وفد أممي لامتحان ومراقبة سلطة الجولاني
- تم النشر بواسطة خاص / لا ميديا
دمشق - خاص / لا ميديا -
في حالة دبلوماسية تخص المناطق المتوترة في العالم، قام وفد من أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر، بزيارة إلى دمشق، للاطلاع على ما أنجزته السلطات السورية، بناء على قرار مجلس الأمن (2799)، والطلبات التي سلمت لرئيس السلطة الانتقالية أحمد الجولاني في نيويورك وواشنطن لتنفيذها.
التقى الوفد بالجولاني ووزير خارجيته أسعد الشيباني وممثلين عن المجتمع المدني وشهود عيان على المجازر التي وقعت في الساحل السوري والسويداء، وممثلين عن أسر الضحايا.
كان لافتاً، أن الوفد أنهى لقاءاته، لكنه لم يدلِ بتصريحات، ولم يعقد مؤتمراً صحفياً، للحديث عن نتائج الزيارة، لكن الأجواء وما صدر من تصريحات غير رسمية، تؤكد بأن الزيارة كانت استطلاعية، ولمراقبة ما قامت به السلطة على الأرض، والتأكيد لرئيس السلطة، على ضرورة وأهمية الالتزام بتنفيذ ما جاء في القرار الأممي رقم (2799) القاضي بطرد المتطرفين والأجانب، ومنع الخطاب الطائفي، ومشاركة المكونات السورية، وتشكيل حكومة انتقالية، وكتابة دستور جديد ودائم للبلاد، والاتفاق مع قسد والسويداء والساحل، وبقية مكونات المجتمع السوري، على أسس الدولة السورية، حيث تطالب معظم المكونات السورية، على أن تكون لامركزية أو فيدرالية.
من المهم الإشارة إلى أن الزيارة تزامنت مع إشادة لافتة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالجولاني، وتأكيده بأن «الولايات المتحدة راضية جداً عن النتائج التي تحققت، من خلال العمل الجاد والعزيمة في سوريا». وقوله «نحن نبذل كل ما في وسعنا، لضمان أن تواصل حكومة سوريا، القيام بما كان مقصودًا منها، وهو أمر جوهري، من أجل بناء دولة حقيقية ومزدهرة.. أحد الأمور التي ساعدتهم كثيرًا، هو قراري بإنهاء العقوبات القوية والقاسية».
وتأكيده أيضاً بأن «من المهم جداً أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وصادق مع سوريا، وألّا يحدث أي شيء قد يعرقل تطور سوريا إلى دولة مزدهرة.. إن رئيس سوريا الجديد، أحمد الجولاني، يعمل بجد لضمان حدوث أمور جيدة، وأن تنعم كل من سوريا وإسرائيل بعلاقة طويلة ومزدهرة معًا.. هذه فرصة تاريخية، وتُضاف إلى النجاح الذي تحقق بالفعل، من أجل السلام في الشرق الأوسط».
وفي تطور آخر، حذر ترامب نتنياهو هاتفيا من زعزعة استقرار سوريا، بعد توغل قواته في «بيت جن»، جنوب دمشق، وبعد الزيارة التي قام بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للمنطقة المحتلة من الجولان.
وتزامنت أيضاً، مع لقاء جمع الجولاني بالمبعوث الأمريكي توماس بارك، ووفدين من شركة «شيفرون» الأمريكية للنفط التي تخطط للعمل في سورية.
كما تزامنت الزيارة أيضاً، مع تصويت الجمعية العامة للام المتحدة، بـ123 صوتا لعدم الاعتراف بسيادة «إسرائيل» على الجولان، فيما حظي القرار العام الماضي بتأييد 97 دولة.
رغم كل الدعم الأمريكي والأممي، يمكن التأكيد بأن الزيارة الأممية ليست زيارة دعم أو اعتراف بشرعية السلطة، بل هي زيارة إشراف وتفتيش ومراقبة، لبدء تنفيذ القرار الأممي (2799)، الذي يكلف الجولاني ووزير داخليته أنس خطاب، اللذين تم رفع اسميهما من قوام الإرهاب الأممية، وبقية أركان النظام، بإقصاء الأجانب، ومحاربة المتطرفين، وهو ما يضع سلطة الجولاني، أمام وضع صعب جداً، ومن غير المعروف، كيف سيتم تنفيذه، لأن القرار يعني فتح حرب على زملائهم في «النصرة» و»هيئة تحرير الشام»، ومعظم قادة الفصائل المتحالفة معهم، وعناصر هذه الفصائل، الذين يُقدَّر عددهم بـ24 ألف عنصر، الذين يشكلون أركان السلطة المدنية والعسكرية، وهؤلاء هم من أوصلوا الجولاني إلى السطلة في دمشق، وقسم كبير منهم لا يزالون على القوائم الأممية للإرهاب، ومن الذين تمت الإشارة إليهم، على مشاركتهم بالمجازر، التي وقعت في الساحل والسويداء.
كما يتطلب منهم إقصاء الأجانب، من جنسيات مختلفة، وخاصة القادة الكبار في جيش السلطة، والذين أعطوا رتباً ومناصب عسكرية عالية، ويقودون بشكل خاص، القطعات الموجودة حول العاصمة دمشق، والمكلفين بحماية النظام.
والمشكلة التي تضع سلطة الجولاني، أمام وضع أصعب، أن كل هؤلاء المطلوبين مكشوفون بالكامل لقوات التحالف، بالمعلومات الشخصية، وبصماتهم، وملفاتهم الأمنية، وتشكيلاتهم الميدانية، وكل هذه المعلومات جاءت من مصادر سلطة الجولاني.
وهذه العملية في حال تمت، ستكون أضخم عملية تفكيك لأعتى منظومة إرهابية في العالم، تتجاوز في وزنها وتعقيدها ونتائجها، معركة «الباغوز» قرب الرقة، التي قضت على داعش، وأعظم من معركة «تورا بورا» التي قضت على «القاعدة» في أفغانستان.
زيارة الوفد الأممي، وما هو مطلوب من السلطات السورية تنفيذه، يؤكد أنه من المرات النادرة، أن تتلاقى الإرادة الدولية والإقليمية مع الإرادة المحلية على الهدوء في سورية، وهذه الإرادة، وتحديداً من الدول العظمى، لم تأت حباً بالشعب السوري، وإنما الكل يريد مصلحته وحجز حصته من الكعكة السورية الدسمة.
فأمريكا وبريطانيا، تريدان هندسة المنطقة، وفق أسس جديدة، قائمة على الاقتصاد والتنمية، سعياً وراء إنقاذ ما يمكن إنقاذه من العالم الرأسمالي المأزوم، وخاصة أوروبا، ولضمان بقاء المنطقة تحت هيمنة الغرب، وقطع الطريق على الصين، أما روسيا، فتريد مقايضة سورية بأوكرانيا، والصين تريد رأس «المجاهدين» الإيغور، وفرنسا تبحث عن محاولة لإعادة شيء من فتات مجد ضائع، والكل يطمع بما في الأرض السورية، من غاز ونفط لم تمسسه الأيادي بعد، لكن الأهم، هو جوهرة الصناعات الحديثة، وهو السليكون السوري النقي، الذي تحتاجه كل شركات الاتصالات، والتقنيات الحديثة.
انتهت زيارة الوفد الأممي لدمشق، والخطوة التالية أصبحت عند السلطات السورية، التي يتوجب عليها أن تبحث عن طرق لتلبية ما هو مطلوب منها أممياً ومن واشنطن، وهي المهمة الصعبة عند سلطة يراد منها أن تقيم الديمقراطية، وهي التي عجرت عن مجرد لفظ الكلمة ولو مرة واحدة طيلة عام كامل، وكيف تحارب وتقصي نفسها، وكيف تقيم السلام المستحيل مع الكيان الصهيوني، والأصعب أن قرار مجلس الأمن، يُشهر كسيف مسلط فوق رأس السلطة، بعدما تم اعتماده على البند السابع، وهي ملزمة بالتنفيذ، ضمن جدول زمني محدد، لأن المجلس، سيقدم تقريراً عن الوضع كل 3 أشهر، ويعاد النظر فيه كل ستة أشهر.










المصدر خاص / لا ميديا