات الجيل الخامس طراز (إف 35) المشترك، وحتى في أن تقوم بتطوير الصواريخ المخصصة لمقاتلة الشبح الأمريكية.
قالت هوثورن: «أعتقد أن السعودية سوف تكون قادرة على تحقيق تقدم مماثل لما تحققه إيدج في ما يتعلق بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الثقيلة ومن ناحية رفع القدرات التقنية في المملكة».
لكن الرياض «لاتزال على بعد سنوات من إجراء هذا النوع من الاتصالات التي حققتها إيدج في ما يتعلق بتصدير هذه المنتجات إلى العملاء الإقليميين».

تحول عسكري
لفتت كيرستن فونتينوروز مديرة أمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي إلى أن المملكة «تشهد تحولاً عسكرياً سيستغرق سنوات عديدة».
لقد حقق هذا المشروع نوعاً ما «تقدماً» بفضل الاهتمام الشخصي لولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان بوزارة الدفاع، والحقيقة أن «قيادة السعودية اليومية يوكل بها إلى نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان آل سعود.
يتلهف ولي العهد لبناء قطاع إنتاج دفاعي أقوى للمملكة.
قالت فونتنورز لـ«ميدل إيست آي»: «حتى الآن حاولت السعودية جاهدة لسنوات أن تحقق صفقات صعبة أثناء قيامها بشراء منصات عالية التقنية من الولايات المتحدة ومن دول أخرى أيضاً مثل روسيا -وهذا هو أحد أسباب عدم رؤيتنا صواريخ الدفاع الجوية (إس 400) الروسية في السعودية- سعياً إلى تكثيف خطوة «نقل التكنولوجيا»، إذ تقوم الشركة أو الدولة البائعة بتعليم السعوديين كيفية تصنيع المكونات الأساسية للنظام محلياً».
«ونجاح الصناعة المحلية سيعتمد على هذا».
أضافت فونتنوروز أن الرياض بحاجة إلى محاكاة إيدج بنجاح وصناعة الأسلحة المحلية المتسارعة في التطور في الإمارات.
وقالت: «في الإمارات، تسارع تقدم إيدج بفضل اتباع استراتيجية تبدأ بالعودة إلى نظام التعليم لتحضير الإماراتيين أكاديمياً من أجل ضم الموظفين المحتملين إلى قطاع الدفاع». «وهذا النموذج قابل للتقليد إذا اختارت السعودية السير في هذا الطريق، إلا أنه غير فوري».
«من المثير للاهتمام بالنظر إلى الإحصائيات الأكاديمية في السعودية أنه إذا تحقق هذا الأمر فإن غالبية هؤلاء الموظفين المستقبليين سيكونون من النساء».

الاكتفاء الذاتي
حالياً تقوم الولايات المتحدة بسحب قواتها تدريجياً من دول الشرق الأوسط بما فيها السعودية.
قالت واشنطن في الأسبوع الماضي إنها تقوم بتقليص عدد القوات ووحدات الدفاع الجوي المنتشرة في الشرق الأوسط بما في ذلك بطاريات دفاع باتريوت. وقالت أيضاً إنها تقوم بإزالة نظام «ثاد» المضاد للصواريخ من السعودية.
لكن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن صرح بأن تقليص الأصول العسكرية الأمريكية في المملكة لن يؤثر على قدرات المملكة الدفاعية، إذ قال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي للصحفيين، الأحد: «هذا لن يؤثر على الدفاعات الجوية السعودية».
«لدينا تفاهم قوي مع حلفائنا في ما يخص التهديد في المنطقة. ونحن نمتلك فعلياً القدرة على الدفاع عن بلدنا».
من المحتمل أن يكون هذا التطور إلى جانب الرغبة العامة للمملكة في تقليل اعتمادها على المصادر الأجنبية لشراء الأسلحة، أحد العوامل الرئيسية المحفزة لمشروع الدفاع عبر رؤية الرياض الطموحة 2030.
قالت فونتنوروز إنها تعتقد بأن «الانسحاب الأمريكي المحتمل من الشرق الأوسط قد صعد بلا شك وضع الطوارئ لدى السعودية».
وأضافت أن السعوديين يرون «حاجتهم إلى تحسين سريع وملموس لعمليات صنع القرار وعمليات الاكتساب وبرامج التدريب وخبرة تشكيل الاستراتيجية حتى يكونوا قادرين أكثر على سد الفجوات التي قد يخلقها الانسحاب الأمريكي».
ثانياً «تقدر المملكة بذكاء أن أفضل طريقة للإبقاء على الولايات المتحدة متصلة بها عن قرب هي أن تجعل ذلك الاتصال يبدو طبيعياً بالنسبة لتناوب الموظفين الأمريكيين المستمر المكلفين بالملف السعودي. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، قاموا مؤخراً بتشكيل مكتب مساعد وزير الدفاع عن الشؤون التنفيذية أول مكتب إشراف مدني مسؤول عن السياسة الدفاعية والعسكرية».
وقالت: «في وقت لاحق لهذه السنة، تخطط السعودية لتبدأ إعادة هيكلة جيشها لتعكس الأسلوب الأمريكي لطاقم الخدمة وقيادة المقاتلين الجغرافيين الموحدة».
وقالت هوثورن: «في هذه الأثناء، كان الهدف السعودي بالنسبة للاكتفاء الذاتي مرتبطاً باعتماد المملكة على المصادر الأجنبية في الحصول على الأسلحة بشكل عام وليس الأسلحة الأمريكية فحسب، فضلاً عن رغبة الحكومة في توظيف المزيد من سكانها في الوظائف المتقدمة تقنياً وذات الأجر الجيد».
وقالت: «إن حسابات السعودية بالنظر إلى حاجتها لأن تصل إلى الاكتفاء الذاتي تعتمد بشكل كبير على مجازفة الدخول في الصراع مع إيران».