صيفٌ كافـر..عبس.. فرن شواء وكهرباء معدومة
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

تحقيق ـ بشرى الغيلي / لا ميديا -
الوضع هنا أشبه ما يكون بفرنٍ شواءٍ مفتوحٍ لأجسادٍ آدميةٍ أنهكتها حرارة الأجواء، لن تصدقوا إن قلت لكم إن المراوح التي يوفرها السكان بجهودهم الذاتية على طاقات شمسية تخرج لهم هواءً حاراً وكأنها تقول لهم: يا هارب من الموت يا ملاقيه.. مأساة حقيقية لا يشعر بها إلا من اكتوى بلهيبِ الأجواء.. ربات البيوت يستيقظن قبل الضوء لينجزن أعمالهن ويقمن بواجباتهن المنزلية باكرا، الأطفال تعاني أجسادهم من فطريات جلدية بسبب تعرضهم لأشعة الشمس المباشرة، كبار السن والحوامل لهم النصيب الأكبر من تلك المعاناة، أما من يعانون من أمراضٍ مزمنة فقصتهم هي المأساة بذاتها لأن أدويتهم تفسد من حرارة الأجواء ولا يوجد لها ثلاجات تبريد ليتم حفظها، أما نازحو عبس الذين قدموا إليها من المديريات المجاورة كحرض، وحيران، وغيرها من المديريات فأوجاعهم ظلمات فوق بعضها، مديرية عبس التي تعتبر من أهم المدن على الشريط الساحلي لتهامة بمحافظةِ حجة تعاني أغلب قراها من انعدام التيار الكهربائي، وبعض القرى النائية لا تسمع عن شيء اسمه كهرباء، صحيفة “لا” كانت هناك وأجرت هذا التحقيق حول انعدام الكهرباء التي هي حق من حقوقهم كمواطنين وخدمة يجب توفيرها من قبل الجهات المختصة، فخرجت بهذه الحصيلة من خلال السكان الذين شاركونا آراءهم، وتواصلت مع المختصين بالمديرية والمحافظة، تفاصيل أكثر ضمن السياق..
حياتنا أشبه بالجحيم
طيبة زيلع (طالبة) تصف الوضع بأن درجة الحرارة في ارتفاع مستمر وتتجاوز 40 درجة مئوية، مع انعدام للكهرباء لتلقي بظلالها على مخيمات النازحين في تهامة وسط أكواخ مهترئة وبيوت من القش أو طرابيل من البلاستيك لا تقيهم حر صيف قاتل، ومخيمات لا تتوفر فيها أبسط الخدمات يتكبدون فيها مرارة النزوح وحرارة الصيف الساخن... وأمهات حوامل وأطفال تقطعت جلودهم من شدة الحرارة وكبار سن مصابون بأمراض مزمنة.
وتختم زيلع لصحيفة “لا” موجهة نداء استغاثة: “مأساة حقيقية يعيشها نازحو تهامة في حياة أشبه بالجحيم في ظل انعدام الكهرباء التي أصبحت ضرورة حياتية لا يمكن الاستغناء عنها، هكذا نازحو تهامة يقضون حياتهم بين صيف ساخن، وكهرباء لا وجود لها، واستمرار تجاهل الجهات المعنية وضعف الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات وشركاء العمل الإنساني”.
أواجه صعوبة بإنجاز أعمالي المنزلية
أم إبراهيم (ربة بيت) تحكي معاناتها مع الصيف وكيف يؤثر ذلك على إنجاز أعمالها المنزلية: “نواجه معاناة كبيرة في حياتنا اليومية بسبب الحرارة المرتفعة، والأجواء القاتلة في تهامة، فمعظم القرى لا توجد فيها كهرباء والطاقات الشمسية لا تفي بالغرض، فعندما أبكر الصباح لكي أقوم بأعمالي المنزلية، لا أستطيع إنجازها براحتي، وعندما يصل الوقت الساعة 8 صباحا لا أستطيع الخروج في الشمس، ونواجه هذه الصعوبات لأنه لا توجد لدينا كهرباء، فإن وجدت ستخفف عنا الكثير من المعاناة”.
أجواء أنهكت أجسادنا
ندى (ربة بيت) تصف الوضع بأن درجة الحرارة في تهامة غير معقولة وفي ارتفاعٍ قاتل، وخاصة القرى النائية التي لا يوجد فيها كهرباء.. وتضيف: “نحن منهم، نعاني بشكل كبير.. فالأجواء الحارة أنهكتنا، وأنهكت أجسادنا، ونتمنى أن يصل صوتنا عبركم في صحيفة “لا” أن يهتم المختصون بإيصال الكهرباء إلى قرانا، ليخففوا عنّا عبء ما نعاني منه طوال أيام الصيف التي لا تطاق، ولا تُحتمل”.
نخفف عن أنفسنا بإنجاز أعمالنا باكرا
أسماء (طالبة) تحكي هي الأخرى عن معاناتها وأسرتها من ارتفاع درجة الحرارة وانعدام الكهرباء، وتقول: “نحن النساء تسببت لنا هذه الأجواء بإرهاق شديد، أيضا الحوامل يعانين كثيرا من ذلك، والأطفال تظهر على أجسادهم فطريات ومشاكل بالجلد وجروح أشبه بالحروق بسبب الحرارة المرتفعة نظرا لعدم وجود مكيفات”. وتضيف أنهم يحاولون إيجاد حلول بسيطة يقومون بها كالاستيقاظ المبكر وإنجاز الأعمال قبل شروق الشمس.
وتختم مداخلتها: “أتمنى أن يقرأ المختصون نداءاتنا ومعاناتنا عبر “لا” ويخففوها بإيجاد حلول عاجلة لهذا الوضع المأساوي”.
حياة المرضى مستحيلة بدون أدوية
مايسة (طالبة) تختم هذه الرزنامة من الآراء عن المعاناة الصيفية التي نقلتها “لا” وعايشتها معهم عن كثب: “حكايتنا مع الأجواء الحارة طويلة والحديث عنها لا يسر صديقا أو عدوا، فالأطفال يعانون، والشباب يعانون، وكبار السن يعانون، والنساء تعاني، أما ذوو الأمراض المزمنة فمعاناتهم أكثر وجعا، فالحرارة قد تصل في الساحل التهامي إلى 40 درجة مئوية، وتحديدا في مديرية عبس خاصة القرى التي لا توجد فيها كهرباء”.
وتضيف مايسة أنه في حال تم توفير الأدوية للمرضى الذين معاناتهم كبيرة وحياتهم مستحيلة بدون أدوية تنتهي فاعليتها وتصبح عديمة الجدوى، وبلا فائدة بسبب حرارة الجو، وعدم توفر إمكانيات التبريد لها لأنه لا توجد كهرباء، والطاقات الشمسية بالكاد تؤدي أبسط المهام.
وتختتم مداخلتها: “لكل ما سبق أتمنى بأن تصبح قريتنا مضاءة بالكهرباء وبقية القرى المجاورة والمحرومة من الكهرباء ليستطيعوا توفير مكيفات، وثلاجات تبريد تخفف معاناتهم، وألا تمر هذه الالتفاتة من صحيفة “لا” مرور الكرام على المختصين”.
عدم توفير مولدات جديدة
لأهمية الموضوع تواصلنا مع المختصين ومعرفة أسباب عدم توفر الكهرباء للسكان فأوضح الشيخ محمد علي صوعان، مدير عام مديرية عبس بقوله: “مشكلة الكهرباء تتمثل في عدم توفير مولدات جديدة تقوم بتغطية كل القرى ويوجد مولد واحد لا يفي بالتوصيل لكل القرى”.
ويضيف صوعان: “هناك قرى التيار موجود فيها، ولم يتم تشغيله لوجود عجز وقد تم التخاطب مع المنطقة بالمحافظة، والوزارة، ووعدوا بتوفير مولدات ولم تتوفر، ووجه مدير المنطقة بعدم التوصيل نظرا للعجز الحاصل في المؤسسة”.
ويختم مدير عام مديرية عبس بأنهم موعودون بمنظومة طاقة شمسية تغطي المديرية، وقد تم تجهيز الأرضية، ومازالوا منتظرين وعود وزيري المالية والكهرباء بتوفير الطاقة وإيجاد حلول عاجلة لتوفير الكهرباء للقرى المتبقية، كون الإيرادات في حساب المؤسسة العامة للكهرباء.
عدم توفر المواد اللازمة
وتواصلت “لا” مع مدير عام كهرباء محافظة حجة، عبدالرحمن ثابت، الذي أوضح الكثير من النقاط، ومنها أنه تم توصيل وتشغيل الكهرباء إلى كل الأماكن والقرى التي كانت الكهرباء فيها شغالة قبل العدوان، بل تم التوسيع وإيصال الكهرباء إلى أغلب القرى التابعة لمديرية عبس، والتي لم تصلها الكهرباء من قبل.
وطرحت “لا” على ثابت أن أغلب القرى لم يصلها التيار خاصة في ظل أوضاع الصيف ومعاناة السكان، فأوضح: “هناك أسباب لعدم توصيل الكهرباء لبعض القرى النائية، وتعود تلك الأسباب لعدم وجود شبكة كهرباء فيها، كذلك عدم توفر المواد والتكاليف اللازمة للتنفيذ. أما القرى التي تم الاستفسار عنها فقد تم التواصل مع مدير فرع عبس لتكليف مهندس للنزول الميداني إليها، فمثلا قرى المعرفط والبداح والمقاعشة لا توجد فيها شبكه كهرباء نهائيا... أما قرية بني عرجان فإن شبكة الضغط العالي جاهزة مع المحول والكهرباء موصلة حتى المحول، وتحتاج فقط استكمال شبكة الضغط المنخفض والتوصيل وتركيب عدادات للمشتركين وإن شاء الله يتم توفير المواد اللازمة والعدادات لهذه القرية خلال الأيام القادمة”.
بقية القرى تحتاج متابعة الوزارة
وختم مدير عام كهرباء محافظة حجة تصريحه لــ”لا” بأن “القرى التي لا توجد فيها شبكة كهرباء تحتاج إلى متابعةِ الوزارة من قبل السلطة المحلية بالمديرية لتوجيه الهيئة العامة لكهرباء الريف، ولتوفير المواد اللازمة، وتنفيذ أعمال إنشاء شبكات الكهرباء للقرى المحرومة، أما بالنسبةِ لقرية بني عرجان إن شاء الله ستتم المتابعة من قبلنا، وتوفير المواد اللازمة واستكمال توصيل التيار الكهربائي للمشتركين بأقرب وقت”.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا