تقرير- عادل بشر / لا ميديا -
موجة من السخرية والاستنكار، أثارها تقرير لجنة الخبراء الدوليين حول اليمن، التابعة للأمم المتحدة، في صفوف مراقبين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لما احتواه التقرير من تهم كيدية ومغالطات فاضحة، متبنياً سرديات وأكاذيب دأب المتحالفون مع العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على ترديدها، وخصوصاً منذ دخول صنعاء الحرب ضد الكيان الصهيوني، إسناداً للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية ينفذها الكيان الصهيوني في قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م.
واتهم مراقبون وحقوقيون، لجنة خبراء الأمم المتحدة، بعدم الحيادية والانحياز الكامل لأطراف معادية لصنعاء، وتبني الرواية الأمريكية والصهيونية، لاسيما في ما يتعلق بالعمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي ضد السفن "الإسرائيلية" والمتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، أو الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة على أهداف للكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة، إسناداً للشعب الفلسطيني.
وعمد فريق الخبراء، التابع للجنة العقوبات الخاصة باليمن في مجلس الأمن، الى تلفيق التهم حول حكومة صنعاء، والقوات المسلحة اليمنية، حول الجهد العسكري المساند للشعبين الفلسطيني واللبناني، متجاهلاً عشرات التقارير الأمريكية والغربية، التي تؤكد أن اليمن بقيادة "أنصار الله" دخلت الحرب ضد الكيان الصهيوني، رداً على حرب الإبادة بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، والحرب على الشعب اللبناني، وأن العمليات البحرية اليمنية لا تستهدف سوى السفن "الإسرائيلية" أو المرتبطة بكيان الاحتلال او المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، إضافة إلى السفن الأمريكية والبريطانية لعدوانهما على اليمن.
التقرير الذي قالت لجنة الخبراء بأن إعداده استمر قرابة العشرة أشهر وتحديداً خلال الفترة من سبتمبر/ أيلول 2023 إلى يوليو/ تموز 2024، ارتكز في التهم الموجهة لصنعاء، على إفادات مسؤولين في ما يصفونها بالحكومة الموالية للعدوان السعودي الإماراتي على اليمن، وخبراء أمريكيين ومن حلفاء واشنطن، وتهم أخرى نسبها التقرير إلى "مصادر سرية".
وفي تلفيق فاضح وخفة مبتذلة، أقحمت لجنة الخبراء في تقريرها، شخصيات إعلامية يمنية، وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهامهم بأنهم خبراء أمنيون ولهم نشاطات كبيرة بين "أنصار الله" في اليمن، و"حزب الله" في لبنان، والمقاومة الإسلامية العراقية.
وذكر التقرير أن ثلاثة إعلاميين، أورد صورة لهم، وهم "عبدالحافظ معجب، ومحمد الوجيه، ومحمد أبو راس" حضروا، أثناء عرض تمرين لمقاتلين من حزب الله يحاكي هجوماً على مستوطنة صهيونية، في تحريض واضح على الإعلاميين ووسائل الإعلام المناهضة للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة، وللعدوان على اليمن.
ولم يقتصر الأمر على الإعلاميين، بل وصل حدّ إبداء لجنة الخبراء، استياءها من استخدام من وصفتهم بـ"ناشطي الحوثيين" لوسائل التواصل الاجتماعي، وطلبت اللجنة من مجلس الأمن إدانة استخدام "الحوثيين" لمنصات التواصل الاجتماعي واتخاذ التدابير العاجلة لضمان عدم استمرار ذلك.
وبينما لم يقدم فريق الخبراء أي طلب لزيارة صنعاء للحصول على معلومات منها، فقد استقى جميع المعلومات من خصومها، حيث قام أعضاء الفريق بزيارة "إسرائيل والإمارات والسعودية وفرنسا وبريطانيا وإيرلندا والولايات المتحدة، ومدينتَي عدن والمكلا في اليمن"، وعقد عدة لقاءات مع رئيس الحكومة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، أحمد بن مبارك، في الرياض، واكتفى بالقول إنه حصل على معلومات من مصادر سرية في صنعاء.

التعاون مع القاعدة
وبدا واضحاً في ذات التقرير تلفيق التهم الكيدية لحركة "أنصار الله" بمزاعم التعاون مع تنظيم القاعدة، بالرغم من أن كل الأدلة المتوافرة في اليمن، تؤكد أن قوى التحالف السعودي الأمريكي الإماراتي، هي من تقيم علاقات قوية مع التنظيمات الإرهابية، وقد سبق أن كشفت منظمات دولية وتقارير صحفية عالمية، عن وجود علاقات وطيدة بين الجماعات الإرهابية وقوى التحالف في اليمن، كان من أبرزها تقرير وثائق "باندورا" أواخر 2021 وتقارير نشرتها وكالة "أسوشيتد برس" وشبكة "سي إن إن" الأمريكية، والتي قدمت في تقاريرها الكثير من الإثباتات حول تورط السعودية والإمارات مع التنظيمات الإرهابية في اليمن.
كما أعلن خالد باطرفي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب واليمن، في  تشرين الثاني/ نوفمبر 2021م، أن التنظيم يقاتل إلى جانب التحالف في 11 جبهة يمنية.
وفي كانون الأول/ ديسمبر من العام 2018 ذكر محققون أمريكيون أن أسلحة بريطانية وأميركية وجدت طريقها إلى مجموعات في اليمن "لها علاقات مع تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية".
ونقلت CNN عن صحيفة "الغارديان" البريطانية قولها إن السعودية والإمارات -وفي انتهاك واضح للاتفاقيات التجارية- تسببتا في وصول بعض الأسلحة المتطورة التي تم شراؤها من الشركات الأوروبية والأميركية، مثل العربات المدرعة ومنصات الصواريخ والعبوات الناسفة والبنادق المتطورة، إلى مليشيات محلية.
وخلص تحقيق استقصائي لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية الى أن التحالف بقيادة السعودية عقد اتفاقات سرية مع تنظيم القاعدة في اليمن، وأنه دفع أموالا للتنظيم مقابل انسحاب مقاتليه من بعض المناطق في البلاد. وأفاد التحقيق بأن فصائل مسلحة مدعومة من التحالف جندت مسلحي تنظيم القاعدة في اليمن، وتم الاتفاق على انضمام 250 من مقاتليه لقوات الحزام الأمني المدعومة إماراتيا في محافظة أبين جنوبي البلاد، وذكرت الوكالة أن هذه الاتفاقات تمت بعلم أميركي.
كما سبق أن كشفت شبكة "بي بي سي" البريطانية في شباط/ فبراير 2016، عن مقاتلة تنظيم القاعدة جنباً إلى جنب مع الفصائل الموالية للتحالف السعودي الإماراتي.
وعنون التقرير المتلفز بـ"مسلحو القاعدة في اليمن على جبهة واحدة مع التحالف السعودي في معركة ضد الحوثيين".