اليمن بالحبر الغربي -
كان الحوثيون يريدون الحرب مع «إسرائيل» منذ عقود، ويتضمن شعارهم المميز المكون من خمسة أسطر، والمطبوع ‏على الأعلام ويتم ترديده في التجمعات، عبارتي: «الموت لإسرائيل، واللعنة على اليهود».
وفي التاسع عشر من تموز/ يوليو، تحققت رغبة الحوثيين عندما ضربت إحدى طائراتهم بدون طيار برجاً شاهقاً في «تل ‏أبيب»، ما أسفر عنه مقتل رجل وإصابة آخرين، وكان الانفجار إشارة إلى واقع جديد مثير للقلق؛ فبعد أن حاصرتها ‏حماس في الجنوب وحزب الله في الشمال، تقاتل «إسرائيل» الآن جماعة إسلامية أخرى، وهي الجماعة التي نجحت -‏وإن بشكل متواضع- في اختراق دفاعاتها الجوية الأسطورية‎.
إن الحوثيين لا يشكلون فحسب تهديداً لـ«إسرائيل» التي ردت على الفور بشن غارات جوية على ميناء يسيطرون عليه ‏على البحر الأحمر، فقد أصبحوا أكثر خطورة وتقلباً بشكل مطَّرد في الأشهر الأخيرة، وقد حافظوا على هجماتهم ‏ضد الشحن التجاري في البحر الأحمر، بل وكثفوها رغم الجهود العسكرية الأمريكية واسعة النطاق ‏لوقفهم‎.
وأصدر القائد الأعلى للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط مؤخراً تقريراً مثيراً للقلق يقول إن الجهود العسكرية لكبح ‏جماح الحوثيين فشلت ويجب توسيعها‎.
فقد تمكنت قوات الحوثيين من إجبار المملكة العربية السعودية على التراجع المهين في نزاع العقوبات المالية، من ‏خلال التهديد بمهاجمتها، حيث تشكل هذه القوات جزئياً مقياساً لمدى ضعف جيرانها الشديد، فضربة صاروخية ‏ناجحة على فندق في دبي أو مركز مؤتمرات في الرياض تعتبر ضربة مدمرة، وتبلغ قيمتها مليارات الدولارات ‏من الخسائر في الأعمال التجارية وعائدات السياحة. أما الحوثيون فلا يخشون مثل هذه الأمور؛ فقد اعتادوا ‏التعرض للقصف، ويتلذذون بالاستشهاد، كما اعتادوا العيش في الكهوف‎.
لقد استخدموا أسلحة أكثر تطوراً منذ أن بدؤوا في مهاجمة السفن في البحر الأحمر العام الماضي، وقد يزداد الوضع ‏سوءاً‎.
ومع تعليق العمل بخريطة الطريق، بدأت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ومقرها مدينة عدن الساحلية الجنوبية، ‏في بذل الجهود في الأشهر الأخيرة لإضعاف الحوثيين من خلال قطع وصولهم إلى النظام المصرفي الدولي، لكن ‏الحكومة التي تتخذ من عدن مقراً لها ليس لديها أموال، وهي تعتمد بشكل كامل على السعوديين. وفي تموز/ يوليو هدد ‏الحوثيون بمهاجمة السعوديين إذا لم يضعوا حداً للعقوبات المالية، وسرعان ما استسلم السعوديون، وقد تكرر النمط ‏نفسه مراراً وتكراراً في السنوات الأخيرة‎.
هناك أمر واحد لا شك فيه، وهو أن الضربة الناجحة التي شنوها بطائرة بدون طيار على «إسرائيل» كانت بمثابة حلم ‏تحقق، ويبدو أنهم مترددون في مقايضة تشددهم بالمال الذي يحتاجون إليه بشدة، فقد قال زعيمهم، عبد الملك ‏الحوثي، في خطاب ألقاه: «لقد كنا سعداء للغاية» بالمشاركة المباشرة في حرب ضد «إسرائيل» والولايات المتحدة‎.
 ‎مجلة «ذا أتلانتك» الأمريكية‎