
قسم التحقيقات / لا ميديا -
انتشرت في مدينة تعز المحتلة، وخلال سنوات من سيطرة المرتزقة وعصابات الخونج، محطات غاز طارئة غزت الأحياء وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا على سكان المدينة وتهدد حياتهم بشكل يومي. صحيفة "لا" ترصد في هذا التحقيق الاستقصائي مع عدد من السكان كيف أن مرتزقة الاحتلال جعلوا من مدينة تعز حالة تفخيخ غير مسبوقة بعشرات القنابل الموقوتة الجاهزة للتفجير والتدمير من خلال زرع عشرات المحطات الغازية الطارئة في الحارات والأحياء المكتظة وبطريقة ارتجالية لا تخضع لأي من معايير السلامة السكانية.
معاناة المواطنين
في حديثه لصحيفة "لا"، يؤكد المواطن صالح علي الصبري، من أبناء مديرية المظفر ويعمل نجارا، أن المدينة تعيش كابوسا حقيقيا بفعل طرمبات الغاز التي انتشرت بشكل غير مسبوق في مختلف الأحياء والحارات، وما تشكله كل واحدة من تلك الطرمبات من مساحة تدميرية واسعة قد تودي بحياة المئات في لمحة بصر، لاسيما أن تلك القنابل الموقوتة مغروزة وسط أحياء سكنية مكتظة.
وأضاف الصبري أن ما تعيشه المدينة من انفلات أمني ومن عدم وجود جهات مسؤولة يمكن اللجوء إليها للوقوف أمام ذلك الخطر الذي يحدق بالسكان، أصبحت العصابات المسلحة التابعة لفصائل الخونج هي التي تتحكم في المشهد وتقوم بزرع تلك القنابل الموقوتة كما يحلو لها وبالطريقة التي تدر عليها الأرباح دون اكتراث لكل ما يمكن أن تشكله تلك المحطات من خطورة على حياة الناس، مشيرا إلى أن جهود ما تسمى السلطة المحلية فشلت حتى الآن في الحد من انتشار تلك القنابل أو إزالة الموجود منها.
وأوضح الصبري أنه رصد شخصيا ما يزيد عن أربعين طرمبة عشوائية تغزو الأحياء بدون تراخيص لتشغيلها، مشيرا إلى أن رئيس حكومة الفنادق المرتزق أحمد بن مبارك كان تعهد في وقت سابق بتصحيح عشوائيات شركة الغاز إثر انفجار محطة المنصورة بمدينة عدن المحتلة، إلا أن ذلك مجرد كلام لا أكثر، حيث الكلمة الفصل هي للفصائل والعصابات المسلحة التي تتحكم بالمشهد في المناطق المحتلة.
سلطات ارتزاق عاجزة
بدوره، حمل المواطن هيثم محمد مطهر، من أبناء مديرية القاهرة، سلطات الارتزاق في المدينة مسؤولية ما يحدث، مشيرا إلى أن منتحل صفة محافظ تعز المرتزق نبيل شمسان كان قد أصدر توجيهات بإزالة طرمبات الغاز العشوائية المتواجدة في شوارع المدينة، إلا أن تلك التوجيهات تبقى دائما حبرا على ورق، فهو أعجز من أن يتخذ إجراءات حقيقية على الأرض.
وأضاف مطهر أن شمسان شدد في آخر اجتماع له مع أركان سلطته على ضرورة تخليص المدينة من كابوس الطرمبات العشوائية، وكذلك فعل منتحل صفة وكيل المحافظة للدفاع والأمن، والذي أصدر بتاريخ 2024/10/31 مذكرة إلى مدراء عموم المديريات شددت على ضرورة اتخاذ كافة إجراءات السلامة والرفع بإجراءات التنفيذ وتحمل المسؤولية حال عدم التنفيذ، ولم تلق المذكرة أي تجاوب يذكر بحجة عدم وجود ميزانية لتنفيذ الإزالة.
ويروي لصحيفة "لا" صادق النجار، من مديرية المظفر، أن ما يسمى مكتب شركة الغاز بتعز طالب مدراء العموم وفروع مكاتب الأشغال -في مذكرة بتاريخ 2024/6/1م - بموافاته بإشعارات الإزالة لطرمبات الغاز المخالفة والعشوائية وآلية عمل تنفيذ الإزالة في نطاق كل مديرية، إلا أن كل ذاك عبارة عن سلسلة توجيهات في الهواء في ظل سلطة عاجزة ومعاناة قائمة وتهديد حقيقي لحياة السكان دون أي مسؤولية.
مخاطر كبيرة
تقول مريم الخامري، وتعمل معلمة في إحدى مدارس مديرية القاهرة، إن هناك جملة مخاطر عجزت حكومة الفنادق عن مكافحتها، ويأتي في مقدمتها محلات الصرافة وطرمبات الغاز السفري في الشوارع، حيث "أينما تولي وجهك في مدينة تعز لا تغيب عن ناظريك وجود مصرف مخالف أو محطة غاز سفري (طرمبة) هنا أو هناك، لا فرق في تموضعها بين السطو على شارع عام أو احتلال حيز في دكان أو حتى منزل أو عمارة".
وأضافت الخامري لصحيفة "لا": "يستوي الأمر في المخاطر في كل الأحوال، طرمبات الغاز السفري غير مأمونة الكوارث بالطبع، حيث ليس لها لائحة منظمة إذ ماتزال تعمل خارج القانون، باعتراف رئيس الحكومة نفسه إبان كارثة محطة المنصورة بمدينة عدن".
وأشارت الخامري إلى أن سلطات الارتزاق في المدينة تتخبط منذ العام 2019، إذ شكلت عشر لجان للتعامل مع ملف الغاز. وآخر تلك اللجان لجنة منتحل صفة الوكيل المرتزق عبدالكريم الصبري التي حصرت مهامها في إزالة الطرمبات العشوائية من الأحياء والأزقة فقط داخل المدينة، لكن اللجنة تعثرت، مختتمة حديثها لصحيفة "لا" بالقول: "من الواضح أن هناك لوبيا يعمل مع مافيا الغاز على حساب الأمن المجتمعي والسلامة العامة، حيث إن الطرمبات لم يقتصر خطرها على الكوارث المحتملة من ورائها، بل تجاوزها إلى تشكيل سوق سوداء تلتهم حصة المواطن من مادة الغاز المنزلي".
أزمة غاز
يقول ناجي غانم الصهيبي، من مديرية المعافر: "من الواضح أن السلطة المحلية متواطئة إلى حد كبير مع هوامير ومافيا الغاز في تعز وإلا لأوقفت تمويل هذه الطرمبات، فأزمات تعز في مادة الغاز المنزلي كان وراءها طرمبات الغاز الطارئة".
ويضيف الصهيبي لصحيفة "لا": "مجرد وجود أوامر مشددة للمحطات الرئيسية بمنع التمويل قد يغني عن الإزالة، فأغلب الطرمبات يجري تمويلها ليلا وتتبع نافذين وتحظى بحماية نافذين وقيادات عسكرية تابعة للمرتزقة العدوان، ولعل ذلك هو ما يمنع إغلاقها أو إزالتها. ووفق تسجيل مسرب لأحد كبار المشتغلين بالغاز يؤكد أن الغاز الممول لطرمبة مخالفة تم بالقوة، حيث: الغاز غاز محور تعز ومخصص للمحور وأنت إن أردت التظاهر فاذهب وتظاهر أمام محور تعز".
واختتم الصهيبي حديثه لصحيفة "لا" بالقول: "في آخر حوادث الغاز، تم رصد وفاة وإصابة ستة أشخاص احتراقا بنيران خزان غاز لسيارة نوع صالون، حيث نشبت النيران في السيارة وفي منزل مجاور".
المصدر قسم التحقيقات / لا ميديا