حاورها:طارق الأسلمي / لا ميديا -
عشرة أشهر مرت على الحرب الشعواء التي يشنها الاحتلال الصهيوني بحق أهالي قطاع غزة، ارتقى خلالها آلاف الشهداء والضحايا، بينهم رياضيون.
الصحفية الرياضية نيللي المصري لم تكن بمنأى عن الانتهاكات التي مارسها الاحتلال الصهيوني ضد أهالي القطاع، حيث عاشت أياماً صعبة وعانت من النزوح المتكرر.
ورغم المعيشة الصعبة التي تعيشها "المصري" وسط القطاع، إلا أنها مازالت تمارس مهنتها بتوثيق جرائم الصهاينة بحق الرياضيين، مؤكدة أنها مستمرة في كشف زيف الاحتلال.
وأجرت صحيفة "لا" لقاء خاصاً مع الصحفية الرياضية الغزاوية نيللي المصري، للحديث حول معاناتها وكيف أثرت الحرب في حياتها، وكذلك مشوارها في الصحافة الرياضية.
الصحفية الرياضية الفلسطينية نيللي المصري تروي معاناة الفلسطينيين من الحرب في حوار خاص لصحيفة "لا".

 نرحب بك أستاذة نيللي في هذا اللقاء عبر صحيفة "لا" اليمنية، ونترحم على شهدائنا في فلسطين وغزة...
- مرحباً بكم وبأهلنا في اليمن الشقيق، وشكراً لصحيفة "لا" على هذه اللفتة الكريمة، التي من خلالها نوصل رسائلنا للعالم. رحم الله شهداءنا وشفى الله جرحانا وفك أسرانا.
 حدثينا عن الوضع الآن في غزة، وكيف يتعامل أهالي القطاع مع الظروف الصعبة بسبب العدوان الصهيوني؟
- الوضع صعب جداً، بل كارثي للغاية. عدم توفر الماء والدواء وحتى الغذاء ناهيك عن وضع النازحين في الخيام مع ارتفاع درجات الحرارة وتفشي أمراض كثيرة نظراً للتلوث البيئي بسبب ازدحام المناطق بالخيام والنازحين، ونخشى من حالات وفيات بين الأطفال. على صعيد الوضع الأمني، مازالت الغارات مستمرة، وما من مكان آمن، والجميع نزح لأكثر من مكان.
 كيف أثرت الحرب في حياتك؟ وأين استقر بكم المطاف؟
- الحرب أثرت بشكل كبير،  حتى كنت أشعر بأي مكان أنزح إليه بأنني مستهدفة بشكل مباشر من قبل آلة الحرب «الإسرائيلية». أنا نزحت مع عائلتي من مدينة غزة إلى خارجها ست مرات، وكل مرة نخرج تحت القصف والدمار، وفي نهاية المطاف استقر بنا الوضع في محافظة دير البلح وسط القطاع، عند صديقة لي استضافتني أنا وعائلتي.
في أول مرة نزحنا فيها كنت وعائلتي في بيت شقيقتي، وعندما اضطررنا لإخلاء المنطقة تم قصف الشقة وجميع البنايات، وفقدت كاميراتي ومعدات التصوير، فقد كان همي كيف أقوم بتأمين والدي ووالدتي، فهما كبيران في السن. أيضاً فقدت عملي، نظراً لقصف معظم المكاتب الإعلامية.
الحرب لها تأثير كبير على الصعيد العائلي، فأخواتي ثلاث منهن خارج فلسطين، والأخريات نزحن أكثر من مرة برفقة أزواجهن وأولادهن، ووالداي استطعنا أن نخرجهما إلى مصر نظراً لتعبهما من ظروف الحرب، ولعدم توفر مستشفيات وأدوية، على أمل أن ألحق بهما؛ لكن الاحتلال احتل معبر رفح ولم أستطع الخروج.
 لكل أسرة في غزة قصة معاناة؛ إما خسروا شهيدا أو جريحا أو مفقودا... ماذا عنكم؟
- لم يستشهد أحد من أقربائي، فقط أخي توفي قبل الحرب بشهر. لكن استشهد الكثير من الأصدقاء والجيران والزملاء الصحفيين.
 ما هي أصعب المواقف التي تعرضتِ لها خلال الحرب؟
- عشرة أشهر جميعها صعبة للغاية؛ ولكن من أصعب المواقف عندما طلب الاحتلال من السكان إخلاء المنطقة خلال عشرين دقيقة تمهيداً لقصفها، وكنا مقيمين عند أصدقاء في بناية بالطابق السادس. كان الأمر الأصعب كيف بإمكاننا إخراج والدي، الذي يعاني من آلام في مفصل ركبته ويمشي على عكاز، ناهيك عن عدد الأطفال المتواجدين، واظطررنا ذلك اليوم للمبيت في مخبز وسط برودة شديدة. ومن أصعب المواقف أيضا استشهاد رياضيين نعرفهم عن قرب.
 هل ما زلتِ على تواصل مع زملاء المهنة خارج القطاع؟
- نعم، لديّ صديقات إعلاميات من الوطن العربي وإعلاميون تواصلوا معي وسألوا عن أحوالنا وأبدوا تضامنهم معنا بالدعوات لنا، ولا ننسى أن لدينا أكثر من 300 شهيد صحفي، رحمهم الله.
 ما هي رسالتك للصحفيين في الوطن العربي والعالم؟
- أتمنى منهم تسليط الضوء على الجانب الإنساني والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وفضح جرائم الاحتلال من خلال تقاريرهم، وبإمكاني أنا وزميلاتي تقديم المساعدة لأي صحفي يُريد أن يكتب مادة إعلامية تفضح جرائم الاحتلال الصهيوني.
 هنا في اليمن يوجد تعاطف ومساندة للشعب الفلسطيني إذا كنتِ تتابعين... ما تعليقك؟
- نعم، أتابع ذلك، وأذكر وقفة تضامنية نظمها مكتب الشباب والرياضة في محافظة الحديدة، تنديدا بجرائم العدوان، ناهيك عن مدرجات ملاعب اليمن التي شهدت تضامنا كبيرا مع غزة، وكذلك المظاهرات المليونية في ساحات وميادين اليمن الحبيب.
 كيف ترين المواقف العربية وكذلك الموقف اليمني الداعم للشعب الفلسطيني؟
- المواقف العربية لا بد أن تكون أفضل من ذلك. نحن نشاهد حملات عربية تضامناً مع غزة؛ ولكن هذا غير كافٍ، فهناك طرق كثيرة بإمكانهم القيام بها نصرة لغزة. الموقف اليمني عمل ما بوسعه لنصرة غزة،بل وأكثر، ونثمن كافة المواقف اليمنية وأيضاً العربية والعالمية الحرة، وما يقومون به لنصرة غزة وفلسطين.
 شهدت بعض ملاعب كرة القدم حول العالم تضامناً مع فلسطين. باعتقادك هل كرة القدم تستطيع المساهمة في إيقاف الحرب؟
- نعم، صحيح، كرة القدم قادرة على المساهمة في حملات دعم الفلسطينيين، وفرصة ليعرف الجميع ما يدور في غزة والمجازر التي يرتكبها الاحتلال، ويصبح المجتمع الرياضي أكثر معرفة وقوة، وبالتالي قوة الضغط تكون أكبر.
 نتحدث الآن عن مشوارك الإعلامي، كيف بدأ شغفك بامتهان مهنة المتاعب؟
- أنا أول إعلامية وباحثة رياضية في فلسطين. بدأت منذ عام 2001، وكنت مذيعة في إذاعة محلية، وعملت في مجال كتابة التقارير والأبحاث العلمية الرياضية، وكنت أول من وثق تاريخ رياضة المرأة الفلسطينية.
 ما هي أهم محطاتك المهنية؟ وما هي إنجازاتك في هذا المجال؟
- محطاتي كثيرة في الإذاعة والصحف، إلى جانب ذلك أعمل مصورة رياضية لكل الألعاب، وحصلت على جائزة أفضل بحث علمي رياضي، وتم نشره وتحكيمه في مجلة جامعة النجاح العلمية بنابلس. حصلت على لقب أفضل صحفية رياضية على مستوى فلسطين عام 2015 باستفتاء مؤسسة "أمواج" الإعلامية، وحصلت على جائزة أفضل مصورة صحفية ثلاث مرات على التوالي.
 هل لديك أعمال صحفية خلال أيام الحرب؟
- نعم، أعمل حالياً على كتابة بعض التقارير حول هموم الناس خلال الحرب والنزوح مع موقع محلي في غزة. أيضاً أقوم بعمل خاص بالإعلام الرياضي.
 أستاذة نيللي، بما أنكِ باحثة ومخرجة أفلام وثائقية، هل عملتِ على توثيق جرائم الاحتلال بحق الرياضة والرياضيين؟
- نعم، بدأت بتوثيق قصص نزوح الرياضيين، والصعوبات التي يعيشونها، وسيتم نشر مجموعة من القصص، إضافة إلى كتابة وتوثيق المعتقلين الرياضيين لدى سجون الاحتلال، وأيضا شهداء الحركة الرياضية، والتدمير المتعمد للملاعب ومقرات الأندية.
 جوانب من شخصيتك الحياتية والمهنية لا يعرفها القارئ...؟
- إنسانة طموحة، متفائلة، لديها إصرار كبير على الوصول والنجاح، أقدم المساعدة دون تردد، وشخصيتي بسيطة.
على الصعيد المهني، أنا شغوفة جداً بعملي، وأعطيه من وقتي الكثير، وأشعر أنه حياتي كلها.
 والدك أسطورة من أساطير كرة القدم الفلسطينية. حدثينا عنه قليلاً؟
- والدي كان لاعب منتخب فلسطين فترة الستينيات، مثّل بلاده في الدورات العربية ودورة الصداقة في كمبوديا، لعب لنادي غزة الرياضي، عميد أندية فلسطين، ودرب فريق النادي نفسه، كان المدير الإداري لمنتخب فلسطين، وأشرف على تدريب منتخب الشرطة، وتقلد مناصب عديدة.
 كونك أحد ضحايا الحرب، ما هي رسالتك للعالم أجمع؟
- أرجو أن ينظروا للقضية الفلسطينية كقضية عادلة، ويجب أن تكون قضية كل الأمم، فالمدنيون والأطفال والنســـاء يُقتلــــون باستمرار، يجب نصرة الإنسانية والإنسان الفلسطيني، وفضح جرائم الاحتلال.
 ما هي أقصى الطموحات التي ترغبين في تحقيقها؟
- الطموح مستمر لا يتوقف، وأرغب في مواصلة عملي في مجال الإعلام الرياضي، والوصول للعالمية وما بعدها بكثير. أطمح للاستمرار في كشف زيف الاحتلال وروايته لقتل الفلسطينيين والرياضيين، والكثير من الطموحات يصعب ذكرها مرة واحدة.