تحقيق:أنور عون / لا ميديا -
إذا سألت نجوم الكرة من جيلي السبعينيات والثمانينيات عن نادي سلام صعدة، ستأتي الإجابة بلا تردد: كان مشروع نادٍ يملك ذخيرة المنافسة ومقارعة كبار الأندية؛ لكن الإهمال والتجاهل منذ زمن أجهض الحلم الجميل لأبناء صعدة.
ومضت السنون بأوجاع وأنين يصرخ، ينادي، ولا حياة لمن تنادي. وزادت الحروب الست جراحه وآلامه. اليوم، وبعد نصف قرن على ميلاد نادي السلام، لا جديد يُذكر ولا قديم يعاد، غير وضع مُزرٍ. مقر أجهز عليه العدوان الغاشم، وملعب ترابي متصحر، ولولا أبناؤه المخلصون لأصبح "السلام الرياضي" أثراً بعد عين.
ولأنه نادٍ عريق بزغ ضوؤه مطلع السبعينيات، وكيان رياضي مليء بالمواهب، وعانى ظلم الدولة طويلا، حرصنا على زيارة النادي أثناء مشاركة فريقه في التصفيات المؤهلة للدرجة الثانية (تجمع العاصمة صنعاء) ووضعنا على طاولتهم تساؤلات عديدة عن مشاكلهم ومعاناتهم. وإليكم المحصلة.

حلم طموح وواقع مرير
البداية كانت مع عيسى عبدالله مشحم، رئيس النادي واللاعب السابق للسلام: "يا أخي مهما شرحت عن معاناة نادينا فلن يستوعب أحد ما نمر به من أوضاع صعبة جداً. نحن لدينا مواهب وكوادر قادرة على المنافسة والتفوق والإبداع لو توفر لنا جزء يسير من الدعم والاهتمام أسوة ببقية الأندية، خاصة التي ظهرت في العشرين السنة الأخيرة. سلام صعدة تأسس عام 1972، ومنذ تأسيسه وهو بطل المحافظة، باستثناء مواسم لا تتجاوز عدد أصابع اليد أخفقنا فيها، وسجلنا حضوراً قوياً مطلع الثمانينيات بالصعود للدرجة الثانية، وبعد تلك الفترة تراجع النادي ولم يستطع الصعود إلى الثانية أو المنافسة على التواجد في مصاف الدرجة الأولى، الذي هو طموحنا وحلمنا الكبير. لكن الحلم شيء والواقع المرير شيء آخر، بسبب الإهمال الصارخ الذي تعرض له نادينا من قبل المعنيين خلال العقود الماضية وحتى يومنا هذا، حيث أصبحنا نفتقر لأبسط مقومات الدعم والرعاية والاهتمام أكثر من أي وقت مضى".

مقر مقصوف وملعب سيئ
يتابع مشحم بكل ألم: "فريقنا كل موسم يحرز بطولة محافظة صعدة، ويتفوق على الجميع بجهود ذاتية، وعندما يشارك في التصفيات المؤهلة للدرجة الثانية ينافس حتى الرمق الأخير، لكنه يفشل في العبور، لأنه يفتقر لمقومات مهمة هي أساس النجاح والصعود".
ويواصل: "بخصوص المقر، لدينا مقر بُني على المساحة الكبيرة التي يمتلكها النادي منذ السبعينيات، ولدينا كذلك ملعب؛ لكن المقر تم استهدافه من قبل طيران العدوان الأمريكي السعودي، والملعب سيئ جداً. كما أن المقر تعرض للنهب خلال الحروب الست الظالمة على محافظة صعدة، التي أنهكتنا تماماً. ما أريد قوله عبر صحيفة "لا" هو أن نادي السلام بحاجة ماسة إلى التفاتة من المحافظ ووزير الشباب والرياضة واتحاد الكرة. كفى إهمالاً وتجاهلاً لنادٍ قادر على الوصول إلى الدرجة الأولى".
ويختتم رئيس سلام صعدة: " في الختام أشكر أبو عبدالله الحمران، وكيل محافظة صعدة، على دعمه وتعاونه معنا خلال طلوعنا إلى صنعاء للمشاركة في التصفيات المؤهلة للدرجة الثانية. كذلك أشكر أبو حمزة زيد جحاف، نائب مدير مكتب الشباب والرياضة بالعاصمة صنعاء، على ما قام به معنا".

اتحاد القدم سبب التعثر
من جانبه قال أمين أحمد عيبان، مدير الأنشطة الرياضية والإعلام والعلاقات العامة بالنادي واللاعب الملقب بـ"الشلهوب": "عدم تأهلنا إلى الثانية يرجع لعوامل عديدة تبدأ بعدم جاهزية اللاعبين لأنهم مشغولون بملاحقة لقمة العيش، كل لاعب يجاهد من أجل توفير لقمة العيش ومسؤوليته تجاه أسرته، وليس لدى النادي ما يقدمه لهم كمساعدة أو راتب.
ثانياً: التعميمات الصادرة من الاتحاد العام لكرة القدم أربكتنا تماماً. عدة مرات كان الاتحاد يعلن عن إقامة التصفيات ثم يؤجلها، لدرجة أننا اعتقدنا أنهم سيقيمونها بعد شهر رمضان، وفجأة أعلنوا انطلاقها، وقبلنا التحدي وجمعنا اللاعبين من المنازل وهم من دون أي إعداد. كما أن فريقنا غادر إلى صنعاء للمشاركة في التصفيات ولديه أكثر من أربعة لاعبين مهمين وأساسيين لم يحضروا بسبب الاختبارات".
ويكمل: "أحرزنا بطولة المحافظة بجدارة، بعد تفوقنا على الفرق التي واجهتنا، ولو تهيأت سبل الدعم والاهتمام لأحرزنا بطاقة الصعود للثانية. باختصار: سلام صعدة لا يجد أدنى مقومات الدعم. ولكم أن تعلموا أن مشاركتنا في التصفيات كانت مهددة بعد سفرنا إلى صنعاء لولا وكيل محافظة صعدة، المجاهد أبو عبدالله الحمران، الذي قام مشكوراً بتوفير باص شركة النفط لكي نسافر به. كذلك لا ننسى دور الأخ أبو حمزة، نائب مدير مكتب الشباب والرياضة بالعاصمة صنعاء، الذي قام فور وصولنا إلى صنعاء بتوفير سكن لنا في مكتب الشباب؛ كون المخصص المالي زهيد وغير كاف".
واختتم "الشلهوب" حديثه بالقول: "أطالب كل المعنيين، المحافظ ووزير الشباب والرياضة، بأن يدعموا نادي السلام قبل أن يندثر، لأن استمرار الوضع الحالي السيئ الناتج عن غياب الدعم والاهتمام، قد يئد نادي السلام نهائياً. وشكراً لصحيفة "لا" على متابعتها وإيصال مطالبنا".

أحلامنا في مهب الريح
ومن الإداريين دلجنا إلى اللاعبين، وكان الحديث أولاً مع كابتن فريق سلام صعدة، علي الرازحي، الذي قال: "شاركنا في التصفيات ولدينا إشكاليات ومعوقات كثيرة، أهمها الدعم وإعداد الفريق؛ كل واحد منا يلاحق القوت الضروري. لقد تم تجميعنا قبل فترة قليلة من السفر، ناهيك عن غياب مجموعة من أهم لاعبينا بسبب اختباراتهم المدرسية. ورغم ذلك قدمنا مستويات جيدة، ونتمنى من الجميع دعم نادي السلام ممثل محافظة صعدة وبطلها الدائم".
قلب الدفاع خالد البعكلي بدوره يقول: "حاولنا أن نقدم ما لدينا في هذه التصفيات. وكان طموحنا الصعود للثانية؛ لكن جاهزيتنا كانت غير كافية. نحن لم نُعدّ بشكل صحيح؛ كوننا مشغولين بأعمالنا وبمواجهة عدوان أمريكي سعودي إماراتي صهيوني يستهدف حياتنا ومنشآتنا. ضف لذلك أننا نتمرن على ملعبنا الترابي السيئ جداً وغير متعودين على الملاعب المعشبة والاصطناعية. أكيد نشعر بالحزن لعدم صعودنا؛ كوننا نمتلك القدرة على ذلك، ومن تابع مبارياتنا يعرف مقدرتنا؛ لكن الفارق أن الفرق التي واجهناها استعدت جيدا ولديها خبرة في الملاعب التي لعبنا عليها ضمن تجمع العاصمة".
وينهي البعكلي حديثه: "نريد دعماً واهتماماً بنادينا، وسترون السلام المكافح الصامد يقارع وينازل أقوى الأندية اليمنية".
وهنا يكمل الحديث الذي بدأه البعكلي زميله المهاجم عبد ربه قائد ناصر سدران، بقوله: "كل العوامل كانت ضدنا؛ لا دعم ولا اهتمام، وحتى الملاعب لم تساعدنا؛ كوننا خضنا تصفيات المجموعة الأولى في العاصمة صنعاء في ملاعب مزروعة بالتارتان، بينما نحن نتمرن ونلعب على ملعب ترابي جوار مقر نادينا الذي دمره طيران تحالف الإجرام. هذه الأمور أثرت علينا كثيراً، وبالذات أن الفرق التي قابلناها كانت جاهزة ومتعودة على هذه الملاعب، إلى جانب التحكيم الذي لم يكن رحيما بنا".