عادل عبده بشر / لا ميديا -
يُهدد الانهيار ثُلث مباني مدينة صنعاء القديمة، المدرجة على قائمة التراث العالمي، وسط حالة من اللامبالاة من قبل الجهات الحكومية وعدم إعطاء هذا الإرث التاريخي العريق، الأولوية القصوى في الاهتمام لإنقاذه من الاندثار.
وبينما تسبب المنخفض الجوي الذي ضرب اليمن خلال الشهرين الماضيين في تهدم كلي أو جزئي لأبنية تاريخية في عدد من المدن الأثرية وفي مقدمتها صنعاء القديمة، فإن تحذيرات منظمتي الفاو والصحة العالمية، من ازدياد هطول الأمطار في الأشهر المقبلة، بمستويات غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم، تُنذر بكارثة قد تحل على صنعاء القديمة التي صمدت طويلاً على مدى مئات السنين.
صحيفة «لا» التقت وكيل الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية، المهندس رشاد المقطري، الذي أكد أن نحو ألفي منزل ما بين متوسط وشديد الضرر في صنعاء القديمة، بينها أكثر من 500 مبنى تاريخي معرض للسقوط.
وقال المقطري إن صنعاء القديمة «تأثرت كثيراً جراء شدة الأمطار التي شهدتها البلاد في الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى تهدم كلي أو جزئي لعدد من المنازل، بينما تعرّضت أخرى لتشققات وتسرب للمياه، ما يجعلها عرضة للانهيار».
وأوضح أن الأمطار الأخيرة «نتج عنها انهيار منزلين مهجورين، بشكل كامل، وتهدم طابقين في مبنى ثالث، لم يكن أهله متواجدين فيه لحظة الانهيار، بينما سقطت أسقف نحو 50 بيتاً، وهناك بيوت أخرى مرشحة للانهيار، حيث تلقينا حتى الآن بلاغات تفيد بأن أكثر من 500 منزل معرضة للسقوط، من إجمالي ألفي منزل متضرر بشكل متوسط وشديد الضرر، وبالتالي إذا استمرت الأمطار بالشكل السابق، فسيزداد عدد البيوت المتأثرة أو المنهارة».

مجموعة ورش
وحول الإجراءات التي اتخذتها الهيئة والجهات الحكومية المختصة، أفاد المهندس رشاد المقطري بالقول: «في الوضع الحالي تدخلت الحكومة وعقدنا سلسلة ورش بحيث نشرك المجتمع المحلي مع الحكومة لمواجهة هذه الكارثة، وأثمرت هذه الجهود في الحصول على دعم مالي من رئاسة الجمهورية، سيتم استلامه خلال هذه الأيام،  وهذا مبني على خطة، حيث نقوم حالياً بعمليات حصر ميدانية لتحديد البيوت الأشد تضررا والتي تأثرت بالأمطار، ومن ضمن الخطة الحصول على مجموعة أدوات تساعد في إنقاذ المدينة وتدعيم بعض المباني قبل وقوع الكارثة، خصوصاً مع وجود إنذارات بعودة الأمطار الشديدة، لذلك نحن نعمل على أن نكون مستعدين لهذه المرحلة إلى جانب إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الانهيارات التي حصلت خلال الأيام الماضية».
ولفت المهندس المقطري إلى أن الهيئة «بصدد تدعيم وصيانة البيوت المجاورة للمنازل الثلاثة التي انهارت جراء الأمطار».

طرابيل اليونسكو
في ذات السياق أشار وكيل الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التأريخية، إلى أن منظمة الـ«يونسكو»، دعمت صنعاء القديمة، حالياً، بـ«بعض الطرابيل وبعض أدوات الدعم»، واصفاً هذا الدعم بـ«القليل، لكنه في الأخير يأتي ضمن الأشياء التي نسعى للحصول عليها بحيث نستطيع تجاوز الكارثة، ومازلنا نبحث عن دعم أكبر لأن حجم الضرر في صنعاء كبير والاحتياجات كبيرة والإمكانيات في الهيئة ضعيفة».

تراكمات
المهندس المقطري وخلال حديثه لـ«لا»، أوضح أن انهيار المباني التاريخية في صنعاء القديمة، لا تقتصر أسبابه على الأمطار، بل يعود ذلك إلى تراكمات سابقة من أبرزها، إهمال بعض المواطنين لصيانة منازلهم، وكذلك آثار العدوان على اليمن، والقصف الجوي الذي تعرضت له صنعاء القديمة وفي مناطق محيطة بها، الأمر الذي جعل مقاومة الكثير من المباني لكمية الأمطار الشديدة ضعيفة، وتسبب بانهيار كلي وجزئي لعدد منها وتضرر العشرات.
وتعليقاً على شكاوى تقدمها بها عدد من أهالي صنعاء القديمة، بأن الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية، تمنعهم من ترميم منازلهم، أفاد وكيل الهيئة بأن المنع يتم في حال أراد صاحب المنزل الترميم بطرق وأدوات مخالفة للنمط التقليدي للمدينة.
وبخلاف ذلك، يقول عدد من ساكني المدينة التاريخية إن الهيئة سمحت لبعض التجار والنافذين بترميم منازلهم وعمل استحداثات مخالفة للنمط التاريخي.
يُذكر أن مدينة صنعاء القديمة تضم نحو 6,500 منزل أثري تعود إلى ما قبل القرن الحادي عشر، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو».