لا ميديا -
لم تكن قوات ما تسمى "الفرقة الأولى مدرع" وقوات المنطقة الشمالية الغربية تتبع عسكرياً وزارة الدفاع على عهد النظام السابق، بقدر ما كانت تعد ملكية خاصة للعميل علي محسن الأحمر، الذراع العسكرية لتنظيم الخونج، والمسؤول الأول عن تجنيد ما عرف بالأفغان العرب، والذين أعاد احتواءهم بعد عودتهم من أفغانستان قبيل حرب صيف 94 على الجنوب، ودمجهم في الفرقة الأولى مدرع.
وجد الخونج في الفرقة الأولى مدرع قوة ضاربة لإحداث شرخ في المجتمع اليمني، فبالإضافة إلى الإخلال بالبنية التعليمية من خلال ما سمي المعاهد العلمية، التي لم يكن لها علاقة بوزارة التربية والتعليم، ولا بمناهجها، والتي انتشرت في عموم ما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية، جاءت الفرقة الأولى مدرع هي الأخرى مستقلة عن الجيش اليمني ولا تتبع وزارة الدفاع إلا اسمياً فقط. ومن خلال هاتين "المؤسستين"، المعاهد العلمية والفرقة الأولى مدرع، عاث الخونج فساداً في اليمن، في الثمانينيات على وجه الخصوص، إلى أن جاءت الوحدة واستطاعت بعد وقت وبجهد بالغ أن تجعل من التعليم مؤسسة واحدة، فألغيت المعاهد العلمية، وشكل ذلك ضربة قوية للخونج. إلا أنهم ظلوا محتفظين بورقتهم الأثيرة (الفرقة الأولى مدرع) بقيادة الخونجي العميل علي محسن الأحمر، والتي ارتكبت أبشع الجرائم، بدءاً بالحرب على الجنوب منتصف التسعينيات، وانتهاء بحروب صعدة الست. 
وحتى عند اتخاذ القرار الكارثي بهيكلة الجيش بعد أحداث ما سميت ثورة فبراير 2011، أصر الخونج على إبقاء الفرقة الأولى بمنأى عن أي هيكلة، باعتبارها "حارسة انتفاضة الشباب" حسب زعمهم، إلى أن جاءت ثورة الـ21 من سبتمبر/ أيلول 2014، مكتسحة كل عروش الطواغيت، ومنها مقر الفرقة الأولى مدرع في صنعاء، ليفر قائدها العميل علي محسن الأحمر بطائرة خاصة إلى السعودية، لتسقط بذلك الورقة الأقوى للخونج في اليمن. 
بعد فراره من العاصمة صنعاء، عمل الأحمر، وبتمويل سعودي وقطري، على إعادة تجميع قوات الفرقة الأولى مدرع، فكان ساحل ميدي الغربي ومأرب أبرز مراكز إعادة تجميع قواته. وفي أبريل/ نيسان 2016، أي بعد عام من العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، أصدر العميل هادي قراراً بتنصيب الأحمر نائبا له. 
طيلة السنوات الماضية من العدوان، أنشأ الخونج بقيادة العميل الأحمر عددا من الألوية والمعسكرات في محافظة مأرب، ليبلغ تعداد قوات الخونج هناك نحو 250 ألف مرتزق، الكثير منهم من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" التكفيريين. ومن الألوية التي أنشأها الخونج في مأرب ما يسمى "لواء العفاريت"، على غرار ألوية من المرتزقة كلها تدين بالولاء لتنظيم الخونج. 
كان تعيين المرتزق المقدشي وزيرا للدفاع في حكومة الفنادق، تأكيدا على تحكم الأحمر بقرارات العميل هادي. وقد بدأ المقدشي فعلا بتأسيس قوات من مرتزقة الخونج معززة بترسانة أسلحة قدمتها السعودية، وتم توزيع تلك القوات على فرضة نهم شرق صنعاء وفي الجوف.
وبالتعمق أكثر يتبين أن قيادة الخونج استحدثت منصباً جديداً داخل كل وحدة ومعسكر للمرتزقة، وهو منصب "المساعد"، وهو شخص مدني يكون في منصب "مساعد قائد اللواء" أو "مدير الدائرة العسكرية" أو "قائد الكتيبة".
 هذا "المساعد" هو المتحكم بكل قرارات وتحركات القوة العسكرية، أي أنه هو القائد الفعلي، وهو عادة ما يكون من المبايعين للتنظيم عقائديا، حيث لا يستطيع قائد اللواء صرف أي شيء دون توقيع المساعد. فمثلاً في ما تسمى هيئة القوى البشرية (هيئة تتبع وزارة الدفاع وتضم دوائر حكومية متفرعة من الهيئة أهمها دائرة شؤون الأفراد والاحتياط العام ودائرة شؤون الضباط)، هناك "مساعد" خونجي لا أحد يعرف عنه شيئاً سوى اسمه الحركي "أبو عمار"، ينتحل رتبة عميد، وهو شخص مدني لا علاقة له بالسلك العسكري.
 "أبو عمار" هو المتحكم الوحيد والحصري بهيئة القوى البشرية، ورئيس الهيئة لا يستطيع عمل أي شيء إلا بموافقة من مساعده الخونجي. فيما وزارة دفاع المرتزقة في مأرب، هي عبارة عن كشوفات قوة بشرية وتسليم مرتبات وترقيات وحتى التجنيد في مكتب "أبوعمار"، وكل شيء يمر عبره. 
ورغم نجاح الخونج في شراء ذمم قيادات عسكرية في مأرب، والبعض منهم بايع التنظيم على الولاء والطاعة، إلا أنه في حال أي خلاف يحصل بين القيادات العسكرية والمدنية، يكون موقف التنظيم إلى صف القيادات المدنية التي تعتبر قيادات عقائدية.
كما استحدث التنظيم مناصب سرية في وزارة دفاع المرتزقة ودوائرها ومناطقها وألويتها، وتتمثل في منصب "مسؤول التنظيم" في كل منطقة ودائرة ووحدة ولواء وكتيبة. و"مسؤول التنظيم" هو المسؤول عن إدارة الوحدة تنظيمياً وعقائدياً، مهمته عقد اجتماع كل أسبوع بقيادة "الوحدة أو الدائرة أو اللواء أو الكتيبة " ويسمى هذا الاجتماع الأسبوعي بـ"اللقاء" يتم فيه مناقشة الأمور التنظيمية السرية على مستوى الوحدة أو اللواء أو الدائرة أو الكتيبة. وتركز هذه الاجتماعات الأسبوعية على التجنيد والولاء والطاعة لتنظيم الخونج ومصادر التمويل وكيفية البحث عن مصادر تمويل جديدة.
وعلى الرغم من أن الخونج يطلقون صفة "الجيش الوطني" على القوات الموالية لهم، إلا أنهم يؤسسون لقوات طائفية يجري تهيئتها للهجوم على مرتزقة الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا والسيطرة على المحافظات الجنوبية المحتلة.