تقرير - عادل بشر / لا ميديا -
خلافاً لما كان قد تعهد به رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في تصريحات متفرقة بأن العدوان الذي بدأته «إسرائيل» على الجمهورية الإسلامية فجر الـ13 من حزيران/ يونيو الجاري، لن يتوقف إلا بتحقيق أهدافه وعلى رأسها إسقاط النظام في طهران، وتدمير البرنامج النووي الإيراني، والقضاء على القدرات الصاروخية، إلا أن نشوته الزائفة لم تدم أكثر من 11 يوماً تعرض فيها الكيان لضربات قاسية بصواريخ ومسيّرات «الوعد الصادق 3» فضحت هشاشته وأجبرته على التوسل لدى داعمه الأمريكي ترامب للبحث عن مخرج يحفظ له ما تبقى من ماء وجهه.
ومع دخول العدوان الصهيوني على إيران، أمس، يومه الـ12، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق مفاجئ لوقف النار بين الجمهورية الإسلامية وكيان الاحتلال، بوساطة قطرية.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات قليلة من الاستهداف الإيراني لقاعدة «العيديد» الجوية الأمريكية في قطر، رداً على التدخّل العسكري الأمريكي المباشر، والمتمثّل باستهداف 3 منشآتٍ نوويةٍ سلمية إيرانية، وما حملته الضربة الصاروخية على «العيديد» من رسائل انطلاقاً من مبدأ «المعاملة بالمثل».
وكشف رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، عن لجوء ترامب إلى قطر لإقناع إيران بوقف إطلاق النار.
وقال آل ثاني في مؤتمر صحفي، أمس، بالدوحة إن ترامب أجرى اتصالاً مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، طالبا منه التدخل لإقناع إيران بالموافقة على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار الذي أبدت «إسرائيل» استعدادها لقبوله.
وكانت وكالة «رويترز»، قد نقلت عن مصدر مطلع، أن ترامب أبلغ أمير قطر بأنّ «إسرائيل» وافقت على وقف إطلاق النار، وطلب مساعدة قطرية لإقناع إيران بالموافقة أيضاً.
وقال الإعلام العبري إنّ الرغبة في وقف إطلاق النار طُرحت خلال محادثة جمعت ترامب ونائبه جي دي فانس مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، عندما تحدث الثلاثة عن الهجوم الإيراني على القاعدة الأمريكية في قطر.
وكشفت «القناة 12» العبرية، أن وزير الشؤون الاستراتيجية في كيان الاحتلال رون ديرمر، أبلغ وزير الخارجية الأمريكي، أمس الأول الاثنين، أن «إسرائيل» تريد وقف إطلاق النار.
ودخل وقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال حيز التنفيذ، أمس عند الساعة السابعة صباحاً، بتوقيت القدس المحتلة، ومن أطلق الطلقة الأخيرة كان إيران التي -وفقاً لمراقبين- فرضت معادلة ردع جديدة، ألحقت بالاحتلال خسائر فادحة ومنعته من تحقيق أهدافه.
وبعد ساعات قليلة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أقدم الكيان على خرق الاتفاق، بشنّ غارة جوية على منطقة مفتوحة في «بابل سَر» قرب العاصمة الإيرانية طهران. وأقرّت هيئة الإذاعة الصهيونية بأنّ ما وصفته بـ»هجوم رمزي» استهدف رادارًا تابعًا للجيش الإيراني.. زاعمة أن هذا الاستهداف يأتي بعد رصد صاروخين وصلا إلى حيفا المحتلة بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، وهو ما نفته إيران، مؤكدة أنها لم تنفذ أية هجمات بعد السابعة صباح أمس.

يد على الزناد
في غضون ذلك، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن إيران حققت نصراً، وأجبرت «الأعداء على طلب وقف إطلاق النار».
وقال المجلس، في بيانٍ له أمس «بوعي شعبنا وصمود قواتنا وقيادتنا الحكيمة انتصرنا»، مؤكداً أن القوات المسلحة «يدها على الزناد، ولا تثق بكلام الأعداء، وهي مستعدة للرد الحاسم في حال أي اعتداء».
وشدد على أن «يقظة المقاومة والقدرة على تحديد اللحظة المناسبة وتضامن الشعب الإيراني ووحدته هزم الاستراتيجية الرئيسية للعدو».
في السياق أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي أن إيران خططت لعدم حدوث أي توقف في مسار الصناعة النووية، واتخذت التدابير اللازمة.
وأضاف: «نحن الآن في طور تقييم الأضرار، ولدينا خطط استباقية للنهوض مجدداً، ونحن عازمون على عدم السماح بأي توقف في مسار الصناعة النووية».

طهران تحتفل بالنصر وتبدأ تقييم الأضرار
وخرج آلاف المواطنين الإيرانيين، مساء أمس، إلى الساحات وسط العاصمة طهران، في تجمع شعبي حاشد عبّروا من خلاله عن دعمهم المطلق للقوات المسلحة الإيرانية، وتأكيدهم على الوقوف صفًا واحدًا في وجه أي عدوان أو تهديد خارجي يستهدف سيادة الجمهورية الإسلامية وأمنها.
ورفع المشاركون الأعلام الإيرانية ولافتات تمجّد الجيش والحرس الثوري، مرددين هتافات تؤكد على التمسك بخيار المقاومة والدفاع عن الوطن، في مشهد عكس حالة الالتفاف الشعبي حول القيادة والخيارات السيادية للبلاد، عقب الاعتداءات الأخيرة التي طالت أراضي الجمهورية الإسلامية.
في السياق أعلن التلفزيون الإيراني أن الحكومة بدأت إعداد الخطط الأولية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، إن «الهجمات الإسرائيلية استهدفت مناطق سكنية، ومراكز علمية، ومعاهد بحوث، ومنشآت صحية ومدنية»، مؤكدة أن «الحكومة تواجه مهمة كبرى لإعادة الإعمار، وستبدأ فوراً بتقييم الأضرار».
من جهتها ذكرت وزارة الصحة الإيرانية أن حصيلة العدوان الصهيوني منذ 13 حزيران/ يونيو الجاري بلغت 606 شهداء و 5 آلاف و332 إصابة.

الضربة القاضية والأخيرة
على الصعيد الميداني، وقبل دقائق قليلة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وجهت إيران الضربة الصاروخية الأخيرة إلى الاحتلال، والتي تشبه إلى حد كبير الضربة القاضية.
وأعلن حرس الثورة الإسلامية في إيران، صباح أمس، أنّ الموجة الثانية والعشرين من عملية «الوعد الصادق 3» شكّلت درساً تاريخياً ومعنوياً للعدو «الإسرائيلي».
وأكّد البيان أنّ القوات الإيرانية أطلقت 14 صاروخاً استهدفت مواقع عسكرية «إسرائيلية» حسّاسة، في ما وصفه حرس الثورة بـ»اللحظات الأخيرة» قبل دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، والذي فُرض على العدو الصهيوني بفضل صمود الشعب الإيراني.
وأضاف البيان أنّ «الكيان الإسرائيلي توسّل عاجزاً لشركائه الأمريكيين لوقف إطلاق النار»، متابعاً أنّ «طهران لقّنت الكيان درساً تاريخياً لن ينساه».
وأكّد الحرس الثوري أن القوات المسلحة الإيرانية هي من فرضت إرادتها على العدو.. مشدداً بأن «القوات المسلحة الإيرانية ستواصل رصد تحرّكات العدو بدقّة وحذر».
وإثر ذلك دوت صفارات الإنذار من شمال فلسطين المحتلة إلى الجنوب، وتحدثت الجبهة الداخلية لدى الاحتلال عن رصد إطلاق صواريخ تجاه مناطق عدة في الأراضي المحتلة ضمن 6 دفعات من الصواريخ، حققت بعضها إصابات مباشرة.
وبدت مدينة بئر السبع المحتلة كمنطقة منكوبة، وأشبه بمنطقة ضربها زلزال، حيث ذكرت وسائل إعلام عبرية ان صاروخا واحدا دمر 7 مبان في بئر السبع.
وقدّر جيش الاحتلال أن الرأس المتفجر للصاروخ يتراوح وزنه بين 300 و500 كيلوغرام، مشيراً إلى أن الصاروخ أوقع أكثر من 36 قتيلاً وجريحاً بين المستوطنين.
وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن سقوط 11 قتيلاً بينهم 4 قضوا في طابق محصّن من أحد المباني المستهدفة، القريبة من مركز قيادة عسكري لجيش الاحتلال في بئر السبع، فيما بلغ عدد الجرحى 25 جريحاً.
كما لحقت أضرار جسيمة بالسيارات القريبة من الموقع، وغالبيتها تعود لجنود يخدمون في تلك المواقع، وقد تضررت بالكامل.
وإجمالاً أفادت «نجمة داود الحمراء»، بأن طواقمها تعاملت مع 28 قتيلا و1319 مصابا بينهم 17 بحالة خطيرة و29 بحالة متوسطة وذلك خلال العدوان الصهيوني على إيران منذ 13 حزيران/ يونيو الجاري.

مرارة الهزيمة
وساد الشعور بالمرارة في الأوساط الصهيونية نتيجة المشهد الختامي للعدوان ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي أظهر طهران أكثر تصميمًا على التمسك بحقوقها، واستعدادًا أعلى لردع كيان الاحتلال ومنعه من تحقيق أهدافه العدوانية.
في هذا الصدد أكد وزير الأمن «الإسرائيلي» السابق، أفيغدور ليبرمان، أن «خاتمة الحرب على إيران نشاز، ومُرّة على إسرائيل».
وقال ليبرمان: «بدلاً من فرض استسلام غير مشروط على إيران، يدخل العالم في مفاوضات صعبة ومضنية».
من جهته، أقر اللواء في الاحتياط «الإسرائيلي» يوم توف ساميا بأن إيران هي التي تحكمت وحددت توقيت وقف إطلاق النار مع «إسرائيل».
وشكّك توف ساميا في تدمير البرنامج النووي الإيراني، قائلاً: «لا يقين بأن البرنامج النووي الإيراني قد تمّ تدميره فعلاً».
وانتقد وقف إطلاق النار مع إيران، وقال: «اشترينا بضع سنوات من الهدوء بسعر باهظ وبندبة لأجيال».
كذلك، أقر عضو «الكنيست» عن حزب الليكود عميت هاليفي بأن النظام في إيران باقٍ، ولايزال يمتلك صواريخ وقدرة على إطلاق النار على «إسرائيل».
واعترفت صحيفة «معاريف» العبرية بأن «إيران خرجت من الحرب أقوى».