عادل بشر / لا ميديا -
لم تكن أصداء عملية استهداف القوات المسلحة في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، لسفينتين تابعتين للكيان الصهيوني في باب المندب بالبحر الأحمر، قد هدأت، حتى ظهرت القوات البحرية اليمنية مُجدداً متوعدة بتحويل البحر الأحمر إلى مقبرة لسفن الكيان، فيما يبدو أن صنعاء مستمرة في إقلاق العدو، ولن تدخر جهداً للنيل منه وفق مخطط تكتيكي ينبئ بالكثير عن القدرات العسكرية اليمنية.
وجددت القوات البحرية، أمس، تأكيدها "الاستمرار في استهداف السفن الصهيونية والمرتبطة بها في البحرين الأحمر والعربي، حتى يتوقفَ العدوان الصهيوني على الأشقاء الصامدين في قطاعِ غزة".
وقال قائد لواء الدفاع الساحلي، اللواء الركن محمد علي القادري، أمس: "مياهنا الإقليمية ستكون مقبرة لسفن العدو الصهيوني"، مجدداً التأكيد أن "عملياتنا في البحر لا تمس الممر الدولي أو السفن التجارية الأخرى، وهي محصورة فقط ضد السفن الإسرائيلية".
كما جدد اللواء القادري تحذير "كافة السفن الإسرائيليةِ أوِ المرتبطةِ بإسرائيليين بِأنها ستصبح هدفاً مشروعاً في حال مخالفتها وعدم الاستجابة للنداءات".
وأوضح قائد لواء الدفاع الساحلي، وفقاً لموقع "26 سبتمبر نت" التابع لوزارة الدفاع اليمنية بصنعاء، أن "مياهنا الإقليمية أصبحت في حماية القوات البحرية والدفاع الساحلي، ولا تفريط في سيادتنا أبداً"، مؤكداً موقف اليمن الثابت من نصرة الأشقاء في فلسطين، وتسخير كافة الإمكانيات اليمنية في سبيل ذلك.
وأضاف اللواء القادري أن "القوات البحرية وما تمتلكه اليوم من إمكانيات كفيلة بإحباط المخططات الغربية"، مشيراً إلى أن "أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني يسعون جاهدين إلى إيجاد موطئ قدم لهم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب"، وأن هذا لن يتحقق لهم، بفضل القدرات البحرية اليمنية المتطورة التي أصبحت اليوم الحامي لهذا الممر الدولي الهام.
وشدد قائد لواء الدفاع الساحلي على أن "التواجد العسكري الأمريكي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب هو الذي  يهدد أمن الملاحة الدولية في هذا الممر المائي المهم والحيوي، بذرائع واهية". وأكد أن "مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر العربي والامتداد الإقليمي لأرخبيل سقطرى والجزر اليمنية، أرض يمنية، والسيادة عليها كاملة، والأمن فيها سيكون أولوية لليمن، وما على الدول الاستعمارية إلا أن تعي وتعمل لهذا التصريح ألف حساب".
وتأتي هذه التحذيرات بعد أقل من 24 ساعة على استهداف القوات المسلحة اليمنية سفينتي شحن "إسرائيليتين" في البحر الأحمر، أمس الأول، حاولتا كسر قرار صنعاء حظر مرور السفن "الإسرائيلية" في البحرين الأحمر والعربي، فاستقوت السفينتان بالبوارج الأمريكية، التي بدأت في الأيام الأخيرة تسيير دوريات في خليج عدن لهذا الغرض، فحاولت العبور من باب المندب، إلا أن صاروخاً بحرياً استهداف السفينة "يونيتي إكسبلورر"، فيما تمكنت طائرة بحرية مسيرة من اصطياد السفينة "نمبر ناين"، وفقاً لبيان القوات المسلحة اليمنية، مساء أمس الأول.

تنسيق أمريكي صهيوني
وواصلت وسائل إعلام عبرية ودولية، أمس، تسليط الضوء على هذه العملية، حيث ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن السفينة الأولى (Unity Explorer) مملوكة لشركة بريطانية تضم دان ديفيد أونغار (وهو -بحسب وسائل إعلام عبرية- ابن مليونير الشحن "الإسرائيلي" إبراهام رامي أونجر– الذي يعيش في "إسرائيل") كأحد ضباطها.
كما ذكرت الوكالة أن السفينة الثانية كانت سفينة حاويات ترفع علم بنما وتسمى "رقم 9"، وهي مرتبطة بشركة "بيرنهارد شولت" لإدارة السفن، بحسب الوكالة الأمريكية.
من جهتها أفادت صحيفة "معاريف" العبرية بأن "تل أبيب" أرسلت عدة سفن حربية وغواصة متطورة إلى البحر الأحمر، بعد استهداف السفينتين من قبل القوات البحرية اليمنية. إلا أن الصحيفة زعمت أنه "تم اتخاذ هذه الخطوة لمراقبة أنشطة إيران في المنطقة".
وأكدت أن "إسرائيل" تنسق تحركاتها مع الولايات المتحدة التي تتواجد سفنها في البحر الأحمر.
مركز "ستراتفور" للدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي، لفت بدوره إلى أن "هجمات حركة أنصار الله اليمنية البحرية على السفن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تهدد بنقل حرب غزة إلى اليمن، وتهدد محادثات السلام الحوثية مع التحالف العربي الذي تقوده السعودية".
وقال المركز: "إذا ألحقت هجمات الحوثيين البحرية الأخيرة، المتزامنة مع حرب غزة، أضراراً كبيرة بالسفن العسكريّة الأمريكيّة أو السفن الإسرائيليّة، فقد تُضطر الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تنفيذ ضربات انتقاميّة ضدّ مصالح الحوثيين في اليمن"، حدّ تعبيره.

تجاهل أو تأجيل
يأتي هذا فيما توالت، أمس، التفاعلات في مواقع التواصل الاجتماعي، مع العملية اليمنية ضد السفن الصهيونية في البحر الأحمر.
صفحة "الصين بالعربية"، التابعة لوزارة الخارجية الصينية، قالت في تغريدة بمنصة "إكس": "عرف اليمنيون سر الدفاعات الأمريكية الحامية لإسرائيل وسفنها"، مضيفة: "قصفوا المدمرة الأمريكية كارني المرابطة في باب المندب جنوب البحر الأحمر، وشغلوها بالدفاع عن نفسها. وبالتزامن قصفوا سفينتا الشحن، وتجنبوا المضادات المحتملة من المدمرة الأمريكية".
وفي السياق علّق المحلل السياسي المصري سامح عسكر على البيان الأمريكي الذي زعم استهداف القوات المسلحة اليمنية للمدمرة الأمريكية في باب المندب، قائلا، في حسابه على منصة "إكس": "الولايات المتحدة، ردا على استهداف الحوثيين سفينتين إسرائيليتين ومدمرة أمريكية في باب المندب: نحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين".
وأضاف: "يبدو أن العدوى وصلت إلى الجيش الأمريكي، فهو غير مستعد للصراع مع اليمنيين، ويفضل تجاهل أو تأجيل المعركة معهم، لتركيزه الشديد على حماية إسرائيل في الشمال"، في إشارة إلى الحرب الصهيونية الأمريكية على فلسطين.
وأوضح عسكر: "أحيانا يكون دواء الغطرسة صدمة تُشعره بقلة الحيلة، فالأمريكيون ورثوا إمبراطورية البحر من الإنجليز، ويعتقدون أنهم أسياد بحار العالم، فشعورهم بالعجز عن حماية سفن الصهاينة، أو حتى سفنهم، هو شعور قاسٍ  جدا سيتُرجَم إما إلى قرارات متسرعة وخاطئة وإما إلى انسحاب خطوة للوراء".
وأشار المحلل السياسي المصري إلى أن "ضرب سفن إسرائيل -برغم تأثيره السلبي على سمعة الملاحة بالبحر الأحمر- ينبئ بصعود قوى جديدة في الشرق الأوسط مختلفة عن القوى التقليدية القديمة".
وعلق على ذلك بالقول: "شخصياً أنصح بدراسة هذه القوى الصاعدة برؤى خالية من العواطف، وتتسم بالحياد والتجرد، على الأقل لفهم خريطة الشرق الأوسط في العشرين سنة القادمة".