تقرير / لا ميديا -
المستعمرون القدامى يبحثون لهم عن موطئ قدم جديد في المحافظات اليمنية المحتلة. تحلم بريطانيا بالعودة ثانية إلى اليمن سواء عن طريق الاحتلال السعودي الإماراتي، أو بشكل مباشر من خلال نشر وحدات عسكرية في حضرموت والمهرة وشبوة ومأرب، في سباق محموم مع بقية القوى الاستعمارية كفرنسا والولايات المتحدة لنهب الثـروة والسيطرة على خطوط الملاحة.

ارتفعت وتيرة التحركات العسكرية الأمريكية والبريطانية على حد سواء في المحافظات المحتلة شرقي وجنوبي اليمن المحتل خلال شهر آب/ أغسطس الماضي ونشرت قوات من الوحدات العسكرية الخاصة في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، ضمن سباق محموم للقوتين الاستعماريتين بغية السيطرة والنفوذ على طرق التجارة البحرية، ناهيك عن تقاسم ونهب الثروات.
وفي ما يلي تلخيص لأهم التحركات البريطانية في المحافظان المحتلة خلال شهر آب المنصرم:
في الثاني: ظهر الملحق العسكري للسفارة البريطانية لدى حكومة الفنادق بيتر ليجايسك، وبرفقته كبير مستشاري الأمن ماكس جاندل ووفد من الخارجية البريطانية في مهمة خاصة إلى مدينة مأرب.
الوفد البريطاني عقد لقاءات مع قيادات عسكرية من مرتزقة العدوان والاحتلال المسيطرين على المدينة، كان أهمها اللقاء الذي جمعهم مع المرتزق صغير بن عزيز رئيس ما تسمى هيئة الأركان في دفاع الفنادق، والذي بطريقة مستغربة وغير معهودة قام بتكريم الملحق العسكري البريطاني.
في 14 آب/ أغسطس: وصل نائب السفير البريطاني لدى حكومة الفنادق تشارلز هاربر والملحق العسكري بيتر ليجاسيك إلى مدينة عدن المحتلة، والتقيا في مقر مصلحة خفر السواحل بوكيل المصلحة، وتفقدا مواقع ومنشآت من بينها الرصيف العائم.
وجاءت المهمة العسكرية بالتزامن مع نشر قوات بريطانية محدودة في عدن، ضمن التحركات الأمريكية البريطانية المشتركة في خليج عدن وطول الشريط الساحلي جنوبي اليمن.
وإذا كانت الأخبار الرسمية قد تحدثت عن زيارة لمصلحة خفر السواحل التابعة للمرتزقة في عدن، فإن تقارير استخباراتية أكدت أن الفريق البريطاني زار أيضا القاعدة العسكرية المشتركة بين قوات البحرية البريطانية وقوات البحرية الأمريكية في جزيرة “ميون” التي تبعد 150 كيلومترا عن مدينة عدن وتسيطر عليها قوات الاحتلال الإماراتي عبر فصائل ما يسمى المجلس الانتقالي الموالية لها.
في 19 آب: نشرت بريطانيا جزءا من وحداتها المتواجدة في مطار الريان بحضرموت في منطقة غيل باوزير التي تقع في الشمال الشرقي وتبعد مسافة 45 كيلومترا عن مدينة المكلا عاصمة المحافظة.
أفادت المصادر حينها بأن القوات البريطانية اختارت منطقة مزارع الشين وهي منطقة زراعية يملكها الأهالي ووصلت ترافقها قوات وحماية من فصائل الاحتلال الإماراتي “النخبة الحضرمية” بالإضافة إلى الفصائل المدعومة من الاحتلال السعودي “درع الوطن”.
وجاء نشر تلك الوحدات ضمن مساعي القوات البريطانية لإنشاء قاعدة عسكرية لها في غيل باوزير التي تعتبر من المناطق القريبة للساحل.
في 21 آب: عقد المرتزق عوض الوزير المعين من قبل الاحتلال محافظا لشبوة لقاء مع تشارلز هاربر القائم بأعمال سفير المملكة المتحدة عن طريق دائرة تلفزيونية مغلقة بحضور ملحق السفارة العسكري، نوقش في اللقاء جوانب عسكرية وأمنية.
وبحسب مصادر مقربة من المرتزق الوزير فإن القائم بأعمال السفير البريطاني طلب السماح بنشر وحدات بريطانية في شبوة بالقرب من المناطق النفطية مبرراً ذلك بأنه يأتي «تعزيزاً لدور الإمارات في استتباب الأمن والاستقرار».
تزامن ذلك مع قيام الاحتلال الإماراتي بتغيير القيادات العسكرية التابعة له بشكل كامل في ميناء بلحاف لتصدير الغاز بعد تعرض القاعدة الإماراتية هناك لهجوم بسبب خلافات مع قبائل المنطقة، الأمر الذي اعتبره مراقبون توجها من قبل الاحتلال الإماراتي لتصدير الغاز المسال مع تعزيزه تواجد الفصائل الموالية له في محيط المنشأة التي يسيطر عليها منذ بدء العدوان.
في 25 آب: وصلت طائرة عسكرية بريطانية تحمل تعزيزات لقوات بريطانية إلى مطار الغيضة الخاضع لقوات الاحتلال السعودي بمحافظة المهرة.
وكشفت تقارير نشرتها صحف بريطانية عن تواجد قوات بريطانية في مطار الغيضة بشكل كبير، وهو ما كشف عنه أيضا الشيخ علي سالم الحريزي وكيل محافظة المهرة السابق في 2019 مشيرا إلى استحداث منشآت ومبان ومواقع عسكرية داخل مطار الغيضــــة تستخدمهــا القوات البريطانية.
يذكــر أن الملـــف اليمني يحمل أهمية استراتيجية لدى كل من أمريكا وبريطانيا بسبب الموقع الجغرافي المهم للبلد والذي يأتي مع تصاعد الصراع الدولي المحموم وتسابق على مناطق السيطرة والنفوذ الدولية والتحولات العالمية.
كما أنه يكشف حقيقة التنسيق البريطاني الأمريكي المشترك في الملف اليمني برؤية احتلالية واستعمارية تهدف لتقاسم الموانئ والجزر بما يعزز قدرتيهما لقطع الطريق أمام الطموح الصيني للتوسع في عدن وتقليص نفوذها في خليج عدن والبحر الأحمر.
وتكشف هذه التحركات في المناطق النفطية شرقي اليمن وخاصة في شبوة عن صراع أمريكي بريطاني آخر مع أوروبا وفرنسا من خلال تعزيز التواجد البريطاني في شبوة وميناء بلحاف الذي كانت تديره شركة توتال الفرنسية.
وتلعب الدولتان الاستعماريتان أمريكا وبريطانيا دوراً كبيراً في إطالة الحرب على اليمن، وعلى أن يكون هناك ضرورة ملحة للتدخل والتواجد العسكري المباشر على الأرض في شبوة وحضرموت والمهرة لتقاسم ونهب الثروات أولا ولتخفيف حدة التوترات البارزة بين وكلائهما الإقليميين في تحالف الاحتلال السعودي الإماراتي والذي كرس منذ بداية العدوان على اليمن مارس 2015 على خلق ولاءات عبر فصائل ارتزاق تابعة لكل منهما بينها فصائل ذات طابع تكفيري تتخذ منه أمريكا وبريطانيا ذريعة لتواجدهما على الأرض.