تقرير / لا ميديا - 
طيلة الأشهر الماضية شهدت محافظة حضرموت المحتلة تحركات سعودية وأمريكية مكثفة وعقد لقاءات مع سلطات الارتزاق. آخر تلك التحركات ظهور السفير الأمريكي في المحافظة ووصول وفد عسكري تابع للاحتلال السعودي إلى منفذ الوديعة الحدودي، وهو المنفذ البري الوحيد الرابط، وأيضا إلى مطار الريان الذي حولته قوات الاحتلال الإماراتي خلال الثماني السنوات الماضية إلى قاعدة عسكرية، قبل أن تنسحب منه وقد أصبح خارج الجاهزية باتفاق مع قوات الاحتلال السعودي يقابله انسحاب مماثل للأخيرة من جزيرة سقطرى، فيما تؤكد تقارير أن قيادة الأسطول الأمريكي الخامس تشرف على بناء قاعدة في مطار الريان وبتجهيزات كلّفتها ملايين الدولارات.

أعلنت قوات الاحتلال الإماراتي، أمس، إخلاء مطار الريان في مدينة المكلا، المركز الإداري لمحافظة حضرموت، بعد ثماني سنوات من احتلاله وتحويله إلى قاعدة عسكرية.
وأفادت مصادر مطلعة بإخلاء الاحتلال الإماراتي كامل قواته من مطار الريان، بعد أن تركته خارج الجاهزية، وتوجه تلك القوات إلى معسكرات لها في أطراف المدينة.
واعترفت سلطات الارتزاق في المحافظة برئاسة المؤتمري جناح الإمارات مبخوت بن ماضي، المعين محافظا لحضرموت، بأنه تم تسليم المطار وهو خارج الجاهزية، رغم إعلان حكومة الفنادق في العام 2021 أنه قد تم تجهيزه وإعادته للخدمة.
وأشار بن ماضي إلى أنه سيتم «إعادة تأهيل الصالات الداخلية ومواقف المطار، ورسم خطة لتطويره»، الأمر الذي اعتبرته المصادر، بالإضافة إلى كونه اعترافا من قبل سلطات الارتزاق بأن المطار تم تسليمه وهو خارج الجاهزية، يأتي في سياق تبرير عملية إغلاق المطار إلى حين الانتهاء من تجهيز مركز المعلومات الأمريكي الذي يجري إنشاؤه تحت الأرض.
المصادر أكدت أن مطار الريان تم تسليمه لقوات تابعة للاحتلال السعودي، والتي دفعت بوحدات مما يسمى اللواء الأول لـ«قوات درع الوطن»، وهي التشكيلات التكفيرية التي أنشأتها مؤخرا، للانتشار في المطار.
وبحسب المصادر، فإن عملية الانسحاب الإماراتي من مطار الريان تأتي في إطار صفقة سعودية إماراتية تتضمن تسليم المواقع الحيوية والاستراتيجية في المكلا، مقابل انسحاب سعودي مماثل من جزيرة سقطرى المحتلة.
في جانب آخر، يأتي تسلم قوات الاحتلال السعودي للمطار كغطاء لا أكثر للقاعدة الأمريكية التي يجري إنشاؤها في المطار بسرية تامة.
وكانت تحركات أمريكية قام بها سفير الولايات المتحدة لدى حكومة الفنادق ستيفن فاغن، مؤخرا، في حضرموت أفضت إلى اتفاق يقضي بتسليم الاحتلال السعودي كلا من منفذ الوديعة ومطار الريان وإدارتهما، على أن يتم تأخير انسحاب قوات الاحتلال الإماراتي من المطار حتى الانتهاء من بناء قاعدة استخباراتية للأمريكيين تم بناؤها تحت الأرض، بعد أن حولته الإمارات إلى قاعدة عسكرية مغلقة استغلتها واشنطن لفرض وجود عسكري أمريكي فيها من مشاة البحرية الأمريكية التابعين للأسطول الخامس والقيادة المعسكرية الوسطى وظلت لثلاثة أعوام تتكتم على هذا الأمر.
وفي تقرير له، أكد موقع “المساء برس” عن مصدر وصفه بالموثوق أنه ومنذ نحو 7 أشهر يجري العمل على إنشاء ما يطلق عليه الضباط الأمريكيون قاعدة داخل مطار الريان بـ(Command and control operations) وهي عبارة عن غرف عمليات عسكرية ومراكز للقيادة والسيطرة على مساحات واسعة تحت الأرض داخل مطار الريان بالمكلا.
وقال إن التجهيزات التي تم تركيبها وإنشاؤها داخل هذه المساحات الواسعة تحت الأرض داخل المطار بلغت تكاليف باهظة الثمن، حيث قام أحد المحلات التجارية في المكلا العاملة في مجال تجارة أنظمة وشبكات التكييف والتبريد ببيع ما قيمته 12 مليون ريال من المواد والأجهزة التي تم تركيبها داخل هذه المراكز الواقعة تحت الأرض، مؤكداً أن هذه الأجهزة هي ما تم شراؤه من محل واحد فقط داخل المكلا خلافاً لبقية الكميات من نفس المجال التي تم شراؤها من محلات أخرى، أو التي تم استيرادها من الخارج وحملها على طائرات أمريكية خاصة إلى المطار. بالإضافة إلى ذلك، تم تزويد تلك المساحات التي تم إنشاؤها تحت الأرض بتحصينات خرسانية صلبة تحميها من التأثر بأي أضرار ناجمة عن أي هجمات صاروخية أو جوية تتعرض لها.
هذه التجهيزات، بحسب الموقع، هي عبارة عن غرف عمليات عسكرية مركزية ومخصصة لقيادة مهام عسكرية استراتيجية وطويلة المدى وليست حالة طارئة أو مؤقتة، بدليل حجم التجهيزات التي تمت على أعلى مستوى من التقنية والترتيبات الفنية والإلكترونية، وتخضع بشكل مباشر للأسطول الأمريكي الخامس وقيادة المنطقة المركزية الوسطى.
وكان قائد الأسطول الأمريكي الخامس، الجنرال براد كوبر، قام بزيارة مفاجئة ومعه الملحق العسكري الأمريكي للسفارة الأمريكية لدى حكومة الفنادق والسفير الأمريكي ستيفن فاجن، إلى مطار الغيضة بمحافظة المهرة المجاورة مطلع آذار/ مارس الماضي، وسبقتها لقاءات القيادات العسكرية الأمريكية بالمرتزق مبخوت بن ماضي، بالإضافة إلى المهمة الأخيرة للسفير الأمريكي فاغن خلال الأسبوعين الأخيرين وظهوره في حضرموت، كل تلك التحركات التي ظهرت على مستوى الإعلام تزامنت مع ذروة العمل بإنشاء هذه التجهيزات داخل مطار الريان، الأمر الذي يؤكد أن الأمريكان يجهزون مركزاً إقليمياً للقيادة والسيطرة لإدارة عمليات ومهام عسكرية على المدى الطويل.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تكشف عن مخطط تعمل الإدارة الأمريكية على تنفيذه بهدف البقاء عسكرياً في اليمن خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يفسر سبب رفض واشنطن إنهاء السعودية للعدوان على اليمن وانسحابها عسكرياً من كامل الجغرافيا اليمنية.
وفي ما يتعلق بالدور الإماراتي فإن من الواضح أن غرف ومراكز القيادة الاستراتيجية التي تم إنشاؤها لحساب قوى كبرى يعني أن قاعدة مطار الريان التي ظلت مغلقة ولا يدخلها إلا الإماراتيون لم تعد اليوم بأيديهم وأصبحت بأيدي الأمريكيين بشكل مباشر وهو ما يقود أيضاً إلى أن قوات الاحتلال السعودي، والتي تزعم أنها استلمت قاعدة مطار الريان من الإماراتيين، إنما أعلنت ذلك للتغطية على ما خفي، وهو ما يجعل الرياض وقواتها بمطار الريان عبارة عن غطاء للقاعدة الأمريكية المتقدمة المنشأة تحت الأرض والتي ستكون مركزاً رئيسياً لقيادة عمليات عسكرية أمريكية تنطلق من شرق اليمن.