
عادل بشر / لا ميديا -
قالت وسائل إعلام أمريكية إن الولايات المتحدة «هُزمت في الشرق الأوسط»؛ ولكن ليس أمام جيوش تضاهيها بالقوة العسكرية، وإنما على يد «جماعة تعهّد الرئيس ترامب بإبادتها؛ ولكنه بعد سبعة أسابيع أعلن بشكل غير مباشر هزيمته أمام هذه الجماعة»، حد تعبيرها.
ووصفت مجلة «ذا ناشيونال انترست» اتفاق وقف إطلاق النار بين واشنطن وصنعاء، الذي أعلنه ترامب في 6 أيار/ مايو الجاري، بالقول: «إن ما نراه في الشرق الأوسط اليوم هو آخر آثار الإمبراطورية الأميركية التي تتلاشى، ويحل محلها نظام أكثر محلية».
وفي تقرير لها، أمس، بعنوان «طلقة الحوثيين الأخيرة على دونالد ترامب»، قالت المجلة: «للأسف، هزيمة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد حدثت. فبعد الاتفاق الجديد الذي أبرمه الرئيس دونالد ترامب خلال جولته الشرق أوسطية، قرر الحوثيون إذلال الأمريكيين بضربة أخيرة».
وأضافت: «بينما كان الرئيس ترامب يزور العائلة المالكة السعودية وسط احتفالات صاخبة، أطلق الحوثيون صاروخاً بعيد المدى من معقلهم الجبلي في سفوح اليمن المجاورة. شوهد الصاروخ، الذي صوّره مشاهدون في السعودية ونُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يحلق فوق البلاد في طريقه إلى إسرائيل البعيدة. وفي الوقت نفسه، دخلت إسرائيل بأكملها في حالة تأهب، حيث كان الجميع هناك ينتظرون بفارغ الصبر لمعرفة إلى أين يتجه الصاروخ الحوثي».
وكانت القوات المسلحة اليمنية قد كثفت هجماتها الصاروخية على «مطار بن غوريون» (مطار اللد) في فلسطين المحتلة، خلال أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس، وأعلنت استهداف المطار بأربعة صواريخ فرط صوتية في 48 ساعة، ضمن عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية ينفذها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
كيف هزم الحوثيون البحرية الأمريكية
في التقرير ذاته، ذكرت مجلة «ذا ناشيونال انترست» أنه «في الآونة الأخيرة، اعترفت إدارة ترامب بأن الحوثيين -المعروفين رسمياً باسم «أنصار الله»- هزموا البحرية الأمريكية بشكل فعال في صراع استمر لسنوات عديدة من أجل السيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية الرئيسية في البحر الأحمر وباب المندب».
واعترفت المجلة بتعرض حاملات الطائرات الأمريكية العاملة في نطاق صواريخ اليمن، لخطر كبير، خلال المواجهة مع القوات المسلحة اليمنية، منذ إعلان صنعاء دخول المعركة ضد العدو الصهيوني إسناداً لقطاع غزة، حيث دفعت الولايات المتحدة بحاملات الطائرات والبوارج والسفن الحربية إلى البحر الأحمر في محاولة لفك الحصار البحري الذي فرضه اليمن على السفن «الإسرائيلية» والسفن المرتبطة بكيان الاحتلال وتلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة.
وأفادت المجلة بأنه «خلال العام الماضي، كادت حاملات الطائرات الأمريكية العاملة ضمن مدى صواريخ الحوثيين أن تُصاب بأضرار بالغة»، مشيرة إلى أن حاملة الطائرات «ترومان كادت أن تصاب مرتين، ما اضطرها إلى تنفيذ مناورات حادة لتجنب الصواريخ اليمنية، ما تسبب بفقدان طائرتين من طراز F /A-18E/F سوبر هورنت».
كما كشفت المجلة عن نجاة طائرة «F-35 لايتنينج 2» المتطورة، من «إصابة كانت مباشرة» لولا أن المقاتلة «أفلتت بسرعة من صواريخ القوات اليمنية، لتنجو بأعجوبة من أن تُصبح أول طائرة (F-35) يتم إسقاطها على الإطلاق».
وأكدت المجلة أن «إدارة ترامب ضحت بكل ما لديها في وجه الحوثيين، ونجا الحوثيون»، لافتة إلى أن «ترامب أدرك أن لديه شؤوناً أهم، وأنه لا جدوى من أن تُرى الولايات المتحدة وكأنها خاضت حرباً مع الحوثيين ثم خسرتها، فسلم بالأمر».
الهدف التالي
وأوضحت «ناشيونال انترست» أن ترامب بقرار وقف النار مع «الحوثيين» وضع «الإسرائيليين» في موقف محرج، حيث تركهم لوحدهم في مواجهة اليمن. وفي المقابل، وفقاً للمجلة الأمريكية، لم تُدرك حكومة الاحتلال أن الوضع الذي تواجهه قد تغير جذرياً، فيواصل نتنياهو تنفيذ خطته لغزو واحتلال قطاع غزة على نطاق واسع، والتوغل في سورية والتهديد بضربات جوية متواصلة على اليمن.
وأشارت إلى أن هذا «الموقف الإسرائيلي غير قابلٍ للاستمرار إطلاقاً، ويُمكن تجنّبه، خصوصاً وأن الحوثيين يعلنون أنهم سيوقفون قصفهم الصاروخي على إسرائيل إذا تخلّت حكومة نتنياهو عن خططها لغزو قطاع غزة واحتلاله»، مؤكدة أن «إسرائيل ليس لديها خيار آخر غير الرضوخ لمطالب الجماعة اليمنية، وعليها أن تتخلى عن هذه الخطط العدوانية ضد غزة، وأن تُخفّض تواجدها، وأن تُعيد بناء دفاعاتها ومجتمعها قبل فوات الأوان».
تلاشي الإمبراطورية الأمريكية
وتحت عنوان «الإمبراطورية الأمريكية تتلاشى سريعاً»، قالت مجلة «ناشيونال انترست»: «رغم جولة صفقات الأسلحة والتجارة التي أبرمتها إدارة ترامب في الرياض، فإنّ المكانة العسكرية الأمريكية في المنطقة تتلاشى بسرعة، ويولد نموذج جديد. وشعور الحوثيين بإمكانية إطلاق صواريخ فوق رؤوس الأمريكيين في السعودية، كجزء من هجوم أوسع ضد إسرائيل، دليل آخر على مدى انحطاط الأمريكيين».
وخلصت إلى القول: «ما نراه في الشرق الأوسط اليوم هو آخر بقايا الإمبراطورية الأمريكية، التي تتلاشى، ليحل محلها نظام أكثر محلية. وعلى إسرائيل أن تُغير مسارها وتبدأ بالتصرف بناءً على ذلك».
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا