مونديال تجمـيل الصورة القبيحـــة
- تم النشر بواسطة عمران الحمادي / لا ميديا
تحقيـق: عمران الحمادي / لا ميديا -
مع انطلاق وختام مباريات النسخة 22 من كأس العالم في العاصمة القطرية "الدوحة"، أثيرت الكثير من ردود الفعل لدى الجماهير أنتقدت فيها إقامة المونديال في الدولة التي صدرت الموت والإرهاب طوال عقود من الزمن وأقامت محرقةً لعدد من الدول العربية، كاليمن وسورية والعراق وليبيا، لا تزال ألسنة لهبها مشتعلة في أرجائها نتيجة لسياسة قط ووكلاء أمريكا و"إسرائيل" في المنطقة كالسعودية والإمارات.
فبعد فشل الفريق الكروي القطري المستورد في مبارياته المونديالية المقامة على أرضه، رمى الأمر بظلاله على مدى هشاشة هذه الإمارة الصغيرة في استضافة أهم حدث كروي عالمي سبق وأن اشترت استضافته برشوة مهولة للفيفا "الجمهورية الرياضيّة التي سيست الكرة وخذلت اللاعبين بل وخانت الإبداع وأضحت تابعة للأجندة الأمريكية، وحرمت روسيا من المشاركة بإملاءات البيت الأبيض".
كان مونديال كرة القدم في قطر هو محاولة للدوحة لتصحيح صورتها البشعة ؛ لكن من سيقبل تلك الصورة السيئة التي قدمتها مُنشئة وحاضنة الجماعات الإرهابية كالإخوان وداعش والقاعدة، وهم يُقدمون العرب بصورة هشة على هيئة معاقة، فيأتي الغرب لانتشالها من الركام، خاصةً وأن هذه البطولة أُقيمت على أرض عربية لأول مرة. وقد تجاوزت ردود الفعل من توصيفها هذا إلى مكاشفات حقيقيّة فضحت وكلاء "الخيمة القطرية" ولم تكن سهلة على مدافعيّ وأتباع المال القطري الذين اختلقوا تبريرات واهية مثل قولهم بأنهم لا يربطون بين السياسة وبين كرة القدم، متناسين بشكل متعمد رشوة قطر للفيفا وتحوّل كرة القدم منذ سنين نحو الهدف السياسي الأمريكي، وغيرها من الأمور التي لم تعد الرياضة بعيدة عن السياسة، فقد حاولوا اختلاق بعض الأكاذيب لتزييف وعي المجتمعات.
من هذه الزاوية رأت صحيفة "لا" مناقشة هذه الإشكاليّة التي لم تهدأ حتى اللحظة، بالإضافة إلى بعض القضايا المتعلقة بالمونديال القطري الذي استمر من 20 الشهر الماضي حتى 18 الشهر الجاري.
في البدء يتحدث الإعلامي الرياضي جمال الخولاني عن جهود قطر من زاوية التنظيم والترتيب قائلاً:
"حقيقةً، ما قامت به قطر على وجه التحديد من تنظيم مونديالي فاق الوصف والخيال، ويدعو ذلك إلى الفخر والاعتزاز لقطر، والعرب عامة، وهذا الإبهار خفف كثيراً الأوجاع التي تعيشها المنطقة العربية المكهربة في ظل الوضع البائس خاصة منطقة الصراع".
ومن زاويته الخاصة التي انطلق منها في حديثه عن المكاشفات التي قاربت الوجه الحقيقي لقطر وكشفته للمجتمعات قال الخولاني: "بالنسبة إلى اللغط الدائر حول معمعة الرشاوى التي سال الحبر كثيراً في الحديث عنها بين تأكيدات ونفي، أجبر القطريون الفيفا على اختيار ملفهم القوي الذي سد كل المنافذ المؤدية لفشله من خلال دراسات عميقة وبخبرات علمية، ولم تترك قطر أي أثر سلبي، فكانت سباقة في ردم فجوات الفشل باستقطاب العوامل المؤدية للنجاح من بنى تحتية وتهيئة الأجواء المثالية فكسرت التوقعات وحققت النجاح المبهر واستطاعت أن تكسر أرقاما قياسية، حتى مستوى الحضور الجماهيري الذي فاق أكثر من ثلاثة ملايين".
من جهته قال الصحفي والإعلامي الرياضي ماهر المتوكل : "المونديال يمثل للعرب كما يمثل لغيرهم وقتا مستقطعا حافلا بالصخب والإثارة والمتعة والمتابعة، كانتماء أو حب للرياضة أو لقضاء أيام ووقت جميل في ظل معاناة العرب ويلات التآمر الخارجي للاعبين الدوليين. ووجهة نظري أننا في المونديال منفصلون عن قطر السياسة وتأثيرها كأداة أو كمؤثر ولاعب بين الكبار".
وبخصوص ملف الرشوة قال: "ملف الرشوة قد أغلق، باستثناء من كانوا يمارسون الضغط والابتزاز حتى آخر لحظة، لتقبل قطر بالسماح للمثليين بممارسة حريتهم في قطر ورفع شعاراتهم؛ ولكن رفضت قطر وتلقت هجمات إعلامية شرسة، رغم أن قطر فرطت بالسماح بدخول المثليين وفتحت الأجواء لقدوم الصهاينة مع الفلسطينيين على طائرات تتبع شركات صهيونية وسمحت بالمشروبات خارج الملاعب ورفضت تعاطيها بالملاعب وأهدرت المليارات لإغلاق ملف الرشاوى الذي مكنها من انتزاع أول تنظيم عربي للمونديال".
وعن صورة التقزيم التي افتعلتها الدوحة ضد العرب كافة قال المتوكل: "ما يخص الممثل العالمي فريدمان والشاب القطري المعاق، وأنت تقول بأنه كان يرمز للعرب والبعض نظر لها باحترام وإشراك تلك الشريحة وهذا ما أعتقده".
تعليق الصحفيين الرياضيين الخولاني والمتوكل قد يتفق معه البعض ويختلف معه البعض الآخر؛ ولكن تبقى المكاشفات وحالة السخط التي سعت سياسة الدوحة بكل الوسائل لحجبها هي الأصدق تعبيراً والأكثر اقتراباً من الواقع، فمن منا يستطيع نسيان سلسلة الجرائم والانتهاكات التي نفذتها الدوحة والرياض وأبوظبي، فمن يشتغل ضد المجتمعات وضد الإنسانية يجب الوقوف ضده حتى ولو بالكلمة.
خيمة وفانلة وقوس قزح
تبقى الصورة البشعة التي صورت كل العرب واضحة لكل من دقق في تفاصيل يوميات المونديال الذي لم ينل إعجاب أي عربي يمتلك نزعة عروبية صحيحة، بالإضافة إلى كثير من التفاصيل التي عجزت الكاميرات الكبيرة عن إيجاد أي شيء تراثي تمتلكه الدوحة في صورة أثبتت أن المال لا يمكن أن يشتري الفوز والنجاح.
يقول الإعلامي وليد غالب إنه من خلال مونديال قطر 2022 أرادت الدوحة تقديم نفسها للعالم بأنها حمامة سلام، وهي التي صدرت الموت والإرهاب إلى دول عربية متعددة في صورة تناقض واضحة.
وأضاف في حديثه قائلاً: "لدى قطر شوفينية كبيرة، وتاريخها كله تمثلّ بفانيلة الوالد الرياضية الصغيرة (أشبه بسروال الأب المؤسس للمملكة السعودية) في الافتتاح وإهداء الشيخ ميسي قائد الأرجنتين عباية الدشت، فهي لا تمتلك أي شيء تستطيع تقديمه للزائرين والمشاهدين لمباريات المونديال.
ويقول أمجد الوادعي: "قطر تراثها الخيمة والنخلة ورقصة اسمها العرضة. بقيت الخيمة فقط في ملعب مصمم لمونديال 2022 مقابل أكوام أبراج زجاجية شبيهه بأبراج نيويورك ودبي والرياض. لكن يبقى موضوع سرقتها لآثار يمنية عبر مرتزقتها من حزب الإصلاح كما هو الحال في تمثال الوعل الذي ظهر العام الماضي في قصر الأمير الأب، وأيضا من آثار سورية وليبيا وعرضها في متحف خاص لجمهور المونديال، حتى الاستعانة بالطبال الشعبي اليمني ملاطف الحميدي الذي غاب عن مدرجات البطولة وحضر فقط في قناة الجزيرة وأبواب قصور مشائخ النفط والغاز".
ومن جهته قال محمد علي، وهو أحد المشجعين الرياضيين، إن الدوحة ألحقت الضرر بالرياضة كثيراً ، قائلاً: "منذ سنوات والدوحة تسعى إلى التسلط على الرياضة، فهي تلك الدولة التي احتكرت الأحداث الرياضية العالمية عبر قنواتها الرياضية المشفرة، مصورةً نفسها للعالم بأنها مع الرياضة، في عملية احتكار فاضحة لم تحترم كرة القدم وهذا الفن النبيل، وإسرافها في النفقات، فالفنانة شاكيرا التي رفضت الغناء في افتتاح المونديال لم يكن امتناعها عن المشاركة لأسباب عائلية كما يُشاع، بل رفضت وامتنعت عن المشاركة نتيجة كمية الإسراف المهولة التي أُنفقت على المونديال".
الطالب الجامعي إيهاب الصبري يقول: "أتركونا من سطحية الخيمة والنخلة التي كان يرددها الكثير من السياسيين وبعض من يسمون أنفسهم "مثقفين" عربا كانوا أو يمنيين والذين فضحتهم الأيام ومع أول عدوان على بلدانهم ارتموا تحت وحل العمالة والخيانة مقابل القليل من المال الخليجي".
ويتابع إيهاب: "هناك أمور أخرى أجدر بمناقشتها في استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم، منها الرشوة القطرية في ملف الاستضافة، وهذا الأمر عصف برئيس الفيفا السابق بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشيل بلاتيني، وحتى اليوم والرجلان يجرى محاكمتهما. كذلك قضايا وفاة الكثير من العمال خلال تنفيذ أعمال إعمار الملاعب المونديالية في قطر، وهل تعلم أن قطر رضخت لمطالب تعويض العمال وسيخصص 25 في المائة من فوائدها في مونديال 2022 لصندوق خاص بتعويض أسرهم. أيضا حكايات الشواذ الجنسيين (المثليين)، لا تصدق الكذب الإعلامي القائل إن قطر وقفت أمام هذه الحالة المخزية، بالعكس تدفق الكثير منهم إلى الدوحة ومنذ الجولة الثالثة للمونديال, رضخت قطر للإبتزاز الأوروبي وأعطى الفيفا تطمينات لاتحادات أوروبا بموافقة قطر وتأمينهم منذ الجولة الثالثة للبطولة، ودخلوا الملاعب ورفعوا شعاراتهم؛ لكن قنوات "بي إن سبورت" كان لديها تعليمات بعدم نقل كاميراتها لهم، بينما كانت بقية الشبكات الناقلة تنقل فعالياتهم في المدرجات وشوارع وفنادق الدوحة خلال المونديال".
وأضاف: "قطر أنفقت على تدمير اليمن وسورية وليبيا مئات المليارات، وشاركت في حرب اليمن لعامين ونصف في تحالف العدوان الذي تقوده أمريكا والكيان الصهيوني والسعودية والإمارات، وأنفقت على المونديال 220 مليار دولار، وهذا رقم يوازي خمسة أضعاف السبعة المونديالات الأخيرة، ورقم ينقص قليلا لكل مونديال أقيم من الأول عام 1930 في أوروغواي وحتى مونديال روسيا 2018. كما قرأنا عن منعها للكحوليات؛ لكن هذه كذبة أخرى، فقطر استوردت كمية مهولة من الخمور من قبل المونديال، كما كانت الدوحة سوقاً رائجة للمنتجات والسلع الخارجية. ومعروف أن قطر دولة مستوردة لكل شيء، فما هي الأرباح التي تجنيها؟!
فقط من الإقامة المكلفة في فنادقها التي استعان الجمهور غير القادر على الدفع بهذا الشكل إلى الإقامة بخيم بلغت أسعار اليوم الواحد للخيمة 200 دولار".
ويختتم الصبري حديثه: "قطر بشعة، والفيفا مافيا تابع لأمريكا والكيان الصهيوني. لكن يبقى أفضل صور المونديال هو رفع لاعبي منتخب تونس والمغرب وكذلك الجماهير أعلام فلسطين، وإهانتهم لمذيعي القنوات الصهيونية، والذين هم بالأصل مخابرات. أيضا أمر جميل آخر هو تحقيق منتخب المغرب إنجاز الوصول للمربع الذهبي كأول منتخب عربي وأفريقي في تاريخ منافسات كأس العالم. وآخر الفرح تحقيق منتخبي المفضل للقب مونديال 2022".
المصدر عمران الحمادي / لا ميديا