تقرير: مارش الحسام / لا ميديا -
اقترنت الموسيقى العسكرية منذ القدم بتاريخ الجيوش وانتصاراتها، وباعتبارها موسيقى حماسية، فقد استخدمتها كثير من الأمم لإعلان الحرب ولإثارة حماسة جيوشها خلال المعارك، وبالتالي، يمكن القول بأنها لعبت دوراً هاماً في حياة الشعوب وبناء الجيوش.

الأهلية قبل التأهيل
تتطلب الموسيقى العسكرية جنودا محترفين لتأديتها، وكل عضو في الفرقة الموسيقية يكون مختصا في العزف على آلة معينة، وفق قواسم مشتركة تجمعه بالآلة الموسيقية التي يعزف عليها، إذ يشترط أن تتناسق الآلة مع جسد العازف، وهذا يعني أن عازف الموسيقى العسكرية ليس مجرد مؤد جيد، وإنما يجب أن يكون مؤهلا بدرجة امتياز للعزف على هذه الآلة دون غيرها، ويكون هو نفسه كالآلة التي يعزف عليها والعكس.

آلات الموسيقى العسكرية
تعتمد الموسيقى العسكرية وبشكل أساسي على آلات النفخ، إضافة إلى آلات أخرى إيقاعية، وتختلف الآلات المستخدمة من دولة إلى أخرى حسب ثقافتها.. وهنا سنستعرض الآلات المستخدمة في الموسيقى العسكرية اليمنية، ونستهل حديثنا بأشهر آلات النفخ النحاسية:
- الترومبيت: هي واحدة من عائلة آلات النفخ: “الترومبيت، الترومبون، الكورنو، التوبا”، وتتميز هذه الآلات بصوتها الحاد، وبأن لها ثلاثة صمامات، وكل صمام يصدر عدة نغمات عند الضغط عليه، وأبرز ما يجعلها مميزة عن غيرها من الآلات النحاسية الهوائية هو أنها الأعلى صوتاً من بينها، ويتميز شكلها بأنها ذات أنابيب مستقيمة ومتوازية، أسطوانية الشكل في الغالب، وأنبوبتها الأخيرة مخروطية الشكل تعطي نغمة أكثر نعومة، بينما تنساب الأخيرة في الاتساع تدريجياً حتى تنتهي بما يشبه الجرس.
- الساكسُفون: وهي آلة نفخ أسطوانية، ويتم العزف بها عن طريق قصبة هوائية واحدة، يحتوي جسم الآلة على عشرين ثقباً يتم التحكم بها عن طريق مفاتيح، ويتم التحكم بالمفاتيح على شكل مجموعات بواسطة الأصابع الثلاث الأولى من كل يد، وهناك أيضاً ثقبان آخران يستخدمان لرفع الأصوات الناتجة عن الآلة إلى الأعلى أو إلى الأسفل، وهناك عدة أنواع من الساكسفون.
- الكورنيت: نوع من أنواع الأبواق، وهو آلة موسيقية نحاسية تشبه البوق القصير، وهو نوعان بعضها لا صمامات لها وأخرى بصمامات.
- الفلوت: هي آلة نفخية مصنوعة غالباً من النحاس، طولها 66 سم، يصدر الصوت في الفلوت عن ارتطام الهواء الداخل إلى أنبوب الفلوت بالجدار الداخلي للأنبوب، وتحتوي على ثمانية ثقوب رئيسية لأصابع اليدين، واثني عشر مفتاحاً، يتصل كل واحد منها بثقب، وعند الضغط على هذه المفاتيح تنتج تغييرات في التدرج الصوتي الموسيقي الصادر من هذه الآلة.
- الصنج المزدوج: عبارة عن قرصين من النحاس، تشد أحدهما باليد اليمنى والآخر باليسرى بارتطام القرصين يكون إيقاعا هابطا وصاعدا.
- القربة: آلة القِرْبة أو ما تعرف بمزمار القرب، هي آلة هوائية تعزف عن طريق النفخ بداخل كيس جلدي واسع يخزن الهواء وينقله إلى أنبوب خشبي ذي 9 ثقوب ليتم إنتاج نغمة من فتح وإقفال الثقوب عن طريق الأصابع، وتختلف القربة عن باقي الآلات النفخية بأن مجاري الهواء فيها مفتوحة وليس لها صمامات أو أزرار.
- الطبول: الطبل من أشهر الآلات الموسيقية الإيقاعية، هو عبارة عن أسطوانة تصنع غالباً من المعدن، ذات أشكال وأحجام مختلفة بحسب ثقافة الشعوب.
في اليمن يعد الطبل الجانبي جزءا من الموروث الشعبي، ومنها ما يتم قرعه بعصاءين أو بعصا واحدة.
وفي الموسيقى العسكرية اليمنية، دائماً يتم استخدام الطبل الجانبي الذي يقرع بعصا واحدة، ويصدر صوتا حادا عندما يضرب رأسه بعصا طبل، وذلك بسبب توفره على سلسلة من الأسلاك الصلبة المشدودة المرتبطة بالجلد السفلي.

معهد أشباح مسكون بالموسيقى
وفي إطار حديثنا عن الموسيقى العسكرية تطلب منا زيارة معهد الموسيقى العسكرية في صنعاء، الذي تفاجأنا به أشبه بقرية أشباح مسكونة بموسيقى حماسية، فالمعهد مغلق منذ أكثر من عقد من الزمن، ويوحى للزائر أنه على وشك الاحتضار ويستغيث لانتشاله من حالة الموت السريري.

3 فرق مهددة بالانقراض
في المعهد لم يعد هناك سوى ثلاث فرق موسيقية تقف على عتبة الانقراض في ظل غياب بدل الفاقد منذ ثلاثة عشر عاما، إذ إن آخر دفعة تخرجت من المعهد كان في العام 2009.
الفرق الثلاث المتبقية تعد فرقا موسيقية وفق المتاح، إذ تلازمها إيقاعات شاغرة لآلات موسيقية صارت خرساء واضمحل صدى صوتها من معزوفات الموسيقى العسكرية.
وعازفو الموسيقى العسكرية ليسوا محصنين من الفناء، وعنصر الخلود مرتبط بموسيقاهم لا بأبدانهم، وهذا مثل سبباً كافياً في ترمل بعض الآلات الطربية، كون البديل الجاهز المؤهل غير موجود لإحلاله محل عازف انتقلت روحه لبارئها أو هجر آلة عزفه لسبب أو لآخر.

إزهاق أصوات الآلات
نتيجة لهذه المعضلة التي بدأت فعلاً بإزهاق أصوات بعض الآلات الموسيقية، كان الحل أسوأ من العلاج وذلك بتجريدها وشطب عضويتها في الفرق الموسيقية لعدم وجود عازفين عليها، وكنتيجة طبيعية لهذه المعضلة القائمة فإن الدور لا محالة سيأتي على بقية الآلات الموسيقية ما لم يفتح المعهد أبوابه في القريب.

حال الموسيقيين في 8 كلمات للدكاك
بعكس الوضع العام للمعهد والكفيل بتصدير أكبر كم من الطاقة السلبية لمنتسبيه، كانت معنويات عازفي الفرق الموسيقية العسكرية عالية، إذ ورغم كل الملمات لم يتسلل اليأس والإحباط إلى نفوسهم المحصنة بروح معنوية عالية لا تتزحزح في شخصياتهم العسكرية والطربية.
فهم كجنود يجسدون جوهر الشخصية العسكرية التي تتحلى بالثقة بالنفس والإيمان بقدسية الرسالة الوطنية، وكعازفين تظل معنوياتهم وحماستهم بمستوى الموسيقى التي يعزفونها والتي تولد لديهم شعورا بالتفاؤل والإصرار على النضال في تحقيق الواجب.
عزيمة وإصرار جنود الموسيقى العسكرية في قهر الصعاب تذكرني بمقولة للأستاذ والشاعر صلاح الدين الدكاك:
“أنا صفر لاذ بالواحد
ما أكثرني به وحيدا”
فوضعهم الحالي يبدو في سياق النص المكون من هذه الكلمات الثمان للدكاك.

تزاوج الآلة مع العازف
وضع المعهد لم يكن عائقا أمامنا للسؤال عن “كان يا مكان” من آلية التدريب والتأهيل وغيرها من الأسئلة التي حاولت من خلالها اكتشاف هذا المجهول، ولم يكن يدر بخلدي أنني أطرق باب المفاجآت للانتقال إلى عالم الدهشة، حيث يبدو فيه نظام الدراسة غريبا عن عالمنا، ونظام التخصص هنا خارج عن المألوف وعكس مفهومنا لنظام التخصص الذي نعرفه.
آلية التخصص في المعهد على العكس تماماً من المتعارف عليه في آليات التخصصات المعمول بها في المعاهد والكليات الأخرى، والتي تتيح للشخص اختيار دراسة التخصص الأنسب له، فيما هنا فإن التخصص هو الذي يختار الشخص المناسب له. وكل آلة موسيقية تفرض معاييرها على المتقدمين وعبر آلية المفاضلة تختار كل آلة عازفها المستقبلي والشخص الملائم لدراسة العزف عليها، وذلك فق معايير جسدية كالطول والوزن وغيرها من الملامح البدنية والتي على ضوئها يتم فرز المتقدمين أمام الآلات الموسيقية ليتسنى لها أن تبحث في ملامحهم عن توأمها أو نصفها المفقود، ولم الشمل باتحاد جسدها مع جسد العازف.

حاجة بيولوجية لا وظيفة
العزف بالنسبة لقائد الفرقة الموسيقية العسكرية، سمير الثعلبي، ليس مجرد وظيفية وإنما حاجة بيولوجية يسعى لإشباعها من خلال المقطوعات التي يستمتع بتأديتها مع أعضاء فرقته، يقول سمير: “حين أعزف مع الفرقة في المناسبات تجتاحني طاقة إيجابية كبيرة، وأشعر بالحماس، وخصوصاً حين يكون العزف يخص العروض العسكرية”.
الثعلبي يعشق الموسيقى العسكرية ويعتبرها كل حياته وعشقه الأبدي الذي بدأ من حلم راوده منذ الطفولة وتحقق قبل عشرين عاما بالتحاقه بمعهد الموسيقى العسكرية في العام 2002، وبعد أربع سنوات من الدراسة نال شهادة الدبلوم كعازف ضمن فرقة الموسيقى العسكرية، بعدها سافر إلى خارج الوطن لإكمال دراسته في مجال عشقه، وبعد حصوله على شهادة الماجستير عاد إلى المعهد الذي انطلق منه، مدرسا ومدربا دون أن يتخلى عن عضويته كأحد أفراد الفرقة الموسيقية العسكرية.

احترافية عسكرية
يؤكد سمير أن الموسيقى العسكرية صعبة وتتطلب جنودا محترفين ومؤهلين تأهيلاً كلياً لتأديتها، وأن كل عضو في الفرقة متخصص في العزف على آلة موسيقية معينة وتم تأهيله لسنوات من خلال الدراسة النظرية والتطبيق العملي على آلة العزف مجال تخصصه.
وعن نظام الدراسة في المعهد وطبيعة التأهيل، يقول: “في البداية تكون الدراسة بشكل جماعي ويتم تدريس القواعد والنظريات والنوتات الموسيقية وغيرها من المعلومات الأساسية، ثم يتم الفرز وتوزيع الدارسين على التخصصات، وكل عازف يتم تأهيله في العزف على الآلة الموسيقية التي تعد مجال تخصصه، البداية تكون من خلال الدراسة النظرية للآلة الموسيقية وتشريحها ومعرفة مكوناتها ويدرس أدق تفاصيلها والأصوات الصادرة عنها، ومن ثم الانتقال إلى التطبيق العملي على الآلة”.

تخصص حسب الشكل
وعن طبيعة ومعايير التخصص بالنسبة للعازف، يقول الثعلبي: “التخصص في معهد الموسيقى ليس اعتباطا ولا عشوائيا، بل وفق معايير بدنية، إذ لا بد أن تتناسق الآلة الموسيقية مع جسم الشخص. يتم فرز المنتسبين أو المستجدين وتوزيعهم على التخصصات، وفق عدة معايير، الطول والحجم وشكل الشفاه وحجمها، وملامح وشكل الوجه وتقاسيمه وغيرها بحيث يتم تخصيص آلة طربية لكل شخص حسب جسمه، مثلا تخصص إيقاع الطبلة لا بد أن يكون الشخص سمينا”.
ويتابع: “وقبل هذا لا بد أن يكون للعازف هواية وميول لهذا النوع من الموسيقى”.

بصمة أبدية وسحر خالد
يثق الثعلبي وبشكل مطلق بأن الموسيقى العسكرية وباعتبارها نحاسية تختلف كليا عن الموسيقى الأخرى، ليس فقط من حيث الهدف والمضمون، وإنما حتى من حيث إيقاعها في آذان المستمع، ويقول: “الشخص قد يستمع للموسيقى العادية هروبا من الواقع ولتناسي أشياء وهروبا من الحياة العملية، بل إن بعض هذه الألوان قد تسبب توترا ومعاناة لمستمعيها، بعكس الموسيقى العسكرية فهي حماسية ولها جاذبية وسحر خالد ترفع من معنويات المستمع لها ويتميز لحنها بسحر لا ينضب، بصمة أبدية ونضال”.

معنويات بلا إمكانيات
وفي رده على سؤالنا عن وضع الموسيقى العسكرية حالياً ومقارنته بوضعها إبان الحكومات السابقة، يقول سمير: “في السابق كان لدينا إمكانيات بلا معنويات، وحالياً لدينا معنويات بلا إمكانيات”.
ودعا قائد الفرقة الدولة إلى الاهتمام بالموسيقى العسكرية، وخصوصا في المرحلة الراهنة في ظل العدوان الكوني على اليمن.
وأشار الثعلبي إلى أن الموسيقى العسكرية تعد ملاذ الدول في بناء جيوشها وبث الرعب في خصومها، حيث “استخدمت الموسيقى العسكرية في المعارك لعدة قرون لرفع معنويات المقاتلين ولتخويف العدو، فهي مقترنة بتاريخ الجيوش وإعدادها وتأهيلها ورفع معنويات أفرادها، ويتميز إيقاعها بلحن السير (مارش) في تحديد إيقاع السير وتنظيم خطوات الجنود”.

مواجهة العدوان
وعن دور الموسيقى العسكرية في مواجهة العدوان، يقول الثعلبي: “شاركت فرق الموسيقى في كل الميادين والمناسبات الوطنية وذهبت إلى الجبهات لرفع معنويات المقاتلين، وعزفت في احتفالات تخرج دفع المجاهدين في الجبهات، وهي ملازمة لهم في حياتهم الجهادية، وتعمل على بث الحماس ورفع معنوياتهم أثناء تخرجهم كمجاهدين وتأبينهم حين استشهادهم”.

شطب عضوية “القربة”
يعد عبدالله الأسطى، المدرس الوحيد المتخصص في تدريس العزف على آلة القربة في معهد الموسيقى العسكرية، التي سكتت وغاب إيقاعها في السنوات الأخيرة، ومن المؤسف القول إنه تم شطب عضويتها في الموسيقى العسكرية ولم يعد لها أي تمثيل في المعهد الموسيقى باستثناء الأسطى.

حلقة وصل
ويؤكد الأسطى أن القربة على علاقة وثيقة بالمجتمع اليمني، وتعد حلقة وصل بين المناسبات الاجتماعية والعسكرية، ولها ارتباط بالموروث الشعبي اليمني، رغم كونها جزءا من الموسيقى العسكرية. ويضيف: “ميزة القربة أنها تتلاءم مع أي آلة موسيقية أخرى، ويتناسب عزفها مع كل المناسبات من الأعمال العسكرية والأعراس والمسرح، وغيرها من الفعاليات الاجتماعية أو العسكرية، وميزتها عن الآلات الأخرى أن عزفها يتناسب مع جميع الآلات النحاسية”.
ويستطرد الأسطى: “العزف على القربة تخصص نادر وصعب، وقليل من العازفين تخصصوا في العزف على هذه الآلة، واليوم لم يعد لهم وجود، بعد أن رحل عازفوها، ولم نتمكن من تأهيل البديل، والسبب أن المعهد لم يفتح أبوابه منذ سنوات”.
واختتم حديثه بالقول: “نتمنى أن يعاود المعهد فتح أبوابه في القريب العاجل، وأنا على أتم الاستعداد لتدريس العزف على هذه الآلة وتأهيل متدربين حتى نحصنها من الاندثار وحتى تعود آلة القربة لمكانها الطبيعي كجزء من الموسيقى العسكرية”.

عازف متمكن
صالح أحمد الصانع، عازف متمكن من العزف على أكثر من آلة نحاسية، إلى جانب عمله كعازف ضمن الفرقة الموسيقية العسكرية، فهو يعمل مدرسا في معهد الموسيقى الذي التحق به عام 2003 وتخرج منه بشهادة دبلوم، ثم سافر إلى سلطنة عُمان لإكمال دراسته والتخصص في مجال العزف على الآلات العسكرية النحاسية.
وأكد الصانع أن الموسيقى العسكرية تلازم كل المناسبات الوطنية، من احتفالات وعروض عسكرية، وكرنفالات وتخرج الدفعات من الكليات والمعاهد العسكرية.
وعن الألحان والمقطوعات التي يقومون بعزفها، لفت الصانع إلى أن المعزوفات تختلف من مناسبة إلى أخرى، وكل مقطوعة لها ميزان ولها لحن معين بما يناسب المناسبة، ويضيف: “الموسيقى العسكرية فيها قدر كبير من الحماسة والإقدام والدافع المعنوي الكبير للجنود، ولا يمكن مقارنتها بالألوان الموسيقية الأخرى، حتى وإن كانت تحمل ذات الهدف الوطني أو المعنوي كالأغاني الوطنية”.

سهل ممتنع
يصف صالح، الموسيقى العسكرية بالسهل الممتنع، ويصعب على الشخص تأديتها واكتسابها عن طريق الاحتكاك، كونها تختلف عن المهن الأخرى، إذ “يمكن للشخص أن يكتسب مهارات بعض المهن عن طريق الاحتكاك، مثلا قد يتقن النجارة من خلال مزاملة النجارين، أو يتعلم الخياطة أو العمارة أو غيرها من المهن من خلال الخبرة وملازمة ومزاملة الآخرين، ولكنه لا يمكن له أن يصبح عازف موسيقى عسكرية، ولا يمكنه اكتساب هذه الخبرة إلا من خلال الدراسة والتأهيل الجيد حتى يتقن العزف بجدارة”.

ذكاء ونباهة
ويضيف الصانع: “عزف الموسيقى العسكرية إلى جانب الدراسة والتأهيل تحتاج إلى ذكاء ونباهة، ومجرد نوتة خاطئة أو إيقاع خارج التوقيت المناسب ممكن يعمل لخبطة للعرض العسكري ويشل حركة الجنود، لأن خطوات الجنود تنتظم مع إيقاعات الموسيقى”.

محلك سر
يصف الصانع وضع الموسيقى العسكرية حالياً بالمستقر، والإمكانيات تحول دون أن تتقدم خطوة واحدة للأمام، لذلك “نحن بحاجة إلى دعم واهتمام حكومي حتى نخطو للأمام، ونخرج كل طاقتنا الإبداعية ونقوم بتوزيع ألحان جديدة ومروشات جديدة”.

سؤال جدلي!
الموسيقى حلال أم حرام؟! وهل بعضها أم كلها؟! جدلية عقيمة وسؤال يتردد على ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيان شتى، سؤال اختلاف بين أصحاب الفتاوى وجماهيرهم في الإجابة عليه، واختلاف سلوكهم تبعاً لاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل أنواع الغناء والموسيقى، ولكل لون من ألوان الموسيقى، مدعياً أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة أباحها الله لعباده، ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع الموسيقى حتى لو كانت موسيقى عسكرية قائلاً: “إن الغناء مزمار الشيطان، ولهو الحديث”، ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال، بينما يقف فريق ثالث متردداً بين الفريقين؛ ينحاز إلى هؤلاء تارة،‌ وإلى أولئك طوراً.
هذا ما طرحناه على العازف صالح الصانع لمعرفة رده وموقفه في هذا الموضوع الخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصاً بعد أن دخلت الإذاعة والتلفزيون على الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليها أسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعاً وكرهاً.
وعلى العكس من مقدمتي الطويلة والإسهاب في الشرح والإطناب، كان رد الصانع بجملة قصيرة تقول الكثير بأقل الكلمات، حيث قال: “كل ما يدعو للرذيلة أكان موسيقى أو غيرها فهو حرام، أما ما يرفع معنويات المجاهدين وينمي الحس الوطني فهو إيجابي ومحمود”.