
عادل بشر / لا ميديا -
«عند الوقوف على سطح السفينة الملتهب والنظر جنوبا نحو مضيق باب المندب، كانت الهالة التي تحيط بالأسطول الخامس للبحرية الأميركية مغطاة بظلال الصواريخ محلية الصنع التي أطلقتها قوات الحوثيين المسلحة في اليمن. عندما اصطدمت طائرة صماد 3 بدون طيار، في الجو، بصاروخ بي 6 الذي يطلق من السفن وتبلغ تكلفته أكثر من أربعة ملايين دولار، كانت عملية المرافقة التي قدمتها واشنطن على أنها (حارس الرخاء) قد بدأت بالفعل. وهو ما يكشف عن عبثية مقلقة».
ما سبق هي مقدمة لتقرير حديث تناقلته، أمس، وسائل إعلام صينية بينها موقع ومنصة «تنسنت نيوز» Tencent News، حيث تُسلط وسائل الإعلام الصينية، مجدداً الضوء على الفشل الأمريكي الذريع في فك الحصار البحري اليمني على الكيان الصهيوني، خلال الخمسة عشر شهراً الماضية، أو إيقاف الهجمات اليمنية بعيدة المدى التي استهدفت عمق العدو «الإسرائيلي»، إسناداً للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية ينفذها الاحتلال في قطاع غزة بدعم أمريكي منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م.
وتناول تقرير Tencent News الصيني، أمس، الضعف الذي ظهرت به حاملات الطائرات الأمريكية، أمام القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية.. مشيراً إلى أن ما وصفه بــ»الحصار الحوثي للبحر الأحمر» انتهى مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/ يناير الفائت.
وأفاد التقرير بأن «الموقف المحرج الذي واجهته مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور أثناء اقترابها من مضيق باب المندب، كشف عن الضعف الذي لا يوصف الذي تعاني منه المؤسسة العسكرية الأميركية في التعامل مع التهديدات غير المتكافئة».. موضحاً: «فقد كان نظام إيجيس الباهظ الثمن يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لاعتراض الطائرات بدون طيار الرخيصة، وكان كل منها يوجه ضرباته إلى أهدافه».
وأكد أن البحرية الأمريكية استهلكت كما كبيرا من الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن.. مشيراً إلى أن الصاروخ الاعتراضي الواحد «يعادل إلقاء ثلاث مركبات -ناقلات جند- مدرعة من طراز سترايكر في البحر الأحمر».
ولفت إلى أن هذا الاستنزاف «يعمل على إفراغ اقتصاد الحرب الذي يفتخر به البنتاغون».
ساحة اختبار
وقال التقرير الصيني إن «ابتكارات الحوثيين التكتيكية، حوّلت البحر الأحمر إلى ساحة اختبار للمعارك البحرية المستقبلية».. مضيفاً: «لقد استخدموا وحدات توجيه مدنية عبر الأقمار الصناعية تم الحصول عليها من مكان ما لتعديل الصواريخ المضادة للسفن، وقاموا بتفكيك وإعادة تجميع صواريخ كروز، وحتى إنهم صنعوا صاروخ كروز متوسط المدى مشابه للصاروخ الروسي Kh55».
وأشار إلى أن «استراتيجية تعديل الأسلحة، أدت إلى دفع آلية تحديد الهدف التي يفخر بها الجيش الأميركي إلى حافة الانهيار».. متطرقاً في هذه النقطة إلى العملية الاستباقية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في 21 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ضد حاملات الطائرات الأمريكية «ترومان» في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ والطائرات المسيّرة، ونتج عن العملية إفشال هجوم واسع كانت البحرية الأمريكية تخطط لشنه على اليمن، وإجبار حاملة الطائرات والقطع الحربية المرافقة لها على الفرار إلى أقصى شمال البحر الأحمر، وإسقاط مقاتلة من طراز F18، التي زعم المتحدث باسم البنتاغون حينها أن المقاتلة أُسقطت بنيران صديقة.
وجاء في تقرير موقع Tencent News الصيني: «في الحادي والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2024م، أسقطت السفينة الحربية الأميركية جيتيسبيرج طائرتها من طراز إف 18، بعد أن فشل النظام في تحديد العدو أو الصديق».. مضيفاً: «ولكن في واقع الأمر، طغى الهجوم المكثف الذي شنته القوات المسلحة اليمنية على نظام الإدراك الميداني الأميركي -وهو النوع من الأنظمة التي كانت تستخدم في السابق- أسقطت طائرة ركاب إيرانية في الخليج العربي. والآن تبدو الطرادات من طراز «إيجيس» وكأنها طائر خائف مرة أخرى في البحر الأحمر».
تحطيم الأسطورة
ويرى التقرير أن «الهجوم على حاملة الطائرات يو إس إس أيزنهاور في نهاية شهر أيار/ مايو 2024م، أدى إلى تحطيم أسطورة البحرية الأميركية التي لا تقهر».
وقال: «وعندما أعلنت القوات المسلحة الحوثية أن صواريخها المضادة للسفن اخترقت دائرة الدفاع الجوي لحاملة الطائرات لأول مرة، ادعى المتحدث باسم البنتاغون أن الصاروخ القادم تم إسقاطه على بعد 40 كيلومترا. لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن تشكيل حاملة الطائرات قام بعد ذلك بمناورة غير طبيعية لمسافة 500 كيلومتر شمالا إلى محيط الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء، ثم غادر البحر الأحمر في النهاية وعاد إلى قاعدته».
وأكد أن «هذه الاستجابة للتوتر، تكشف عن قلق الجيش الأمريكي بشأن الوضع في ساحة المعركة، وتثبت أن تكنولوجيا الصواريخ الباليستية المضادة للسفن التي تمتلكها القوات المسلحة الحوثية قد أثارت خوف الجيش الأمريكي».. لافتاً إلى أنه «وبعد أشهر قليلة، كشفت مجلة أكاديمية ويست بوينت العسكرية أن الصاروخ الحوثي أخطأ حاملة الطائرات على بعد 200 متر، وهو ما كان مجرد اعتراف بالأمر الواقع».
وأوضح التقرير الصيني أن «المعضلة العميقة في عملية الحراسة تكمن في الارتباك بشأن الأهداف الاستراتيجية». مؤكداً أنه «يجب على الجيش الأميركي تجنب الصراعات المسلحة واسعة النطاق، وخاصة الحروب البرية، مع الحوثيين».
وقال: «إن دخان البارود في البحر الأحمر يعيد كتابة قواعد الحرب البحرية الحديثة، فعمليات اعتراض الطائرات بدون طيار اليمنية، تُكلف سفن إيجيس الحربية ملايين الدولارات يومياً».. وخلص التقرير إلى القول إن «مركز أبحاث البنتاغون، أدرك أخيرًا أن الترسانة الفاخرة التي أعدوها لحروب القوى العظمى كانت خرقاء وسخيفة للغاية عند استخدامها للتعامل مع حرب الفقراء. ولعل ما حذر منه ماهان في كتابه تأثير القوة البحرية هو أن أي هيمنة بحرية سوف تتعرض في نهاية المطاف للاختناق بفعل حكمة المبدعين ولعنة الجغرافيا».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا