قسم التحقيقات / لا ميديا -
تزخر محافظة تعز بإرث ثقافي وتاريخي متنوع، يتمثل بعشرات  المواقع الأثرية، والتي صنفت عالمياً من المعالم التراثية ذات الجمال النادر. جميع هذه المواقع الأثرية تحكي قصصاً لثقافة فاقت ثقافة العديد من دول الشرق والغرب، لكنها اليوم باتت عرضة للكثير من الإهمال الذي يعصف بها ويهدد وجودها.
صحيفة «لا» تسلط الضوء في هذا التحقيق الاستقصائي على واحد من تلك المعالم التاريخية التي تتعرض لأكبر جريمة يرتكبها الاحتلال وأدواته ومرتزقته بحق التاريخ اليمني، وهو جامع المظفر، والذي بات مهددا بخطر الانهيار الكلي، في ظل إهمال متعمد من قبل سلطات الارتزاق، فضلا عن تعرض الجامع التاريخي إلى سلسلة عمليات من النهب المنظم لكل محتوياته من الكتب والمصاحف التاريخية ذات القيمة التي لا تقدّر بثمن.

أبرز المعالم الأثرية
ع. أ. المعمري، من أبناء مديرية المظفر بمدينة تعز المحتلة، يروي لصحيفة «لا» كيف أصبح جامع المظفر الرسولي الذي تم إنشاؤه في سنة 665 هجرية، نهبا للخراب ومعرضا بأي وقت للسقوط والتهدم، كواحد من أبرز المعالم الأثرية في المدينة تعرض للكثير من الإهمال والتعمد في تدميره.
يقول المعمري: مسألة أن الجامع بات مهددا بالانهيار في أية لحظة إنما هي تتويج لعملية ممنهجة تستهدفه منذ سنوات، حيث سبق ذلك نهب كل محتوياته من الكتب والمصاحف التاريخية ذات القيمة التي لا تقدّر بثمن، ولم يلتفت إلى ذلك أحد من الجهات المعنية إلا بعد فوات الأوان.
وتابع: عندها استفاقت الجهات الرسمية ولكن في الوقت الضائع لتجد ما لا يزيد عن خمسة كتب ومخطوطات قديمة هي كل ما تبقى من الماضي لتضعها في دولاب وحيد وتُحكم تطويقها في خزنة بسلسلة حديدية وعدة أقفال، حتى لا يتم فتحها إلا بحضور الجهات الحاملة لمفاتيح أقفالها.
بدوره، أكد س.ن. الدميني، وهو من منطقة المدينة القديمة بمديرية المظفر، أن ما تعرض له جامع المظفر من نهب لمكتبته تم من قبل عصابات تتبع مرتزقة الاحتلال، وتتم بشكل سري وتغطية من قبل سلطات الارتزاق، بحيث لم يكن أبناء حي المظفر يعرفون شيئاً عن عمليات النهب تلك، حيث كانت تلك المخطوطات والكتب الدينية والتاريخية، والمصاحف القرآنية داخل خزانة الجامع، بعد أن تم حصرها وتوثيقها من قبل الجهات المعنية، فكانت تلك الجهات متواطئة إن لم تكن مشاركة مع العصابات في عملية النهب.
وتابع الدميني حديثه لصحيفة «لا» قائلاً: علينا أن ندرك أن هناك خطوطاً تستوجب علينا جميعاً أن نقف عند حدودها لنكون سواتر صد لكل من يحاول العبث أو الاستهتار بها أو التقصير عن قيام ما تسمى الجهات المعنية بمسؤوليتها في المحافظة عليها، وحمايتها من الاندثار.. كون ذلك الموروث الإنساني حقوقا تتوارثها الأجيال القادمة.

طمس الزخارف
أما المواطن ن.غ. النجاشي من منطقة الأشرفية بمديرية المظفر يعمل تجارا فيقول لصحيفة «لا» إن جامع المظفر التاريخي تعرض لعملية طمس لآثاره المتعلقة بالنقوش والزخارف والكتابات التاريخية والتي تغطي جدران الجامع وأعمدته وهي نتيجة للعشوائية التي تتم كل عام من قبل بعض الناس بهدف تجديده قبل شهر رمضان، فيتم رشه بالنورة والجص.
ويضيف النجاشي: يتم ذلك دون دراية بالنتائج السلبية التي يخلّفونها بعملهم هذا كونها عملية تؤدي إلى طمس تلك النقوش والزخارف والكتابات.
ويشير النجاشي إلى أن ذلك لا يعني غياب الوسائل في استعادة تلك النقوش والكتابات التي تم طمسها بتلك الأعمال الخيرية العشوائية، فلقد سبق وتم استخدام الجوانب العلمية بذلك في جامع الأشرفية ونجحت عملية استعادة النقوش والزخارف والكتابات.

تهدم سقف الجامع
كثير ممن التقتهم صحيفة «لا» في هذا الاستقصاء أوضحوا أن جزءاً من سقف الجامع سقط قبل أيام فقط، وتحديدا يوم السبت المنصرم، على رؤوس المصلين، وأثناء تأديتهم لصلاة الظهر، إلا أن ألطاف الله حالت دون وقوع إصابات، لافتين إلى أنهم طالبوا سلطة المرتزقة منذ سنوات بالتدخل لترميم الجامع، لكنها لم تستجب لهم.