تقرير / لا ميديا -
شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت أمس يوماً مهيباً مزدحماً بالرسائل، مع تشييع حزب الله وجمهور المقاومة القائد الجهادي الكبير السيد هيثم علي الطبطبائي ورفيقيه الشهيدين مصطفى أسعد برّو وقاسم حسين برجاوي، في موكب مهيب أكد حضور المقاومة في المشهد الوطني.
وانطلقت مسيرة التشييع من موقف بلدية الغبيري باتجاه روضة شهداء المقاومة الإسلامية، بمشاركة واسعة شملت شخصيات دبلوماسية وسياسية ونيابية وعسكرية وبلدية، إضافة إلى قيادات حزبية وفصائل فلسطينية، وفعاليات اجتماعية وثقافية. وبرز في المشهد ازدحام الطرقات بالجماهير، في مشهد يعكس استدامة قاعدة الدعم الشعبي للمقاومة رغم الحرب الأمريكية والصهيونية على المقاومة بكافة طبقاتها.
وتقدّم الموكبَ عناصرُ من كشافة الإمام المهدي، تلاهم حملةُ الرايات والأعلام اللبنانية ورايات حزب الله، بينما علت الهتافات التي ندّدت بـ"وحشية العدوان الإسرائيلي" على لبنان، مستحضرةً سجل الجرائم الصهيونية التي تعتبرها بيئة المقاومة تهديداً دائماً لأمن البلاد واستقرارها. وعلى وقع هتافات الصمود، حمل مجاهدو المقاومة النعوش التي لُفّت برايات الحزب، في رسالة ولاء واضحة لخط الجهاد المستمر منذ أربعة عقود.
وقبل الانطلاق الرسمي للموكب، أقيمت مراسيم تكريمية تخللتها موسيقى النشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الله. وقدّمت فرقة عسكرية من المقاومة القسم أمام النعوش، متعهدةً بالاستمرار في نهج المواجهة. ثم أمَّ رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش صلاة الجنازة، قبل أن يعتلي المنصة لإلقاء كلمة سياسية حملت رسائل مباشرة في اتجاه الداخل والخارج.
الشيخ دعموش شدد على أن الشهيد الطبطبائي، المعروف جهاديا بـ"أبو علي"، كان نموذجاً للقائد الميداني الذي يتنقل حيث تتطلب الضرورات العملياتية. وبحسب الشيخ دعموش، كان الطبطبائي "رجل الميدان في كل المواجهات" ومن أبرز قادة معركة "أولي البأس"، وأن اغتياله محاولة صهيونية لضرب إرادة المقاومة وشبكتها القيادية. إلا أن المعطيات التي استعرضها الشيخ دعموش تؤكد أن الحزب باقي في موقع متماسك، وأن عملية الاغتيال فشلت في تحقيق أي هدف استراتيجي.
وقال الشيخ دعموش: لقد آلمنا كثيراً استشهاد هذا القائد الكبير والشهداء الأبرار الذين ارتقوا معه، ولكن هذا لن ‏يمس في إرادتنا ولا في عزمنا ولا في تصميمنا ولا في قرارنا ولا في مواصلتنا للطريق، بل سنزداد دائماً عزماً ‏وتصميماً وإرادة ومضياً، وسيجعلنا نتمسك أكثر بصوابية الخيار والقرار الذي اتخذناه، ولن نبدل شيئاً‎.‎
كما شدد الشيخ دعموش على أن استشهاد السيد القائد أبو علي لن يعيد المقاومة إلى الوراء، ولن يثني المقاومة عن ‏استكمال ما بدأه هذا الشهيد الكبير، ولن يدفعها نحو الاستسلام، وها هم الصهاينة قلقون من رد حزب الله ‏المحتمل، ويجب أن يبقوا قلقين، لأنهم ارتكبوا جرائم كبيرة بحق المقاومة ولبنان، فهم يظنون أن هذا الاغتيال ‏يؤدي إلى خلل في بنية وقيادة المقاومة. وأضاف : ولكن غاب عنهم أن لدينا من القيادات الشجعان ما يملأ أي فراغ قيادي، ‏بل لدينا جيل من القادة الجهاديين من رفاق السيد أبو علي ومن تلامذته الذين يستطيعون أن يتولوا المسؤوليات أياً ‏تكن التضحيات التي تقدّم. كما‎ شدد على أن أي مبادرة تُطرح قبل وقف العدوان تبقى خارج دائرة البحث، معتبراً أن التجربة أثبتت أن كل التنازلات الحكومية السابقة لم تؤدِّ إلى أي تهدئة.
واختُتم التشييع بدفن الشهداء الثلاثة في روضة الشهداء الأبرار، في مشهد يختزن -وفق منطق الرسائل السياسية- استمرار معادلة الردع، وتمسك جمهور المقاومة بخياراته رغم التهديدات.
وعلى المستوى الإقليمي، برز موقف مستشار قائد الثورة في إيران علي شمخاني، الذي حمّل العدو الصهيوني مسؤولية التصعيد، واعتبر أن استمرار "جرائم الاحتلال" سيزيد من وضوح مسار المقاومة، مشيراً إلى أن "الكيان الإسرائيلي لا يفهم سوى لغة الردع".
في موازاة مشهد التشييع، شهدت بيروت مسيرة شعبية في شارع الحمرا احتجاجاً على الاعتداءات الصهيونية المتصاعدة على الأراضي اللبنانية. ورفع المتظاهرون شعارات ترفض "التدخل الأميركي في إدارة الأزمة اللبنانية" وتؤكد حق لبنان في الدفاع عن نفسه. وقد اعتبر المشاركون أن "الموقف الشعبي ضروري لتحصين القرار الرسمي"، في إشارة إلى حاجة الدولة اللبنانية لقاعدة دعم محلية في مواجهة الضغوط الدولية.