تقرير: مارش الحسام / لا ميديا -
تباينت المواقف العربية والإسلامية تجاه الجرائم "الإسرائيلية" في فلسطين وغزة، ما بين تأييد كامل لـ"إسرائيل" من الدول المطبعة، كالإمارات التي أعلنت بصراحة وقوفها مع "إسرائيل"، فيما السعودية التي تنتهج على مدى تاريخها سياسة معادية للقضية الفسلطينة هي الأخرى أعلنت موقفها الصريح تجاه جرائم الإبادة في غزة والتأييد الكامل لـ"إسرائيل"، وطمأنتها بأن مشروع التطبيع مازال قائما، وهو ما جاء على لسان وزير الاستثمار السعودي في "منتدى بلومبرغ" الاقتصادي.
وفي الوقت الذي أبدت فيه عدد من الدول مواقف ضبابية تجاه جرائم العدو "الإسرائيلي"، إلا أن هناك دولا أعلنت وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني في غزة، وأبدت بعض معارضتها لتلك الجرائم، إلا أن مواقفها المعارضة لم تتجاوز حدود الشجب والتنديد، باستثناء دول محور المقاومة التي كان لها موقف فاعل مع غزة، وخصوصا اليمن التى تزعمت دول محور المقاومة في الرد على جرائم العدوان في غزة، وشروعها في إطلاق طوفان من الصواريخ والمسيرات إلى عمق الكيان، وهو رد يمكن اعتباره رديفا لـ"طوفان الأقصى" أو استكمالا له.

عاصمة محور المقاومة
سجلت اليمن واحدا من أكثر المواقف الفاعلة في نصرة فلسطين بإعلانها رسمياً دخولها خط المواجهة المباشرة مع العدو "الإسرائيلي" وشروعها بتنفيذ عمليات هجومية بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطيران المسير على أهداف مختلفة للعدو "الإسرائيلي" في الأراضي المحتلة، نصرة لإخواننا المظلومين في فلسطين، ومن واقع الشعور بالمسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية والوطنية واستجابة لمطالب شعبنا اليمني ومطالب الشعوب الحرة ونجدة لأهلنا المظلومين في غزة".
الرد والردع والدعم اليمني يجعل من صنعاء عاصمة لدول محور المقاومة، وذلك بشهادة العالم الحر والفلسطينين أنفسهم، الذين أدلوا بشهاداتهم على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، بل إن ممثل حركة الجهاد الإسلامي في اليمن، أحمد بركة، أكد الأحد الماضي، أنّ الدعم اليمني لفلسطين لا مثيل له، وأنه فعل كل شيء من أجل دعم فلسطين، و"لم يترك حُجةً لأحد"، في إشارة إلى أن اليمن بدعمه الكبير للشعب الفلسطيني الذي يواجه عدوانا "إسرائيليا" متوحشا أقام الحُجة على كل الأنظمة العربية، داعياً من أراد البحث عن العروبة إلى التفتيش عنها في اليمن.
المتحدّث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، وفي إعلانه عن نجدة غزة قال إن "القوات المسلحة اليمنية تؤكد استمرارها في تنفيذ المزيد من الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي".
هذا التصريح المرفق بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة المرسلة إلى عمق الكيان، وضع أغلب الدول العربية والإسلامية في مواقف مخزية، فمواقف الدول المعارضة للعدوان لم تتجاوز حدود البيانات، فيما الدول المطبعة سرا وعلانية كالإمارات والسعودية وغيرهما من القطيع، كان واضحا أنها تألمت من الصواريخ اليمنية أكثر من "إسرائيل" نفسها، حسب وصف نائب مدير التوجيه المعنوي العميد عبدالله بن عامر، في تغريدة له على منصة "إكس"، حيث قال معلقا: "القارح في إيلات والعزاء في السعودية".
ولا شك أن العمليات الهجومية اليمنية قد أزعجت السعودية بالقدر الذي أزعجت فيه "إسرائيل"، فسارعت السعودية وعبر إعلامها إلى شيطنة محور المقاومة في صنعاء، ولم تتحرج عن المجاهرة بسوأتها وإعلانها اعتراض صاروخ من سمتهم "الحوثيين" وهو في طريقه لاستهداف "إسرائيل"، لتقي الاحتلال الخسائر وتوفر عليه تكاليف وأعباء التصدي له.
وربما الشك يغلب على اليقين في صحة ما تدعيه السعودية بإسقاطها لصاروخ يمني كان يستهدف "إسرائيل"، ولكن ما نعرفه ويعرفه كل متابع أن السعودية لن تألو جهدا في حماية "إسرائيل" ومحاولة التصدى للصواريخ والمسيرات اليمنية وهي في طريقها إلى "إسرائيل"، عبر أنظمة الباتريوت الدفاعية التي سبق أن فلشت في حماية المملكة نفسها من ويلات سلاح الجو اليمني.

تصدّ إعلامي لصواريخ اليمن
تزامنت الهجمات الصاروخية اليمنية على الكيان "الإسرائيلي" مع تجييش السعودية لعدد كبير من مرتزقتها الإعلاميين الذين سخرتهم على قنواتها وأوكلت لهم مهمة التقليل من شأن الهجمات اليمنية على "إسرائيل"، ومحاولة السخرية من بيان ناطق القوات المسلحة اليمنية وتهديده لـ"إسرائيل"، إذ يستميت إعلام الدول المطبعة سرا وباطنا للتقليل من الهجمات الصاروخية اليمنية على العمق "الإسرائيلي"، وهناك من يصفها بخطورة رمزية، أو تهديد رمزي وبياني لـ"إسرائيل"، فحسب قولهم، أن المسافة أكثر من ألفي كيلومتر، وأن "إسرائيل" تتجاهلها بفتح جبهة جديدة، وأن القبة الحديدية "الإسرائيلية" وأنظمة الدفاع الجوي الأمريكية المنتشرة في المنطقة كلها قادرة على تفادي وتحييد هذه الهجمات، وغيرها من الأقاويل الكثيرة، والتي فندتها الشكوى التي تقدم بها العدو "الإسرائيلي" للأمم المتحدة.

شكوى العدوان
شكوى العدو "الإسرائيلي" إلى الأمم المتحدة من الهجمات اليمنية، لها دلالة واضحة بأن العمليات العسكرية اليمنية مزعجة ورادعة لجرائمه.
اعترف كيان العدوان رسمياً بتعرضه إلى هجمات متتالية من قوات صنعاء نفذت بأكثر من 47 صاروخاً وطائرة مسيرة.
وقال سفير العدو "الإسرائيلي" لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، في رسالة شكوى قدمها إلى مجلس الأمن، إن "إسرائيل تعرضت في يوم 19 أكتوبر إلى هجوم بـ5 صواريخ كروز و30 طائرة مسيرة صماد 3، وهجوم آخر في يوم 27 أكتوبر بصواريخ طوفان وطائرتين مسيرتين". موضحا: "في 31 أكتوبر هجوم بصاروخ طوفان استهدف مدينة إيلات وهجوم آخر بصاروخين كروز في ذات اليوم، وفي 1 نوفمبر هجوم بطائرات بدون طيار ما بين (4-6)".
وطلب من مجلس الأمن إدانة هجمات قوات صنعاء، ولوح بشن ضربات انتقامية على اليمن من خلال حديثه عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
وتعليقا على شكوى "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة بشأن هجمات اليمن على أهداف لقوات الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله علي القحوم رداً على شكوى "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة: "هذه الشكوى تؤكد خوف العدو الإسرائيلي من العمليات اليمنية، ونحن لا يهمنا شكاوى العدو لدى الأمم المتحدة".
واعتبر القحوم هذه الشكاوى دلالة واضحة بأن العمليات العسكرية اليمنية مزعجة للكيان الصهيوني ورادعة للتوقف عن الجرائم بحق الفلسطينيين.
وأضاف: "نحن نريد الإسرائيلي أن يكون في موقع الشكوى حتى يكف عن جرائمه بحق الفلسطينيين"، لافتاً إلى أن على العدو الصهيوني أن يدرك أنه إلى زوال حتمي.
وأشار إلى أن زمن الاستفراد بفلسطين ولى وهو ما يجب أن يعلمه العدو "الإسرائيلي" وأمريكا، مباركا للقيادة والمؤسسة العسكرية اليمنية العمليات الناجحة باتجاه عمق كيان العدو "الإسرائيلي".

رد "إسرائيلي" من داخل اليمن
العدوان "الإسرائيلي" قال إنه يدرس الرد على العمليات الهجومية اليمنية التي زلزلت كيانه، وأن رده سيكون في الوقت والمكان المناسبين.
ولكن من المحتمل أنه يخشى أن يتورط بشكل مباشر في العدوان على اليمن، وهذا ليس معناه أنه لن يرد، وإنما في الوقت والمكان المناسبين وبأقل الخسائر، لأن هناك من ينوب عنه.
فالإمارات والسعودية، ستكونان أدواته للرد على الهجمات اليمنية، فالإمارات مطبعة مع الكيان، ولديها اتفاقيات دفاعية، والسعودية مطبعة سرا وفي طريقها لإعلانه علنا، وهاتان الدولتان تسيطر مليشياتهما على أجزاء كبيرة من الجغرافية اليمنية الجنوبية والشرقية، ومتى ما طلبت منهما "إسرائيل" الرد فلن يترددا في التصعيد ضد القوات المسلحة اليمنية، عبر تحريك مليشياتهما في مناطق سيطرتهما.
وكشفت مصادر سياسية عن توجيهات إماراتية لناطورها في الساحل الغربي طارق صالح، الذي يقود تشكيلات مسلحة ممولة من أبوظبي تحت مسمى "حراس الجمهورية"، بالتصعيد ضد القوات اليمنية في الجغرافية الوطنية في مناطق المخا وميدي وبعض مناطق الحديدة التي تسيطر عليها القوات الممولة إماراتياً، وحسب المصادر فإن هذه التوجيهات تأتي في إطار الرد على الهجوم اليمني الذي استهدف عمق الكيان لإشغال القوات المسلحة اليمنية عن الاستمرار في استهداف الكيان "الإسرائيلي".