سورية مبتورة بإرادة سمسار الأرض والدم.. الخيانة تُعلن رسمياً..الجولاني يبيع الجولان لـ«إسرائيل» بـ«قيصر»
- تم النشر بواسطة لا ميديا
تقرير / لا ميديا -
«وقعت على منح الجولان لإسرائيل بمساعدة جاريد كوشنر. لم يكن أحد يعتقد ذلك ممكناً. لقد كانوا يعملون على ذلك طيلة 70 عاماً يا مارك». هذا ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتشياً بعد استقبال «داعش» في بيته الأبيض وتوقيع قرار إلغاء «قانون قيصر»؛ قرار ثمنه الجولان نفسه؛ إذ سرعان ما انبرت الداعشية الحاكمة في دمشق لتزيل الجولان من الخارطة السورية، تماماً مثلما أزيل اسم الداعشي «أبو محمد الجولاني» ليصبح «أحمد الشرع»، فيما «جزيرة» تميم وفيصل القاسم وأحمد منصور تتغنى بلحية «الشرع» وهو يستقبل الوفود المباركة لكونه لم يعد «الجولاني». لقد سكتوا عن هذا اللقب مثلما سيسكتون نهائياً عن كون الجولان أرضاً سورية محتلة.
سورية بلا جولان. عبارة لم يكن أحد يتصور أن تتحول إلى واقع معلن بالخرائط الرسمية.
ففي لحظة بدت وكأنها تتويج لعام واحد من التواطؤ، نشرت وزارة الخارجية السورية على حسابها في منصة «إكس» خريطة للبلاد خالية من مرتفعات الجولان، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بين السوريين والعرب، إذ اتهم كثيرون حكومة دمشق الجديدة بالتنازل عن الأرض لصالح الكيان الصهيوني، فيما حاول آخرون تبرير الفضيحة بأنها مجرد «خطأ في الرسم».
لكن الخطأ في الخرائط ليس بريئاً، بل هو إعلان سياسي صريح بأن الجولان لم يعد جزءاً من سورية الرسمية.
المشهد ازداد عبثية حين ظهر الجولاني (سابقاً) «الشرع» (حالياً) في مقطع مصوَّر منسوب إلى سفح جبل قاسيون، ليعلن أن سورية تدخل مرحلة جديدة بلا عقوبات، مشيداً بترامب و»مبس» وأردوغان وتميم، ومؤكداً أن رفع «قانون قيصر» هو «بداية مستقبل مزدهر للبلاد».
غير أن نشطاء شككوا في صحة الفيديو، معتبرين أن الخلفية معدلة، وأن طيران الاحتلال كان يحلّق فوق دمشق بينما «الشرع» يتحدث عن «المستقبل».
من قيصر إلى كوشنر
في مشهد يختلط فيه العبث بالخيانات، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وبجانبه جاريد كوشنر، أن الجولان بات رسمياً تحت السيادة «الإسرائيلية»، بعد سبعين عاماً من العمل في الخفاء. القرار جاء متزامناً مع إلغاء «قانون قيصر»، وكأنّ الثمن المدفوع هو الأرض نفسها، فيما تحولت دمشق إلى منصة لتسويق هذا البيع، تحت إدارة «داعشية» تتفنن في محو الخرائط وإعادة رسمها بما يخدم الاحتلال.
في البيت الأبيض، وقّع ترامب قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، متضمناً بنداً بإلغاء العقوبات المفروضة على سورية بموجب «قانون قيصر».
الإعلام الصهيوني لم يتأخر في الاحتفاء بالقرار، إذ أعاد موقع «إسرائيل هيوم» نشر تغريدة الخارجية السورية، مؤكداً أن الخريطة الجديدة لسورية بلا جولان هي دليل على أن رفع العقوبات جاء ثمناً للتنازل عن الأرض.
وكتحويجة بهارات لازمة، ستكشف هيئة البث الصهيونية أن «إسرائيل» حاولت إقناع إدارة ترامب بالإبقاء على بعض العقوبات كورقة تفاوض مستقبلية؛ لكن واشنطن رفضت، واعدةً «تل أبيب» بـ»تعويض» غير معلن.
ترامب نفسه كتب على منصته «تروث سوشيال» أن من المهم أن تحافظ «إسرائيل» على «حوار قوي وحقيقي» مع سورية، فيما تتوسط الولايات المتحدة لتوقيع اتفاقية أمنية بين الطرفين، بينما الاحتلال الصهيوني يواصل عملياته العسكرية داخل الأراضي السورية ويخطط لإقامة منطقة عازلة تمتد من دمشق إلى جبل الشيخ.
في المقابل، تواصل دمشق الجديدة ترديد شعارات السيادة وعدم الاعتراف بـ»إسرائيل»؛ لكنها تنشر خرائط بلا جولان، وتوجه الشكر إلى من ساهموا في رفع العقوبات، وكأنّ السيادة مجرد شعار فارغ يُستخدم للتغطية على التنازلات.
الجولان لم يكن مجرد مساحة جغرافية، بل هو رمز للكرامة الوطنية، ومحوه من الخرائط الرسمية هو محو لجزء من هوية سورية نفسها. وما جرى ليس «خطأ في الرسم»، بل خطيئة في التاريخ، حيث تتحول سورية إلى وطن بلا جولان وبلا مقاومة وبلا ذاكرة.
باع الاسم ثم باع الأرض
المفارقة أن «الشرع» نفسه لطالما وصف الجولان بأنه «أرض محتلة»؛ لكنه اليوم يقف أمام خريطة بلا جولان ويحتفي برفع العقوبات، وكأنّ الأرض مجرد تفصيل يمكن محوه.
غير أن المفارقة الأكثر سخرية تكمن في أن من يقود الإدارة الحالية هو نفسه الذي كان يُعرف سابقاً بـ»أبو محمد الجولاني»، قبل أن يخلع كنيته ويستبدلها باسم «أحمد الشرع». وكأنّ تغيير الاسم كان مقدمة لتغيير الجغرافيا، فباع الرجل كنيته أولاً، ثم باع الجولان نفسها لاحقاً.
هذا التحول ليس مجرد صدفة لغوية، مثلما أن إسقاط الجولان عن الخارطة السورية لم يكن خطأ. الأمر هنا تجسيد للخيانة المزدوجة؛ فمن يتنازل عن اسمه المرتبط بأرض محتلة، لا يجد حرجاً في التنازل عن الأرض ذاتها. وما جرى ليس خطأ في الرسم، ولا اعتدالاً في وجهة الاسم، بل كلا الأمرين خطيئة في التاريخ، عنوانها: باع الاسم ثم باع الأرض.










المصدر لا ميديا