عادل بشر / لا ميديا -
أكدت وسائل إعلام أمريكية أن الولايات المتحدة تمر بـ"مأزق استراتيجي" نتيجة تورطها في العدوان على اليمن خدمة للكيان الصهيوني الذي ينفذ حرب إبادة جماعية في قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن جميع المعطيات تؤكد أن الحملة التي تشنها إدارة ترامب ضد اليمن منذ منتصف آذار/ مارس الفائت "لن تُجدي نفعاً" وقد تجلب نتائج عكسية وخيمة، بسبب افتقار واشنطن إلى استراتيجية واضحة لمواجهة صنعاء.
مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية الشهيرة نشرت تقريراً بعنوان "قصف الحوثيين لن يجدي نفعاً" جاء فيه أن "الحرب الجوية ضد الحوثيين في اليمن قد تتحول في نهاية المطاف إلى فضيحة"، لأنها "حرب بلا استراتيجية واضحة سوى حرص ترامب على ما يسميه تحركاً سريعاً لا هوادة فيه"، مضيفاً أن "من المرجح أن تأتي بنتائج عكسية وخيمة إذا لم تغير الإدارة مسارها".
وأوضح التقرير أنه "منذ منتصف آذار/ مارس الماضي، ألقى الجيش الأمريكي صواريخ وقنابل وقذائف صاروخية تزيد قيمتها عن 200 مليون دولار على صحارى اليمن وجبالها النائية، فيما أطلق عليه وزير الدفاع، بيت هيغزيث، بحماقة تاريخية سامية، اسم "عملية الفارس الخشن". ويُقصد من هذا الاسم استحضار هجوم سلاح الفرسان المتبجح الذي شنه ثيودور روزفلت عام 1898 على تلة سان خوان في الحرب الإسبانية الأمريكية"، مضيفاً: "قد لا يعلم هيغزيث أن الولايات المتحدة تكبدت ضعف عدد الضحايا الإسبان في تلك المعركة التي طال أمدها، والتي كانت مقدمة لحرب عدوانية باهظة التكلفة وغير ضرورية".
ولفت التقرير إلى أن "القوة الجوية نادراً ما تكسب وحدها الحروب، ويتمتع الحوثيون بميزة وجودهم في منطقة نائية وجبلية، حيث يُحتمل أن يكون جزء كبير من ترسانتهم في مأمن من الأذى"، مؤكداً أن صمود صنعاء في وجه الحملة الحالية المتصاعدة سيجعلها تخرج من هذه الحملة "أقوى سياسياً وبقاعدة دعم أكثر رسوخاً".
وبحسب المجلة فإن "على إدارة ترامب الانتباه للتاريخ أكثر"، مشيرة إلى أن "حركة الحوثيين خرجت من كل حروبها أقوى".
وقالت إن "الحوثيين اكتسبوا مؤخراً كما يبدو تقنيات خلايا الوقود الهيدروجينية، ما يجعل اكتشاف طائراتهم المسيّرة، التي ضربت إسرائيل بالفعل، أكثر صعوبة، ويجعلها قادرة على التحليق لمسافات أبعد بكثير، وهم الآن يصنعون أسلحتهم بأنفسهم، في تحوّل مذهل".

ترامب يُخاطر بالفشل في اليمن
مجلة "نيوزويك" الأمريكية هي الأخرى نشرت تقريراً بعنوان "ترامب يُخاطر بالفشل في اليمن"، أوضحت فيه أن استراتيجية الرئيس ترامب في الحرب على اليمن "تتطابق إلى حد كبير مع استراتيجية بايدن، التي ترتكز على الافتراض نفسه، الذي يفيد بأن الولايات المتحدة تستطيع بالضغط العسكري الكافي تقليص القدرة العسكرية للحوثيين إلى مجرد مصدر إزعاج بسيط، أو إجبارهم على وقف الهجمات تماماً"، مؤكدة أن "هذا الافتراض كان خاطئاً من قبل، ولا يزال خاطئاً حتى اليوم".
وأضافت المجلة: "أظهر الحوثيون صموداً طوال وجودهم كحركة مسلحة. ففي العام 2014، ظنّت المملكة العربية السعودية، الدولة صاحبة أكبر ميزانية دفاعية في الشرق الأوسط، أنها ستهزم الحوثيين بسهولة في صنعاء بعد بضعة أسابيع؛ لكن بعد ثماني سنوات وعشرات آلاف الغارات الجوية، اضطر السعوديون لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين بعد أن تحولت الحرب برمتها إلى فشل ذريع للمملكة".
وأوضحت أن "الاعتقاد بأن الولايات المتحدة يمكن أن تحذو حذو السعودية وتحقق نتيجة مختلفة يُشبه إلى حد ما شراء تذكرة (باور بول) بعد 20 خسارة متتالية والاعتقاد بأنك ستفوز بالجائزة الكبرى. يكاد يكون هذا الأمر مُخالفاً للمنطق".
وخلصت "نيوزويك" إلى القول: "يجدر بنا تذكُّر أن المرة الوحيدة التي أوقف فيها الحوثيون إطلاق النار كانت عندما أوقفت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، حيث ربطت صنعاء عملياتها في البحر الأحمر بما يحدث في غزة، وكانت رسالتها ثابتة طوال الوقت: سنتوقف عن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة قبالة الساحل اليمني عندما توافق إسرائيل على وقف دائم للأعمال العدائية ضد غزة، وتسحب قواتها من القطاع. لذا، فإن أرخص وأكثر الطرق فاعلية في التعامل مع الحوثيين هي الضغط على بنيامين نتنياهو للوفاء بما وافق عليه في كانون الثاني/ يناير الماضي، وهو مقايضة إنهاء الصراع بالرهائن المتبقين. فمن المرجح أن تنجح الدبلوماسية أكثر من حرب استنزاف جوية".

مأزق استراتيجي
مجلة "ذا ناشيونال انترست" الأمريكية من جانبها، أفادت، في تقرير، بأن صنعاء وضعت واشنطن "في مأزق استراتيجي، ولم تترك لها خيارات جيدة"، مشيرة إلى أن "الحملة الأمريكية البحرية والجوية على الحوثيين ليست كافية لإسكاتهم. وأمام واشنطن إما التصعيد البري وهو مشكلة، وإما الانسحاب وهو مشكلة أكبر".
وقالت المجلة إن "هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تُبرز الوضع الصعب الذي تواجهه البحرية الأمريكية. فبعد أن فقدت مكانتها كأكبر قوة بحرية في العالم، تبحث بحرية واشنطن عن أساليب جديدة للتعامل مع الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادة للسفن القادرة على تدمير السفن الحربية السطحية على بُعد مئات أو حتى آلاف الأميال من الساحل".
وأوضحت أن قوات صنعاء "تمكنت بمهارة من استغلال حالة الإرهاق التي تعاني منها البحرية الأمريكية"، حيث اضطرت بحرية واشنطن "إلى إبقاء ما يصل إلى مجموعتين من حاملات الطائرات مرابطتين في منطقة البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين"، مبينة أنه "ورغم هذه القوى الجبارة، لا يزال البحر الأحمر مغلقاً فعلاً" أمام الملاحة "الإسرائيلية" والأمريكية.
وأكدت أنه "ورغم إنفاق أكثر من مليار دولار على الذخائر الجوية في ثلاثة أسابيع فقط، فقد استمرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بلا هوادة".