تقرير - عادل بشر / لا ميديا -
لم يستغرق معهد دراسات الأمن القومي «الإسرائيلي» (INSS) كثيراً من الوقت، هذه المرة، للتعقيب على الضربة التي وجهتها القوات المسلحة اليمنية، أمس الأول، لقلب الكيان الصهيوني، بصاروخ فرط صوتي، عجزت كل الدفاعات الجوية «الإسرائيلية» عن صده، بخلاف تجاوزه للأساطيل البحرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها، التي تتواجد في المياه البحرية بالشرق الأوسط كجدار حماية لكيان الاحتلال الصهيوني.
ولليوم الثاني توالياً، تصدرت العملية اليمنية اهتمامات الإعلام العبري ومراكز البحث الاستخبارية الصهيونية، فيما استمر الاحتفاء الفلسطيني والعربي الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أمس الأول.
ووزع الإعلام الحربي اليمني، مساء أمس، مشاهد لعملية إطلاق الصاروخ البالستي الفرط صوتي «فلسطين2» الذي استهدف هدفاً عسكرياً في منطقة «يافا» في فلسطين المحتلة.
ويتميز الصاروخ بمدى يصل إلى 2150 كم ويعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، ويتمتع بتقنية التخفي وسرعة تصل إلى 16 ماخ، ما يجعله قادراً على تجاوز أحدث منظومات الدفاع الجوي، بما في ذلك «القبة الحديدية».
ويمتلك الصاروخ قدرة عالية على المناورة، مما يعزز فاعليته في اختراق الدفاعات الجوية المعادية.

تطور خطير
في هذا الصدد أكد «معهد دراسات الأمن القومي» الصهيوني، في تقرير له أمس، أن اليمنيين عززوا قدراتهم الصاروخية، لدرجة أنهم قادرون على ضرب وسط «إسرائيل».
وقال إن «إطلاق الصاروخ من اليمن باتجاه وسط إسرائيل هو تذكير بأن التهديد الحوثي بالانتقام للغارات التي استهدفت ميناء الحديدة لم يختفِ»، مضيفاً: «ينبغي أن تترك تل أبيب للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، إدارة هذا التهديد، فيما تركز إسرائيل على الجبهة الشمالية مع حزب الله».
وأوضح أن «الصاروخ البالستي الذي أطلق من اليمن لا ينبغي أن يفاجئ أحد»، لافتاً إلى أن التحالف الأمريكي البريطاني «يبذل، حتى اليوم، جهوداً كبيرة لمحاولة تعطيل هجمات الحوثيين على إسرائيل، خصوصاً بعد الغارات على ميناء الحديدة في 20 تموز/ يوليو الماضي»، بعد يوم من نجاح القوات المسلحة اليمنية في ضرب هدف وسط «تل أبيب» بطائرة «يافا» المسيرة.
ووصف معهد الأمن القومي الصهيوني وصول الصاروخ اليمني إلى وسط الأراضي المحتلة بأنه «أمر خطير للغاية، ويظهر أنه رغم كل الجهود المبذولة من قبل التحالف الدولي لمواجهتهم، فإن الحوثيين ليس لديهم القدرة على ضرب إسرائيل فحسب، بل قاموا أيضاً بترقية قدراتهم على الإطلاق للوصول إلى وسط البلاد».
وقال إن «هذا التطور يزيد التهديد الذي يشكله الحوثيون على إسرائيل، إضافة إلى التهديد الذي تمثله الطائرات بدون طيار، والتي أثبتت بالفعل أنها فتاكة في الهجمات السابقة، بما في ذلك الهجوم على تل أبيب قبل عملية القوات الجوية في الحديدة».
وردد تقرير المعهد القومي الصهيوني ما قاله رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، أمس الأول، من أن «إسرائيل أظهرت أنها قادرة على إلحاق أضرار جسيمة باليمنيين»، في إشارة إلى قصف ميناء الحديدة، إلا أن التقرير في الوقت ذاته، أكد أن من المشكوك فيه ما إذا كانت أي ضربات مستقبلية على اليمن ستنجح في ثني صنعاء عن الاستمرار في مهاجمة كيان الاحتلال.
كما أكد أنه «ليس من الحكمة أن ترد إسرائيل على الحادث الخطير»، في إشارة إلى الضربة الصاروخية اليمنية لـ»تل أبيب»، صباح أمس الأول، مضيفاً أن «من غير المرجح أن يؤدي أي إجراء تتخذه إسرائيل في اليمن، بغض النظر عن حجمه، إلى وقف المزيد من الهجمات من اليمن».
واعتبر معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني استهداف عمق الكيان بصاروخ فرط صوتي يمني تأكيداً على «مدى تعقد التهديدات التي تواجه إسرائيل»، مشدداً على ضرورة أن تعمل «تل أبيب» ضمن إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، دون أن تتورط «إسرائيل» بتنفيذ أي هجوم مباشر على اليمن.

ثغرات دفاعية
في السياق، واصلت وسائل الإعلام العبرية، أمس، التركيز على نجاح القوات المسلحة اليمنية في تنفيذ ضربة بصاروخ فرط صوتي استهدف «تل أبيب».
وعلّق محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» العبرية، عاموس هرئل، على العملية، مؤكّداً أنّ انفجار الصاروخ اليمني قرب «مطار بن غوريون» يشير إلى ثغرات مثيرة للقلق في الدفاع الصهيوني.
وقال هرئل إنّ «أنظمة الدفاع الجوي فشلت في مهمة الاعتراض أمس»، ما يعني أنّ «هذه هي المرة الثانية التي ينجح فيها اليمن في اختراق الدفاع الصهيوني، بعد إطلاقه مسيرة انفجرت في مبنى في تل أبيب في تموز/ يوليو الفائت».
وأشار إلى أنّ «الصاروخ تحرّك هذه المرة من الاتجاه الجنوبي الشرقي، حيث كان يستهدف، كما يبدو، منطقة مطار بن غوريون»، وفي إثر ذلك «أُطلقت صفارات الإنذارات في مناطق واسعة نسبياً، وطُلب من قسم كبير من سكان شفيلا الدخول إلى الملاجئ»، في حين أنّ «الدفاعات الجوية فشلت في اعتراضه بالكامل».
وأضاف: «إذا تبين أنّ اليمن سيستهدف مطار بن غوريون بانتظام، فقد تتطور هنا أزمة طيران وسياحة أوسع من الأزمة الحالية، رغم محاولات الجيش الكبيرة في الاعتراض»، في وقتٍ تقول صنعاء إنّ «الحساب لا يزال مفتوحاً».

تفاعلات فلسطينية وعربية
إلى ذلك قوبلت العملية اليمنية بالصاروخ فرط صوتي في قلب كيان الاحتلال بتفاعل واحتفاء واسع فلسطينياً وعربياً على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ أمس الأول، حيث نُشرت مئات التغريدات والتدوينات، فرحاً واحتفالاً بهذه العملية التي صدمت الكيان الصهيوني.
وأشاد الناشطون بالموقف اليمني الصادق مع الشعب الفلسطيني، موجهين التحايا للشعب اليمني وقواته المسلحة وقيادته الشجاعة ممثلة بالسيد عبدالملك الحوثي، مؤكدين أن الصاروخ اليمني الذي اتجه نحو الأراضي المحتلة يحمل جملة من الرسائل السياسية قبل الرسائل العسكرية.
ورأى ناشطون أن ما فعلته صنعاء يقيم الحُجّة على الجميع، «فإذا تحججتَ بالبُعد، أجابك صاروخ يقطع ألفي كيلومتر، وإذا تحججتَ بالإمكانيات، أجابك شعب ما زال يولد في الأزمات، وإذا تحججت بالمنظومة الدولية، أجابك باب المندب، إحدى بوابات العالم المغلقة في وجه الطغيان».
ولفت مدونون الانتباه إلى أن الصاروخ اليمني أثبت من جديد فشل ما يدعيه الاحتلال من امتلاكه قوة الردع المطلقة، وأن «طوفان الأقصى» تحديدا وما تلاه أكد أن المنظومات الأمنية لكيان الاحتلال مثل بيت العنكبوت، فلولا حلفاؤه الغربيون وقبلهم أميركا لسقط هذا المحتل، وتمت إزالته من أرض فلسطين.