لا ميديا -
في وسط الدمار الذي يغمر غزة، برزت محاسن الخطيب كفنانة فلسطينية تحمل في قلبها شغفاً يمزج المقاومة بالإبداع، وعيناً ترصد التفاصيل التي تعكس معاناة أهلها وصمودهم. حولت قصص شعبها إلى أعمال كرتونية مبتكرة في ظل الحصار والقصف، وبلمسات فنية، استطاعت أن تحوّل اللحظات المؤلمة التي عاشها الناس إلى صور نابضة بالواقع، وتوثق المأساة وتعكس الأمل.
يقول أحد زملائها: «عمّقت فهمنا للتفاصيل الإنسانية التي غالباً ما تغيب عن الأخبار. لوحاتها رسالة للعالم بأَسره، وصوت للوجوه المنسية، وصرخة لكل من فقد أحباءه أو اختبر قسوة الحياة تحت النار، قدّمت أعمالاً تروي قصصاً خالدة، وصنعت لنفسها إرثاً يصعب نسيانه».
عرّفت نفسها عبر حساباتها، التي يتابعها أكثر من 100 ألف شخص بمواقع التواصل الاجتماعي، بأنها «محاسن.. صامدة بشمال غزة»، تعبيرًا عن رفضها النزوح من مخيم جباليا.
تمسكت بدعم المقاومة الفلسطينية، وأدانت الصمت العالمي إزاء المجازر المتكررة، وحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها القطاع. قبل ساعات من استشهادها، قالت: «تخاذل العالم كثيرًا لدرجة أنه أصبح لا يرى، وأصبحت الحرب علينا طبيعية لديهم، نحن اعتدنا على وجعنا، وأصبحت قلوبنا بلا نبض على حالنا، وأعتقد أننا فعلًا مجرد أرقام لا قيمة لنا سوى عند خالقنا».
في إحدى أحلك لحظات الحرب، أبدعت لوحتها الأخيرة «نحن نحترق»، جسّدت فيها طفلاً وسط ألسنة اللهب، ويحاول بيدَيه الصغيرتَين صد النيران المشتعلة حوله.
«قل لي ما شعورك وأنت ترى طفلا يحترق!»
وكتبت في منشور لها: «أمي تقول لكم لا تفرحوا بموت السنوار، لأن معركة إسرائيل، ليست معه، فمعركتها مع شعب كامل، وأصحاب أرض».
ولدت محاسن الخطيب عام 1992، في مخيم جباليا شمال غزة، ورغم تهديدات الاحتلال للسكان بالرحيل إلى الجنوب، آثرت البقاء في الشمال، مصرّة على حقها في الحياة داخل مدينتها.
استشهدت في 19/10/2024، إثر قصف صهيوني لمربع سكني أسفر عن استشهاد 33 شخصًا، بينهم أكثر من 20 امرأة، إضافة لإصابة 60 آخرين.
كتبت: «إذا قُتلت، سيكون هذا إرثي»، مؤكدةً أن رسالتها الفنية ستبقى شاهدةً على وجودها.