تقرير / لا ميديا -
شن طيران الاحتلال الصهيوني، أمس، غارة جوية على شقة سكنية في الشارع العريض بحارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت.
الهجوم، الذي نُفِّذ بثلاثة صواريخ، أسفر عن استشهاد خمسة أشخاص وإصابة 28 آخرين، وفق حصيلة وزارة الصحة اللبنانية، وسط دمار واسع طال المبنى المستهدف والمحال التجارية والطرق المحيطة.
العدو الصهيوني سارع إلى التباهي عقب الجريمة، ووصف إعلام الاحتلال الجريمة بأنها “ناجحة”.
وقال مسؤول صهيوني رفيع إن الهدف كان اغتيال أبو علي الطبطبائي، الذي قال بأنه “رئيس أركان حزب الله”، والمسؤول عن «قيادة مسار إعادة بناء القوة والتسلح» في الحزب.
مصدر طبي في بيروت أكد أن الإصابات “متنوعة وشديدة في عدد منها”، مشيراً إلى أنّ القصف كان مباشراً ودمويا، واستهدف مبنى مدنيا بالكامل.
وأضاف أنّ “المشهد يُظهر نية واضحة بإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في المدنيين”.

التنسيق مع أمريكا... الغطاء الدافئ للعدو
ولم يكن جديدا في هذا الاعتداء ما كشفته وسائل الإعلام الصهيونية من أنه تم بالشراكة مع الولايات المتحدة. حيث أكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنّ الهجوم جرى بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، التي تزعم معارضة أي عمليات صهيونية في بيروت. كما أشارت «هيئة البث الإسرائيلية» إلى أنّ «تل أبيب» أخطرت واشنطن مسبقاً بالعدوان.
هذا التأكيد ينسف كل الادعاءات الأميركية عن “التهدئة” ويثبت أن واشنطن ليست مراقباً محايداً، بل طرف مشارك يمنح الاحتلال غطاءً عسكريا وسياسيا لتنفيذ جرائمه. كما يؤكد أنّ الإدارة الأميركية تنخرط عملياً في مشروع محلولة إعادة فرض قواعد اشتباك جديدة على لبنان بالقوة.

الردّ قيد الدراسة
في أول تعليق من حزب الله، قال محمود قماطي، عضو المجلس السياسي للحزب، إن الغارة “استباحة وعدوان سافر على لبنان”، مؤكداً أن العدو “لا يحترم أي اتفاق أو سيادة”. وأضاف أن الرسالة من هذه الجريمة الصهيونية موجّهة ليس فقط إلى المقاومة، بل إلى “الرؤساء الثلاثة والحكومة والجيش والشعب”، بهدف إخضاع لبنان للإرادة الأميركية و»الإسرائيلية».
وأضاف قماطي أن «لبنان بحاجة اليوم إلى معادلة جديدة تجمع الجيش والشعب والدولة والمقاومة في موقف واحد لكسر المعادلة التي يحاول العدو الإسرائيلي فرضها من خلال الاستباحة الكاملة للبنان ظناً منه أن لا أحد يستطيع ردعه».
وردا على سؤال لقناة «العالم» بشأن رد المقاومة على هذا العدوان قال قماطي:«بعد أن نتأكد من نتائج العدوان، حول استشهاد الأخ (محمود قماطي) أو عدم استشهاده، المقاومة سوف تدرس الأمر، وتدرس هذا العدوان وتقرر المناسب».
أما النائب علي عمار، الذي تفقد موقع الهجوم، فرأى أن العدوانية الصهيونية “تضرب كل لبنان منذ توقيع اتفاق وقف النار”. وأكد أن كل اعتداء “هو تجاوز للخطوط الحمراء واستهداف مباشر لسيادة البلاد وشعبها”. وشدد على أن المقاومة “تتعامل بحكمة، لكنها لن تسمح للعدو بفرض توقيته أو معادلته”.

الجنوب والبقاع تحت النار
الغارة على الضاحية لم تكن الحدث الوحيد أمس. فقد استُهدف مواطن لبناني أثناء عمله بالقرب من منزله في عيتا الشعب بصاروخ من مسيّرة صهيونية، ما أدى إلى استشهاده. ووفق مصادر لبنانية فالشهيد هو الأسير المحرر محمد صالح، مشيرة إلى أنه كان يستقل سيارته في حيّ الرجم متجهًا لإحضار معدات يستخدمها في ترميم منزله، عندما استهدفته المسيّرة بصاروخ موجّه.
كما استهدفت مسيّرة أخرى راعياً سورياً في بلدة رميش، فيما ألقت طائرة مسيّرة قنبلة صوتية فوق بلدة العديسة، مسببة حالة هلع بين السكان. وفي الهرمل، سُجّل تحليق منخفض لطائرات مسيّرة معادية، ضمن مشهد يؤكد أن الاحتلال يعمل على توسيع دائرة النار تدريجياً.
ويأتي القصف على ضاحية بيروت ضمن موجة واسعة من الاعتداءات التي ينفّذها الاحتلال منذ أسابيع في البقاع والجنوب. أمس فقط، أغار الطيران الصهيوني على المنطقة الواقعة بين المحمودية والعيشية والجرمق في كفررمان، وأتبعها بغارات على الجبل الرفيع وعربصاليم، ثم على جرود شمسطار. وخلال الأيام الماضية، نفّذ الاحتلال عدواناً على مخيم عين الحلوة أوقع 14 شهيداً.
ويرى مراقبون أن استهداف بيروت أمس ليس مجرد عدوان عسكري؛ بل سلوك خبيث، يهدف إلى فرض معادلة جديدة على لبنان، وتحديداً على المقاومة، عبر توجيه ضربات في قلب العاصمة، في محاولة لإرباك الساحة الداخلية ودفع البلاد نحو ردات فعل تحت الضغط.
وكانت مصادر صحفية كشفت عن تحضيرات لكيان العدو الصهيوني بهدف الانقضاض على لبنان، من خلال شن غارات جوية مكثفة.
وأوضحت «القناة 13» الصهيونية عن مصادر أن المنظومة الأمنية التابعة للعدو الصهيوني ترى احتمالا لأيام قتال إضافية في لبنان، بذريعة ما سمته «منع إعادة بناء قدرات حزب الله».

بلديات الضاحية تدين اغتيال عضو مجلس بلدية حولا
من جانبه أدان اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، أمس، اغتيال العدو الصهيوني عضو مجلس بلدية حولا، حسين ياسين حسين، فيما أعربت بلدية حارة حريك عن استيائها الشديد من «التهاون الرسمي اللبناني في التعامل مع الاعتداءات المتكرّرة على الجنوب».
وأكد الاتحاد، في بيان، أنّ هذا العدوان «يأتي في سياق حرب ممنهجة لترويع الأهالي وتعطيل الحياة في القرى الجنوبية».
ولفت البيان إلى أن «هذا الاستهداف الجبان يؤكد مجدداً أنّ العدو يمعن في جرائمه بحق المدنيين والمؤسسات المحلية، في خرق فاضح للأعراف والمواثيق الدولية».