الجبهة الثقافية عجزت عن مجاراته
لاصوت يعلو فوق صوت الكلاشنكوف!


منذ بدء العدوان الأمريكي السعودي على الوطن، ونفذ مجموعة من المثقفين وقفة احتجاجية منددة بالعدوان، أمام وزارة الثقافة، تلتها وقفة أخرى انبثق منها تأسيس الجبهة الثقافية، وعلى غرار ذلك حظيت الجبهة الثقافية بمباركة الجهات الرسمية، ومجموعة من كتّاب وشعراء حملوا على عواتقهم مهمة وطنية لمواجهة عدوان خارجي يتطلب منهم الوقوف صفاً واحداً إلى جانب الرجال الصامدين في جبهات الكرامة، إلا أن البعض يرى تراجعاً وخفوتاً لاهتماماتها في الآونة الأخيرة، مما جعل المهتمين والمتابعين يتساءلون ما هي أنشطتها التي يتطلع إليها الجميع في هذه الظروف الاستثنائية؟ كون تأثير الكلمة لا يقل أهمية عن (الكلاشنكوف) الذي يحمله رجال الرجال في الجبهات..
مواجهة العدوان فكرياً وثقافياً
الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان نشأت أساساً لتبيان موقف غالبية المثقفين اليمنيين الرافضين للعدوان أو لأية محاولة لتبريره أو تجاهله... كما أنها ترفض الاقتتال الداخلي الذي بينت الأحداث المتسارعة أنه إحدى أدوات العدو، وأن رفضه هو جزء لا يتجزأ من رفض العدوان... وتطمح الجبهة لإعادة الدور الرسالي للمثقف، ليكثف مجمل أدوار الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان اشتغالها على الوعي والمواجهة الفكرية والثقافية لمخططات العدوان، حسبما صرّحت به لصحيفة (لا) د. ابتسام المتوكل، رئيس الجبهة الثقافية.
لكن المتابع لبعض (المثقفين/ات) يرى أنهم خرجوا عن مهمتهم المنوطة بهم، وأخذوا مواقف مغايرة، إما بتصريحاتهم المبطنة حيناً، والمتذبذبة أحايين أخرى، أو ظهورهم من أبراج عاجية كتنظيرات لصالح العدوان من على صفحاتهم (الفيسبوكية)، أو عبر كتاباتهم وتصريحاتهم.

لا تنشط لزيارة الجبهات
ويرى مهتمون أن مناشط الجبهة الثقافية القائمة حالياً لا تؤدي الغرض المطلوب منها، كتنظيم زيارات لجبهات الدفاع عن كرامة الوطن، لتقوم بالدور الذي أعلنته الجبهة في بداياتها، ونشر التوعية المطلوبة عبر فرقها الميدانية..
من جانبها، تؤكد الدكتورة المتوكل ما يذهب إليه البعض عن الدور الغائب للجبهة الثقافية، بقولها: (لا تنشط الجبهة الثقافية كثيراً في زيارة الجبهات والجرحى، لكنها لا ترى مانعاً في التنسيق لذلك، على الرغم من أن الجبهات والجرحى هم من يقدمون دروساً عملية في افتداء الوطن ومحبته، ونوجه خطابنا وفعالياتنا للداخل والخارج، ونخاطب كل ذي لب سليم ليقف ضد الجلادين والقتلة والمعتدين).
فيما يرى مراقبون أن الدور يتطلب مجهوداً كبيراً من قبل الجبهة الثقافية، كونها تواجه أشرس عدوان غير متكافئ على مختلف الأصعدة.

المرأة حاضرة
المرأة لا تقل شأناً عن أخيها الرجل في مساندته والوقوف إلى جانبه، كون التاريخ مليئاً بشواهد كبيرة لنساء عظيمات قدمن خدماتهن الكبيرة في ساحات الوغى.. والمرأة في الجبهة الثقافية يجب ألا تقل شأناً عن أولئك النسوة.. وفي سؤال وجّه للدكتورة المتوكل عن تواجد المرأة في الجبهة الثقافية، وعن إمكانية أن تقوم الجبهة الثقافية بزيارات للجبهات، قالت: (جبهتنا الثقافية تسابق فيها النساء والرجال في حمل راية الوطن وإعلاء كلمته وتسييجه بالمحبة شعراً ونثراً ورسماً وفكراً، كل امرأة منا حاضرة في الجبهات الأمامية، ولا أظن أننا نحن المثقفات المنضويات في الجبهة لا نزداد شرفاً بزيارة الأبطال ورجال الرجال).
من جانبها، ترى أمة الرزاق جحاف ـ وكيل الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية - أن المرأة المثقفة تتواجد بنسبة كبيرة في الجبهة الثقافية منذ بداية تأسيسها، سواء كانت شاعرة أو قاصة أو كاتبة مقال، وما إلى ذلك من التخصصات الثقافية.

أوبريت وديوان يتيمان
ومع اقتراب العدوان على بلادنا من عامه الثالث، يتوقع المهتم والمتابع على السواء أن (الجبهة الثقافية) أنجزت أعمالاً تضاف لرصيدها الموجّه ضد العدوان، كذلك كجبهة يفترض أن لها فروعاً على مستوى المحافظات.. إلا أنه يصاب بخيبة أمل مقارنةً بغزارة الإنتاج المناهض للعدوان الموجود على أرض الواقع، حيث إنها لم تنجز غير أوبريت واحد، وطباعة ديوان (فليقصفوا)، وفعاليات وأنشطة لا ترقى لما يقوم به الرجال في جبهات الكرامة، وليس لها إلا فرع واحد في محافظة ذمار.

توثيق الزامل يفوق إمكانياتنا
خلال فترة العدوان عاد إلى الواجهة وبقوة (الزامل) الذي يعد أحد الفنون الشعبية منذ قديم الزمن، إلا أنه ازداد انتشاراً عن ذي قبل، فلا يكاد يمر يوم دون أن يسمع الجمهور زاملاً يلهب حماس المقاتلين في الجبهات، ومع ذلك لم يحظَ هذا الإرث الكبير الذي يوثق للحظة تاريخية استثنائية، بأي توثيق من قبل الجبهة.. ويعلق البعض على ذلك بالقول: مسألة توثيق الزامل يعتبر مشروعاً كبيراً، رغم أهميته، لكنه يفوق إمكانيات الجبهة التي تقوم على التبرعات نظراً لتعدد الزامل وتنوعه وغناه، وخاصة كمية الزوامل التي تم إنتاجها في الفترة الأخيرة، والتي تجعل عملية جمعها وتوثيقها في الظروف الحالية عملية شبه مستحيلة، حسبما تراه جحاف.

أنصاف مواقف
ويرى المراقب لحال (بعض) المثقفين الذين يحسبون على (الجبهة الثقافية)، أنهم يحملون مواقف ازدواجية، في ظاهرها أنهم مع الجبهة الثقافية، ومن خلفها ينشرون غسيل تصريحاتهم عبر المواقع، وصفحاتهم الشخصية التي تمتلئ بتناقضاتهم ومواقفهم التي لم تأخذ مساراً واحداً، إما مع أو ضد، وهنا يظهر مدى تسامح الجبهة الثقافية مع أولئك.. لكن جحاف تنكر ذلك بقولها: منذ مساهمتي في تأسيس بداية انطلاق الجبهة الثقافية إلى انقطاعي عنها بسبب انشغالي بأعمال أخرى، منذ ما يقارب العام، لا أذكر أن الجبهة تعاملت مع أيٍّ من مؤيدي العدوان.

بين جبهاتنا.. وجبهاتهم
لا نبتعد كثيراً عن واقع لا يختلف عن واقعنا، حيث إن الحال يتطابق إلى حدٍّ كبير بين (يمننا وشامنا)، وتكاد تكون معاناة الحرب ذاتها.. فالمتأمل لما تقوم به (بصمة شباب سوريا) كجبهة ثقافية أسسها مجموعة من شباب سوريا، سيجد أنها تتضمن أعمالاً تستحق الاستفادة من تجربتها الجميلة، ولا يمنع أن نستفيد من تجارب الآخرين، حيث تقوم (بصمة شباب سوريا) بدورات تدريبية في الجبهات لأفراد الجيش، وتبحث عمن فقدوا وظائفهم خلال الحرب، لتساعدهم في إيجاد فرص عمل تغطي احتياجاتهم اليومية، أيضاً تقوم بزيارات لبيوت الشهداء، وتكرّم عائلاتهم، وتقدّم أدوية وتجهيزات طبية لجرحى الجيش، وتعقد مؤتمرات سنوية للارتقاء بأعمالهم التطوعية التي يقدمونها في الجبهات.

آخر الأوراق..
تظلُّ الجبهة الثقافية الواجهة التي عبرها تصل رسائل الشعب إلى الجبهات في الميدان، وحتى تؤدي الدور المنوط بها، فإن ذلك يتطلب منها جهوداً كبيرة موازية لما يقوم به أفراد الجيش واللجان الشعبية في ميادين الشرف والدفاع عن كرامة الوطن.