عادل بشر / لا ميديا -
أثارت حادثة نجاة طائرة "إف- 35" الأمريكية مِن صاروخ يمني كاد يسقطها، جدلا جديدا بين أوساط المحللين الأمنيين والعسكريين في الولايات المتحدة، حول قدرة إحدى أكثر المقاتلات الأمريكية تطوراً على الصمود، ومدى تطور نظام الدفاع الجوي اليمني ليستطيع التغلب على المميزات التكنولوجية الضخمة لطائرة  "إف- 35" التي تتسابق الكثير من الدول العالم للحصول عليها.
وأفادت تقارير إعلامية أمريكية بأن صاروخا يمنيا أرض-جو كاد يسقط "جوهرة التاج" في ترسانة المقاتلات الأمريكية "إف- 35" من الجيل الخامس، أثناء العدوان الأمريكي على اليمن في عهد الرئيس ترامب.
ونشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية في موقعها الإلكتروني، أمس، تقريراً بعنوان "كاد الحوثيون أن يسقطوا طائرة إف- 35، وواشنطن في حالة ذعر".
وقالت المجلة: "أخطأ صاروخ أرض-جو أطلقه الحوثيون بالكاد طائرة مقاتلة أمريكية من طراز إف- 35 من الجيل الخامس، وهي جوهرة التاج في ترسانة المقاتلات الأمريكية. واضطرت الطائرة  إلى اتخاذ إجراء مراوغ لتجنب الصاروخ".
وأشارت إلى أن "هذه الحادثة تثير تساؤلات حول قدرة إحدى أكثر المقاتلات الأميركية تقدما على البقاء، كما تثير مخاوف بشأن مدى فاعلية نظام الدفاع الجوي الحوثي البسيط نسبياً في إعاقة العمل الأميركي".
ونقلت المجلة عن المحلل العسكري غريغوري برو قوله: "لقد تعرضت العديد من الطائرات الأمريكية من طراز إف- 16 وطائرة مقاتلة من طراز إف- 35 لضربات دفاعات الحوثيين الجوية، مما زاد من احتمال وقوع خسائر بشرية أميركية". وأضاف أن الحوثيين نجحوا في إسقاط "7 طائرات أميركية مسيرة من طراز إم كيو-9، تبلغ قيمة كل منها حوالي 30 مليون دولار، مما أعاق قدرة القيادة المركزية الأمريكية على تتبع الجماعة وضربها"، في إشارة إلى الطائرات المسيرة من طراز إم كيو- w9 "الصياد القاتل" التي أسقطتها القوات المسلحة اليمنية خلال شهر نيسان/ أبريل الفائت، مِن إجمالي 22 طائرة من ذات الطراز تم إسقاطها في اليمن خلال 18 شهراً الماضية.
وتساءل التقرير عن مدى ضعف المقاتلات الأميركية أمام منظومة الدفاع الجوي اليمنية، التي وصفها بأنها "بسيطة، لكنها فعالة". موضحا أن هذه المنظومة "سريعة الحركة، ويمكن أن تظهر فجأة في أي مكان، مما يجعلها غير متوقعة ويصعب التخطيط لها، علاوة على ذلك فإن بساطتها تساعدها على تجنب الكشف المبكر من قبل المعدات الأميركية المتقدمة".
ونقل التقرير عن موقع "ذا وور زون" المتخصص في الشؤون العسكرية، القول إن الدفاعات الصاروخية لقوات صنعاء تشمل "العديد من صواريخ سام المرتجلة التي تستخدم أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء السلبية غير التقليدية، وصواريخ جو-جو مجهزة بدقة". مشيراً إلى أن صنعاء تمتلك، أيضاً، أنظمة حديثة مثل "صواريخ سام برق- 1 وبرق- 2".
ولفت إلى أن "القدرات الدقيقة لهذه الصواريخ لاتزال غير واضحة"، ومع ذلك أفاد التقرير بأن من وصفهم بـ"الحوثيين" يقولون إن "أقصى مدى لصاروخي سام برق-1 وبرق-2 يبلغ 31 ميلًا و44 ميلًا، ويمكنهما إصابة أهداف على ارتفاعات 49 ألف قدم و65 ألف قدم على التوالي".

نذير شؤم لصراع القوى العظمى
وبحسب التقرير فإن "الاصطدام القريب بين طائرة إف- 35 الأميركية وصاروخ أرض-جو اليمني، يثير تساؤلات حول الصراعات الكبرى، فإذا نجح الحوثيون في تعطيل العمليات الجوية الأميركية فوق اليمن، فكيف تتوقع الولايات المتحدة إجراء عمليات جوية فعالة في المجال الجوي لعدو أكثر تطورا؟ وإذا كانت طائرة إف- 35، وهي مقاتلة شبح من الجيل الخامس ذات مقطع راداري منخفض للغاية، عرضة لدفاعات صواريخ أرض-جو من حقبة الحرب الباردة، فكيف سيكون أداؤها هي وغيرها في مواجهة أنظمة الدفاع الجوي الحديثة؟".
وخلص التقرير إلى القول "إن امتلاك أنظمة أكثر تكلفة وتطورا، سواء في الجو أو على الأرض، لا يضمن حرية الوصول أو النجاح المتواصل، لأن الأنظمة المنخفضة التقنية قد تعيق فاعلية الأنظمة العالية التقنية بشكل موثوق".
في ذات السياق نشر موقع ذا وور زون TWZ، المختص بالشؤون العسكرية، تقريراً، سلط فيه الضوء على أنظمة الدفاعات الجوية اليمنية التي وصفها بأنها "عالية الحركة" وكيف "تُشكل تهديداً بالنسبة للطائرات المقاتلة الأمريكية المتقدمة".
وجاء في التقرير: "على الرغم من أن التفاصيل لاتزال محدودة، إلا أن الحوثيين اقتربوا بشكل مقلق من إسقاط طائرة مقاتلة أمريكية من طراز إف- 35 جوينت سترايك، وقيل إن هناك عدة طائرات أمريكية من طراز إف- 16 فايبر، خلال تصاعد الغارات الجوية على أهداف في اليمن ربيع هذا العام". مشيراً إلى أن قدرات الدفاع الجوي اليمنية أثبتت أنها "تُشكل تحديًا فريدًا ومزعجًا للطائرات المقاتلة الأمريكية".
وأوضح أن الدفاعات الجوية لقوات صنعاء دفعت الجيش الأمريكي "إلى زيادة استخدام الطائرات الشبحية مثل إف- 35، وخاصةً لشن ضربات مباشرة على أهداف في اليمن، بالإضافة إلى استخدام ذخائر بعيدة المدى باهظة الثمن".
وأفاد التقرير بأنه "حتى الآن، لا يُعرف نوع الصاروخ أو الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على طائرة إف- 35. ولم تظهر بعد تفاصيل أخرى تُمكّن من إجراء تقييم شامل لتلك الاشتباكات، بالإضافة إلى محاولات اعتراض طائرات إف- 16 المُبلغ عنها" لكنه أشار إلى أن "ما اتضح بالفعل هو أن المسلحين اليمنيين قد أثبتوا التهديدات الحقيقية التي تُشكلها أنظمة الدفاع الجوي المتنقلة، وخاصة تلك التي تعتمد على قدرات الكشف والتتبع بالأشعة تحت الحمراء، حتى على الطائرات الشبحية المتطورة".

عملة نادرة
وتعتبر واشنطن مقاتلة إف-35 فخر الترسانة العسكرية الأميركية، وأطلقت عليها عدة أسماء من بينها "جوهرة التاج" و"وحش السماء" و"المقاتلة الأكثر فتكاً في العالم".
وتصف التقارير الأمريكية طائرات "إف-35" بأنها عملة نادرة في سلاح الجو، ورغم سعي العديد من الدول للحصول عليها، فإن دولا قليلة هي من نجحت في إبرام عقود لشرائها وعددها 14، من بينها إيطاليا والدانمارك وهولندا واليابان وكوريا الجنوبية والاحتلال الصهيوني.
وكان سيد الجهاد والمقاومة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، قد كشف في خطاب له أواخر نيسان/ أبريل الماضي، عن تطور القدرات الدفاعية الجوية للقوات المسلحة اليمنية، خلال تصديها  للعدوان الأمريكي على اليمن.. مؤكداً حدوث "عمليات اعتراض ناجحة، وقد فشل الأمريكي بسببها في تنفيذ عدة عمليات وفي قصف أهداف متعددة في اليمن".
وأعلن الرئيس الأمريكي ترامب في 6 أيار/ مايو الجاري، إيقاف العدوان على اليمن، بعد حملة مكثفة قادتها إدارته في 15 آذار/ مارس، فشلت خلالها واشنطن في تحقيق أي أهداف، وتعرضت لخسائر كبيرة، أجبرتها في نهاية المطاف إلى الاستسلام وإعلان الاتفاق مع صنعاء لوقف إطلاق النار، بين الجانبين، بينما تستمر القوات المسلحة اليمنية في عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني.