«لا» تحاور أحد موظفي المنظمة الفرنسية المفصولين على خلفية كشف نشاطها التجسسي
هددني المسؤول القانوني قائلا «لا تقحم التأمينات في القضية»

حاوره: عبدالله الحسامي / لا ميديا -
منظمة بغطاء إنساني وعمل استخباراتي بحت، عادت إلى العمل في كانون الأول/ ديسمبر 2019، بعد أشهر من إغلاقها بسبب تنفيذها مسحاً عسكرياً (استبياناً)، جمعت فيه الموظفين ووزعت عليهم استمارة تتضمن أسئلة ليس لها علاقة بعمل المنظمات.
«الاستبيان الذي وزعته علينا المنظمة لم يكن إنسانياً على الإطلاق، ولو أتيت بطالب في الصف السادس لأجاب بأنه غير إنساني». هكذا يتحدث زكريا الشرفي، أحد الموظفين، من بين أكثر من 50 موظفا تم فصلهم عن العمل بعد اعتراضهم على استبيان «أكتد».
من موقعه كـ«مسؤول الرقابة والتقييم» في المنظمة، يقول زكريا: «كنت أرى فساداً ولا يقبلون إصلاحه. المنظمة تريد أن نسير العمل على أي حال، فيما الجهات المعنية لا تريد معالجة ذلك الفساد. لم يعجبني الوضع. وبعد فعلوا هذه المصيبة الكبيرة حاولت أن أنقل إلى صنعاء من صعدة والجوف. وبعدما خرجنا من اجتماع، قام الأمن بتوقيف المنظمة لمدة ستة أشهر؛ ولا أدري على ماذا كانوا يتفاوضون معهم؛ والرسائل موجودة. المهم، بعد العودة إلى العمل جاء قرار فصلي بدون أي مبرر».
وفي حوار مع صحيفة «لا» يكشف زكريا الشرفي خفايا عمل منظمة «أكتد» وممارستها أعمالا استخباراتية بحتة، متهماً المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية بأن كل همه البحث عن عمولات، ويغض النظر عما يحدث... إلى نص الحوار.

 كيف كان انضمامك للعمل في المنظمة؟
- كان ذلك عبر الإنترنت.
 كم الراتب الشهري الذي كنت تتقاضاه؟
- 1350 دولارا.
 على أي أساس عادت منظمة “أكتد” إلى صنعاء؟ وما هو عملها بالضبط؟
- ليس لديّ فكرة.
 متى تم إيقافها عن العمل؟
- في الحادي عشر من نيسان/ أبريل 2019، من قبل أجهزة الأمن. وفي الثاني من كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه أعيد فتحها.

«استبيان عسكري»
 ما سبب إغلاق أجهزة الأمن للمنظمة؟
- إغلاقها جاء بسبب تنفيذها مسحاً عسكرياً (استبياناً)، جمعت له الموظفين وتم توزيع استمارة تضمنت أسئلة لا علاقة لها بعمل المنظمات. أنا وبعض الموظفين لم يعجبنا الوضع، وخرجنا من الاجتماع، وحدثت إشكالية بين المنظمة والأمن.
 هل تم توزيع الاستبيان العسكري؟ وهل لديك معلومات عن هذا الاستبيان؟
- نعم، وزعوا أسئلة على المسؤولين الأمنيين في المنظمة وموظفي المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية، وهذا لا علاقة لنا به، فنحن موظفون إنسانيون. رفضنا إعطاء أي أسماء أشخاص، وحذرنا الموظفين الآخرين، وقلنا لهم: احذروا أن تقعوا في الفخ وتمنحوهم أسماء أناس وتظلموا آخرين.
 هل وزعوا أشياء أخرى غير الاستبيان؟ وبرأيك ما هو الغرض منه؟
- لا، لم يوزعوا. والاستبيان طبعاً لم يكن إنسانياً، ولو جئنا بولد في الصف السادس لقال إنه استبيان غير إنساني.

فصل دون مبرر
 إلى ماذا استند قرار فصلكم؟
 - أنا كنت مسؤول الرقابة والتقييم. وكنت أرى فسادا، فيما المنظمة غير راضية بإصلاحه. المنظمة تريد أن يسير العمل على أي حال، “بالحاصل”، فيما الجهات المعنية: المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، لا تريد معالجة ذلك الفساد.
لم يعجبني الوضع. وبعد أن رأيت منهم هذه المصيبة الكبيرة حاولت أن أنقل عملي من صعدة إلى صنعاء. وعندما خرجنا من الاجتماع قام الأمن بتوقيف المنظمة لمدة ستة أشهر. وخلالها لا أدري على ماذا كانوا يتفاوضون معهم. والرسائل موجودة. المهم، بعد عودة المنظمة للعمل صدر قرار فصلي.
 وما هو مبرر فصلك؟
ـ ما من مبرر. قالوا فقط: فائض عمالة، وأن هناك سبباً ثانياً، فنياً واقتصادياً. لا مبرر لديهم؛ وأستطيع أن أثبت العكس: أن هناك توظيفاً حدث بعد فصلي، والقرار كان خاطئا. وفي الأساس لا أدري ما سبب فصلي.
منذ اليوم الأول لعودة المنظمة للعمل، كنت عندهم، وهناك مديرة جديدة قالت: نعينك مديراً في إب...! وفي اليوم التالي تغيرت وأرسلوا لي قرار فصل.

أكثر من 50 ضحية
 هل فصلوا موظفين آخرين؟ كم عددهم؟
- حوالى 50 وأكثر، من فرع المنظمة بمحافظتي صعدة والجوف.
 كم إجمالي موظفي المنظمة؟
- حــــوالى 250 موظفــــاً فــي المحافظات الشمالية.

دس السم في العسل
 ما هو عمل المنظمة بالضبط؟
- دائماً هناك “دس السم في العسل”؛ والإنسان الواعي سيفهم ما هو المطلوب منه. هذا الأمر كثيراً ما لم يكن يتطرق إليه أحد. معظم الموظفين لا يفهمون المغزى، والمنظمة استغلت هذا الجانب.
المنظمة كانت تتخوف من إنجاز المشاريع بسرعة. كانت تنزل مشروعا والمناقصات تتأخر، وتحس أنها تدفع رواتب فقط. ينبغي أن تبقى ساكتا حتى يجيء المشروع و”مشي حالك”.

«إسرائيلي» بجواز مزور
 ماذا عن الموظفين الأجانب في المنظمة؟
- هناك فرنسيون.
 ما حقيقة أن خبيراً  إسرائيليا  كان يعمل فــــي المنظمة؟
- سمعت أن هناك “إسرائيلياً” جاء إلى صنعاء بجواز مزور، غير اسمه الحقيقي؛ “بن رونالد” ربما! وكان مسؤولاً في صعدة قبل أن أتوظف أنا، ثم فتح فرعاً في عدن.
 كم عدد فروع المنظمة؟
- إب وتعز والحديدة وصعدة والجوف، وبعد المشكلة فتح فرع جديد في ذمار، وفرع في عدن.

الجهات المختصة لم تتجاوب
 هل بلغتم الجهات المختصة عن نشاط المنظمة؟
- كنا نبلغ المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي بأي أشياء غريبة نراها تحدث.
 كيف وجدتم تجاوب المجلس؟
- كنا نبلغ بدافع الغيرة، نبرئ ذمتنا؛ لكن لم يكن هناك تجاوب كبير.
 كيف عرفت المنظمة أنكم أبلغتم عنها؟
- لا أدري، لكن تم اعتبار مشكلتي شخصية، على أساس أنه فصل تعسفي، ولم يذكروا لي هذا الموضوع. ولكن يبدو أن لديهم أشخاصاً أوصلوا لهم الخبر.
 هل قدمت شكوى للمجلس السياسي؟
- لا.

في دهاليز القضاء
 هل لجأتم إلى القضاء؟
- كان هناك تلاعب في الاستئناف؛ لأن القاضي كتب حيثيات دفوع المنظمة، ونقلها نقلا، حتى الحكم الاستئنافي. الحكم الابتدائي كان في صالحي، وقضى بصرف رواتبي لستة شهور، وأثبت أن الفصل تعسفي، وأثبت لي راتب إجازة سنوية وراتب بدل إشهار الفصل. أما في الاستئناف فماطلونا سنتين، وخلال السنتين كان القاضي هو رئيس المحكمة، والقاضي الثاني كان يغير الموضوع. وعندما كنت في المحكمة جاء أشخاص من المجلس وسألوا عن زكريا الشرفي. طبعاً هذا خارج: قالوا لي: لا علاقة لك بموضوع التأمينات! قلت: أي تأمينات؟! أنا أطالب بحقوق. وأوضحت أن المنظمة لا ترفع كشوفات، تدفع رواتب بدون كشوفات. هناك شيء اسمه 15٪ أين يذهب؟ وحين ذهبنا إلى التأمينات وجدنا أن المبلغ غير مورد. وأنا أثرت هذه المواضيع في قضيتي. جريمة ألا يوجد كشف راتب! كنت أعمل في شركة “رامبر جير”. كل شيء كان مرتبا؛ تعرف ما هو لك وما هو عليك. هذا لا يوجد في هذه المنظمة، فكنت أستغرب هذا الكلام من جهة مسؤولة، أن تقول لك: لا تتدخل في التأمينات! لعلهم يخشون أن أثير القضية حتى لا ألفت  الأنظار إلى أن  هناك شيئا ما يحصل في التأمينات؟!
 برأيك ما السبب؟
- هناك فساد كبير يحدث.
 أين وصلت قضيتك في القضاء؟
- طعنت في الملف ورفعته إلى المحكمة العليا. وأنا موقف عن العمل حالياً.
شبه تهديد
 هل تعرضتم لضغوط من المنظمة أو بعض الجهات؟
- فقط عندما جاءني إلى المحكمة أشخاص من المجلس؛ ووجهوا إليّ شبه تهديد؛ فهمته عندما قال لي مسؤول الشؤون القانونية بالمجلس: لا تتدخل بموضوع التأمينات! ولا أعرف ماذا حصل ولماذا يطولون القضية. ذهبت وسحبت الفلوس من البنك، مقتنعاً بالحكم. لكن في المحكمة طلبوا مني ضمانة، وهم الذين قاموا بالاستئناف. بعد ذلك أنا أيضا طلبت استئنافا جزئيا مرتبطا بالاستئناف الأصلي.
 ما سبب هذا الموقف للمجلس الأعلى؟
- حد علمي أنه أجرى تعاقدات مع شركاتهم. المنظمات لا بد أن تتعامل مع شركات، كما في الماضي، يفتحون شركاتهم الخاصة ويتعاملون معها، وهذا يسبب المشاكل؛ يركزون على المال ولا يركزون على ما يحدث بعد ذلك. 
 برأيك هل إقالة الطاووس من المجلس الأعلى لها علاقة بهذه القضية؟
- لا أدري! ربما كانوا مستفيدين؛ وربما أقالوه لأنه لم يتماشَ معهم! هناك فساد؛ ولكن يعلم الله ما إذا كان متورطا معهم أم لا.
 وماذا عن سبب توقف المنظمة وعودتها للعمل في ذمار؟
- لا، ليس لدي فكرة. ربما حصلوا على وعود من ناس! الله أعلم!
 يقال إن استبعاد عضو جهاز الأمن والمخابرات في الهيئة الوطنية للشؤون الإنسانية سابقاً له علاقة برفضه تمكين المنظمة من العمل. ما مدى صحة ذلك؟
- طبعاً يضايقهم وجود مثل هذا الشخص.

شبهة استخباراتية
 ما الذي جعلكم على يقين من أن المنظمة تمارس أعمالاً استخباراتية؟
- عندما ترى العمل بارداً، وسمعنا قصصاً من الموظفين السابقين أن طيران العدوان كان يضرب المكان نفسه الذي كانوا يوزعون فيه مساعدات إنسانية، ما أثار فضولي.
 هل هناك منظمات أخرى مشبوهة تمارس العمل نفسه؟
- لا أعتقد. مش كل المنظمات. والله أعلم.
 ما صحة ترويج المنظمة لمشاريع وهمية؟
- ليس لدي فكرة.
 سمعنا أن أحد الموظفين اليمنيين في المنظمة قام باستبدال اللابتوب الخاص بمدير المنظمة بلابتوبه الخاص، وقام الأمن بفحص لابتوب الموظف على أساس أنه مدير المنظمة. هل هذا صحيح؟
- القصة وما فيها أن الأجنبي طلب تغيير الهارد، والموظف اليمني قام بذلك بدون أن يعلم السبب. أي أن الموظف اليمني كلما يتحرك إلى صعدة أو فرع آخر يقوم بتغيير الهارد إلى جهاز آخر. هذا ما رأيته أمامي. أما لماذا يغيرون الهارد فلا أدري.

دون عمل
 وماذا تعمل  الآن؟
- لا أعمل. أنا في الأساس مهندس طيران، لكن عملت في الطيران حوالى سنتين، وبعدها عملت في النفط؛ لأنه كان أحسن، وكان هذا في 2014، قبل الأحداث، وعملت في باكستان وسافرت إلى أمريكا، ووضعي كان جيدا خلال الفترة 2015-2017 قبل وجود المنظمات. ولم أكن أبحث عن المنظمات؛ ولكن وضع البلد هو ما أجبرني على العمل معها.