عادل بشر / لا ميديا -
يُجمع الكثير من الباحثين والمحللين السياسيين والمهتمين بالشأن العربي، والفلسطيني خاصة، أن التحام اليمن بملحمة "طوفان الأقصى" ضد العدو الصهيوني، فرض معادلات جديدة عزّز قوتها استخدام ورقة البحر الأحمر .
وفيما يرى البعض أن صنعاء، ومن خلال عملية ضبط السفينة "غالاكسي ليدر" المملوكة لرجل أعمال صهيوني، في البحر الأحمر بتاريخ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أسقطت أول أهداف كيان الاحتلال منذ بدء العدوان على غزة، والمتمثل بضبط إيقاع المعركة تحت سقف محدد، حيث أكد رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان، باقر درويش، أن اليمن بإدخاله معادلة البحر الأحمر، أفشل "المسعى الاستراتيجي لكيان الاحتلال في الاستفادة من البحر الأحمر".
وأشار درويش، في تصريح لـ"لا" عبر شبكة الإنترنت، إلى أن الكيان الصهيوني "أراد أن يحول البحر الأحمر إلى منطقة تُعزز وتحفظ مصالحه، خصوصاً في ظل مشاريعه للتطبيع مع دول في المنطقة"، لافتاً إلى أن الكيان بذل، خلال السنوات الماضية، جهوداً كبيرة، بمساندة من أمريكا ودول عربية حديثة التطبيع معه، لتعزيز علاقته مع بعض الدول المطلة على بحر الأحمر، منها دول سبق أن وقعت معه "اتفاقيات سلام"، وأخرى أوشكت على التطبيع معه، لولا اندلاع معركة "طوفان الأقصى".
وقال درويش: "التدخل اليمني لم يساند الفلسطينيين، فقط، وإنما أفشل هذا المسعى الاستراتيجي لكيان الاحتلال في الاستفادة من البحر الأحمر، وهو يمثل دخولاً جديداً وقوياً على خط الصراع مع الكيان، خصوصاً فيما يتعلق بالخطوط التجارية والنفط وغيرها".
وعلق رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان على دخول القوات المسلحة اليمنية الحرب ضد الكيان الصهيوني والتصعيد في استهداف مواقع حساسة للعدو في "إيلات" (أم الرشراش المحتلة)، وإغلاق باب المندب والبحر الأحمر على سفن الكيان، بقوله: "من يعرف الشعب اليمني -خصوصا بعد تجربة الحرب والعدوان الشرسة عليه طوال تسع سنوات- ويستحضر التظاهرات الضخمة المنددة بالإساءة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وغيرها من المواقف التي عبَّر فيها اليمنيون عن تضامنهم الإنساني واعتزازهم بقيمهم، لن يستغرب مثل هذه المواقف؛ ولكن في الوقت ذاته لا شك بأنَّ هذا الانخراط في معركة التضامن مع فلسطين ليس بالأمر الهين على الإطلاق؛ لأننا نتحدث عن شعب يعاني أزمة إنسانية خلفتها الحرب الغاشمة عليه منذ العام 2015، والتي من مظاهرها أن هنالك أكثر من 12 مليون شخص على حافة المجاعة جراء الحصار الظالم".
وأضاف درويش: "لذلك فإن الموقف الشعبي اليمني اليوم يقدم لشعوب المنطقة نموذجاً كبيراً عن معنى الالتزام بالمبادئ وعدم التفريط بها من عمق المعاناة والحصار، وفي الوقت نفسه يصفع وجه من شوه صورة ما يعانيه اليمنيون وانحاز لما ارتكبته قوات التحالف من جرائم ومجازر طوال السنوات الماضية في اليمن".
واختتم رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان حديثه لـ"لا" بالقول: "نقول لكل الأفراد والنخب والمنظمات الذين لم ينتصروا للشعب اليمني في وجه تلك الحرب الظالمة: راجعوا ضمائركم، ولتعرفوا أي شعب عزيز وشهم خذلتم ولم تنطقوا بكلمة إدانة لكل الانتهاكات الفظيعة التي حدثت بحق الضحايا من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ والمنشآت المدنية... وغيرها".
يُذكر أن منتدى البحرين لحقوق الإنسان هو تجمّع حقوقي مستقل يعمل على تعزيز الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان ويتبنى ملاحقة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، تمّ تدشينه في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، ومقره الرئيسي في جنيف - سويسرا.

ليس مشهداً عادياً في سياق الوصف، حين نتحدث عن شعب واجه معاناة وحرباً ظالمة لسنوات، ومازال تحت الحصار، ولم يتعافَ اليمن حتى اليوم من آثار ذلك العدوان... رغم ذلك، هناك شعب ينتصر لمظلومية الفلسطينيين في غزة، يضحي من أجلهم، يستشعر وجعهم... وهو الشعب الذي مازال يعاني أبناؤه الجوع؛ إلا أنه ممتلئ بالكرامة والقيم والشهامة.
حادثة اقتياد السفينة "الإسرائيلية"، وهي من السفن التي تدعم مصالح كيان الاحتلال الصهيوني، تقدم درساً كبيراً في ذكاء التخطيط والتنفيذ وتحديث أساليب دعم النضال الفلسطيني المشروع.
سيسجل التاريخ أن الشعب اليمني انتصر لغزة، رغم ما يعانيه جراء عدوان ظالم وقاسٍ، لتسع سنوات، بقيادة السعودية وبدعم أمريكا وعدة دول، وفي وقت أطبق فيه الصمت على أفواه الكثير من المنظمات عن إدانة الجرائم والانتهاكات التي حدثت بحق اليمنيين من قبل قوات تحالف العدوان، والتي تسببت باستشهاد وإصابة 49 ألفاً و22 مدنياً، بينهم ثمانية آلاف و757 طفلاً وخمسة آلاف و407 نساء و34 ألفاً و858 رجلاً، وفي حين يواجه نصف الأطفال دون سن الخامسة في اليمن، وعددهم مليونان و300 ألف طفل وطفلة، سوء التغذية الحاد خلال العام الجاري، وارتفاع معدلات سوء التغذية خلال سنوات العدوان الماضية بحسب إحصاءات وزارة حقوق الإنسان اليمنية.

باقــر درويــش- رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان