تقرير: نشوان دماج / لا ميديا -
لا تفتأ الاشتباكات الفصائلية بين أدوات الاحتلال تتزايد يوماً بعد يوم في مدينة عدن المحتلة، فيما أبناء المدينة المنكوبة يعيشون وضعاً اقتصادياً متردياً جراء ارتفاع الأسعار وتدني العملة المحلية إلى الحضيض بفعل السياسات التي تنتهجها قوات الاحتلال وشرعية العمالة. ووسط هذا وذاك تعود الحرائق المفتعلة إلى المشهد مجدداً، لتكون حسابات مصافي عدن من نصيبها هذه المرة، تزامناً مع محاولات يائسة لإعادة تشغيل المنشأة التي نخرها الفساد. 
اندلعت اشتباكات عنيفة، أمس، بين فصائل مرتزقة "المجلس الانتقالي"، الموالي للاحتلال الإماراتي، في محافظة عدن المحتلة، تزامنا مع تصاعد الصراع المناطقي بين قيادات المجلس.
وأكدت مصادر أن الاشتباكات اندلعت بين حراسة منشآت عامة في مديرية كريتر ومرتزقة تابعين لما تسمى الأحزمة الأمنية، المحسوبة على "لانتقالي"، إثر محاولة الأخير السيطرة على قطعة أرض.
وأوضحت المصادر أن المواجهات أسفر عنها سقوط مصابين مدنيين، وأثارت حالة من الهلع والفزع بين المواطنين، لاسيما بعد انتشار الآليات العسكرية التابعة للمجلس في محيط المنطقة.
وفي مديرية صيرة، اندلعت اشتباكات فصائلية بين ما تسمى "قوات العاصفة" وحراسة المنشآت في مصلحة الأحوال المدنية والهجرة والجوازات، وأدت إلى سقوط عدد من الجرحى بين الطرفين، بينهم المرتزق عصام فقيرة، المعين مديراً لمكتب الأحوال المدنية في عدن.
ولم تُعرف دوافع الاشتباكات، إلا أن ذلك يأتي في ظل الصراعات المستمرة بين فصائل "الانتقالي" في عدن، حيث يهدف كل فصيل إلى فرض هيمنته على المؤسسات والمرافق التابعة لحكومة الفنادق بالقوة، بالإضافة إلى نهب الإيرادات والأراضي وغيرها من الانتهاكات التي تقوم بها تلك الفصائل الموالية للاحتلال.
وتسببت الاشتباكات المسلحة بين أدوات الاحتلال في عدن -منذ قرابة 7 أعوام- بسقوط عشرات القتلى والجرحى.
وفي السياق ذاته، ساد التوتر، أمس، مدينة الشيخ عثمان بعدن عقب رفض قيادة حزام الإمارات تغييرات في صفوفها، قضت بتسليم مهام "الحزام" إلى أحد ألوية ما يسمى الدعم والإسناد، التابع للاحتلال الإماراتي أيضاً، وذلك في إطار الصراع الذي احتدم مؤخراً إثر عودة المرتزق شلال شائع من أبوظبي.
وقالت مصادر مطلعة إن قيادة "الحزام" في الشيخ عثمان رفضت التغييرات، احتجاجاً على استبدال قطاع الشيخ عثمان المكون من أبناء المديرية بآخرين من خارجها.
وأشارت المصادر إلى أنه تم منح الحزام الأمني بالشيخ عثمان بعض الوقت للامتثال للقرارات الأخيرة.
وكان المرتزق أحمد لملس، المعين محافظاً لعدن، أقال مديري مديريتي دار سعد والبريقة وعيين قياديين بالانتقالي بديلين لهما، في خطوة أثارت الخلافات من جديد بين طرفي الارتزاق، وذلك باعتباره نسفاً لما يسمى اتفاق الرياض المنسوف أصلاً، واتخاذ الانتقالي قرارات أحادية الجانب.

إحراق قسم الحسابات بمصافي عدن
وفي صعيد التغطية على جرائم الفساد، أقدم مجهولون فجر أمس على إحراق قسم الحسابات بشركة مصافي عدن لتكرير البترول، في حادثة يعتقد أن خلفها تغطية لقضايا فساد ونهب للمال العام.
وقالت مصادر مطلعة إن حريقاً شب فجر أمس في قسم الحسابات بشركة مصافي عدن، مضيفة أن الحريق ألحق أضراراً بالغة بالملفات الخاصة بحسابات الشركة.
وأضافت المصادر أن الحريق المفتعل يهدف إلى إتلاف ملفات تثبت تورط مسؤولين في قضايا فساد.
يشار إلى أنه ليس الحريق الأول الذي تشهده مؤسسة في عدن لإتلاف ملفات رسمية وطمس أدلة قد تثبت تورط مسؤولين وقيادات موالية للاحتلال بقضايا فساد ونهب، إذ سبق في آب/ أغسطس الماضي أن التهم حريق هائل أرشيف مبنى عقارات وأراضي الدولة، ما أدى إلى إتلاف جميع الوثائق الرسمية المتعلقة بأراضي وعقارات الدولة في عدن.
وتأتي حادثة إحراق حسابات مصافي عدن تزامناً مع بدء فريق من الخبراء الصينيين، خلال الأيام الماضية، إعادة صيانة مصافي عدن، بعد عقود من التدهور الذي شهدته.
وبحسب مطلعين، فإن هذه الشركة التي كانت في وقت من الأوقات تعد أهم مصافي النفط في الجزيرة العربية، ظلت خلال العقود الماضية من نظام صالح مهملة، ما تسبب بتوقفها تارة والعمل بأقل من طاقتها في أوقات أخرى، خصوصاً بعد حرب صيف 1994، حيث حلت صافر حينها كوجهة لصادرات النفط والغاز بفعل سيطرة قوى النفوذ في النظام البائد على حقول النفط والغاز وتقاسمها كإقطاعيات خاصة. 
وفي عام 2012، تم تسليم المصفاة لهامور الفساد الأكبر، المرتزق أحمد العيسي، المعين حالياً نائباً لمدير مكتب العميل هادي للشؤون الاقتصادية، ليقوم باحتكار المصافي وخزاناتها لبيع وشراء الوقود، خصوصا الخاص بمؤسسات كهرباء المحافظات الجنوبية، والتي درت عليه مليارات الدولارات كأرباح وأشعلت فتيل صراع بين قوات الاحتلال السعودي والإماراتي، وصولا إلى تعيين نائب وزير النفط في حكومة الارتزاق مديرا لها.
مراقبون يرون في المحاولات الجديدة لإعادة تشغيل المصفاة في هذا التوقيت إشارة إلى أن حكومة الارتزاق، التي ظلت تعتمد على شركة صافر المحسوبة على العميل علي محسن، وبتوجيهات من تحالف الاحتلال، تسابق الوقت لتلافي تداعيات الانتصارات التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهة مأرب، واقترابهم من تحرير المدينة، لاسيما مع بدء إنشاء أنبوب جديد لنقل النفط من حقول الإنتاج في شبوة إلى ميناء النشيمة على خليج عدن، بغية تسهيل نقله إلى مصافي عدن، بعد أن كان خط الأنبوب يوصل حقول نفط شبوة بمصافي صافر وصولا إلى ميناء رأس عيسى في الحديدة.

"التحالف" يدمر المنطقة الحرة
وفي صعيد سياسة التدمير التي ينتهجها الاحتلال السعودي الإماراتي، اتهم محافظ عدن، طارق سلام، تحالف الاحتلال بتنفيذ مخطط لتدمير ما تبقى من مشروع المنطقة الحرة في مدينة عدن.
وقال محافظ عدن، في تصريح صحفي قبل أيام، إن دول "التحالف" لم تكتفِ بتعطيل موانئ عدن، بل عمدت مؤخراً إلى تنفيذ مخطط خطير لتدمير ما تبقى من مشروع المنطقة الحرة، والاستيلاء على أراضيها بقرار من رئيس حكومة الفنادق، المرتزق معين عبدالملك، بالمخالفة الواضحة للقانون اليمني، وقرار تأسيس وإنشاء هيئة المناطق الحرة والمنطقة الحرة بعدن الصادر في 1993.
وأشار سلام إلى أن إمعان حكومة الفنادق في مصادرة المنطقة الحرة، ورفضها كافة الأصوات المعارضة لهذا التوجّه التدميري، يؤكد وقوف الاحتلال الإماراتي وراء هذه الممارسات التدميرية التي تحاول إفراغ مدينة عدن من أي دور استثماري خلال السنوات المقبلة.