تقرير واستطلاع:  مارش الحسام / لا ميديا -
تشهد المراكز الصيفية في صنعاء زخما تفاعليا كبيرا في ظل إقبال متزايد عليها بما يعكس الوعي المجتمعي بأهمية تسليح جيل المستقبل بالعلم والمعرفة وتحصينه من الثقافات المغلوطة التي ابتلي بها آباؤهم ونعاني من تبعاتها حتى اليوم.

إقبال كبير
يأتي الإقبال المتزايد على المراكز الصيفية كما لو أنه رد على الحملات الشرسة لإعلام قنوات العدوان المستميتة في شيطنة هذه المراكز في محاولة منها لثني الآباء عن الدفع بأبنائهم إلى هذه المراكز.
يعي العدوان جيداً أن مخرجات هذه المراكز هم السلاح الأقوى في المعركة، ومحاولات إعلامه لشيطنة هذه المراكز خير شاهد ودليل على فاعليتها ونجاحها في إبطال مؤامراته وأهدافه الوهابية.
تخوف العدوان من مخرجات المراكز الصيفية دفعه لتسخير كل إمكانياته الإعلامية المسيطرة على الفضاء بجيش من القنوات، واستحداث جيش آخر على منصات التواصل الاجتماعي، وكلا الجيشين يعملان بأقصى طاقتهما على تشويه هذه المراكز وقذفها بأبشع التهم والأكاذيب المضللة التي لم تنطل حتى على معديها في تصديقها وليس على الآباء العازمين على استثمار العطلة الصيفية لتسليح أطفالهم بالعلوم الدينية والتربوية النافعة.

محطة سنوية
تعد المراكز الصيفية محطة سنوية تهدف لملء فراغ الطلاب في وقت الصيف بالمعارف والعلوم والأنشطة بدلاً من الفراغ القاتل وإدمان المسلسلات والإنترنت والوقوع في شرك الحرب الناعمة للعدوان وسموم قنوته الإعلامية التي تحاول طي الأمة تحت عباءتها الوهابية.

تنوع برامجي ومهاري وترفيهي
ما يميز المراكز هذا الصيف عن الأعوام السابقة هو تنوع برامجها وأنشطتها واشتمالها على برامج دينية ورياضية وتوعوية وترفيهية وزيارات ميدانية وتنمية المهارات واكتشاف المواهب.
وإلى جانب العلوم النافعة والبرامج التربوية الثقافية والاجتماعية الهادفة، تكرس المراكز الصيفية جزءا كبيرا من برنامجها اليومي للأنشطة المهارية والترفيهية، وكذا تنمية المهارات وصقل المواهب واكتشافها في مختلف المجلات كالشعر والمسرح والخطابة والإنشاد والابتكارات.
وضمن البرامج الترفيهية الرياضية كرة القدم والسلة والتنس والسباحة وغيرها من الألعاب الرياضية في ما يخص الأطفال.
وبالنسبة للفتيات يتم إكسابهن مهارات تعليم الخياطة والتطريز والأشغال اليدوية ومهارات أخرى كحياكة ونسج الملابس.

مفاجآت صادمة
حين اقترح علي الأستاذ صلاح الدكاك رئيس التحرير عمل استطلاع عن المراكز الصيفية وافقت بدون تردد، بل تحمست للفكرة لكثرة ما سمعته من أن المراكز الصيفية هذا العام غير سابقاتها بتعدد الأنشطة فيها وتميزها عنها بكثير من المفاجآت الهادفة لإكساب الطلاب مهارات إبداعية وكشف وتنمية المواهب وصقلها وغيرها من المفاجآت التي آن أن نكتشفها من خلال هذا التقرير الاستطلاعي.
ولكن للأسف فالمفاجآت التي اكتشفتها كانت بخلاف توقعاتي، بل صادمة وهي أنه تم منعي من دخول بعض هذه المراكز.
كانت أول هذه المفاجآت بانتظاري من أول زيارة لي وكانت إلى المركز الصيفي في نادي الشعب الرياضي والثقافي في مذبح، بعد أن قدمت نفسي لمسؤول المركز، وعرفت بالجهة التي أعمل لديها (صحيفة لا) والتي كلفتني بعمل استطلاع عن المراكز الصيفية.
طلب مني المسؤول عن المركز إحضار مذكرة رسمية من الجهة التي أعمل لديها حتى يسمح لي بالدخول، وبعد أن فشلت كل محاولاتي في الدخول، ما كان مني إلا البحث عن مركز صيفي آخر.

ممنوع الاختلاط
وأنا بصدد البحث عن المراكز الصيفية لفتت انتباهي لافتة خاصة بأحد المراكز الصيفية توحي بأن المركز يخص الفتيات ومكتوب فيها تعليم الخياطة والتطريز وحياكة الملابس والمنسوجات وغيرها من الأشغال اليدوية. وهناك كانت بانتظاري مفاجأة أخرى، إذ أخبرني الحارس أنه لا يسمح للذكور بالدخول منعا للاختلاط.ِ
أخبرته بأني أريد أن أقابل مديرة المركز وحاولت إقناعه بالتواصل معها لمقابلتها ودون قيامي بالتصوير. طلب مني إبراز تصريح من إدارة الأنشطة الصيفية ومن ثم سيقوم بالتواصل معها.
مثل هذه المفاجآت كانت محبطة تماماً، وقررت أن أهجر زيارة المراكز الصيفية بالأمانة وأسلط الضوء على نظيراتها في محافظة صنعاء.

أبواب مغلقة
بالانتقال إلى مديرية همدان بمحافظة صنعاء، وجدت أن أغلب المراكز الصيفة هناك تدرس طلابها في الفترة المسائية والتي يتعذر تواجدي خلالها.
المدراس هناك متباعدة وعددها محدود وفترتها الصباحية مخصصة لاختبارات شهادات الثانوية والأساسية.
كان علي البحث وسؤال سكان المنطقة ما إذا كان هناك مراكز صيفية تفتح أبوابها صباحا، إلى أن أرشدوني إلى أحدها وهو المركز الصيفي بمدرسة الإمام علي بن أبي طالب والذي طلب مني مسؤولو المركز إحضار مذكرة رسمية من مكتب وزارة التربية والتعليم بمحافظة صنعاء حتى يسمح لي بالدخول لإنجاز المهمة التي جئت من أجلها.. ساعتها قررت العودة من حيث أتيت ومحاولة إعادة الكرة في أمانة العاصمة.

ضرورة ملحة
وبعد محاولات استطعت الدخول إلى المركز الصيفي بمدرسة الحسن في مذبح، والتقيت هناك مدير المركز الأستاذ فاروق القباطي الذي أكد أن المراكز الصيفية تعد ضرورة ملحة لحماية الأطفال من الضياع والانحراف في الفراغ القاتل.
ولفت إلى أن المراكز الصيفية تعد حلقة وصل بين الأسرة والمدرسة، وذلك باعتبارها مراكز تربوية وتعليمية وتوعوية وترفيهية.
وأضاف: «تأتي المراكز الصيفية تعزيزا لدور المدرسة ومكملة لها لسد النقص الحاصل فيها من خلال دروس تقوية لزيادة مهارات الطالب، مثلا الخط والقراءة والإملاء وتلاوة القرآن وتجويده، وغيرها من دروس التقوية التي يستفيد الطالب ويتحسن مستواه في المدرسة في تحصيله الدراسي».
وتابع: «الإقبال هذا العام أكثر من السنوات السابقة وذلك لما لمسه أولياء الأمور من تحسن في مستوى أطفالهم حتى على مستوى المدرسة هناك تفوق في التحصيل الدراسي للطلاب الذين التحقوا بالمركز بعكس أقرانهم الذين لم يلتحقوا ولم يتحسن مستواهم في المدرسة ولا في الخط والإملاء والقراءة».
وأكد القباطي أن ما يميز المراكز الصيفية هذا العام عن سابقاتها هو حسن التنظيم وتعدد البرامج والأنشطة والتي تتنوع ما بين ثقافية ورياضية ومهارية ومهنية.
وعن المهارات والأنشطة في المركز، يقول الأستاذ فاروق: «نحن في مركز الحسن نعلم الطلاب الخط والإملاء وإتقان القراءة والمخارج الصحيحة للحروف، وتلاوة القرآن وتجويده».
أما بالنسبة للبرنامج اليومي فيقول القباطي: «السابعة صباحا يبدأ الطابور الصباحي ويختتم بالنشيد الوطني 7:30، ثم يدخل الطلاب إلى الفصول لدراسة ثلاث حصص، الحصة الأولى: قراءة القرآن.. تعليم القراءة، الثانية: الإحسان.. تعليم الإملاء أو الخط، الثالثة: نشاط، مثلاً، حملة نظافة المركز أو الحارة. والساعة العاشرة تبدأ فترة الاستراحة مدتها نصف ساعة يتناول فيها الأطفال وجبة خفيفة. وفي الـ10:30 يبدأ نشاط رياضي كرة قدم أو طائرة أو سلة حتى ينتهي برنامج اليوم في الـ11:50، بعدها يتجه الطلاب إلى منازلهم وعلى الطلاب أن يؤدوا صلاة الظهر في الجامع قبل الذهاب إلى البيت».
وحول أهداف العدوان من تشويه المراكز الصيفية، يقول الأستاذ فاروق: «العدوان يعلم جيدا مخرجات هذه المراكز ولهذا شن حربا بلا هوادة للنيل منها عبر إعلام عالمي وجيش على مواقع التواصل الاجتماعي لتخويف الآباء وثنيهم عن تسجيل أطفالهم بهذه المراكز خوفاً من وعي يمكن أن يكتسبه الشعب ابتداءً من الأطفال، والعدوان يخشى من معرفة الدين بمعناه الصحيح، الدين السمح الذي توصله هذه المراكز للأطفال، لأن لديه برنامجا يسير عليه ويريد أن يفرضه على الشعب اليمني والشعوب الإسلامية، لذلك إن شاء الله نحصن شعبنا اليمني بهذه الهوية الإيمانية التي يحاول العدوان استهدافها».

أهداف كبيرة
إلى ذلك يؤكد الأستاذ محمد الحماطي، مدير مركز الرسول الأعظم بمدرسة الوحدة في مديرية التحرير بأمانة العاصمة أن هناك إقبالا متزايدا من الطلاب وأن المركز يستقبل يوميا طلابا جددا.
ولفت الحماطي إلى أن المراكز الصيفية ذات أهداف كبيرة، في طليعتها بناء جيل قرآني وكذا استغلال العطلة لإكساب الأطفال ما ينفعهم في دينهم ودنياهم بدلاً من أن يتم استغلالها في ألعاب الإنترنت والبوب جي، حسب تعبيره.
وأوضح الأستاذ محمد أن المركز الصيفي أفضل بديل للطفل كونه تثقيفيا تعليميا تنمويا رياضيا فنيا.
وتابع: «هناك حصص رياضية يومية وتشمل عددا من الألعاب منها كرة القدم والطائرة والسلة والطاولة والتنس، وهناك أنشطة ثقافية ومهارية ودورس تقوية للطالب في الرسم والخط والقراءة والكتابة، ونقوم بتدريس القاعدة البغدادية لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، كما نحاول إكساب الطالب مهارات أو استخراج مهارات ومواهب البعض في عدة مجالات مثل الشعر والخطابة، قراءة القرآن والإنشاد، كما نشجع الابتكارات وندعمها».

نشاط زراعي
ومن ضمن المهارات يقول الحماطي: «نحن في المركز أيضاً حريصون على إكساب الطلاب مهارات النشاط الزراعي وحب الزراعة وكيفية الزرع والعناية بالشجرة، سيعا لترجمة توجيهات قيادة المسيرة القرآنية الساعية نحو الاهتمام بالزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الزراعة بما يضمن تحررنا من الوصاية».

ترسيخ الهوية الإيمانية
من جهته يؤكد عاقل حارة المسيرة محمد شوعي، حاجة الأطفال إلى مثل هذه الدورات الصيفية لتعريفهم بمبادئ الدين الحنيف وإكسابهم العلوم والمعارف النافعة.
وأضاف: «أبناؤنا أمانة في أعناقنا والحفاظ عليهم وتربيتهم التربية الإيمانية وتحصينهم من الأفكار الوهابية واجبنا».
ودعا شوعي أولياء الأمور إلى استثمار العطلة الصيفية وتحصين أطفالهم من فراغها بإلحاقهم في المراكز الصيفية الكفيلة بتنشئتهم وتنمية شخصياتهم وتهذيب أخلاقهم وترسيخ الهوية الإيمانية واليمنية في نفوسهم، بما يضمن إيجاد جيل مسلح بالثقافة القرآنية متمسك بالعادات والتقاليد واخلاقيات المجتمع اليمني.
ولفت عاقل حارة المسيرة إلى أن العدوان يستهدف الأمة بحرب ناعمة، وبالتالي فإن المراكز الصيفية كفيلة بخلق مجتمع واع، وهدفها تحصين الجيل القادم من مؤامرات العدوان وغزوه الفكري.