عادل بشر / لا ميديا -
اعترف ضباط أمريكيون بشراسة المواجهات مع القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، مؤكدين أن بحرية واشنطن تواجه منذ عام في منطقة البحر الأحمر، بيئة قتالية «عالية المخاطر»، وأن هذه البيئة القتالية تجسدت «بشكل صارخ عندما تم إسقاط طائرة مقاتلة من طراز F/A-18E/F محمولة على حاملة طائرات ترومان» أواخر كانون الأول/ ديسمبر الفائت.
هذه الاعترافات وردت في تقرير نشرته مجلة «War Zone» الأمريكية المختصة بأخبار الجيش والأمن، أمس الأول، حيث أجرت المجلة مقابلات مع عدد من ضباط الحرب السطحية (SWO) المسؤولين في مركز معلومات القتال CIC وهو المركز العصبي والعقل التكتيكي لمقاتلي البحرية الأمريكية على الطرادات والسفن الحربية المرافقة لحاملة الطائرات. وتحدث الضباط حول الحقائق التي يواجهونها عند قتال سفينتهم الحربية من داخل مركز معلومات القتال، بحسب المجلة.
وقالوا إن موظفي مركز معلومات القتال CIC المناوبين يخضعون لاختبارات غير مسبوقة في البحر الأحمر كل يوم.. مشيرين إلى أن «التهديدات متعددة الأبعاد مثل الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية اليمنية، جعلت مركز المعلومات CIC يكافح من أجل تحديد الأهداف المختلفة مما يؤدى إلى تفاقم المشكلة».
وقالوا: «إن السفن الحربية الأمريكية ليست بعيدة عن التعرض لصواريخ الحوثيين، لأنه لا يمكن لأحد أن يرتكب الأخطاء ويكون مثاليًا على مدار 24 ساعة في اليوم».
وأفاد التقرير بأنه يوجد داخل السفينة الحربية، في غرفة التحكم المركزية (CIC) ما بين 10 إلى 20 بحارًا في الخدمة في أي وقت، بقيادة ضابط العمليات التكتيكية (TAO)، يقومون بتتبع جميع التهديدات والتحركات في المنطقة المحيطة بالسفينة.. لافتاً إلى أن CIC قد يكتشف صاروخًا يمنياً ويأذن بإطلاق أوامر للأنظمة القتالية للسفن الأخرى، بينما يقوم آخرون بمسح بقية السماء، وربط إشارات الحرب الإلكترونية، وتتبع السفن السطحية الأخرى، وتنبيه الغواصات. ويحافظ CIC أيضًا على اتصالات مستمرة مع السفن والطائرات البحرية الأخرى في المنطقة من خلال أنظمة ربط البيانات المختلفة لمشاركة بيانات الاستشعار وتنسيق العمليات.
وأفاد التقرير بأنه أجرى مقابلة مع برادلي مارتن ضابط الحرب السطحية المتقاعد الذي قضى ثلثي خدمته العسكرية في CIC للمدمرة، وقبطان طراد آخر تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
وقال مارتن في المقابلة إن CIC تتعرض لضغوط داخل المعركة لا يمكن للعالم الخارجي أن يتخيلها. وأضاف: «تحتاج CIC إلى اتصالات مستمرة مع حاملة الطائرات والقوة المقاتلة».
وأوضح التقرير أن الوضع في البحر الأحمر أصبح أكثر تعقيدًا من ذي قبل، وقال هؤلاء القادة الكبار لمجلة «War Zone» إنه في العام الماضي، تعرض موظفو CIC المناوبون لاختبارات غير مسبوقة في البحر الأحمر كل يوم. وقال القبطان المتقاعد: «مع تزايد عدد الطائرات والتهديد الفعلي بالتعرض للضرب، ستزداد أيضًا عوامل الضغط وكثافته. وقد واجهت شركة CIC ضغطًا مرتفعًا مستمرًا منذ دخولها منطقة الحرب مع اليمنيين».
محاربة أشباح
وبحسب التقرير فإن المشكلة الأولى التي تواجهها السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر هي البيئة البحرية الكهرومغناطيسية المعقدة، التي قال الضابط مارتن إن «شذوذات الرادار في هذه البيئة الكهرومغناطيسية الفوضوية تظهر على رادار السفينة وكأن شيئا ما يتجه نحو السفينة بسرعة 780 عقدة، ثم يختفي فجأة»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من أن نظام إيجيس يبذل قصارى جهده للتعامل مع هذه الفوضى، إلا أن مراقبي CIC قد يرتكبون خطأ الإفراط في الثقة في هذه الفوضى».
بالإضافة إلى الفوضى المزعومة، تشكل الطائرات بدون طيار اليمنية تهديدًا جديدًا لنظام إيجيس، وفقاً للتقرير.
وقال مارتن إن الأمر استغرق الكثير من الجهد من قبل السفن الحربية الأمريكية للتمييز بين الطائرات المختلفة، وأضاف: «عندما يتم إطلاق صاروخ، أعرف ما هو، يتم إطلاقه من اليمن، ويتحرك بسرعة معينة، لكن كل هذه الطائرات بدون طيار تشبه الطائرات المقاتلة، والمشكلة هي أن هناك طائرات جيدة وطائرات سيئة، ومن الصعب معرفة الفرق».
وعند الحديث عن قباطنة الطراد في البحر الأحمر، قال كابتن الطراد المجهول الذي تمت مقابلته: «أنا لا أحسدهم على موقفهم، أفعالهم تبدو مأساوية. إنهم يواجهون بيئة معادية ليست بالأبيض والأسود، ولكنها إلى حد كبير منطقة رمادية».
وقالت المدمرة CO السابقة: «لدينا أفراد مدربون تدريباً عالياً للتتبع والعرض والتحقق والاستجواب. إنه أمر صعب بالفعل عندما يكون هناك عدد قليل من الطائرات في المجال الجوي. إذا كان لديك 15 طائرة وصاروخًا وطائرة بدون طيار تحتاج إلى وضع علامات عليها، فالأمر صعب للغاية».
وأفاد التقرير بأنه بالإضافة إلى الظروف الجوية والبحرية المعقدة، فإن فشل النظام والبحارة عديمي الخبرة يزيدون أيضًا من المخاطر، حيث اشتكى قبطان الطراد من أن الأنظمة التي اعتمدت عليها CIC فشلت بشكل متكرر.
وتحدث كلا القائدين الكبيرين عن وقت الهجوم اليمني على حاملة الطائرات ترومان والطراد جيتيسبيرغ، مساء 21 كانون الأول/ ديسمبر الفائت، حيث تحدث مارتن عما وصفها بحادثة النيران الصديقة التي أسقطت المقاتلة الأمريكية، قائلاً إنهم يتعاملون مع موقف حيث كان هناك الكثير من الطائرات في السماء، بالإضافة إلى التهديدات على الأرض، وكل ذلك خلق «بيئة دفاع جوي معقدة».
وعلى الرغم من وجود حالات إطلاق نار عرضي على طائرات مقاتلة، إلا أن مارتن قال إن سفن أسطول البحر الأحمر أكملت الكثير من المعارك في العام الماضي، وهو ما يتجاوز بكثير المعارك التي أكملتها البحرية في الخمسين عامًا الماضية.
وقال هؤلاء القادة في CIC إن السفن الحربية الأمريكية ليست بعيدة عن التعرض لصواريخ «الحوثيين». ويشعر قائد المدمرة السابق بالقلق من أن بحارة CIC عديمي الخبرة، بالإضافة إلى فشل النظام الروتيني الذي تعاني منه السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية، قد يعني أن سفينة حربية في البحر الأحمر يمكن أن «تنهار بسرعة كبيرة» في أي وقت.. لافتاً إلى أن الأمر لا يتطلب الكثير حتى ينهار رادار السفينة الحربية أو الأنظمة الأخرى، مما يترك السفينة الحربية بدون معلومات مهمة وعرضة للخطر.
وقال: «نحن لسنا بعيدين جدًا عن موقف يُقتل فيه بحارة... قد يكون لديك تحكم ضعيف في الواجهة، أو فشل النظام، أو ضباب الحرب، أو الارتباك، أو فشل صاروخك، أو فشل نظام الأسلحة القريبة من كتيبة Phalanx، أو شيء من هذا القبيل».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا