تقرير: عادل بشر / لا ميديا -
كشفت وسائل إعلام عبرية، أمس، عن قرار غير معلن لدولة الإمارات بإقامة جسر بري مع الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة، لتسهيل نقل البضائع لدولة الاحتلال، بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت لها «تل أبيب» نتيجة إعلان صنعاء حظر مرور السفن الصهيونية من البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وأفادت صحيفة «معاريف» العبرية، أنه تم توقيع اتفاقية تقضي بإنشاء جسر بري بين ميناءي دبي وحيفا بهدف «تجاوز تهديد اليمن بإغلاق الممرات الملاحية»، على حدّ زعمها.
وقالت الصحيفة: «في ظل الحرب تم توقيع اتفاق يتم بموجبه تشغيل جسر بري بين ميناء دبي وميناء حيفا».
وأضافت أن الجسر البري المزمع إقامته «يهدف إلى تجاوز تهديد الحوثيين في اليمن بقطع الممرات الملاحية في الطريق إلى إسرائيل».
وصعدت القوات المسلحة اليمنية في حكومة الإنقاذ اليمني بصنعاء، من عملياتها ضد الكيان الصهيوني، رداً على المجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزة، وكان آخر العمليات اليمنية، استهداف سفينتين صهيونيتين، الأحد الماضي 3 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، قُبالة باب المندب، بعد نحو أسبوعين من احتجاز سفينة شحن مملوكة لرجل أعمال صهيوني واقتيادها إلى السواحل اليمنية.
وفيما أكدت صنعاء مراراً حرصها على سلامة الممرات المائية وملاحة السفن، مشددةً على أنّ العمليات العسكرية التي تنفذها تستهدف السفن «الإسرائيلية» فقط، حتى يوقف الكيان حربه على غزة والضفة الغربية، إلا أن حكومة الاحتلال ومعها أمريكا تسعى إلى تدويل المخاطر في البحر الأحمر، بهدف التحشيد الدولي ضد القوات المسلحة اليمنية، ليأتي الكشف عن الاتفاقية الإماراتية الصهيونية، حول الجسر البري، ليؤكد، وفقاً لمحللين سياسيين، ضلوع الدولة الخليجية بقوة مع الكيان الصهيوني في جرائم الإبادة وحرب التدمير الممنهج في غزة، والمخطط الهادف الى تهجير الفلسطينيين من القطاع، خدمة لـ«إسرائيل»، إضافة إلى أن الاتفاقية تؤكد أيضاً دفع حكام أبوظبي بقوة لتدويل المعركة اليمنية مع الاحتلال في البحر الأحمر، وتبعات تلك الحرب على الاقتصاد الصهيوني.
كما أن هذه الخطوة (إنشاء جسر بري) تكشف بوضوح حجم المساعي الإماراتية في مساندة الكيان الصهيوني، الذي يواصل عدوانه على قطاع غزة منذ شهرين.
وتربط كيان الاحتلال علاقات استراتيجية مع الإمارات في مختلف المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية. ومنذ بداية العدوان على غزة قالت وسائل إعلام عبرية إن الإمارات قدمت المساندة لدولة الاحتلال.
وفي وقت سابق، تحدّثت وسائل إعلام عبرية عن أنّ الإمارات هي أكثر الدول قلقاً من «دخول اليمن إلى حلقة إطلاق النار»، حدّ وصفها.

خطوة غير مستغربة
توقيع اتفاقية إنشاء جسر بري بين دبي وحيفا، لم يكن غريباً على الدولة الخليجية التي تتفاخر بعلاقتها المتينة مع كيان الاحتلال، وفقاً للقيادي في حركة الجهاد الإسلامي الحاج أبو سامر موسى.
وقال أبو سامر لـ«لا»: «التحام اليمن بملحمة طوفان الأقصى، كان قراراً شجاعاً وعروبياً وقومياً»، مضيفاً: «هذا البلد الذي تعرض لعدوان ظالم لتسع سنوات، لم تمنعه الجغرافيا البعيدة أو التهديدات الأمريكية من نصرة إخوانه في فلسطين، فأرسل المسيرات والصواريخ لقصف إيلات المحتلة، واستخدم معادلة البحر الأحمر، مع إدراكه حجم المخاطر والتجييش الدولي ضده، وتمكن خلال فترة وجيزة من ضرب اقتصاد العدو في مقتل».
أبو سامر، وهو مسؤول العلاقات الفلسطينية في حركة الجهاد الإسلامي بلبنان، أوضح في سياق حديثة مع «لا» أنه من الطبيعي أن «تهُبّ دول الخيانة والتطبيع لإنقاذ العدو الصهيوني، لذا ليس مستغرباً على المتتبع لسياسة الإمارات أن يتدخل ابن زايد في اللحظات الحرجة التي يعاني منها الكيان المؤقت، لإمداده بمقومات الحياة كما فعل البعض من خلال إرسال سفن الإغاثة والخضروات والفاكهة عبر البحر الأبيض المتوسط، وفتح الأسواق له ولإعطائه المزيد من فرص البقاء وعدم الانهيار على كافة المستويات الاقتصادية أو العسكرية والأمنية».
وأكد أن هذه الخطوة التي تحاول أبوظبي من خلالها تقديم العون للكيان الزائل، بإيعاز أمريكي، لن تسهم بشكل عملي في تغطية احتياجات الكيان، سوى بشكل محدود وبأسعار مرتفعة مما يُشكل عبئاً على الخزينة الصهيونية.

اليمن أضرّ بالاقتصاد الصهيوني
من جهته أوضح المحلل السياسي الفلسطيني صالح أبو عزة، أن «توقيع اتفاقية بين ميناء دبي الإماراتي وميناء حيفا المحتل، لإقامة جسر بري بديلاً عن الجسر البحري؛ أول ما يعنيه ذلك، هو أنّ ما قام به اليمن في البحر الأحمر وباب المندب كان له كبير الأثر في تجارة إسرائيل الخارجية، وأضرّ بشكل واضح باقتصاد الاحتلال».
وأضاف أبو عزة في تصريح لـ«لا»: «الجسر البري بين ميناءي دبي وحيفا ليس مُعلّقاً بالهواء؛ فهو سيمر في الأراضي السعودية والأردنية، وهذا يعني أنّ الرياض وعمّان شريكتان في جريمة إنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي، وهذه مشاركة واضحة من العواصم العربية الثلاث في حربها ضد غزة، ووقوفها إلى صف كيان الاحتلال».
وأردف: «يمتلك الإخوان المسلمون في الأردن عشرات آلاف الكوادر المنتسبين إليها، وبدلاً من الجلوس في البيوت وإطلاق حملات التخوين لأنصار الله والتهوين من دور المحور، بإمكانهم استهداف الممر البري الذي يمر عبر أراضيهم ويربط بين ميناءي دبي وحيفا، إن كانوا صادقين بوقوفهم مع غزة».
وأكد أبو عزة أن «الكيان الإسرائيلي يعاني اقتصاده جراء الحرب على غزة، حيث تكلفة الحرب اليومية تتجاوز ربع مليار شيكل، وجاء التدخل اليمني لصالح غزة بقراره حول منع السفن الإسرائيلية من المرور عبر البحر الأحمر ليزيد من إرهاق الاقتصاد، ويحاصر تجارة الكيان الخارجية التي تعتمد بنسبة عالية فيه على الممر البحري الجنوبي».. لافتاً إلى أنه «بعد أن أوقفت صنعاء واستهدفت عدداً من السفن الإسرائيلية، زادت مخاطر الاعتماد الإسرائيلي على طريق البحر الأحمر، فهي بين سندان المنع اليمني ومطرقة ارتفاع تكلفة النقل والتأمين، وهذا له تأثير مباشر على سعر السلع والبضائع، وسعر صرف الشيكل مقابل الدولار، وضرب لمكانة الكيان الاقتصادية كنقطة وصل بين آسيا وأوروبا».
وشدد المحلل السياسي الفلسطيني أبو عزة على أن «الكيان يبحث عن البديل، بديل أمني عبر الاستعانة بالولايات المتحدة لحماية سفنه، وبديل تجاري عبر إيجاد ممرات جديدة حتى لو لم تكن بحرية».

مخطط أميركي -صهيوني لإعادة إحياء خط الحجاز القديم
توقيع الاتفاقية بين الإمارات والكيان الصهيوني بإنشاء جسر بري يربط بين ميناءي دبي وحيفا، هو مشروع قديم يسعى كيان الاحتلال ومن خلفه أمريكا إلى تنفيذه منذ سنوات، وبدأ الطرح لهذا المخطط منذ العام 2017م تحت مسمّى «مسارات من أجل السلام الإقليمي»، حيث سعى كيان العدو الصهيوني الى الترويج لمشروع ربط سككي يربط ميناء حيفا مع دول الخليج وصولاً إلى الموانئ الإماراتية. وبعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الإمارات و«إسرائيل» عام 2020 أخذ هذا المشروع زخماً كبيراً وتزايدت الخطابات «الإسرائيلية» التي تروّج له. ونشرت المواقع «الإسرائيلية» أن «إسرائيل» والولايات المتحدة تعملان على خطة لمشروع ربط بري للشاحنات التي تتنقّل بين «إسرائيل» والإمارات مروراً بالأردن والسعودية. وبالتالي يصل المشروعان بين البحر الأبيض المتوسّط والخليج الفارسي.

مشروع الربط السككي
يعتمد المشروع المُقترح على استخدام الأراضي الفلسطينية المحتلة كجسر بري بين البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، والأردن كمركز نقل إقليمي. وبحسب وزارة الخارجية «الإسرائيلية»، سينقل المشروع، في مراحل لاحقة، المسافرين الآتين من أوروبا والراغبين بالذهاب إلى دول الخليج.
ينطلق المشروع المُقترح عبر خط قطار المرج، الذي يمتد من مدينة حيفا إلى مدينة بيت شيعان، القريبة من الحدود الأردنية. من هناك، يكمل المشروع طريقه نحو الأردن مروراً بمعبر نهر الأردن، أو ما يُعرف بجسر الشيخ حسين، ليتّصل هناك بخط السكك الحديدية الداخلية للبلاد ليربط الخط بميناء العقبة المطل على البحر الأحمر. من الأردن يُكمل الخط طريقه إلى السعودية ثم الإمارات.
بالنظر إلى الخريطة التي يمتد فيها المشروع، من الممكن القول إن كيان العدو يحاول إعادة إحياء خط الحجاز القديم، مع استثناء سوريا نظراً إلى موقفها ضد الكيان الصهيوني.
وخط الحجاز هو خط سكك حديد، بلغ طوله 1464 كيلومترًا، أنشأته السلطنة العثمانية لنقل الركاب والبضائع من فلسطين المحتلة إلى سوريا ومنها إلى السعودية مروراً بالأردن. افتتح الخط عام 1908 من قبل السلطان عبدالحميد الثاني. وفي عام 1909، جرى تنظيم رحلات يومية بين حيفا ودمشق، وثلاثة رحلات أسبوعيا بين دمشق والمدينة المنورة، تم من خلالها نقل الركاب والبضائع التجارية، كما جرى تنظيم رحلات إضافية لنقل مواد البناء والإمدادات العسكرية والحجاج. وبالتالي، الطرح الإسرائيلي الأخير هو رؤية تطويرية لخط الحجاز القديم مع استبدال سورية بالإمارات.

مشروع الربط البري
ضمن نفس المسار، ومن أجل كسب الوقت وجر بعض الدول العربية نحو تطوير علاقاتها مع كيان العدو طرح الأخير على الولايات المتحدة، عبر مُقترح قُدّم من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، خطة لمشروع ربط برّي للشاحنات يصل ميناء حيفا بالإمارات مروراً بالأردن والسعودية. وبحسب الخطة التي قدّمتها «إسرائيل» إلى واشنطن، من المحتمل أن تنضم البحرين وعُمان إلى المشروع.