العملية «الإسرائيلية» في أجهزة اتصالات المقاومة اللبنانية.. نتائج خطيرة.. ورب ضارة نافعة
- تم النشر بواسطة أحمد رفعت يوسف / لا ميديا

دمشق - أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
في تطور كبير ومفاجئ، قام العدو الصهيوني بعملية خطيرة، بتفجير أجهزة اتصالات (بيجر) تستخدمها المقاومة اللبنانية للتواصل بين العاملين في المؤسسات المدنية واللوجستية، ويبلغ عددها (بحسب تقارير متطابقة) بحدود ثلاثة آلاف جهاز، كانت موزعة على هؤلاء العناصر. وهنا لا بد من التأكيد على عدة عوامل تحيط بالعملية:
أولا: لا شك أن العملية صعبة جدا، ونتائجها كبيرة وخطيرة.
ثانياً: نحن في حرب شرسة، ومع عدو يمتلك الكثير من عوامل القوة والقدرة على العمل، خاصة وأنه ليس وحده في هذه المواجهة، وإنما معه أقوى جيوش العالم، تجهيزا وعدة، وخاصة في المجال التقني الذي ما يزال تحت سيطرته على مستوى العالم، وهذا يعني أننا لا يجب أن نتفاجأ من أي خرق ميداني أو تقني يحققه، مهما كان كبيرا أو صغيراً.
ثالثاً: المعلومات تؤكد أن قيادات المقاومة لا تستخدم هذا النوع من الأجهزة، ومستخدمو الجهاز هم من الصفين الرابع والخامس، من عناصر حزب الله، والمتخصصين بالخدمات اللوجستية والمدنية.
رابعاً: وعلى مبدأ “رُبَّ ضارة نافعة”، تؤكد المعلومات أن العدو الصهيوني اضطر لاتخاذ قرار العملية في توقيت لا يناسبه وغير الذي كان يعد له، مع تقارير تقول بأن عناصر من الحزب اكتشفوا وجود خلل في الأجهزة، وبدأت عمليات فحص للأجهزة، فسارع العدو الصهيوني لتنفيذ عملية التفجير، مما أفقده أهم كنز استخباراتي كان يمكّنه من التجسس على المقاومة، كما أفقده إمكانية القيام بهذه العملية مع أي مواجهة كبيرة متوقعة كانت ستحصل مع المقاومة اللبنانية، ولنتصور خطورة العملية لو قامت مع بداية مثل هذه المواجهة.
أياً كانت الأسباب والنتائج، فالعملية نقلت الصراع مع العدو الصهيوني إلى مرحلة جديدة من الصراع، وأفرزت واقعاً ميدانياً جديداً يؤكد أنه سيكون هناك رد من المقاومة اللبنانية، ليس فقط على مستوى العدوان، وإنما أكبر، وبيان حزب الله الثاني يؤكد ذلك: “سيكونُ من حيثُ يحتسبُ ومن حيثُ لا يحتسب”.
كما انتهت محاولات إقناع إيران بعدم الرد على عملية اغتيال إسماعيل هنية، مقابل إغراءات كبيرة تقدم لها، والعملية جعلت الرد الإيراني مؤكدا وستسرع به.
أما الخطيئة الكبرى التي وقعت فيها حكومة نتنياهو، وستكتشف خطورتها، أن العملية ستوحد جبهات محور المقاومة، وهذا يعني أن الرد لن يتوقف على المقاومة اللبنانية وإيران، وإنما من كافة أطراف محور المقاومة.
كما أنها ستنهي المسرحيات الأمريكية للتوصل إلى اتفاق لوقف القتال في غزة ينقذ العدو الصهيوني ويقدمه على أنه المنتصر في هذه المواجهة.
ومع هذا الواقع الميداني الجديد، يمكن التأكيد على عدة نقاط:
- العملية رغم صعوبتها لا تغير قواعد الاشتباك، وما غيرها هو الصاروخ اليمني الفرط صوتي، الذي أطلق على العدو الصهيوني، قبل عدة أيام، والذي سنرى منه الكثير قريباً.
- وكما يمتلك الكيان الصهيوني من وسائل للعمل والمفاجأة، فإن دول وأطراف محور المقاومة تمتلك بدورها إمكانات أخرى ستستخدمها في الرد. ويشار هنا إلى المعلومات التي سربها حزب الله، قبل فترة غير بعيدة، عن إمكانات مشابهة، ومنها القنبلة الكهرومغناطيسية، الأخطر بعدة أضعاف على الكيان الصهيوني.
- العملية سيكون لها تداعيات أبعد بكثير من موضوع الصراع مع العدو الصهيوني، لأنها ستشعل الضوء الأحمر في كامل المنظومة الأوراسية الصاعدة، المواجهة للمنظومة الأمريكية الأطلسية، وفي مقدمتها روسيا والصين وكوريا الشمالية، ومن معها في هذه المنظومة، فمن قام بهذه العملية قادر على مثلها في تلك الدول، وليس فقط على أجهزة الاتصال والكومبيوتر، وإنما في كل مجال، وحتى في المحطات والأسلحة النووية وغيرها.
- العملية ستشعل أيضاً حرباً شعواء في العالم حول شركات تصنيع أجهزة الاتصالات والشرائح الالكترونية، التي تتحكم بكل شيء في العالم اليوم، ودورها في الصراعات العسكرية، وهذا سيكون له التأثير الكبير على الاقتصاد العالمي، ومحاولات السيطرة على سوق الاتصالات في العالم، وهذا سينعكس بشكل خاص على الصراع الصيني الأمريكي حول تايوان، التي تصنع أكثر من 80 بالمئة من الشرائح الالكترونية في العالم، مع العلم بأن شركة “غولد أبولو” التي صنعت الأجهزة، التي انفجرت في لبنان، هي تايوانية.
كل هذه التطورات تؤكد أننا مقبلون على مرحلة جديدة من الصراع، ومع كل مرحلة يأخذ هذا الصراع أبعاداً أخطر تزداد فيه التشابكات الإقليمية والدولية، وتأكيد دور منطقة غرب آسيا، وموقعها الجيوسياسي في قلب العالم، في حسم الصراع ومساراته، وتحديد المنتصر والمهزوم فيه.
رغم الألم على هذا العدد الكبير من المصابين، نستطيع القول بأن العدو الصهيوني أخطأ خطأ قاتلاً، سيدركه قريباً، وسيدفع ثمنه غاليا، والنتائج بدأت قبل أن يبدأ الرد، مع الانهيار السريع في قيمة الشيكل “الإسرائيلي” أمام الدولار، وتوقف الاقتصاد “الإسرائيلي”، وهروب رؤوس الأموال والشركات العالمية، ومع توقيف معظم شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى الكيان الصهيوني، لكن الأخطر على العدو الصهيوني سيكون في أضعف نقاطه، وهي هشاشة مجتمعه، غير القادر على تحمل تصعيد مفتوح وحرب طويلة، ورأينا حالة الرعب التي أصبحت تسود المجتمع الصهيوني، والذي أصبح بكامله حبيس الملاجئ، وهذا سيسرع يشكل كبير حالة هروب المستوطنين، خاصة مع امتلاك معظمهم جنسيات مزدوجة، وهناك حركة واسعة لشراء “الإسرائيليين” منازل، خاصة في بلغاريا ورومانيا وهنغاريا وقبرص.
هي الحرب سجال، والعض على النواجذ والأصابع يشتد، لكن كل الوقائع والدلائل تؤكد أن الزمن الذي سيصرخ فيه قادة الكيان الصهيوني صرختهم الأخيرة لن يتأخر، ولتؤكد أنهم أوهن من بيت العنكبوت، وإن غداً لناظره قريب.
المصدر أحمد رفعت يوسف / لا ميديا