هل يلتقط العدوان طوق النجاة؟
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
ما حدث مؤخراً ضمن عمليات "إعصار اليمن" و"كسر الحصار" كان مرعباً جداً ليس لدول العدوان فحسب، وإنما لأسيادهم ولمحور الشر والظلام بأكمله، وهناك انتصارات ميدانية نوعية في كل الجبهات تجرع العدو من خلالها خسائر فادحة (مادية وبشرية وجغرافية)، بالإضافة إلى امتلاكنا أسلحة فتاكة لم تدخل حيز الخدمة بعد، منها صاروخ (قدس 3) وأربعة أنواع من الطيران المسير وطوربيدات بحرية مدمرة قادرة على إغراق بوارجهم الحربية، كما أن جميع المتغيرات الدولية لصالح اليمن من عدة نواح.
فأولاً دخل العالم مرحلة الاحتياج الشديد لبدائل النفط والغاز الروسي، وهذا يستدعي الحفاظ على ما هو قائم، ثم إضافة مصادر بديلة، وأهم ما هو قائم هو النفط السعودي، لكن اليمن بات يشكل خطراً حقيقياً على المنشآت النفطية السعودية، وبالتالي بدلاً من إضافة مصادر بديلة إلى الكميات المصدرة حالياً لتحل محل النفط والغاز الروسي سيفقدون أهم مصدر سابق وستتفاقم المشكلة وتصبح مضاعفة.
تصريحات قائد الثورة (حفظه الله) كانت واضحة بأن القادم أشد وأنكى، ولأنهم يدركون مصداقيته كان لزاماً عليهم البحث عن مخرج، لكنهم يحرصون على أن هذا المخرج لا يكون برفع الراية البيضاء، بمعنى أنه لا يجب أن يبدو استسلاما ناتجا عن مآلات الهزيمة والانكسار.
فالاستسلام ورفع الراية البيضاء وإعلان الهزيمة معناه أن اليمن كدولة تعتبر ضمن أفقر وأضعف دول العالم بعد أن باغتها تحالف دولي بعدوان سافر مارس خلاله كل المحرمات وكان قبلها منذ عقود يهيئ ويؤسس لاستمرار ضعف وفقر وهوان هذا البلد، ورغم حجم التكالب والتكتل العالمي عدداً ونوعاً، وجذور المؤامرة ومآلات عقود من التبعية من ضعف وفقر وما إلى ذلك، إلا أن اليمن العزيز تمكن بفضل الله عز وجل من إركاع أعتى قوى الشر والظلام.
وعندما أقول إركاع، فإنني أعني الكلمة تماماً، لأن ما تم ليس مجرد مقاومة ولا حتى توازن، وإنما هناك تفوق أظهرته الانتصارات النوعية والتنامي العسكري والصمود والثبات الشعبي بشكل يفوق التصور والخيال، وبات أحرار اليمن يشكلون رقماً لا يستهان به، وذلك ليس بتفوقنا تكنولوجياً أو في العدة والعتاد، وإنما إلى جانب الإنجازات النوعية المذكورة سابقاً كان لدى قائد الثورة (حفظه الله) الشجاعة الكافية لاتخاذ القرار بحكمة واقتدار.
وبعد هذا كله يعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى فخامة المشير الركن/ مهدي المشاط (حفظه الله) عن مبادرة أحادية تتضمن وقف كل العمليات العسكرية الداخلية والخارجية لثلاثة أيام، مع إمكانية استمرارها في حال توقف العدوان ورفع الحصار، بمعنى أنه منحهم المخرج الذي يبحثون عنه، باعتبار أن ما يهمنا هو تحقيق السلام العادل والمشرف بغض النظر عن الطريقة وما ستبدو عليه الصورة ظاهرياً.
وقبل بدء سريان المبادرة شن تحالف العدوان عدة غارات على العاصمة وبعض المحافظات، وكانت عبارة عن رسائل يريد التحالف العدواني أن يقول من خلالها نحن أصحاب الضربات الأخيرة التي أجبرت الأنصار على إعلان الهدنة، وهذا لا ولن ينطلي على كل مدرك ومطلع ومتابع للأحداث والوقائع.
ثم قامت السعودية بالإعلان عن المبادرة اليمنية بشكل يصورها بأنها استجابة وإذعان ورضوخ أنصاري، جاء بعد أن شن تحالف العدوان عمليات واسعة وهدد باستهداف عدة مناطق سكنية، موجهاً دعوة للمواطنين لإخلائها، بينما الحقيقة مختلفة تماماً، فلو كان تحالف العدوان على اليمن منتصرا وتسببت غاراته بخسائر كبيرة للأنصار مما جعلهم يستغيثون، حسب ادعاء العدوان، لاستمروا في ذلك، ولما كانت المبادرة محددة زمنياً بثلاثة أيام فقط ومشروطة، فالمهزوم لا يشترط. وقد بدأ تحالف العدوان فعلياً بالاستجابة لبعض الشروط عن طريق الأمم المتحدة، وذلك من خلال الاتفاق على صفقة تبادل أسرى، وأعتقد أن الاستجابة ستستمر، ولربما الخطوة القادمة هي إدخال جميع سفن الوقود المحتجزة وتنفيذ آلية "اتفاق السويد" بشأن ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء وما إلى ذلك حتى اكتمال تنفيذ أهم شروط الأنصار، وبالتأكيد ستبقى بعض الأمور عالقة بشكل كلي وبعضها بشكل جزئي، فمثلاً لن يتم تبادل جميع الأسرى، وذلك لعدة أسباب، أهمها: قيام تحالف العدوان بإدراج أسماء أشخاص في قائمة الأسرى متورطين بأعمال تخريبية وجرائم وتفجيرات واغتيالات، أي أنهم إرهابيون وليسوا أسرى، أيضاً مسألة الانسحاب الكلي لكل القوات الأجنبية من كافة الأراضي اليمنية، وسيقدم العدوان مقترحا بأن تكون هذه الأمور العالقة محور نقاش ضمن المفاوضات القادمة وعقبها مباشرة أعتقد أنه سيصدر قرار من مجلس الأمن يقود إلى نفس النتائج ويدعم مسار السلام.
وللعلم فإن آخر ما كان يرجوه تحالف العدوان هو موافقة الأنصار على بقاء بعض المناطق اليمنية تحت سيطرتهم مهما كلف الأمر، وقد عرضوا الكثير والكثير للحصول على موافقة الأنصار، لكن الأنصار رفضوا واشترطوا الخروج من كل الأراضي اليمنية.
عموماً، يوم الأربعاء القادم تنتهي مهلة المبادرة الأحادية بعد الساعة السادسة مساءً، وبعدها في أي يوم وأي لحظة سنكون على موعد مع ثلاث عمليات مدمرة (إعصار اليمن 3، كسر الحصار الرابعة، عملية إغراق البوارج الأولى)، طبعاً، هذا في حال لم تقبل دول العدوان وأسيادها بالهدنة ولا مجال للمراوغة.
أقول لتحالف العدوان: لن تخدعونا بوقف الطلعات الجوية لبرهة من الزمن أو إدخال سفن الوقود وما إلى ذلك من الجزئيات والحلول الترقيعية دون وقف العدوان ورفع الحصار بشكل كلي وفتح مطار صنعاء، فكلام قائدنا واضح، وأنتم تعلمون جيداً أنه صادق الوعد، كما تعلمون أن لدينا أسلحة جديدة لم تدخل حيز الخدمة بعد وهي فتاكة جداً، بصراحة خيارات صعبة جداً لمن لا يملك قراره.
لكنني أعتقد أن الأسياد أنفسهم باتوا يبحثون عن طوق نجاة لعدة أسباب شرحناها سابقا... لذا الكثير منا متفائل جدا ففي كل الأحوال سواء قبلوا بالمبادرة أم لم يقبلوا فالعدو مهزوم ومدحور ومكسور واليمن بفضل الله عز وجل في طور صناعة النموذج العربي الأول للتحرر من هيمنة واستكبار القطب الواحد.
والله الموفق والمستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات