استطلاع:  طلال سفيان / لا ميديا -
عندما يقاطع رياضيون عرب ومسلمون المباريات التي يحضر فيها الكيان الصهيوني، يجري الحديث عن تحييد الرياضة عن السياسة، بل وتذهب الكيانات الرياضية الدولية إلى معاقبة كل من يرفع شعاراً معبراً عن التضامن مع القضية الفلسطينية أو حتى من يعبر عن مظلومية شعب يتعرض لفضائع من قبل المنظومة الغربية.
اليوم دخل الفيفا وبقية الكيانات الرياضية في العالم خط السياسة، وقاطع الأوروبيون المباريات التي تجمعهم مع الروس ورفعت الشعارات السياسية والعنصرية في المدرجات، وانفجرت كرة المبادئ والقيم على الملعب، وأصبحت الرياضة في خطر.
يستغرب عبدالفتاح إسماعيل الخولاني، أمين عام الاتحاد اليمني للدراجات الهوائية وعضو اللجنة الأولمبية اليمنية، من إدخال الفيفا والأولمبية الدولية الآن السياسة في الرياضة، في وقت مر طويلاً شهر تجريم هذه المنظمات لهذا الأمر.
ويقول: "الكيل بمكيالين ليس بالصح، فعندما يتكلم اللاعب عن فلسطين يتعرض للعقوبات، وإذا تكلم عن أوكرانيا تتسامح معه، بل وتشجعه هذه المنظمات على إبداء رأيه! هناك عنصرية واضحة في هذا الأمر، وهذا ما يثبت زيف القيم والمبادئ التي تدعيها المنظومة الغربية، ومعها فإن الإنسان لا يبنى كإنسان، وإنما على جنسيته وانتمائه".
ويضيف مسألة الخطر القادم على انعقاد نهائيات كأس العالم لكرة القدم: "إذا كانت المؤشرات العسكرية أكبر من المؤشرات الرياضية، سيكون المونديال الكروي العالمي الذي ينتظر انعقاده في قطر خلال نوفمبر- ديسمبر  القادم في خطر الإلغاء أو التأجيل".
وحول هذه المسألة يتطرق الإعلامي الرياضي أنور عون، إلى أن مونديال قطر سيكون في خانة الإلغاء إذا توسعت الحرب وشملت بقية دول القارة الأوروبية وامتدت كذلك لخارجها، مشيراً إلى أهمية معرفة أن روسيا ليست اليوم الاتحاد السوفييتي، وأصبح العالم يعيش منذ مطلع التسعينيات مرحلة القطب الواحد (أمريكا وحلفاءها)، بل وباتت روسيا أقرب لدول الخليج، التابعة للمنظومة الغربية المهيمنة على الاقتصاد والإعلام مروراً بالرياضة.

المبادئ.. كوبون زائف
الكابتن ناصر الرويس، نجم نادي شباب الجيل والمنتخبات الوطنية في الزمن الجميل، يقول: "الحقيقة التي لا يستطيع أن ينكرها أحد تجلت اليوم بازدواجية القرارات والعقوبات للاتحاد الدولي لكرة القدم. الجميع تابع كيف عوقب كل لاعب كان يتضامن مع القضية الفلسطينية، وأبرز مثال ما تعرض له النجم المصري محمد أبو تريكة، وأيضا المالي فردريك كانوتيه، أثناء حرب الجيش الصهيوني على قطاع عام 2008، واليوم نجدهم يصطفون ضد الرياضة ويقفون مع السياسة رغم الشعارات الدولية التي تنادي بفصل الرياضة عن السياسة، ضاربين بعرض الحيط هذا المبدأ وقاموا بحرمان روسيا من التصفيات الأخيرة لكأس العالم التي ينظمها الفيفا، وأيضا الموقف نفسه اتخذته اللجنة الأولمبية الدولية في تجميد الرياضة الروسية من أي مشاركات خارج حدودها، في صورة واضحة عن خروج الهيئتين الرياضيتين الدوليتين عن المعايير الرياضية".
ويضيف: "الرئيس الروسي بوتين كان محقاً حينما انتقدهم وقال إن الغرب ينظرون للآخرين بمنظور مصالحهم ويستغلون الاتحادات واللجان والمنظمات سواءً الرياضية أو الإنسانية وفق رغباتهم وأهوائهم".
ويستطرد الرويس: "الجميع يدرك أن الفيفا والأولمبية الدولية منظومتان عالميتان تتعاملان وفق مخطط الغرب واللوبي الصهيوني الذي يدير كل شيء، ومنها هذه المنظمات الخاضعة لسياستهم البغيضة من باب: حقنا حق وما هو علينا باطل".
يتابع الكابتن عصام إبراهيم، نجم أهلي تعز السابق، العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وما تبعه من عقوبات عديدة بما فيها رياضية، ويقول: "قبل عقوبات الفيفا على روسيا، ماذا فعل إزاء العنصرية التي يتعرض لها اللاعبون الأفارقة والآسيويين والعرب في الملاعب الأوروبية؟! ولماذا الصمت على رفع الجماهير شعارات نازية وهتافاتهم ضد اللاعبين الملونين؟! وأين هذه المبادئ في هذا العالم الأبيض الذي يمارس سلوكاً مثخناً ومجرحاً لشعوب الأرض ويعمل معهم مبدأ العقاب ويشجع شعوبه على هذا السلوك ويقف مع سياستها في كل القضايا؟!".
ويواصل الكابتن عصام: "أمس الأول أعجبني انتقاد عصام الشوالي معلق قنوات "بي إن الرياضية" أثناء تعليقه على مباراة ديربي مانشستر بين اليونايتد والسيتي، وهجومه الحاد على الجماهير الإنجليزية وهي ترفع علم أوكرانيا، بينما كانوا يجرمون رفع علم فلسطين، كذلك ما كتبه مؤخراً نجم الكرة المصرية السابق محمد أبو تريكة، الذي تعرض لعقوبات بعد تضامنه مع أهالي غزة، وزميله أحمد حسام (ميدو) عن سياسة الكيل بمكيالين للفيفا وتساؤلهم لماذا لم يعاقب الفيفا أمريكا على غزوها للعراق؟!".
ويختتم حديثه: "الاتحادات التي أنزلت عقوباتها على روسيا هي نفسها التي تغاضت عن معاقبة الاحتلال الصهيوني وعدوانه على الفلسطينيين، وهي نفسها التي عاقبت بعض اللاعبين لتضامنهم مع القضية الفلسطينية، وتضامنت مع أوكرانيا، هي التي أصدرت عقوبة ظالمة وقاسية على الجزائري فتحي نورين وقضت على مستقبله في الجودو بسبب رفضه اللعب أمام لاعب صهيوني كيانه يقتل في كل مناسبة الفلسطينيين ومحتل لأرضهم منذ عقود طويلة".
وبدوره راجح القدمي، رئيس اتحاد كرة القدم بالعاصمة صنعاء، يصف قرارات الفيفا والأولمبية الدولية بالحقيرة والعنصرية، قائلاً: "قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) واللجنة الأولمبية الدولية تعتبر حقيرة وقذرة وفضحت عنصريتهم. اليوم يطالبون الاتحادات واللجان الأولمبية بالالتزام بالقوانين واللوائح التي تسمو بالرياضة، لكنهم لا يلتزمون بها، بل وتجدهم يتعاملون وفق رغباتهم ومزاجية من يتحكمون بإدارة هذه الهيئات ويقحمون السياسة بصورة فجة بغيظة".
ويكمل القدمي: "جميعنا تابعنا تلك القرارات والعقوبات التي طالت العديد من اللاعبين العرب والأجانب المناصرين للقضية الفلسطينية، فقط لأنهم عرب ومسلمون. هذه القرارات تمثل إرهاباً للرياضة والرياضيين وعنصرية فاضحة تقتل المبادئ الرياضية وتجعل العمل الرياضي خاضعاً للمزاجية وفارضة لقيمها ومبادئها الزائفة على كافة الأطر الرياضية في بقية الدول، وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص".

اليمن خارج خارطة فيفا/ الأولمبية
وفي فصل الختام، يعبر الكابتن حيدر علي صالح العراسي عن استيائه من ازدواجية المعايير وأكذوبة القيم والمبادئ التي تتبجح بها أوروبا والولايات المتحدة، ويتحسر على مواقفهم المساندة للعدوان على اليمن.
ويقول نجم نادي طليعة تعز ولاعب المنتخبات الوطنية سابقاً: "كشفت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الوجه القبيح لهذه المنظمات التي تدير رياضة العالم؛ يعاقبون دولة ويتضامنون بكل قوة مع أخرى، في حين يتابع العالم الحرب الظالمة والعدوان الغاشم على بلادنا منذ ثمانية أعوام! كم هو محزن هذا الأمر؟! لم تتحرك هذه المنظمات (فيفا، وأولمبية، وغيرها) ولم يتضامنوا مع اليمن ورياضييها الذين يفتك بهم تحالف الشر، ولم يتحركوا يوماً ما لإيقاف هذه الجريمة الأكبر في حق شعب لم يعرف مثلها التاريخ".