تقرير - عادل بشر / لا ميديا -
"الحوثيون يبثون الرعب في قلوب البحرية الأميركية.. غارات مدمرة تهز الطيارين وتجبرهم على الانسحاب من البحر الأحمر".. هكذا عنونت وسائل إعلام غربية تقاريرها، تعليقاً على عودة حاملة الطائرات الأمريكية الأضخم "داويت دي آيزنهاور" ومجموعتها القتالية الهجومية الأقوى من بين الترسانة الحربية للولايات المتحدة، إلى ولاية فرجينيا في أمريكا، منكسرة إثر معارك بحرية مع القوات المسلحة اليمنية، في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وصفها الإعلام الغربي بأنها "أشد معركة بحرية واجهتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية".
مصطلح "إثارة الرعب" الذي استخدمته وسائل إعلام غربية، في عناوينها، لم يأتِ من خيال محرريها، وإنما تم استقاؤه من شهادات أدلى بها طيارون وبحارة في البحرية الأميريكية ضمن مجموعة حاملة الطائرات "آيزنهاور"، أثناء وصولهم الجمعة الماضية إلى ولاية فرجينيا، بعد نحو 7 أشهر من المواجهة البحرية مع القوات المسلحة اليمنية.. واصفين ما يحدث في البحر الأحمر بأنه "نوع من الجنون".
شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية واسعة الانتشار، نقلت عن المقدم تشاريتي سوما، وهو أحد الضباط على متن حاملة الطائرات، قوله: "بصراحة، كان الأمر لا يصدق تمامًا. لا أعتقد أن أي شخص على متن مجموعة حاملة الطائرات تلك كان يتوقع حدوث ذلك".
وأكدت الشبكة الإخبارية أن من وصفتهم بـ"الحوثيين" يستهدفون من خلال عملياتهم البحرية السفن المرتبطة بـ"إسرائيل" أو الولايات المتحدة أو بريطانيا، دعماً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

اضطرابات ما بعد الصدمة
وفي إشارة إلى قوة ودقة الصواريخ اليمنية، أوضح تقرير "سي بي إس نيوز"، أن  "بحارة البحرية الأمريكية شاهدوا الصواريخ التي أطلقها الحوثيون قبل ثوانٍ من تدميرها بواسطة أنظمة الدفاع على متن سفينتهم". مشيرة إلى أن المسؤولين في البنتاغون "تحدثوا عن كيفية رعاية البحارة عندما يعودون إلى ديارهم، بما في ذلك تقديم المشورة والعلاج لاضطرابات ما بعد الصدمة المحتملة".
وقال القائد بنجامين أورلوف، قائد سرب رامبيجر: "إن معظم البحارة، بمن فيهم هو، لم يكونوا معتادين على التعرض لإطلاق النار، بالنظر إلى الاشتباكات العسكرية السابقة التي خاضتها الولايات المتحدة في العقود الأخيرة".
وأضاف: "لقد كان الأمر مختلفًا بشكل لا يصدق، وسأكون صادقًا، لقد كان الأمر صادمًا بعض الشيء بالنسبة للمجموعة. إنه شيء لا نفكر فيه كثيرًا حتى نواجهه".. مشيراً إلى أنه خلال سبعة من الأشهر الثمانية التي تم نشر السرب فيها كان تحت تهديد مستمر من هجمات الحوثيين الجوية والبحرية على مسافات قصيرة.
وقال أورلوف: "إن المسافة القريبة التي كنا نقطعها بالعدو، وحقيقة أننا كنا نستخدم ضربات الدفاع عن النفس، لم تكن هذه ضربة بعيدة المدى. بل كانت في وجهنا مباشرة".. مضيفاً: "لقد كانت معارك عنيفة للغاية، واشتباكات لم نشهدها من قبل، في ما يتعلق بحاملة الطائرات، والتي يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية".. مشبهًا القتال فوق البحر الأحمر بالحرب في المحيط الهادئ ضد الإمبراطورية اليابانية.
وعندما سئل أورلوف من قبل شبكة "سي بي إس" الإخبارية عما إذا كان من الممكن وصف ما واجهوه بأنه القتال البحري الأكثر كثافة منذ الحرب العالمية الثانية، أكد أن هذا الوصف "مناسب تمامًا".
وقال مسؤولون في البحرية الأمريكية إن مجموعة حاملة الطائرات التي يصفونها بـ"الضاربة" أطلقت أكثر من 400 صاروخ جو-أرض و55 صاروخ جو-جو.

قتال عالي الوتيرة
المعهد البحري الأمريكي، من جهته، نشر تقريراً في ذات السياق، استهله بالقول: "بعد قرابة تسعة أشهر من القتال عالي الوتيرة ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة للحوثيين في البحر الأحمر، عادت الأسراب التسعة المرتبطة بحاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي آيزنهاور (CVN-69) إلى ديارها يوم الجمعة".. مشيراً إلى أن الطيارين شبهوا "شدة المواجهات بحملات الحرب العالمية الثانية".
ونقل المعهد البحري الأمريكي عن الكابتن مارفن سكوت، قائد الجناح الجوي الثالث لحاملة الطائرات قوله إن من وصفهم بالمتمردين الحوثيين "أطلقوا بانتظام صواريخ باليستية وصواريخ كروز مضادة للسفن على السفن التجارية والسفن التابعة للبحرية الأميركية في البحر الأحمر".. لافتاً إلى أن طائرات مجموعة "آيزنهاور" كانت "تقضي فترة انتشارها في حالة تأهب دائم من الذخائر أحادية الاتجاه القادمة مثل الطائرات بدون طيار منخفضة التقنية والصواريخ الكروز التي تطلق من الشاطئ".
وأضاف سكوت: "لقد كان شيئًا لم نشهده حقًا، أن تكون مجموعة حاملة طائرات قريبة من هذا النوع من القتال، حقًا منذ الحرب العالمية الثانية، إنها معركة بحرية بكل المقاييس".
وأوضح تقرير المعهد البحري الأمريكي أن العديد من الطيارين من الجناح الجوي وصفوا القلق الناجم عن وتيرة العمليات العالية وبيئة التهديد التي امتدت إلى قاعدة عملياتهم على متن حاملة الطائرات آيزنهاور بين المهام القتالية.
ونقل عن المقدم طيار كيث جيرونيموس، القول إن "الحوثيين يحاولون باستمرار التفوق على قوات التحالف باستخدام أسلحة وتكتيكات جديدة، بما في ذلك أنظمة الطائرات بدون طيار والقوارب الصغيرة بدون طيار والصواريخ".
وأضاف: "إنهم يحاولون أشياء جديدة كل يوم، وهو أمر صعب. كنا نحلق على مدار الساعة"، كما قال: "في مرحلة ما، كنا نحلق طوال اليوم. كانت مجموعتنا الضاربة تطلق الإنذارات طوال الليل. لفترة من الوقت، كانوا يطلقونها كل ليلة تقريبًا. إنه أمر جنوني".
وقال مسؤولون في البحرية الأمريكية إن طائرة CVW-3 أثناء نشرها مع حاملة الطائرات آيزنهاور قامت لوحدها بأكثر من 13800 طلعة جوية لأكثر من 31 ألف ساعة طيران إجمالية وأكملت أكثر من 10 آلاف عملية إطلاق واستعادة للطائرات.
وكانت المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات "داويت آيزنهاور" قد غادرت البحر الأحمر في 22 حزيران/ يونيو الماضي، بعد مرور 7 أشهر على نشرها في المنطقة لمحاولة دعم الاحتلال الصهيوني أمام الهجمات التي يشنّها اليمن نصرةً لغزة ومقاومتها، وبعد تعرّضها لعدّة هجمات عبر الصواريخ والمسيّرات من قبل القوات المسلحة اليمنية أدّت إلى انكفائها منكسرة.