تقرير: عادل بشر / لا ميديا -
حذر خبراء في مركز أبحاث أمريكي من أن العدوان الذي شنه رئيس الولايات المتحدة «ترامب» على اليمن، دفاعاً عن الكيان الصهيوني الذي ينفذ إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، لن يردع القوات المسلحة اليمنية، وسيدفع بالأخيرة إلى توجيه ضربات انتقامية كبيرة ضد السفن الحربية وأهداف أمريكية في المنطقة.
وأكد الخبراء أن القصف الأمريكي، مساء أمس الأول السبت وفجر أمس الأحد، على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في اليمن ونتج عنه شهداء وجرحى من المدنيين، «يُمثل تصعيداً جديداً وخطيراً في الحرب مع الحوثيين»، مشددين على أن الدمار الواسع النطاق والإصابات المدنية ستُثير غضباً عارماً بين أوساط الشعب اليمني.
جاء ذلك في تقرير للمركز الأطلسي الأمريكي للأبحاث الدولية، أمس، مستعرضاً ردود فعل الخبراء حول العدوان الأمريكي الجديد على اليمن، وتوعُّد «ترامب» صنعاء بـ»القوة المميتة الساحقة» في حال عدم توقفها عن مساندة الفلسطينيين الذين يحاصرهم الاحتلال «الإسرائيلي» في غزة.
وأكد المجلس الأطلسي أن القوات المسلحة اليمنية واصلت عملياتها المساندة لغزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، رغم الجولات السابقة من الغارات الجوية الأمريكية وحلفائها. وطرح المجلس بين يدي سبعة من الخبراء المختصين والعاملين في ذات المجلس، أسئلة فحواها: «كيف تُنفّذ إدارة ترامب الثانية أكبر حملة عسكرية لها حتى الآن؟ ما هو تأثيرها على المنطقة؟».

تكثيف الدبلوماسية والموارد الأخرى
استهل خبراء المجلس الأطلسي الأمريكي إجاباتهم بالتذكير بعدوان التحالف السعودي الإماراتي المدعوم أمريكياً وبريطانياً على اليمن في آذار/ مارس 2015م، موضحين أنه «بين آذار/مارس 2015 وآذار/ مارس 2022، نفذ التحالف بقيادة السعودية ما بين 25,054 و75,135 طلعة جوية ضد الحوثيين في اليمن. وقام التحالف بقيادة السعودية بتشغيل طائرات أمريكية وأوروبية حديثة، وأطلق ذخائر موجهة بدقة، وتلقى دعمًا عسكريًا أمريكيًا غير مباشر».
وأضافوا: «فشلت سبع سنوات من الغارات الجوية عبر عرض الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في تثبيط قدرة الحوثيين على شن ضربات مضادة ضد البنية التحتية للطاقة والطيران والبنية التحتية المدنية الأخرى في السعودية».. لافتين إلى أنه «في مواجهة الكمية الهائلة من الذخائر التي أسقطها التحالف بقيادة السعودية على اليمن وكمية صواريخ الدفاع الجوي السعودية التي أطلقت على طائرات الحوثيين بدون طيار والصواريخ، أظهر الحوثيون قدرتهم على زيادة هجماتهم بمرور الوقت».
وقالوا: «الأهم من ذلك، أن هجمات الحوثيين واسعة النطاق على المملكة العربية السعودية، وما رافقها من غارات جوية للتحالف، انتهت بهدنة في آذار/ مارس 2022. ورغم أن وقف إطلاق النار الرسمي لم يُنفذ بعد، فإن السعوديين، على الأقل، لا يرغبون في استئناف الأعمال العدائية، إذ يمكن للحوثيين بسهولة استهداف مشروع نيوم السعودي أو البنية التحتية للطاقة في المملكة».
وارتباطاً بذلك أكد خبراء المجلس الأطلسي الأمريكي أنه «ورغم جولات الضربات الأمريكية والبريطانية المتعددة في اليمن خلال العام 2024م، أظهر الحوثيون نفس مستوى الصمود الذي أظهروه ضد التحالف الذي تقوده السعودية».
بالانتقال إلى الجولة الأخيرة من العدوان الأمريكي على اليمن، وتهديدات وعنجهية الرئيس الأمريكي «ترامب» في تهديداته لصنعاء، أشار الخبراء إلى أنه ونظراً للتاريخ الطويل للمقاومة التي أبدتها صنعاء ضد تحالف العدوان السعودي الإماراتي ومرتزقتهم، ثم ضد التحالف الأمريكي فيما يسمى بـ«حارس الازدهار» فمن غير المرجح أن تردعها الجولة الحالية من الغارات الجوية الأمريكية».

ضرب أهداف أمريكية
وأفاد خبراء المركز الأطلسي الأمريكي بأن الضربات الأمريكية حتى وإن استهدفت «قواعد الحوثيين وقادتهم ودفاعاتهم الصاروخية، فإنها ربما تؤثر على قدرتهم على العمل على المدى القصير، إلا أن الحوثيين أثبتوا مرونتهم في الماضي، وظلوا قادرين على تنفيذ عمليات قوية بعد الضربات المتتالية التي شنها التحالف بقيادة السعودية، ومؤخرًا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة».. وأضاف التقرير: «وبالنظر إلى المستقبل، رجح الخبراء أن تشن القوات المسلحة اليمنية ضربة انتقامية ربما تستهدف مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس ترومان) في البحر الأحمر أو القواعد الأمريكية في المنطقة».

معاناة اليمنيين
في السياق قال خبراء المجلس الأطلسي، إن القصف الأمريكي الأخير على صنعاء ومناطق أخرى في اليمن، يُمثل تصعيدًا جديدًا في الحرب مع صنعاء.. مضيفين: «ويُزعم أن هذا الهجوم يهدف إلى إضعاف جيش الحوثيين، ومع أن الهجمات نفسها قد لا تُسفر عن نتائج حتى الآن، فمن المرجح أن يُبدي الحوثيون مقاومة كبيرة».
وأشاروا إلى التصريحات الأمريكية بأن الهجمات على اليمن «تتركز على المنشآت والمعدات العسكرية، مما يؤدي إلى استنزاف موارد الحوثيين»، مشددين أنه وبالرغم من ذلك «فقد أثبتت الجماعة باستمرار قدرتها على التكيف والتعافي».
وحذر الخبراء من أن الهجمات الأمريكية «تُؤثر تأثيرًا بالغًا على المدنيين ويُهدد بإطالة معاناة اليمنيين»، وهذا «يُثير الخوف ويزيد من استياء المواطنين الذين لا يدعمون الحوثيين تجاه الولايات المتحدة».
وأضافوا: «ومن المؤكد أن الدمار الواسع النطاق والإصابات المدنية ستُثير غضبًا عارمًا» ضد أمريكا.

هجمات غير مسبوقة
خبراء المجلس الأطلسي الأمريكي للأبحاث تطرقوا إلى العمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني المدعوم أمريكياً بشكل فاضح.
وقالوا: «منذ أواخر عام 2023، شنّت الولايات المتحدة، إلى جانب شركائها في التحالف، ضربات متكررة على أهداف حوثية في اليمن، بهدف كبح جماحهم»، حدّ تعبيرهم.. إلا أن القوات المسلحة اليمنية «تمكنت من شنّ هجمات غير مسبوقة بالطائرات المسيّرة والصواريخ على سفن البحرية الأمريكية، إلى جانب ضربات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة استهدفت إسرائيل».
وأكدوا أنه «ورغم مرور أكثر من عام على الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، فشلت هذه الجهود في ردع الحوثيين».
وأرجع مركز الأبحاث الأمريكي قدرة اليمنيين على الصمود إلى أنها «تنبع من انتشار أسلحتهم عبر تضاريس اليمن الوعرة، مما يُعقّد جهود الاستهداف».. مضيفين: «وقد أعاق نقص المعلومات الاستخباراتية العملية ضربات التحالف، رغم جهود جمع المعلومات المكثفة التي امتدت لأشهر. وقد جعلت قدرة الحوثيين على التكيف -بإخفاء أصولهم العسكرية- قمعهم أمرًا صعب المنال».
وأفادوا بأن الضربات الجوية الأمريكية «الواسعة النطاق» التي نفذت، مساء أمس الأول السبت، جاءت «بعد أشهر من العمل الاستخباراتي المضني».
وشن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء أمس الأول، أول عدوان أمريكي على اليمن، منذ دخوله إلى البيت الأبيض في كانون الثاني الفائت، متوعداً صنعاء بـ«القوة المميتة الساحقة» في حال عدم توقفها عن مساندة الفلسطينيين الذين يحاصرهم الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وأقرّ ترامب في بيانه بأن هجمات اليمنيين «كلّفت الاقتصاد الأمريكي مليارات الدولات»، كاشفاً عن تعرض السفن الحربية الأمريكية إلى نحو 174 هجوماً وأن آخر سفينة حربية أمريكية عبرت البحر الأحمر، كانت قبل أربعة أشهر، وتعرضت لأكثر من 12 هجوماً من قوات صنعاء.
وقالت وزارة الصحة والبيئة في صنعاء إن العدوان الأمريكي على صنعاء ومحافظات صعدة والبيضاء وحجة وذمار ومأرب والجوف، أسفرت عن استشهاد 53 مدنيا بينهم 5 أطفال وامرأتان وإصابة 98 آخرين معظمهم من النساء والأطفال.
وردت القوات المسلحة اليمنية على هذا العدوان بهجوم استهدف حاملة الطائرات الأمريكية «ترومان» والقطع البحرية المرافقة لها في البحر الأحمر بـ18 صاروخاً بالستياً ومجنحاً وطائرةً مسيرةً.
وشدد سيد الجهاد والمقاومة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطاب له، أمس، على أن العدوان الأمريكي لن يؤثر في القدرات العسكرية اليمنية ولن يُثني صنعاء عن الاستمرار في واجبها المساند للشعب الفلسطيني، مؤكداً أن اليمن سترد بقوة.