حـاوره: أنور عـون / لا ميديا -
فياض بغدادي كابتن ونجم كروي مشع بالأخلاق والنجومية والقيم والفكر ‏والعلم والمعرفة والطرح السديد المفيد.‏
حتماً لن تكون مقدمتي عنه كلاعب، فموهبته نقشت اسمه بأحرف من نور، ‏ولن أتطرق له كإداري حاول تصحيح المسار الرياضي بشتى السُبل، ‏وعندما وصل الأمر لإيقافه عن عمله أيقن أن العمل الرياضي بيئة ‏غير صالحة لأمثاله، فآثر الانسحاب والابتعاد.‏
نكتفي بهذه السطور ونترك قيصر الكرة اليمنية يتحدث.‏
 مرحبا بك كابتن فياض في "لا الرياضي"... من أين تحب أن نبدأ؟ّ‏
- انتخابات اتحاد الكرة اليمنية هي حديث الساعة، فلنبدأ منها.‏
 حسنا؛ ‏كيف يقيمها الكابتن فياض؟
- للأسف الشديد هناك اختلالات مقصودة في النظام الأساسي، المبادئ ‏والتوجهات، ولائحة الاتحاد اليمني... وكلها انتهاكات صارخة للوائح ‏وأنظمة الاتحادين الآسيوي والدولي.‏
ما قلته وسأقوله لاحقاً هو إيجاز لعبث كبير وانتهاكات فاضحة ليست من ‏نسج الخيال، وإنما بالبراهين الدامغة. الاتحاد وبكل ‏أسف ضرب بها عرض الحائط وفصَّل ما يريد على مقاس أحمد العيسي ‏وشلته.‏
 ‏ممكن توضح أكثر؟!‏
- الصورة واضحة؛ لكننا نعاني الجهل والتجهيل، مع أن مواد اللوائح ‏واضحة: الحيادية وعدم التمييز، تطوير العلاقات الفردية... هذه أشياء نُسفت وترتب على ذلك نزاعات ومشاكل. أيضاً سلوك ‏الهيئات والمسؤولين وفروع الاتحادات بالمحافظات نَسفت القوانين واللوائح وأظهرت ‏تضارباً في المصالح.‏
وبمزيد توضيح، فروع الاتحادات بالمحافظات، التي يصل عددها إلى 23 ‏فرعاً، هي في الأساس يفترض أن تكون روابط لا علاقة لها بالانتخابات. لكنها اليوم ‏تُستخدم كورقة لترجيح الكفة، بعدما أصبحت مهمة رؤساء الفروع ‏التصويت، وليس الترشيح.‏
كذلك مندوبو الأندية لهم بند في اللائحة، فلا يحق لأي مندوب ‏الترشُّح من نادٍ آخر ما لم يقدم إخلاء طرف أو استقالة أو فصلاً من ‏ناديه السابق، بينما لاحظنا قبول ملفات أشخاص منحوا ورقة ترشح من ‏أندية ريفية ليست أنديتهم!‏
 ‏قبل أن تسرد لنا بقية الانتهاكات، أين تكمن المشكلة؟
- المشكلة عميقة ومتجذّرة. هناك التزامات وواجبات بين الاتحاد والجمعية ‏العمومية التي هي أساس المشكلة!‏
أولاً قل لي، من هو النادي الذي يدفع اشتراكاته السنوية للاتحاد؟! طبعاً ‏ولا نادٍ، واللائحة تلزم كل نادٍ بتسديد اشتراك سنوي. ومع احترامي ‏للجميع، الجمعية العمومية غير ملمّة باللوائح. حميد شيباني استغل جهل ‏الجمعية العمومية باللوائح والأنظمة، وزاد تجهيل إدارات الأندية ومرر ‏ما يريد لصالح رئيس الاتحاد. المفروض أن يكون الصوت عضو مجلس ‏إدارة، رئيساً أو أميناً عاماً، وعلى قدر كبير من الفهم والوعي باللوائح، ولا يقبل ‏الإملاءات، لكي يستطيع مناقشة التقارير والحسابات ويحسن الاختيار من ‏أجل صالح الكرة اليمنية.‏
قل لي، من يعلم منهم أن رئيس الاتحاد وأعضاء مجلس ‏الإدارة عليهم التزامات، أهمها الامتثال الكامل للوائح والأنظمة ‏الخاصة بالاتحادين الآسيوي والدولي، لكنهم انتهكوا اللوائح والأنظمة، ‏وزادوا الطين بلة باختيار لجنة سياسية؟!
 ‏تقصد اللجنة العليا للانتخابات المكونة من حافظ معياد ونبيل الفقيه ‏وإنصاف مايو؟
- هؤلاء ما يزالون يمارسون العمل السياسي والحزبي، وهم معروفون ‏بذلك منذ زمن، وهو انتهاك جسيم للوائح الكروية الدولية التي تحرم تدخل السياسيين في الرياضة، واللوائح موجودة لمن يريد الاطلاع ‏عليها.‏
 ‏ما تقوله يشير إلى مخاطر تترتب على الاتحاد حتى بعد فوز ‏العيسي برئاسة ثالثة قادمة؟
- نعم، هذا صحيح، الانتهاكات كثيرة، وأهمها إقحام السياسة بالرياضة، ‏والمواد الخاصة بهذا الأمر واضحة، واطلعوا عليها.‏
 ‏وما تعليقك على إقامة الانتخابات في قطر؟
- أمر يثير الغرابة والريبة فعلاً! يتعللون بأن البلد غير آمن! طيب كيف والاتحاد ‏يقيم الأنشطة والدوريات في العاصمة ويعسكر بالمنتخبات في صنعاء؟! ‏حجج هشة كاذبة معروف الهدف منها.
طيب، لماذا لا تقام الانتخابات في حضرموت مثلاً؟! أيضاً حججهم تقول ‏إن رئيس الاتحاد وبعض الأعضاء المهمين مستهدفون لا يستطيعون ‏العودة، وهو كلام أجوف؛ لكنه يثبت أنهم يمارسون السياسة، وهنا سنعود ‏إلى عدم أهليتهم لقيادة الاتحاد حسب لوائح الاتحادين الآسيوي والدولي، ‏وسندخل في ذلك مقر الاتحاد المستأجر وإهمال المقر الرسمي، وكلها ليست ‏سوى مغالطات على الفيفا‏.
سأختصر لك الموضوع: أعضاء الاتحاد ورئيسه لا يريدون العمل ‏المؤسسي، لا يعترفون بمواد الاتحادين الآسيوي والدولي القائمة على ‏الحكمة والنزاهة وقبول مبادئ المساءلة والعدالة وغيرها من المبادئ ‏الأخرى وفقاً لمدونات السلوك.‏
 ‏من كلامك نستشف أن اتحاد العيسي لم يقدم شيئاً طيلة السنين الماضية، ‏بما في ذلك إنجازات الناشئين...؟!
- بالنسبة لإنجازات الناشئين، فلنكن واقعيين، كلها وهمية وتلاعب ‏بالأعمار، وانظروا كيف ينحدر الصعود إلى الأسفل بعد تصعيدهم إلى فئة ‏الشباب.
 ‏وما رأيك برئيس الاتحاد، أحمد العيسي؟ ألم يكن قادراً على النجاح ‏لولا بطانته؟
- أنا اقتربت من العيسي في بدايته؛ كان فعلاً يريد النجاح ولديه رغبة ‏وعشق رياضي؛ لكنه بعد فترة وجيزة من تسلمه قيادة الاتحاد واعتماده ‏على وجوه أكل عليها الدهر وشرب، لا همَّ لها إلا مصالحها، أصبح عمله ‏عشوائياً، وانخرط بالعمل السياسي، وصار معانداً، لا يحب العمل المؤسسي، ولا ‏يقبل الخسارة مهما كلفه الثمن، ولهذا أنصحه بإعادة النظر فيمن حوله ‏من المطبلين والمرتزقة من الرياضيين.‏
 ‏ماذا عن زملائك السابقين وأ‏مجادهم الكروية؟ لماذا لا نسمع لهم اليوم حديثاً عن الاتحاد وانتخاباته؟
- للأسف، بعضهم انتهازيون ينتظرون الفرصة ليتسلقوا على أكتاف ‏الآخرين، والبعض الآخر في فلك أحمد العيسي!‏
 ‏إذا أردنا الخروج من نفق العشوائية، وضمان التواجد القوي خارجياً، ما هو الحل في رأيك؟
- الكرة وتطويرها ليست ألغازاً أو لوغاريتمات. لا بد من توعية ‏متكاملة لإدارات الأندية باللوائح والأنظمة الأساسية، العمل بضمير حي، ‏انتقاء من سيخدم اللعبة، التأهيل المستمر للكوادر، وغيرها من البديهيات. ‏كذلك خصخصة الكرة بالأندية، وهذه النقطة بالذات تحتاج إلى نقاش ‏مستفيض.‏
 ‏لنترك ضجيج الانتخابات واتحاد الكرة، ونسألك عن مشوارك ‏الكروي؟
- المشوار طويل ومليء بالأحداث الكثيرة، وسأوجزه بالآتي:‏
بدايتي مع شعب صنعاء كانت في صفوف البراعم والناشئين منتصف ‏السبعينيات، وشجعني في تلك الفترة المرحوم علي محسن مريسي، الذي ‏آمن بموهبتي، ثم دفع بي المدرب السوداني نور الدين للفريق الأول عام ‏‏84م، ولعبت أساسياً إلى أن أبعدتني الإصابة عام 94م.‏
وعلى مستوى المنتخبات، لعبت للناشئين، والشباب، والأولمبي والوطني، وبدأ ‏اختياري للوطن في تصفيات كأس العالم 86م؛ لكن المدرب التشيكي ‏استبعدني رغم خوضي معسكراً طويلاً معهم؛ بسبب صغر سني، عدت على ‏إثره إلى منتخب الشباب.‏
أفخر بأني مع زملائي في المنتخب الأول قدمنا مستويات كبيرة أمام ‏منتخبات عربية تحمل أسماء لم تتكرر إلى اليوم، وكنا نداً لها، والتاريخ ‏يشهد، لأننا كنا عمالقة في أجسامنا ومواهب نلعب رغبة وعشقاً كروياً.‏
 ‏كابتن، في الختام، نريد بياناتك!
- فياض علي محمد عبدالله بغدادي. ‏57 عاماً.‏ أعمل مديراً في الخطوط الجوية اليمنية.‏ عملت فترة في المجال الرياضي كإداري، وواجهت العديد من التحديات فيه ‏واصطدمت بواقع سيئ فابتعدت.‏
وفي الأخير، أشكركم على هذه الاستضافة.