تقرير / لا ميديا -
في غزة يتقاطع الموت مع الحياة في كل لحظة، وتتحول مفردات الوجع إلى لغة يومية معتادة. ليست مجرد حرب، بل هي إبادة ممنهجة تُنفذ ببطء، بحصار وجوع، وبقنابل وصمت دولي مُخزٍ.
هنا، لا يواجه الناس المحتل فحسب، بل يواجهون نظاماً عالمياً اختار أن يعصب عينيه عن الحقيقة، وأن يُصمّ آذانه عن صرخات الأمهات والرضّع، وأن يقف متواطئاً بصمته وبفعله.
ومنذ فجر أمس السبت، يتعرض قطاع غزة لموجة جديدة من القصف والغارات الدموية المكثفة، ضمن ما أطلق عليه العدو الصهيوني اسم «عملية عربات جدعون»، في تصعيد وحشي يضاف إلى فصول العدوان المدمر الذي لم يهدأ منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. أكثر من 74 شهيداً ارتقوا خلال ساعات قليلة، لترتفع بذلك حصيلة ضحايا عدوان الإبادة في غزة إلى 53,272 شهيداً، وأكثر من 120,673 إصابة، فيما لايزال 10 آلاف مفقود تحت الأنقاض بحسب ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

 قصف 39 مركزا لتوزيع الطعام
لم يكتفِ العدو الصهيوني بنسف البنى التحتية والمنازل في غزة، بل تجاوز ذلك ليطال مراكز توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية، في سياسة ممنهجة يبدو أن هدفها فرض مزيد من الحصار والتجويع على السكان المحاصرين. وأعلن مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن عدد مراكز وتكايا توزيع الطعام التي تم استهدافها منذ بداية العدوان وصل إلى 68 منشأة، منها 39 مركزاً لتوزيع المساعدات و29 تكية طعام تقدم وجبات يومية للمحتاجين.
إحدى أبرز هذه الجرائم وقعت في دير البلح وسط القطاع، حيث قصفت قوات العدو مستودعاً لتوزيع المساعدات، ما أدى إلى استشهاد خمسة مدنيين وسقوط عشرات الجرحى، بينهم نساء وأطفال، كانوا قد تجمعوا للحصول على ما يسد رمقهم في ظل تفشي المجاعة.
هذا المشهد الدموي المتكرر يؤكد -بحسب بيان رسمي صادر عن إعلام غزة- أن الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح حرب متحدياً كل القوانين. البيان ذاته طالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف هذه الجرائم، وتوفير الحماية الكاملة لمراكز الإغاثة وفتح المعابر الإنسانية.

القسام تعلن عن عملية في الشجاعية
في قلب الميدان، تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية التصدي للجريمة الصهيونية. وأعلنت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس أنها اشتبكت مع قوة صهيونية تحصنت داخل أحد المنازل في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتمكنت من قتل جنديين بتاريخ 12 أيار/ مايو، في عملية وصفتها بـ»الدقيقة».

مفاوضات شائكة
في الجانب السياسي، تتواصل المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية ممثلة بحركة حماس والعدو الصهيوني في الدوحة بوساطة قطرية، وسط تعثر واضح في ظل إصرار العدو الصهيوني على رفض أي نقاش حول إنهاء شامل للعدوان.
 ووفق مصدر في حركة حماس تحدث لصحيفة «العربي الجديد»، فإن المحادثات تدور حول صفقة تهدئة جزئية تمتد لشهرين، تتخللها مفاوضات بشأن وقف دائم لإطلاق النار، مقابل إطلاق سراح أسرى من الجانبين.

 الضفة الأخرى من العدوان
وعلى جبهة أخرى لا تقل اشتعالاً، تشهد الضفة الغربية المحتلة تصعيداً متواصلاً من قبل قوات العدو الصهيوني، حيث استشهد الشاب نائل سامي سمارة بنيران الاحتلال في بلدة بروقين غرب سلفيت، خلال عملية دهم وتفتيش شملت معظم منازل البلدة. العملية جاءت في أعقاب إطلاق نار وقع قرب «مستوطنة بروخين» أسفر عنه مقتل غاصبة صهيونية وإصابة آخر.
ولم تتوقف الحملة عند هذا الحد، بل امتدت إلى كفر الديك، حيث فرض الاحتلال منعاً للتجول، وطلب من السكان عدم العودة إلى منازلهم لمدة ثلاثة أيام. أما مادما جنوب نابلس، فشهدت البلدة اقتحاماً عسكرياً تخللته قنابل صوت وتخريب للممتلكات.
في ترمسعيا شمالي رام الله، أقدم غاصبون على حرق محاصيل زراعية وملاحقة رعاة الأغنام، في استمرار لسياسة الترهيب والتهجير القسري التي ينتهجها الغاصبون الصهاينة تحت حماية قوات الكيان المحتل.