عادل عبده بشر / لا ميديا -
رصدت «لا» عددا من الإعلانات على صفحات التواصل الاجتماعي، تروج لبيع شهادات أكاديمية وتعليمية وعقود الزواج وبطاقات عسكرية، باعتبارها أماكن لتزوير الشهادات والوثائق الرسمية لعدد من الجهات، مقابل مبلغ مالي، وهو ما يدق ناقوس الخطر، ويُنذر بما وصفه مراقبون بـ«كوارث» ستأتي على ما تبقى من التعليم في بلادنا، وستفتح الباب على مصراعيه للراغبين في الحصول على شهادات مزورة بثمن بخس، دون الحاجة لسنوات الدراسة الجامعية.
وقامت «لا» بجولة قصيرة في عدد من الصفحات المروجة للشهادات والوثائق المزورة على «فيسبوك» فوجدتها تحتوي على إعلانات متشابهة في المحتوى ونوع الوثائق المُراد الحصول عليها، ومن ذلك أحد الإعلانات الذي يحمل في مضمونه «شهائد جامعية وشهائد ثانوية وبطاقات عسكرية، تزوير طبق الأصل، إذا جاد تعال خاص، التعليقات على المنشور لا نرد عليها».
وفي منشور آخر: «تزوير شهادات ثانوي وبطائق عسكرية وشهادات جامعية، وأي شيء نزوره ونخرجه طبق الأصل، ما في فرق ولا اختلاف، إذا جاد تعال ماسنجر»، كما تضمنت الإعلانات المُعززة بصور لوثائق تم تزويرها، ما مضمونه: «ناقصك مؤهل تعال.. إذا أنت جاد تعال ولك بياض وجه.. تعال جرب المصداقية.. مؤهلات أصل تنفعك في أشياء كثيرة.. جامعات كثيرة تريد مؤهل دراسي.. مصداقية وعمل دقيق».
عصابة منظمة
وبخلاف المضمون الموحد للمحتوى الإعلاني، فإن تأريخ إنشاء معظم تلك الصفحات يشير إلى العام 2023م، إضافة إلى أن أسلوب التخاطب مع الزبائن موحد وكذلك أسعار الوثائق المطلوب تزويرها، والمجموعات التي يتم النشر فيها، كل ذلك يؤكد، بحسب مختصين، أنها عصابة تزوير منظمة، تروج لعملها عبر حسابات أنشأتها على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وهمية، كما احتوى الملف الشخصي لمنشئي تلك الصفحات على أماكن إقامة تعمدت العصابة ذاتها أن تجعلها مختلفة ففي بعض الصفحات مكان الإقامة «صنعاء»، والبعض الآخر «جدة» والبعض «عمان» وهكذا.
واستهدفت العصابة نشر الترويج لإعلاناتها في صفحات ومجموعات (جروبات) مخصصة لإعلانات البيع والشراء للعقارات والسيارات والعديد من المنتجات الجديدة والمستعملة، وتأجير المنازل، وغيرها، كون تلك الحسابات الأكثر إقبالاً للباحثين عن منتجات بأسعار مناسبة.

التواصل مع المزورين
قمنا بالتواصل، عبر رسائل الماسنجر، مع بعض الحسابات المروجة للشهادات والبطاقات المزورة، وكأننا نريد شراء شهادة جامعية، وعند السؤال عن الأسعار، جاءت الردود موحدة: «الشهادة الجامعية بـ900 ريال سعودي، والشهادة الثانوية بـ450، والأساسية بـ350، وعقد الزواج بـ700 ريال سعودي»، مضيفة: «شهادات أصل وختم حي وورق أصل وكل شيء حقيقي ما في اختلاف ولا فرق، بأيش نخدمك، في كثير وظائف تحتاج مؤهلات بدون مطابقة، ونسوّي ختوم خارجية برضه».
وحول الجامعات التي يقومون بتزوير شهادات باسمها، قال مسؤول إحدى الصفحات: «صنعاء والعلوم الحديثة والوطنية واليمنية»، وعن التخصصات قال: «كل التخصصات، إدارة أعمال، محاسبة، هندسة بجميع مجالاتها، كل التخصصات الطبية والأدبية وغيرها».
وأضاف كنوع من «المصداقية وأمانة المهنة»: «كثير من الناس يأخذوا شهادات للخارج والداخل.. صح أنها غير مقيدة في الوزارة، بس تعتبر مؤهل تمشي معك في أي وظيفة، لعدم وجود فرق بينها وبين الشهادة الأصل».وأرفق مسؤول الصفحة رقم تلفون للتواصل عبر «واتساب».

عقوبة التزوير
المحامي حسين العماد، أكد أن المشرّع اليمني جعل جريمة التزوير من الجرائم الجسيمة، وذلك بالنظر إلى العقوبة المقررة على من يقترفها.
وقال العماد لـ«لا» إن المادة 212 من قانون الجرائم والعقوبات بينت أن الجريمة إذا وقعت من الأفراد العاديين تكون عقوبتهم السجن مدة لا تزيد على 5 سنوات وإذا وقعت من موظف عام أثناء تأدية وظيفته، أي مختص بإصدار المحرر، تكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على 7 سنوات».
وأوضح المحامي العماد أن عقوبة التزوير المادي أو المعنوي، إذا وقعت من موظف عام غير مختص بإصداره، تكون بالحبس مدة لا تزيد عن 5 سنوات، وفقاً للمادة 214 من قانون الجرائم والعقوبات.

بلاغ للجهات المختصة
ورغم أن الصفحات المروجة لبيع شهادات ووثائق رسمية مزورة، ظاهرة للعيان، على مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المعنيين لدى الجهات الأمنية المختصة، إلا أن هذا التقرير الصحفي، يُعتبر بلاغاً للجهات المختصة، لتتبع تلك الحسابات وضبط العصابة التي تقف وراءها.