لا ميديا -
في رثائه قال المفكر الفلسطيني د. أسامة الأشقر: "هو رجلٌ سريع الخطو، آسِر الملامح، مشدود القامة، يطلّ عليك بجلبابه النظيف، وطاقيّته البيضاء، يشدّك من كتفك، ويضغط على قبضتك، ويصوّب ناظريه إليك ببريقٍ ساحر، ويصرخ بكل قوّة: سنعود، سنعود، وسنقاتلهم، ونهزمهم، واللهِ لن نتركهم، وسنصلّي هناك رغم أنوفهم"!
وُلد جبر علي عبد الله عمار عام 1944، في قرية بيت دراس الفلسطينية. استشهد والده علي عمار عام 1948، على يد عصابات التهجير والإجرام الصهيونية، إذ كان مقاتلاً في جيش التحرير الشعبي الفلسطيني.
أنهى دراسته الجامعية في كلية التجارة بجمهورية مصر العربية، ثم التحق بقوات التحرير الفلسطينية التي أسسها الراحل أحمد الشقيري، حيث خاض معارك عديدة ضد قوات الاحتلال الصهيوني.
اعتقلته قوات الاحتلال عام 1969، وأصدرت بحقه حكماً بالإعدام ثم المؤبد مدى الحياة. قاوم السجان بعزيمة قوية، وتميز خلال فترة أسره بالعنفوان الثوري في وجه السجان، وبالقيادة الحكيمة للأسرى والمعتقلين. وخلال فترة اعتقاله أسس أول تنظيم للحركة الإسلامية داخل سجون الاحتلال.
أمضى 14 عاماً في سجون الاحتلال. وفي العام 1983 تحرر من السجن ضمن صفقة تبادل الأسرى، وتم إبعاده إلى لبنان، ثم تنقل بين تونس والجزائر، ليستقر بعدها في السودان لمدة 30 عاماً.
عاد بعد 40 عاماً من الإبعاد إلى أرض الوطن، وتحديداً غزة، التي لم يمضِ على مكوثه فيها سوى بضعة شهور قبل أن تشن قوات الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة الجماعية على القطاع. هنا اتقد نَفَسُه الثوري فنهض بدوره في تثبيت الناس وتقوية عزائمهم.
استشهدت ابنته، وبقي هو وزوجته خلال أيام الحرب متنقلاً تحت ظروف قاسية جداً في ظل القصف المتواصل والحصار والبرد، حتى استشهد في 25 آذار/ مارس 2025 بغارة صهيونية على خيمته.
وصفه إعلام الأسرى بأنه "من الرعيل الأول لمقاومي الاحتلال بعد العام 1967، وأمضى 14 عاماً في الأسر، قدّم خلالها نموذجاً في الصمود والتحدي داخل سجون الاحتلال، ثم واصل نضاله بعد تحرّره في صفقة التبادل عام 1983، ثابتاً على المبادئ طيلة أكثر من 40 عاماً في الإبعاد، حتى نال شرف الشهادة على أرض غزّة التي أحبّها وعاد إليها".