اليمن بالحبر الغربي -
تلقت قوات الحدود السعودية، المتهمة بقتل مئات الأشخاص الذين حاولوا عبور الحدود من اليمن المجاور، تدريباً من ألمانيا والولايات المتحدة.
ورغم القلق المتزايد بشأن حجم انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية في عهد محمد بن سلمان، شارك كل من جهاز الشرطة الفيدرالية الألماني والجيش الأمريكي في تدريب قوات الحدود السعودية المتورطة من قبل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان في عمليات القتل الجماعي.
والجدير بالذكر أن اتفاقية التدريب الأمريكية، التي انتهى تمويلها الشهر الماضي، نصت على أن الولايات المتحدة مطالبة بمراقبة كيفية استخدام تدريبها، مع السماح لأولئك الذين يتلقون التدريب بالعمل بشكل دفاعي فقط، لحماية أنفسهم ومواقعهم من أي هجوم.
وكشفت «هيومن رايتس ووتش» عن حجم الانتهاكات، في تقرير صادم، في وقت سابق من هذا الشهر. وزعمت أن قوات الحدود السعودية استخدمت أسلحة متفجرة لاستهداف المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين يحاولون عبور الحدود من اليمن.
ووسط احتجاج متزايد على هذه المزاعم، قيل لصحيفة «الغارديان» أيضاً إن السعودية تعاملت بشكل متزايد مع التوغلات غير القانونية عبر حدودها كقضية لمكافحة الإرهاب، وسمحت باستخدام القوة المميتة.
كما تم إخبار صحيفة «الغارديان» بأن السعودية تستخدم مراقبة إلكترونية مكثفة ومراقبة مركزياً للمنطقة الحدودية، ما يعني أنها يجب أن تكون قادرة على التمييز بين مجموعات المدنيين الذين يتم الاتجار بهم وأولئك المتورطين في التوغلات المسلحة من اليمن أو تهريب المخدرات.ويثير هذا الكشف مسألة ما إذا كانت الرياض تستهدف عمداً المهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود، وهو ما أشارت «هيومن رايتس ووتش» إلى أنه يرقى إلى «جريمة ضد الإنسانية» إذا ثبت أنه سياسة رسمية.
وقد أثبتت صحيفة «الغارديان» أن تدريب الجيش الأمريكي للقوات السعودية، بما فيها قوات الحدود، كان جزءاً من برنامج دعم عسكري طويل الأمد يعرف باسم (MOI-MAG) وزارة الداخلية - مجموعة المساعدة العسكرية، بمشاركة الولايات المتحدة في تدريب قوات الحدود ابتداء من عام 2008.
تطلّب اتفاق تدريب قوات الحدود السعودية من البنتاجون وضع اتفاقية تعاون تقني فريدة للسماح للقوات الأمريكية بتدريب قوة غير عسكرية لأول مرة، مما يتطلب مراقبة استخدام الوحدات المدربة الأمريكية من قبل السعوديين.
وتأكيداً للتدريب الأمريكي الطويل الأمد لقوات الحدود السعودية، قال مسؤول أمريكي لصحيفة «الغارديان»: «قدمت قيادة المساعدة الأمنية للجيش الأمريكي تدريباً لحرس الحدود، والذي تم تمويله لفترة 2015-2023، مع انتهاء فترة التمويل في تموز/ يوليو من هذا العام». ولم يوضح المسؤول سبب انتهاء التمويل.
من جانبها، قامت الشرطة الفيدرالية الألمانية بتدريب قوات الحدود السعودية. وابتداء من عام 2009، استمر البرنامج حتى عام 2020، مع انقطاع قصير بعد مقتل الصحفي في صحيفة «واشنطن بوست» جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في تركيا.
وتصف إليونورا أرديماغني، الباحثة الإيطالية في الخليج واليمن، التي درست العسكرة المتزايدة للرد السعودي على الحدود مع اليمن، هذه السياسة السعودية بأنها أكثر مركزية من أي وقت مضى تحت سيطرة وزارة الداخلية في السنوات الأخيرة.
«منذ عام 2015 وبداية الحرب على اليمن، ما أدهشني في الجانب السعودي هو صعود العديد من اللاعبين الأمنيين العاملين على الحدود. وفي حين أن هذا يعني المزيد من القدرات، فإنه يعني أيضاً أن من الصعب فهم من يوفر الأمن في أجزاء معينة من الحدود»، قالت أردماغني، التي تعمل في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI).
ومن بين اللاعبين الجدد الذين ظهروا جنباً إلى جنب مع الزيادة في وفيات المهاجرين: فوج العفوج، الذي يتبع وزارة الداخلية مباشرة. كما كانت هناك زيادة في استخدام القوات الأجنبية، ولاسيما اليمنيين «السُّنّة» الذين تم تجنيدهم كمتعاقدين من جنوب اليمن.
«تأتي عسكرة الحدود هذه في وقت أصبحت فيه السعودية تنظر إلى قضية الحدود على أنها قضية أمن قومي رئيسية. إنها جزء من فهم الرياض أن قضية الحدود ستكون أكثر حسماً بالطريقة التي تدير بها ليس فقط الملف اليمني، ولكن من حيث الأمن الاقتصادي. إنهم يريدون تأمين الحدود كأولوية أولى، وعندها فقط يرون ما إذا كان بإمكان الأطراف اليمنية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار».

صحيفة (The Guardian) البريطانية