عبدالعليم مقبل: نواجه ضغطاً شديداً في القيام بعملنا ونتمنى أن يدرك الجميع ما نعانيه
- تم النشر بواسطة حاوره / عبده سعيد قاسم / لا

الأمانة..لا شيء يعمل سوى النظافة
عبدالعليم مقبل: نواجه ضغطاً شديداً في القيام بعملنا ونتمنى أن يدرك الجميع ما نعانيه
رغم ما تعانيه البلاد جراء العدوان والحصار، إلا أن العاصمة صنعاء تختال ببهاء وزهو بفضل أعمال النظافة التي تكاد تكون الحسنة الوحيدة فيها، ومن ينظر إلى الإمكانيات الشحيحة المتوفرة الحالية مقارنة بما كان موجوداً سابقاً، سيلحظ أن الفارق الوحيد تصنعه سواعد القائمين على أعمال النظافة وما تبذله من جهود دؤوبة من أجل إبقاء صنعاء عاصمة نظيفة.
صحيح أن المدينة توسعت جغرافياً وعدد السكان شهد تزايداً مضطرداً بسبب زيادة النمو السكاني أو ظاهرة النزوح إليها، ولكن ذلك لم يمنع قيادة صندوق النظافة وكافة القائمين على أعمال النظافة، من القيام بواجبهم، وهو ما نلمس أثره جلياً على أرض الواقع.
صحيفة (لا) التقت الأخ عبدالعليم مقبل، المدير التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين بأمانة العاصمة، وحاورته بشفافية عن سير أعمال النظافة في أمانة العاصمة، وأبرز المشاكل والمعوقات التي يواجهها الصندوق.
لا فرق بين مثبت ومتعاقد
ـ كم عدد القوة البشرية في الصندوق بما فيها العاملين في مشروع النظافة؟ وهل تم توظيفهم رسمياً وفقاً لقرارات الحكومات السابقة؟
عدد العاملين الآن في الصندوق 6650 عاملاً.. المثبتون منهم 3286 موظفاً، والبقية لا زالوا متعاقدين.
ـ والذين لم يتم تأسيسهم في الوظيفة العامة، هل أنتم ملتزمون بربط رواتبهم التعاقدية وفقاً لنصوص قانون الأجور والمرتبات كحد أدنى وأعلى؟
لا يوجد فرق بين المثبتين والمتعاقدين في هذا الجانب.
تغطية تأمينية شاملة
ـ هل لديكم تأمين صحي على عمال النظافة؟
نعم لدينا تأمين تقاعدي وتأمين صحي على الجميع.
- تناهى الى مسامعنا خبر قبل أعوام قليلة بأن أحد عمال النظافة بالأمانة جرحت قدمه، ونتيجة لتسمم الجرح بترت قدمه.. كيف تتعاملون مع هذه الحالات؟ وهل يتم تعويضهم؟
صراحة لم يسبق أن سمعنا بهذه الحالة، ونحن على رأس إدارة الصندوق، لكن بالإضافة إلى ما ذكرته سابقاً عن وجود تأمين تقاعدي وتأمين صحي على العاملين في النظافة، لدينا أيضاً تأمين على الحياة.
النظافة لا تحتمل الغياب
ـ هل المنتسبون للصندوق بمختلف مسمياتهم الوظيفية ملتزمون بدوامهم وأداء مهامهم؟
بالتأكيد، فأعمال النظافة لا تحتمل الغياب، لأن الغياب في هذا المجال يظهر.
مئات الأطنان من المخلفات
- كم هي الأطنان من المخلفات التي يتم ترحيلها من الأمانة الى المقلب يومياً؟
في الوقت الحاضر العمل توسع أكثر عما كان عليه في فترات سابقة، والكمية التي يتم ترحيلها تتراوح ما بين 1400 و1600 طن يومياً، أما في المناسبات مثل رمضان والأعياد الدينية، فإن الكمية ترتفع بشكل كبير.
20 منطقة نظافة
- كم لديكم مناطق ترحيل مباشر؟ وما هي المقاييس التي بنيتم عليها تحديد المناطق؟
لدينا في أمانة العاصمة 20 منطقة نظافة، والأمانة مقسمة 10 مديريات، وبعض المديريات فيها 4 مناطق مثل مديرية السبعين، وإجمالاً لدينا 20 منطقة نظافة، والمناطق البعيدة تمر عبر مرحلتين.
توسع جغرافي وسكاني
ـ هل لديكم دراسة عن إنتاج الفرد الواحد من المخلفات؟
بالتأكيد لدينا دراسة في هذا الجانب، حيث كان عندنا 5 كيلو لإنتاج الفرد، وكان ذلك مبنياً على إحصائيات رسمية عن 426 ألفاً عدد المساكن، والحقيقة الآن هذا الرقم ضئيل جداً بسبب عملية النزوح، وبناء على إحصائيات الجهاز المركزي وفق آخر تعداد للمساكن والسكان، فإن الزيادة السكانية في الأمانة كبيرة، حيث زاد سكان الأمانة بمقدار مليونين، إضافة إلى أن الأمانة توسعت جغرافياً.
النفقات علينا والإيرادات لغيرنا
- هناك مناطق في أطراف الأمانة تتبع إدارياً محافظة صنعاء، من يتولى جمع وترحيل المخلفات منها أنتم كصندوق تابع للأمانة أم صندوق نظافة محافظة صنعاء؟
هذه إشكالية، ونحن في العام الماضي عقدنا لقاءات مع الإخوة في محافظة صنعاء بهذا الخصوص، فمثلاً شارع الخمسين شارع هام وحيوي كافة الخدمات نقوم بها نحن في صندوق أمانة العاصمة، لكنه إيرادياً يتبع محافظة صنعاء. معضلة الصندوق هنا تكمن في أن العاصمة صنعاء تكاد تكون العاصمة الوحيدة في العالم التي ليس لها حدود إلا مع محافظة واحدة، وهي محافظة صنعاء، ولا أعتقد أن هناك مدينة مداخلها لا تتبعها إيرادياً، كما هو الحاصل معنا، حيث مداخل المدينة لا تتبعنا بالإيرادات، ولكنها تتبعنا بالنفقات، في الوقت الذي تعتبر فيه مداخل المدينة من أماكن الدعاية المغرية.
تحصيل أعمال الدعاية من حق الصندوق
ـ هل تتحصلونها أنتم أم الأشغال؟
الدعاية في الساحات والميادين وفي الشوارع يقوم بها الصندوق مباشرة، وما يسمى الدعاية للوحات التعريفية ولوحات المحلات تقوم بها مناطق الأشغال وتوردها للصندوق وفقاً للقانون، ونحن نعطيهم عمولة.
نقص في الموارد
ـ هل لا يزال الصندوق يتحصل موارده المالية بذات الوتيرة التي كانت سائدة قبل العدوان؟
بالتأكيد لا.. فالأمور تأثرت حتى من قبل الأحداث التي تمر بها البلاد حالياً.
قدمنا لائحة وطعن بها أحد الوزراء
- ألا تطمحون إلى رفع الرسوم على البضائع التي تدخل الأمانة من خلال تقديم لائحة أو مشروع قانون إلى مجلس الوزراء؟ فباعتقادي أن القانون الذي اعتمد رسوم التحسين 5 ريالات فقط للكرتون يعتبر متأخراً لأن المدينة تتوسع وبحاجة للتغطية بالعمال والمعدات.
نحن قدمنا لائحة أواخر 2014، وتم اعتمادها من رئيس الوزراء السابق، ولكن للأسف الآن أحد الوزراء (السابقين) طعن في اللائحة باعتباره محامياً لإحدى الشركات العامة.. ونحن دائماً نردد ـ مسؤولين ومثقفين ـ أن النظافة مسؤولية مجتمعية، ولكن في الحقيقة لا نعمل بهذا، وكلنا نريد القانون.
الأسواق لا تتبعنا
- الذين يفتحون أسواقاً للقات هل يلتزمون بدفع رسوم ترحيل مخلفات أسواقهم؟ فالناس يجدون أن المخلفات تتراكم في هذه الأسواق بشكل كبير يشوه المنظر العام ويلوث البيئة بالأكياس البلاستيكية المتراكمة وسائر المخلفات، بعضها غارق حتى بالفضلات الآدمية.
كافة الأسواق تكاد لا تتبع الصندوق، لدينا مشكلة في الأسواق بسبب بعض المتنفذين، ومشكلة أيضاً في عدم تحديد جهة واحدة، بحيث إن هذه الأسواق تتبعها، فبعض العقود تعمل من خارج الصندوق، فالصندوق لا يستطيع الادعاء بأن الأسواق تتبعه.
ـ ولكن الصندوق ملزم بترحيل مخلفات الأسواق.
صحيح أننا ملزمون بترحيل المخلفات، لكننا لا نحصل على موارد بما فيه الكفاية وفقاً للقانون.
نتحمل مرتبات المتعاقدين
ـ قبل 2011 كان هناك دعم مالي سنوي تقدمه الحكومة لصناديق النظافة على هيئة معونات كل 3 أشهر، هل لا زال ذلك سارياً؟
نعم لا يزال سارياً، لكن بشكل مختلف.. ففي 2011 مع إضراب العاملين وقرار الحكومة بتثبيت العمال، ذهبت الأمور بعيداً، وتحملت وزارة المالية مرتبات المثبتين بديلاً عن الدعم، ولا زال هذا قائماً حتى اللحظة، لكن هناك مشكلة، فوزارة المالية لا تعتمد إلا مرتبات المثبتين فقط، ونحن لدينا حوالي 2600 متعاقد مرتباتهم تتحملها موارد الصندوق.
ـ هل مركز التوعية البيئية في الأمانة يؤدي الدور المطلوب منه؟ وهل ينسق مع قيادة الصندوق؟
بالتأكيد، ونحن نجزم بأنه لا أحد يعمل غير صندوق النظافة.
ندرس مقترح فرض رسوم على مصانع البلاستيك
- كيف يتم التعامل مع مصانع البلاستيك، وهي من أهم مصادر التلوث البيئي، وبالذات الطواحين التي تبعث الأدخنة الكثيفة المشبعة بمختلف المواد الضارة مثل ثاني أكسيد الكربون وأكسيد الكبريت ومختلف العناصر الثقيلة؟
كان يفترض أن يكون هناك تشريع، ونحن كنا نفكر بتقديم مقترح للسلطة المحلية كي تفرض رسوماً على مصانع أكياس البلاستيك.
وفي كافة الأحوال إن البلاستيك لا يتحلل إلا بعد حوالي 4 مليارات سنة، لكن المشكلة الآن تتمثل في جمع هذه الأكياس، وهذه مشكلة تشريعية.
إمكانيات الفصل بين النفايات غير متوفرة
- كيف تتعاملون مع النفايات السائلة الناتجة عن المصانع التي تنتج المواد الكيماوية مثل المنظفات؟ وهل تلتزم المستشفيات ومختلف المنشآت الطبية بتوفير محارق لمخلفاتها، أو يتم جمعها بالطرق التقليدية، وكما تعلم أنها من أخطر المخلفات؟
نحن ليس لدينا إمكانيات ولا أدوات لعملية الفصل بين النفايات، المخلفات كلها تذهب إلى المقلب، وفي الظروف الحالية الناس يبحثون عمن يرفع المخلفات.
قنبلة موقوتة في الأمانة
ـ هل لديكم إدارة طبية؟
كان لدينا إدارة المخلفات الطبية الخطرة، ومع الأحداث سرقت أدواتها، وهي بملايين الدولارات، ولا زالت القضية في الجهات المعنية.. غير أن مشكلتنا الأساسية تتمثل في المقلب، لأن المقلب هذا عمره الافتراضي انتهى، في الوقت الذي يرفع فيه العالم كله شعار (صفر مخلفات)، أي لا وجود لمخلفات، بينما نحن نبحث عن مقلب، وهذا المقلب يمثل قنبلة موقوتة في أمانة العاصمة، وأول ما بدأت أعمال النظافة وهو يخدم 3 محافظات (أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء وعمران)، وصندوق الأمانة يتحمل الأعباء كافة من نفقات هذا المقلب، وتوفير مقلب جديد هو مطلب دائم مطروح أمام قيادة أمانة العاصمة.
بطريقة الدفن
- كيف تتخلصون من المخلفات في المقلب بطريقة الحرق أم بالدفن؟
بالدفن.
- هل تجدون تعاوناً من السكان في مناطق الترحيل المباشر؟
إلى حدٍّ ما.
ترف ليس وقته الآن
- ألا ترى أنكم بحاجة لإقامة ورش تدريبية لعمال النظافة وتنمية وعيهم في التعامل مع المخلفات وترحيلها؟
لدينا في الصندوق إدارة للتدريب والتأهيل، وكان لدينا خطط وبرامج، لكن نتيجة الظروف الحالية التي يمر بها البلد، وجدنا أن إقامة دورات سيُعد ترفاً، ونجدها فرصة من خلالكم لدعوة المنظمات والهيئات ورجال المال والأعمال أن يقوموا بدور إيجابي سواء في دعم التأمين الصحي أو في دعم ورش العمل والدورات التدريبية لعمالنا كما لموظفينا.
ـ هل تديرون الصندوق باستقلالية تامة دون تدخل من جهات غير معنية كاللجان الثورية مثلاً؟
إلى حدٍّ كبير.
لا شيء يعمل غير النظافة
ـ هل لديك ما تقوله ولم نسألك فيه؟
ما فقدناه في هذه الفترة، نحن نفقد نحو مليار ريال سنوياً من الكهرباء، وكانت أهم مورد للصندوق، والمشكلة أن الإخوة في البنك المركزي والإخوة في وزارة المالية، رغم تفهمهم لموضوع النظافة وعاملي النظافة، لكنهم لا يدرون ما الذي نعانيه، وهذا ضغط شديد جداً، عامل النظافة ليس مرتبات وأجور، عامل النظافة هو ديزل، وإذا لم يوجد ديزل لن تخرج المعدات لجمع المخلفات، وبالتالي لن توجد نظافة.. ونحن نتمنى من الجميع أن يدرك أنه ليس هناك شيء باقٍ في هذا البلد غير النظافة.
كما أن الصندوق لا يقوم فقط بتمويل أعمال النظافة، لكنه يمول أيضاً الإدارة العامة للحدائق والمتنزهات، بما في ذلك حديقة الحيوانات، وأيضاً التشجير في الجزر الوسطية في شوارع الأمانة. وكما أننا مسؤولون عن النظافة، فإننا مسؤولون عن التحسين، أي الجانب الجمالي في العاصمة؛ لكن ونتيجة لشحة الإيرادات والظروف التي تمر بها البلاد، تراجع الاهتمام بالمجسمات الجمالية في الميادين العامة.
المصدر حاوره / عبده سعيد قاسم / لا