تقرير / لا ميديا -
«إيرادات الدولة لا تغطي 40% من مرتباتها، فضلاً عن وقود الكهرباء الذي تتجاوز كلفته 95 مليون دولار شهرياً وموارد الحكومة لا تكفي لتمويل مدينة عدن وما جاورها لمدة أسبوعين حتى لو كانت صادرات النفط موجودة، وموارد عدن لا تستطيع إضاءة عدن لمدة عشرة أيام»، ذاك ما كشف عنه محافظ بنك عدن في تصريحاته الأخيرة، متحدثا عن فشل ذريع في تنفيذ أي سياسة مالية عكس الحكومة في صنعاء. فالأخيرة جهة واحدة وإدارة واحدة وإرادة واحدة، بينما هم لا جهة ولا إدارة ولا إرادة. اعترافات يصفها مراقبون بأنها تحصيل حاصل، لكنها في الوقت نفسه تكشف عن سنوات من الكذب والدجل والتخبط كان نتيجتها الفشل الذريع وإيراد البلد المهالك.

جملة اعترافات ساقها المرتزق أحمد غالب المعبقي، المعين من قبل الاحتلال محافظا لبنك عدن، في تصريحاته الأخيرة، بالفشل المالي والإداري لحكومة الفنادق، في ظل تقاسم وتناهب الإيرادات في المحافظات المحتلة بين قوات الاحتلال وأدواتها بفصائلهم المختلفة.
المعبقي وفي مقابلة صحفية أكد أن إيرادات حكومة الفنادق التي كانت تغطي 75% من الإيرادات أصبحت لا تغطي 40% من المرتبات بالإضافة إلى عدم تغطيتها وقود الكهرباء الذي تتجاوز كلفته 95 مليون دولار شهرياً، لافتا إلى أن موارد حكومته لا تكفي لتمويل مدينة عدن وما جاورها لمدة أسبوعين حتى لو كانت صادرات النفط موجودة، وهو اعتراف يدحض مزاعم الاحتلال ومرتزقته في كون إيقاف تصدير النفط من قبل صنعاء هو السبب.
وحول إيرادات مدينة عدن المحتلة، قال إن موارد المدينة لا تستطيع إضاءة المدينة لمدة عشرة أيام، مشيرا إلى أن حكومة الفنادق في حالة عجز عن سداد الديون المتراكمة ومستبعدا حصول تلك الحكومة على أي قروض من الخارج أو الحصول على مساعدات باستثناء ما حصلت عليه من البنك الدولي ووحدات حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي بإيعاز أمريكي.
وأوضح محافظ بنك عدن أن حكومة الفنادق قامت بتحريك سعر الصرف الجمركي نزولاً عند شروط من سماهم المانحين للحصول على المنح والودائع رغم تأكيده أن المنح الخارجية لا تبني بلداً وليست حلاً دائماً خاصة وأنها -وفق قوله- مشروطة وليست متاحة في كل الوقت.
ولفت إلى أن ما تم استخدامه من الوديعة السعودية والإماراتية المقدمة عبر صندوق النقد العربي إلى الآن يُقدَّر بـ150 مليون دولار وتم استخدامها لعمليات المزاد الأسبوعي.
ولفت إلى عجز حكومة الفنادق عن إعادة تشغيل مصفاة عدن التي كانت تغطي 40% من احتياجات اليمن من المشتقات النفطية؛ مضيفا أن إعادة تشغيل مصفاة عدن تحتاج إلى دراسة وأن حكومة الفنادق كانت تفكر بعد وقف تصدير النفط للخارج بأن يتم نقل الخام عبر الناقلات والتصفية في المصافي، لكن اتضح أن المصافي غير جاهزة وتحتاج لاستثمار يصل إلى 35 مليون دولار وهو مبلغ لا يتوفر لديها.
واعترف محافظ بنك عدن بنجاح صنعاء في إدارة الملف الاقتصادي وفرض سياسة نقدية، مشيرا إلى أن حكومة الإنقاذ في صنعاء «جهة واحدة وإدارة واحدة وإرادة واحدة ونحن لا نملك هذه الميزة فنحن جهات متعددة حتى في المدينة الواحدة وهذه الجهات هي التي تعيق تنفيذ القوانين كما يجب لهذا نحتاج لإعادة نظر في إدارتنا المالية والإدارية بمختلف المجالات».
وأرجع فروق العملة بين صنعاء وعدن إلى السيولة المفرطة التي استُخدمت في الماضي من قبل حكومة الفنادق لتمويل نفقاتها بدون حدود وقيود، واصفا طبع العملة بدون دراسة بالمغامرة الكبيرة حيث ذلك أوجد سيولة مفرطة خارج النظام المصرفي واستُخدمت في المضاربات.
وفي ظل فشل بنك عدن في إعادة الدورة النقدية، قال غالب إن البنك سحب تريليوناً و600 مليار ريال يمني من السوق خلال فترة المزادات التي يعلنها عبر منصة أمريكية، مستدركا بالقول إن البنك أعادها للسوق لتمويل نفقات حكومة الفنادق بسبب قلة الإيرادات وارتفاع النفقات.
وفي مؤشر جديد لانهيار احتياطات بنك عدن من العمــلات الأجنبية فــي الخــارج، قـــال غالب إنه تبقَّى من حقوق السحــــب 110 ملايين دولار، بمعنى أن البنك سحب أكثر من 500 مليون دولار من حقوق الدعم الخاصة باليمن.
ولم ينس المعبقي أن يقدم نصائحه برفع الدولار الجمركي، باعتبار ذلك أحد الخيارات لمواجهة التدهور الاقتصادي، مشيرا الى أن ”بقاء الدولار الجمركي في هذا الوضع خطأ كبير”.
وزعم المعبقي أن التاجر يقيم بضاعته بسعر 1500 ريال للدولار وليس على السعر الحقيقي الذي كان سائدًا (1200 - 1250) بل يضيف هامش أمان أيضًا ضد التقلبات بسبب عدم وجود يقين بما سيحدث في الغد.
كما اقترح رفع سعر الكيلو وات للكهرباء في عدن إلى أكثر من 400 ريال، معتبرا أن بقاءه بسعره الحالي غير منطقي.
وقال المعبقي إن سعر التوليد يفوق 400 ريال للكيلو وات ومعارضة رفع السعر جنون، لأن بيعه بالسعر الحالي جنون، زاعما أنه لا يخدم المواطن.
وأكد أن خيارات تحسين الوضع الاقتصادي في المناطق المحتلة محدودة جدا إن لم تكن معدومة، مشيرا إلى أن موارد الدولة كلها لا تغطي 40% من المرتبات ناهيك عن الوقود الذي يوازي تقريبًا المرتبات، فلا يوجد أي خيار الآن لتغطية الحتميات، وأحسن خيار هو تحصيل واستعادة الموارد المهدرة ومنها تحرير سعر الصرف الجمركي.
واعترف المعبقي بأن قرار طباعة العملة بدون غطاء نقدي كان كارثيا، وأنه رغم توقف الطباعة وسحب كمية كبيرة مــــن العملـــة الجديــــدة من السوق إلا أن البنك اضطــر لإعادتها إلى السوق مجددا.
كمــــا اعتــــــــرف بصرف حقوق السحب الخاصة باليمن مـــــن البنك الدولي، مشيرا إلى أن ما تبقى منها هو مائة وعشرة ملايين دولار.
ولم يخف وقوف جهات خارجية وصفها بالمانحة خلف قرار الجرعة الجمركية قائلا: تحريك سعر الصرف الجمركي هو التزام على الدولة للمانحين وشرط من شروط الحصول على المنح والودائع.
بدورهم، اعتبر متخصصون وباحثون في الشأن الاقتصادي والمالي أن تصريحات محافظ بنك عدن أحمد المعبقي، كانت بمثابة القنابل التي ألقى بها الرجل في ساحة جنوب اليمن التي تشهد حراكاً شعبياً واسعاً واحتجاجاً على خلفية استمرار انهيار الخدمات أبرزها خدمة الكهرباء التي فشلت حكومة الفنادق في تأمين الحد الأدنى منها.
وأكدوا أن حكومة الفنادق ومجلسها الرئاسي لن يتمكنوا من إيحاد أي حلول لأبناء المحافظات الجنوبية المحتلة، والسبب في ذلك يعود إلى أن القرار السيادي ليس بأيديهم وإنما هم مجرد موظفين لدى كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد وأن كلاً من ابن زايد وابن سلمان لديهما استراتيجية واضحة تجاه المناطق المحتلة وهي إبقاء جنوب البلاد في حالة تفكك وفقر مدقع وصراع بين المواطن والحكومة المفروضة عليهم فرضاً من الخارج في مسألة الخدمات.
وتواصل العملة في المناطق المحتلة انهيارها، حيث وصل سعر الصرف في عدن للدولار الأمريكي إلى 1462 ريالا.