غازي المفلحي / لا ميديا -
يحضر يمن السيادة الوطنية، بقيادته الثورية والسياسية، وعمقه الشعبي الحر، مع المقاومة الفلسطينية وسكان غزة، الذين يتعرضون حالياً لعدوان صهيوني كبير وغير مسبوق.
وبينما تشارك القيادة الثورية مقاومي فلسطين في استهداف كيان الاحتلال الصهيوني بالصواريخ والمُسيّرات اليمنية، تبنى الشعب اليمني مسارات واعية لها أثر في دعم القضية الفلسطينية، وتكريس عدالتها وأهميتها في ذهن المجتمع اليمني بأجياله العتيقة والجديدة.

درة تاج المساندة لفلسطين 
تحترق وتتحسر قلوب اليمنيين ألماً منذ بداية عدوان الإبادة الصهيوني الأبشع والأشد دموية على قطاع منذ ما يقارب شهر.
وبناء على ذلك، وما سبقه من موقف اليمن بشعبه وقيادته الثورية المبدئي المتبني الدفاع العملي عن قضية فلسطين، سعى اليمنيون في جغرافيا السيادة الوطنية، قيادة ومجتمعاً، للانخراط في النضال إلى جانب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية وكل فلسطين بكل الوسائل الممكنة.
وتمثلت درة تاج الإسناد اليمني لفلسطين بعمليات القوات اليمنية المسلحة التاريخية التي استهدفت -ولا تزال- أهدافاً في عمق الأراضي المحتلة من الكيان الصهيوني.

المقاطعة
في الأثناء، تحرك أبناء الشعب اليمني نحو مقاطعة البضائع الأمريكية، كونها الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر للكيان الصهيوني وراعية جرائم الاحتلال في فلسطين في هذا العدوان وما قبله على مدى عقود في كل الأراضي الفلسطينية.
وقاطع اليمنيون البضائع التي أعلنت وزارة التجارة والصناعة أنها مُنتجة في بعض دول المنطقة لصالح العلامات التجارية الأمريكية، والتي تدعم كيان الاحتلال ولها علاقات معه، كشركات: "بيبسي"، "كوكا كولا"، "فانتا" "ليز"، "كادبوري"، "شيتوس"... وكثير من شركات الأغذية ومستحضرات العناية والتجميل.
كذلك شملت المقاطعة بضائع شركات في دول خليجية وآسيوية وأوروبية لها علاقات تخادم وثيقة مع العدو الصهيوني ومع الولايات المتحدة.
وقد نشرت وزارة التجارة قبل أيام قائمة بالمنتجات التي تنتجها شركات تدعم الكيان الصهيوني أو تقيم علاقات معه أو مع داعميه.
وتضمنت القائمة عشرات المنتجات المتنوعة، غذائية وتجميلية وإلكترونيات وسيارات ومعدات الثقيلة وغيرها.
وأقرت الوزارة حظر دخول وتداول والإعلان عن منتجات الشركات الأمريكية الداعمة لكيان الاحتلال، وشطب الوكالات والعلامات التجارية للشركات الأمريكية والشركات الداعمة للكيان الصهيوني.

المنتجات الأمريكية تفقد 50% من قيمتها
على وقع مقاطعة بضائع الشركات المدانة بالجرم الموصوف، وهو الشراكة مع الاحتلال أو دعمه، خصوصاً أثناء المجازر الدموية بحق الأطفال والنساء والأبرياء في قطاع غزة، رصدت "لا" تدهور مبيعات تلك الشركات وتراجع الطلب على بضائعها إلى أدنى المستويات.
يقول مصطفى المخرفي، ويعمل "كاشيير" (محاسباً) في أحد المجمعات التجارية في العاصمة، إن مبيعات المشروبات الغازية (البيبسي خصوصاً)، بأنواعها ونكهاتها، هوت بشكل كبير في الأسبوعين الماضيين، وسجلت أقل المبيعات.
ويضيف أن منتجات الشوكولاتة، مثل: "جالاكسي"، "مارس"، "تويكس"، "بريك"، "كيتكات"... وهي منتجات ضمن قائمة الحظر التي أصدرتها وزارة التجارة والصناعة، انخفضت مبيعاتها أيضاً.
وعملت "لا" على التحقق من ذلك، لتجد أن كثيراً من منتجات الشركات التي تم الإعلان رسمياً أنها داعمة للاحتلال وداعميه، سجلت انخفاضاً كبيراً في الطلب عليها، ما أدى إلى انخفاض أسعارها، وتنظيم عروض كبيرة لها، ووصل انخفاض أسعار بعض المنتجات إلى النصف من قيمتها السابقة، كما توضح الصور المرفقة.
بدوره قال المواطن أيمن محمد لـ"لا": "البعض يعتقد أن تلك البضائع منحصرة في المنتجات الغالية والتي لم يعد اليمنيون يستهلكونها، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمرون به بسبب العدوان وتداعياته. ولكن هذا خطأ؛ إذ ما يزال هناك منتجات نستهلكها بكثرة، ومنها البيبسي الخارجي بأنواعه، والماجي، وبعض أنواع الشوكولاتة، وبسكويت أوريو، وحفاظات بامبرز، وشامبو كلير، وشامبو جنسون للأطفال، وكلها منتجات يستهلكها معظمنا".
ويتابع: "نحن مسؤولون أمام الله إذا لم نتخذ أي ردة فعل تجاه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين، وأقل واجب أن نقاطع بضائعهم ولا نكون شركاء في تلك الجرائم".

قوة سلاح المقاطعة
لا تزال حملة مقاطعة بضائع الشركات الأمريكية والغربية الداعمة للكيان الصهيوني في بلادنا في بدايتها، ومازال الوعي اليمني يزداد يوماً بعد آخر بقوة.
وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي رشيد الحداد لـ"لا": "المقاطعة الاقتصادية للبضائع الصهيونية، الأمريكية والغربية، من أهم الأسلحة المتاحة أمام الشعوب الحرة، في ظل القيود التي فُرضت على التبرعات للشعب الفلسطيني، وكذلك على أي تحركات شعبية لمساندته ورفض الإجرام الصهيوني بحق شعبنا الفلسطيني الذي يواجه أبشع الجرائم في تاريخ الإنسانية من قبل العدو الصهيوني بمشاركة ومساندة أمريكية وغربية واضحة".
ويضيف: "لذلك، اليوم وبفضل الوعي الشعبي العربي والإسلامي بأهمية المقاطعة، فإن المؤشرات الأولية تفيد بأن الشركات الصهيونية، الأمريكية والغربية، التي تساند العدوان على غزة، تكبدت حتى الآن خسائر قاسية، وفي حال استمرار المقاطعة بالوتيرة نفسها فإن الاقتصاد الصهيوني والأمريكي سيتكبد خسائر غير مسبوقة".
ويعتبر الحداد أن حركات المقاطعة الاقتصادية تحولت إلى طوفان اقتصادي شعبي عربي إسلامي واسع النطاق يعكس حجم السخط الشعبي من المشاركة الأمريكية في دعم كيان الاحتلال، ويزيح الستار عن كافة الشركات العالمية التي تدعم كيان الاحتلال، ولذلك فإن جدوى الحملات الشعبية العربية والدولية للمقاطعة كبيرة جدا.
ويوضح: "إذا كان إجمالي خسائر الاقتصاد "الإسرائيلي" والأمريكي الناتج عن المقاطعة خلال الفترة 1949 - 1999، بلغ نحو 90 مليار دولار، فإن المقاطعة بعد "طوفان الأقصى"، التي جاءت رداً على جرائم الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، ستتجاوز ما تم تحقيقه في 75 عاماً".
في الشأن ذاته، بدأت حملات مقاطعة شعبية في بعض البلدان العربية تشكل كابوساً للشركات الداعمة للاحتلال، ما دفع بعضها إلى إعلان البراءة من دعم الاحتلال. وزعم كثير من فروع شركة "ماكدونالدز"، وهي إحدى كبريات شركات الوجبات السريعة الأمريكية الداعمة لكيان الاحتلال، عدم وجود أي علاقة بين فرع "إسرائيل" وبقية الفروع في المنطقة.
وذكرت "ماكدونالدز لبنان" أن مواقف الفروع الأخرى "لا تمثلها"، وأشارت إلى أنها "تحرص على احترام لبنان وطناً وشعباً، كما تقف إلى جانبه".
كذلك، زعمت "ماكدونالدز السعودية" أنها "شركة سعودية 100%"، نافية العلاقة بينها وبين باقي الفروع الموجودة في دول أخرى.
كذلك أصدرت "ماكدونالدز تركيا" بياناً نفت فيه علاقتها بفرع "إسرائيل" أو باقي الفروع الأخرى الموجودة في الخارج، وقالت إنها "خصصت دعماً إنسانياً بقيمة مليون دولار لشعب غزة المظلوم بالحرب، وخاصة فئة الأطفال والنساء والشيوخ".
وتعد شركة "ماكدونالدز" على رأس الشركات الأمريكية الداعمة لكيان الاحتلال الصهيوني؛ إذ أعلنت تقديم أكثر من 4 آلاف وجبة سريعة يومياً لقوات الاحتلال والغاصبين الصهاينة في "مستوطنات غلاف غزة" والمستشفيات، مع خصومات وتخفيضات بنسبة 50% للجنود وقوات الأمن والشرطة الصهيونية، الذين يزورون مطاعمها في فلسطين المحتلة، حسب ما ذكره موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي.
وفي سياق تبرؤ الشركات العالمية من العلاقات مع الكيان الصهيوني أعلنت شركة "نستله" العالمية وقف استثماراتها في "المستوطنات" الصهيونية بعد إطلاق حملات مقاطعة ضدها.

مقاطعة شعبية غربية
حملات مقاطعة الشركات الداعمة لكيان الاحتلال الصهيوني انتقلت إلى بلدان غربية أيضاً، بالتزامن مع استمرار العدوان الصهيوني على غزة وارتكابه المزيد من المجازر بحق المدنيين.
وانتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي في الغرب دعوات إلى مقاطعة "كوكاكولا" و"ماكدونالدز" ومقاهي "ستاربكس" ومنتجاتها؛ كونها تدعم كيان الاحتلال.
وقالت ناشطة غربية في مقطع فيديو مصوّر: "أريد القول إنني كنت أعمل في ستاربكس، وقدمت استقالتي. وأرغب في أن أعلمكم أننا في الأيام القليلة الماضية سجلنا انخفاضاً كبيراً في عدد الزبائن والطلبات التي كانت تصلنا".
ولم تقتصر دعوات المقاطعة الغربية على "ستاربكس"، بل امتدت إلى سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" الشهيرة، فقالت إحدى الناشطات على مواقع التواصل: "بينما يعاني الأطفال الفلسطينيون في غزة انعدام الأكل والماء النظيف الصالح للشرب، فإن ماكدونالدز تقدم للجنود الإسرائيليين الطعام مجاناً".
كما علقت ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، من داخل مخزن للمواد الغذائية بدت فيه صناديق زجاجات "كوكا كولا" متراكمة فوق بعضها: "هذه هي أول مرة في حياتي أرى فيها كمية كبيرة من الإشارات الحمراء على هذه المنتجات، وهذا دليل على تأثير المقاطعة على هذه المنتجات".

علم كيان الاحتلال تحت الأحذية
إلى جانب المقاطعة الاقتصادية والمسيرات الجماهيرية والتبرعات لصالح فلسطين، في اليمن، قام أصحاب المحلات في العاصمة ومحافظات السيادة الوطنية بخطوات رمزية أخرى تعبيراً عن دعمهم المعنوي لفلسطين ورفضهم للاحتلال الصهيوني والسياسات الأمريكية الداعمة له.
فقد رفعوا العلم الفلسطيني في المحلات وعلى السيارات وعلى المنازل والمؤسسات، وفي المقابل رسم كثير من المدارس والجامعات والمعاهد والمحلات علم كيان الاحتلال وعلم الولايات المتحدة على الأرضيات وفي أرصفة الشوارع، ليدوسه المارة، تعبيراً عن السخط، وتعريفاً للأجيال الشابة بالعدو الحقيقي لليمن والأمة العربية والإسلامية، والمتمثل بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة.